الراديو

المكتبة الأميركية- فيلم “الصف الثامن”.. مستوى فني عالي لا يناسب حجم الإيرادات

ضيف الحلقة: الإعلامي والناقد السينمائي محمود الزواوي (*)

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني – أعده للنشر: هارون محمد

حاز العمل السينمائي “الصف الثامن” على الكثير من الإعجاب النقدي والجماهيري عند عرضه في مهرجان Sins Dance. تم عرض الفيلم في الثالث عشر من تموز/ يوليو الماضي، ويتناول فترة المراهقة بشكل عام، من خلال قصة طالبة تحاول الصمود في آخر أسبوع لها في الصف الثامن في المدرسة، قبيل الانتقال إلى المرحلة الثانوية، مع الكثير من المواقف الطريفة والدرامية.

لمناقشة هذا الفيلم استضافت الإعلامية ليلى الحسيني الإعلامي والناقد السينمائي محمود الزواوي ، من خلال برنامج “المكتبة الأميركية”، والذي يذاع عبر أثير “راديو صوت العرب من أمريكا”، ويقدم قراءة لأهم الأفلام الأميركية الحديثة.

صيف متميز

* شهد صيف 2018 الكثير من الأفلام المتنوعة والمثيرة والجذابة، والتي جعلت من هذا الصيف موسمًا متميزًا في صناعة السينما، هل لك أن تورد لنا أهم أفلام هذا الصيف أستاذ زواوي؟

** هناك أفلام كثيرة، منها فيلم “ميشن امبوسيبل” الجزء الثاني، وفيلم “اكولايزر” (المعادل)، وفيلم “ديدبول” الجزء الثاني، وفيلم “افينجرز”، والذي حقق أعلى إيرادات هذا العام تخطت حاجز الملياري دولار، وفيلم “ذا ميركل سيزن” (معجزة الموسم)، وهناك الكثير من الأفلام الجيدة. والإيرادات هذا العام هي الأعلى  في تاريخ السينما الأميركية.

* لماذا تميزت أفلام هذا الموسم من وجهة نظرك؟، هل لتميز الإنتاج والمادة المقدمة والتي حازت ربما على إعجاب المتابعين؟

** في الحقيقة الإنتاج السينمائي في هوليود وفي القطاع الخاص بأميركا في تقدم مستمر. وهناك عاملين مهمين في إنتاج الفيلم الأميركي هما العامل المالي بأن يحقق الفيلم إيرادات عالية وينجح، والعامل الثاني هو نوعية الفيلم، وهو يتوقف على تركيز المخرجين والمنتجين على نوعية هذه الأفلام.

والمعادلة ليست سهلة، فهناك أفلام مكلفة جدًا تصل تكلفتها إلى 300 مليون دولار، وهو أعلى مبلغ ينفق على أي فيلم في السينما الأميركية، فهي لا تعتمد على مئات الملايين، وإنما على مهارة المخرج والكاتب والجهة المنتجة للفيلم، والتي قد تكون أستوديو في هوليود أو قطاع خاص؛ حيث توسعت السينما الخاصة في أميركا وازدهرت خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت خارج سيطرة ستوديوهات هوليود.

* إذن فليس بالضرورة أن تكون ميزانية الفيلم ضخمة لكي ينجح، أي أن العامل المادي ليس أحد مقومات النجاح، فهل هذا صحيح؟

** هذا صحيح في معظم الأحيان؛ لأن الفيلم عادة يتكلف 200 أو 300 مليون دولار، لكنه يعتمد على براعة التصوير والإخراج، فالجوانب الفنية بشكل عام هي التي تجذب الجمهور. وجمهور السينما في العالم حاليًا من الشباب والفتيان دون سن الـ 25 عامًا، وهذه الأعمار تفضل أفلام المغامرات والخيال العلمي على حساب أفلام القصة والمواضيع الجيدة التي تفوز عادة بالجوائز.

نجاح الفيلم

* نعود إلى الفيلم الذي نناقشه معك اليوم وهو فيلم “الصف الثامن”، والشخصية الرئيسة فيه طالبة مراهقة تبلغ من العمر 13 عامًا، وتدعى “كايلا داي”، وتمر بفترة عصيبة خلال الأسبوع الأخير من دراستها بالصف الثامن، فما سبب نجاح هذا الفيلم؟، وهل يعود ذلك إلى أن الممثلة صغيرة في السن؟.

** دعينا نتفق أن نجاح هذا الفيلم هو نجاح فني. فقد حصل الفيلم على 7 جوائز، وتم عرضه في عدد من المهرجانات الشهيرة في أميركا مثل Sins Dance، وفي سان فرانسيسكو، ومهرجان شيكاغو. ولكن مع الأسف لم يتفق ذلك مع إيرادات هذا الفيلم أو نجاحه في شباك التذاكر، فقد تم عرض الفيلم عند افتتاحه في 4 دور سينما أميركية فقط، وبعدها زاد العدد إلى أكثر من ألف فيما بعد.

* لماذا حدث ذلك في اعتقادك؟

** لأن العدد المخصص من دور السينما لعرض الفيلم كان قليلاً مقارنة بالأفلام الأخرى، فمعظم الأفلام الأميركية يتم عرضها في 3500 أو4500 دار سينما في الولايات المتحدة.

* هل من سبب لعدم عرض الفيلم في عدد كبير من دور السينما؟

** السبب في ذلك هو أن الشركة المنتجة ليست لديها خبرة واسعة في الترويج للفيلم، ففي البداية حصلوا على 4  دور سينما فقط، ومن ثم زاد العدد فيما بعد؛ لأن دور السينما في أميركا جاهزة لاستضافة مثل هذه الأفلام، فقد توسع عرضه إلى 1084 دار عرض، ومع ذلك اقتصرت الإيرادات المالية لهذا الفيلم على 12.5 مليون دولار، وليس لدينا مصدر يحدد تكاليف إنتاج هذا الفيلم، ولكن من الواضح أن تكاليف إنتاجه ليست عالية، بمعنى أنه عمل فني جيد، ومخرجه شاب جيد، وبطلته ممثلة صغيرة، لذلك نتوقع أن تكون أجورهم محدودة.

مفارقة

* تناول الفيلم المرحلة الدراسية المتوسطة والصعبة التي يواجها المراهقون بأسلوب كوميدي، وقد تابعت أجزاء من الفيلم الذي يلقي الضوء على موضوعات عميقة لهذه المرحلة العمرية، وربما تفتقد السينما إلى مناقشة مثل هذه المواضيع التي تعتبر جديدة، فهل هذا هو السبب وراء عدم إقدام الجمهور على مشاهدة الفيلم، أم أن السبب هو عدم الخبرة في الترويج له؟

** السبب في الحقيقة يرجع إلى وجود عجز في الدعاية والترويج، فالفيلم من الناحية الفنية سجل معدل 98  بالمائة في موقع تقييم نقاد السينما الأميركيين، وهو أعلى معدل بين مئات الأفلام التي تم إنتاجها هذا العام، وهذا شيء فريد ونادر من نوعه، فمعظم الأفلام الأميركية التي تعرض في دور السينما يكون معدلها من قبل النقاد أقل من 80 بالمائة، أي أن غالبيتها تكون بين 55 – 50 بالمائة، وهذا الفيلم سجل 98 بالمائة.

والأفلام التي سجلت أكثر من 90 بالمائة هذا العام بمعدل التقييم لا يتجاوز عددها 5-6 أفلام، وهذا في الحقيقة شيء رائع جدًا، وفي نفس الوقت سجل هذا الفيلم مفارقة؛ لأنه رغم تسجيله 98 بالمائة من التقييم إلا أن إيراداته في أول أسبوع اقتصرت على أقل من نصف مليون دولار، علمًا بأن الأفلام الناجحة تحقق عادة ما بين 10 – 15 مليون دولار خلال أول أسبوع أو أسبوعين.

وعند مقارنة هذا الفيلم مع فيلم “فندق ترانسلفانيا” الجزء الثالث، والذي افتتح في نفس اليوم، نجد أن إيراداته بلغت حتى الآن 428 مليون دولار، مع أنه سجل معدل 59 بالمائة فقط في موقع تقييم الأفلام السينمائية، وهذا الفيلم يعرض حاليا في 4267 دار سينما بأميركا، وهذا رقم جيد وعالي جدًا.

قصة الفيلم

* لو أردنا أن نشجع متابعينا على مشاهدة الفيلم مع أبناءهم، خاصة وأنه يتناول مشكلة فئة عمرية هامة، وهي المرحلة الدراسية المتوسطة، فما الذي يمكن أن نخبرهم به حول قصة الفيلم؟

** قصة الفيلم تتحدث عن طالبة مراهقة تبلغ من العمر 13 سنة، تمر بفترة عصيبة جدًا خلال الأسبوع الأخير من الصف الثامن في المدرسة الإعدادية الأميركية، وبلغت ذروة مشاكلها في هذا الأسبوع الذي يتناوله الفيلم خلال السنة الدراسية.

ويلقي الفيلم الضوء على الصعوبات التي تواجهها هذه الشابة “كايلي دي”، والتي تقدم مثالاً على ما يمر به المراهقون من صعوبات، ولكن بأسلوب كوميدي. ويصاحب الفيلم هذه الفتاة من بداية مشاكلها لكنه يركز بالطبع على الأسبوع الأخير، ويلقي الضوء على ماضيها وعلاقتها مع  صديقاتها وأصدقاءها وعلاقتها بوالدها وما إلى ذلك. ويتحدث الفيلم عن موضوع حساس جدا وواقعي، مع أن القصة خيالية.

* حاز الفيلم على إشادة كبيرة من جانب النقاد، فهل تتوقع أن يكون للممثلة الشابة الصغيرة “إلسي فيشر” مستقبل في عالم النجومية وهوليوود؟

** في الحقيقة “إلسي” لديها ماضي رائع. فهي بدأت التمثيل في السادسة من عمرها، والآن تبلغ 15 عامًا، ولديها 23 فيلمًا، بينها عدد من الأفلام المتميزة. ولن أتفاجئ إذا تم ترشيحها عن هذا الدور لجائزة أوسكار، أو إذا فازت بها؛ لأن أداءها متميز جدًا وواقعي رغم صغر سنها، وأتوقع أن يستمر هذا النجاح في المستقبل، خاصة وأن هناك إقبال من المنتجين والمخرجين على هذه الفتاة.

-ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) الإعلامي والناقد السينمائي محمود الزواوي، حاصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير من جامعة جورج واشنطن ودراسات عليا بجامعة ميريلاند الأميركية، شغل مناصب مدير القسم العربي بإذاعة صوب أميركا – واشنطن، ومراسل صوت أميركا الإقليمي في الشرق الأوسط ومراسل راديو سوا في الأردن، وكان محررًا لمجلة صوت أميركا – واشنطن، وهو ناقد سينمائي صدر له 12 كتاب يتعلق بالسينما الأميركية، وله كتابان آخران قيد النشر، وهو عضو في لجنة السينما بمؤسسة عبد الحميد شومان في عمان، وأجرى العديد من الدورات التدريبية.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى