الراديو

برنامج “مساحة حرة” يجيب على السؤال: هل المجتمع الأميركي مجتمع محافظ؟

أجرى اللقاء: رفعت عبيد- أعده للنشر: مروة مقبول

الإعلامي أحمد محارم: المجتمع الأميركي ‏يتقبل الآخر ويحترم العقائد والثقافات المختلفة بشدة

الدكتورة فواتح محمد: من مصلحة الأجيال القادمة أن ننصهر أكثر في المجتمع و‏نُعرّفه على قيمنا وثقافتنا

الكاتبة رولا الصبيح : المجتمع الأميركي متدين ومحافظ أكثر من المجتمعات ‏الأوروبية

 الأستاذ ماك الشرقاوي‏: الأمريكيون في الغرب والوسط والشرق لا يختلفون في تقاليدهم عن ‏صعايدة مصر

قامت الولايات المتحدة الأمريكية كدولة على إرث كبير من العادات والتقاليد والثقافات المختلفة، وهو ما يجعلها بلدًا ‏شديد التميّز عن باقي البلاد في جميع أنحاء العالم، وذلك باعتبارها أمّة قامت على انصهار كافة المجتمعات والثقافات العالمية على ‏أرض واحدة.

لكن البعض، وخاصة في المجتمعات العربية والشرقية، لا زال ينظر إلى المجتمع الأميركي من خلال صورة مغلوطة، ويرى أنه مجتمع مفكك اجتماعيًا، ولا يصلح لتنشئة الأبناء على القيم والتقاليد الدينية والاجتماعية، بسبب إهمال المجتمع الأمريكي لهذه القيم والتقاليد.

في الوقت نفيه يرى الكثيرون ممن عاشوا في أميركا أن هذه الصورة غير صحيحة على الإطلاق، بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك بتأكيدهم على أن المجتمع الأميركي مجتمع محافظ.

برنامج “مساحة حرة”، والذي يقدمه الإعلامي رفعت عبيد عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، بحث عن إجابة لهذا السؤال المهم: هل المجتمع الأمريكي مجتمع محافظ؟، ‏وهل يمكن مقارنته بالمجتمعات الأخرى؟، وفي هذا الإطار استضافت الحلقة الإعلامي أحمد محارم الذي طرح هذه القضية الهامة وناقشها مع الإعلامي رفعت عبيد، وشهدت الحلقة مداخلات حول الموضوع لكل من الدكتورة فواتح محمد، والكاتبة والناشطة الثقافية رولا الصبيح، والأستاذ ماك الشرقاوي.‏

تقبل الآخر

* أهلاً بك أستاذ أحمد محارم وأشكرك على طرح هذه القضية للمناقشة معنا، ودعنا نستقبل هذه المداخلة مع الدكتورة فواتح محمد، وهي طبيبة مقيمة في أميركا منذ 7 سنوات، وهي سودانية الأصل وتعيش في ولاية كنيتيكت، وأنا سعيد جدًا لمشاركتها معنا في هذا اللقاء.. دكتورة فواتح ..أنت طبيبة ومتخصصة  في صحة الأطفال أليس كذلك؟

** مارست مهنة الطب خارج الولايات المتحدة، وبعد الانتقال إليها حصلت على شهادة الماجستير في ‏الصحة العامة من جامعة ميتشجن، وأعمل حاليًا في قسم طب المجتمع والرعاية الصحية في ‏جامعة ميتشجن كبروفيسور مساعد وباحث في القسم، ولدي اهتمام كبير بصحة المرأة والطفل، ‏وكل الأعمال والأنشطة التي أقوم بها تصب في هذا المجال.‏

* ممتاز، إذا نريد أن نسألك دكتورة عن ما طرحه الأستاذ أحمد محارم حول المجتمع الأمريكي، فالجميع يتحدثون عن المجتمع الأمريكي باعتباره نموذجًا يحتذي به من حيث التقدم والرقي واندماج الثقافات المختلفة، فما هو تعليقك علي هذا؟

** بحكم أني أقمت 7 سنوات هنا في أميركا في ميتشجن، وعبر إطلاعي عما يجري في المجتمع الأميركي ‏من خلال احتكاكي اليومي بجيراني وزملائي في العمل، وكل من أتعامل معه على المستوي اليومي، أرى أن ‏المجتمع الأميركي مجتمع يتقبل الأخر ويرحب به، وأرى أن هذا أفضل شيء يميز المجتمع ‏الأميركي عن المجتمعات الغربية الأخرى، فالمجتمع الأميركي منذ القدم تكوّن من مجموعات من ‏المهاجرين من بلاد وثقافات مختلفة، وانصهرت هذه المجموعات والثقافات مع بعضها البعض، ولذلك فهناك مجال ‏للجميع بأن يعبروا عن أنفسهم وشخصياتهم في هذا المجتمع.

ملتقى الثقافات

* نعلم جيدًا أن الشرق والغرب في أميركا يختلف عن الوسط، فهل ‏باختلاف المكان تختلف التجمعات داخل الولايات المتحدة؟

** بالطبع، فأنا أرى أن المكان يؤثر كثيرًا في هذا الأمر، وفي اعتقادي أن الشمال الشرقي أكثر تحررًا و أكثر تقبلا ‏للآخر، وهذا بالنسبة لنا كعرب ومجتمعات شرقية سلاح ذو حدين، لأن التحرر يمكن أن يؤدي ‏إلى بعض التصرفات أو المفاهيم التي يمكن ألا نتقبلها، وفي نفس الوقت فإن هذا ‏المجتمع المفتوح يتقبل وجودنا ووجود مجموعات أخرى مختلفة.

والمنطقة الشمالية الشرقية ‏في أميركا فيها فرص أكثر للقادمين الجدد، وفيها احترام أكثر لثقافة الغير، وفيها إتاحة الفرص ‏للتعارف، وأنا حاليا أعمل كجزء من العمل التطوعي في منظمة البيت السوداني الأميركي، ‏وهي منظمة غير هادفة للربح أسسها بعض من السودانيين ذوي العقول النيرة من الطموحين، و‏كان هدفها الأساسي تعريف الآخر بمجتمعنا وثقافتنا كسودانيين.

فنحن كمهاجرين ‏جزء من المجتمع الأميركي، وسيكون من المفيد جدًا للأجيال القادمة أن ننصهر في هذا المجتمع، و‏نُعرّفه على ثقافتنا وقيمنا وعاداتنا، وكما نلاحظ فإن المجتمع يتقبل ثقافتنا، ولديه حرص على ‏التعرف علينا أكثر، وإذا واصلنا عزل أنفسنا فإن ذلك سيؤدي إلى بعض الصعوبات في التعامل بيننا وبين ‏المجتمع، وفي رأيي أننا كلما تعرفنا على بعضنا أكثر سنقترب أكثر ونتعايش بصورة أفضل.

‏* أستاذ أحمد محارم هناك أحد الأصدقاء وهو الأستاذ رضا إدريس يقول: إن المجتمع ‏الأميركي محافظ في غالبيته، ويقدس الحرية ويعي الحدود، وأن مجتمعنا العربي ‏صعب الوصول إليه، فما تعليقك؟

** اتفق تمامًا مع رأي الأستاذ رضا إدريس، فنحن نتكلم عن 50 ولاية، ومساحة جغرافية كبيرة جدًا، و‏تعدد في الثقافات والأعراق. ولكن إجمالا هناك نوع من التقبل للآخر، لأن المجتمع الأميركي ‏مجتمع قائم على المهاجرين، ومع أن المجتمع الأوروبي يمتلك مجموعات من المهاجرين، و‏لكن يظل المجتمع الأميركي هو أول مجتمع لديه دائما الحلم الأميركي.

وهذا يعني أن بلدًا عمر ‏حضارتها أقل من 400 سنة وحققت كل هذا الانجاز بالمهاجرين، فكل إنسان ينتمي إلى ‏بلد مختلف ويعتبر نفسه مهاجرًا، يعتبر أن له بصمة في هذا المجتمع، وإن لم تكن هذه البصمة له هو شخصيًا فهو يري أنها لمن جاء قبله، ويتمني أن يضيف لها دائمًا.

ويقال إن أميركا هي الملتقي الذي تلتقي فيه كل الشعوب والأعراق والحضارات، وأتمنى أننا كمجتمع عربي ‏موجود في أميركا لا نسعد فقط بوجودنا هنا، بل ننقل هذه الخبرات والقيم الجميلة إلى مجتمعاتنا العربية الأم، ‏مثل قيم التعاون والتعايش والإخاء وقبول الآخر والبعد عن العنصرية والطائفية.‏

مجتمع محافظ

* نأتي إلى سؤالنا المهم: هل المجتمع الأميركي هو مجتمع محافظ أم لا؟، هل يمكن أن تجيبينا عن هذا السؤال دكتورة ‏فواتح؟ ‏

** نعم، فمن خلال احتكاكي بالمجتمع الأميركي لاحظت أن هناك تقديس للقيم بصورة كبيرة مفاجئة، فيمكن ‏أن نأتي إلى الولايات المتحدة ونتصور أنه مكان غير محافظ، وأنه ليس هناك تقدير للأسرة أو ‏الحياة الأسرية، ولكن بعد أن نأتي نجد العكس، ونرى أن هناك تباين في الثقافات والتصرفات والقيم مثلما يوجد ‏في بلادنا، فهناك بعض الأسر التي مازال أبناؤها يعيشون معهم في البيوت، ونحن في تصورنا أن هناك ‏بعض الأسر عندما يصل الأبناء إلى سن معين ينفصلوا عن أسرهم ويعيشون بمفردهم، وأيضا تقليد العشاء في آخر اليوم هو من التقاليد التي ‏مازالت تحافظ الأسر عليه، حيث يجب أن يتواجد كل أفراد الأسرة على طاولة العشاء.

ونمتلك ‏الكثير من الأمثلة على ذلك أيضًا، وهناك مثل جميل يثبت لنا مدى الترحيب بنا وبثقافتنا وديننا، ‏ففي أيام أعياد الكريسماس وأثناء احتفال الجامعة به كنت أنا المسلمة الوحيدة في القسم، وقاموا جميعًا بوضع رموز تمثلهم على أشجار الكريسماس، فطلبت ‏مني ‏إحدى الموظفات أن أضع أي رمز يعبر عن الدين الإسلامي ليتعرف الجميع على ثقافتنا، ‏وكنت في قمة السعادة لأنني سأعرّفهم عن ديانتي وثقافتي، فقمت بإحضار نموذج صغير للكعبة ووضعته، ‏وفوجئت بعدد كبير من التساؤلات عن الكعبة وعلاقتها بالأعياد، فطلبوا مني كتابة نبذة تعريفية ‏نضعها بجانب نموذج الكعبة، بحيث تجيب على كل تساؤلات من يمر بجانبها.

وأنا من خلال راديو ‏صوت العرب أناشد جميع من ينتمي إلى أصل عربي في أميركا بأن يعتبر نفسه سفير عن ‏ثقافته التي جاء منها، وكلما أتيحت له الفرصة يجب أن يعبر عن ثقافته ‏ويُعرّف الآخرين بها بقدر الإمكان، حتى نعطي صورة جميلة عن حياتنا، وهذا يسهل علينا حياتنا وحياة الأجيال القادمة. ‏

* أستاذ أحمد هل هناك في حياتك اليومية أمثلة واقعية تدل على أن المجتمع ‏الأميركي مجتمع محافظ؟؟

** بالتأكيد، فنحن في نيويورك مثلاً يقال عنا إننا المدينة التي تلتقي ‏فيها كل الحضارات والثقافات والأعراق، ولذلك نجد في أميركا إجمالا ونيويورك تحديدًا ‏أنواع عديدة من دور العبادة، تمثل كل الرسالات السماوية وحتى الأرضية.

والنقطة الثانية هي ‏أن القوانين الأميركية تنص على أنه في يوم الأحد عندما يصلي الناس من الصباح إلى الظهيرة لا ‏يًسمح أبدًا بأن تباع الخمور في المحلات العامة.

والنقطة الثالثة أن المجتمع الأميركي مستعد لأن ‏يتقبل الآخر ويبدي له كل أنواع الترحيب والمودة، لأن المجتمع هنا مبني على الهجرة وتعدد ‏الجنسيات، والقانون الأميركي لا يسمح بالإهانة من أي إنسان لإنسان آخر بسبب الخلفية ‏العقائدية والدينية والعرقية، لذا فنحن نجد في المجتمع الأميركي احترام للثقافات والعقائد، و ‏‏نرى أن شعوبنا في مناطق أخرى تأخذ النموذج الأميركي من خلال أفلام لا تعبر عن الواقع، ‏فإن الواقع هنا أفضل بكثير من الأفلام.

صورة مغلوطة

* دكتورة فواتح، قد لا يعلم الكثيرون أنه هنا في أميركا ممنوع أن يحمل الشخص في يده قارورة الخمر في ‏الشارع أو يشرب منها، فما ردك؟؟

** بالطبع, فكما قال أستاذ أحمد فإن العالم العربي فكرته عن أميركا منقولة عن السينما والأفلام، فكما تحدثنا ‏قبل ذلك هناك أسر محافظة على قيمها، والعالم عمومًا حدث به تغيير في القيم، ‏وحدث ذلك في الوطن العربي أيضًا، فهل ما يحدث في الوطن العربي حاليًا هو نفس ما كان يحدث منذ 20 ‏أو 30 سنة؟. بالتأكيد لا، فمن سنة الحياة أن يتغير الناس في بعض الأوقات إلى ‏الأفضل، وفي بعض الأحيان للأسوأ.

أما المجتمع الأميركي فتكمن القوه فيه في التعدد والتنوع، ‏وحاليًا أنا بصدد مشروع يخدم المرأة العربية في المنطقة المحيطة بي في ولاية كنيكت، وعندما ‏عرضنا المشروع على السلطات الصحية في الولاية قوبل هذا المشروع بترحيب بصورة ‏أكثر من المتوقع، وهذا لأن المجتمع شعر أن الأسرة العربية والمرأة العربية يجب أن تعبر عن ‏احتياجاتها لكي يعرفها المجتمع ويقدم لها الخدمات بشكل أفضل.

وقد تقدمت أكثر من منظمة للمشاركة في هذا ‏المشروع، وكل هدف هذه المنظمات أن تعرف مجتمعنا بشكل أفضل وأعمق، وأيضًا كان أي مسئول يؤكد لنا أن السلطات تريد أن تكون أكثر احترامًا وتوقيرًا للثقافة والحضارة ‏العربية، ونتمنى أن تستغل الأسر العربية هذه الفرص لكي تندمج في المجتمع. ‏

أكثر من أوروبا

* دعونا نستقبل مداخلة من الكاتبة والناشطة الثقافية السيدة رولا الصبيح.. أستاذة رولا، نسأل في هذه الحلقة عما إذا كان المجتمع الأميركي مجتمع محافظ أم لا، فما إجابتك على هذا السؤال‏؟ ‏

** هذا الموضوع يمتلك أكثر من شق، أولاً أن المجتمع الأميركي مجتمع به سقف حريات عالي، وأنت كشخص غير مضطر أن تتبني أفكارًا معينة، مثلما يحصل في مجتمعاتنا ‏العربية، فأنت تستطيع بسهولة اختيار ما يناسبك، والنقطة الثانية أن المجتمع الأميركي عبارة ‏عن ثقافات وأصول مختلفة ومتعددة، وجاليات من بلاد متنوعة، وكل هذه الجاليات تأمل أن تقدم ‏ ثقافتها إلى هذا المجتمع، بداية من المعتقد والدين حتى أنواع الطعام، لأن كل ثقافة تحاول ‏المحافظة على تقاليدها، فأنا أرى أن هذا المجتمع الأميركي محافظ أكثر من المجتمعات ‏الأوروبية. ‏

* اذًاً، فأنت ترين أن المجتمع الأميركي محافظ أكثر من مجتمعات أخري ومنها ‏الأوروبية؟ ‏

** بالطبع، فلقد لاحظت أنه أكثر محافظة من المجتمعات الأوروبية، وربما المجتمعات العربية محافظة ‏أكثر، لكن في المجتمع الأميركي سنجد بعض الجاليات من الدول النامية التي تحاول ‏المحافظة على عاداتها. والمجتمع الأميركي نوعًا ما متدين، فبين المسلمين و‏المسيحيين واليهود هناك نسبة كبيرة متدينة، وهذا ليس معناه أنك مجبر على اتجاه معين، ‏وهذا في رأيي يجعلك تعيش في المجتمع بشكل متسق مع نفسك ومع طريقة حياتك.

مشكلة تنشئة الأطفال

* أود أن أنتقل لنقطة أخرى، هناك بعض العائلات تأتي إلى أميركا، ‏وتعيش فترة معينة هناك وتنجب أطفالاً، لكن عندما يصل الأطفال إلى سن معين، 10 سنوات ‏مثلاً، يقررون العودة إلى وطنهم الأصلي، قائلين إن المجتمع الأميركي مجتمع ‏خطير علي تربية ونشأة أولادهم، فما هو تعليقك يا رولا على هذا التصرف؟

** المشكلة كما تحدثنا أن سقف الحريات في أمريكا عالي، فهنا من غير الضروري أن يكون لديك دين معين، ويمكنك تغيير دينك، وهذا يكون مخيفًا بعض الشيء بالنسبة للجاليات العربية، خاصة وأنها تريد تنشئة أبنائها ‏على تعاليم الدين الصحيحة أو العادات والتقاليد.

لكن أنا أرى أن الانفتاح الذي حدث في العالم من ‏خلال مواقع التواصل الاجتماعي أبطل هذه الحجة، فالعالم كله أصبح منفتحًا على بعضه، سواء كنت تعيش في المجتمعات ‏العربية أو هنا في أميركا، والفرق أنك في البلاد العربية تقوم بعمل الأشياء بشكل خفي، بينما في أميركا يتم ذلك بشكل ‏معلن وحر.

وهذا يجعلنا نقوم دائما بمحاورة أولادنا وفهمهم وتعليمهم بشكل صحيح، لأن ‏هذا جيل مختلف، فيجب أن تجد طريقة لمحاورة الابن، وحتى في بلادنا ستجد مشاكل كثيرة بسبب الثورات والحروب والمشاكل الاجتماعية، فليس هناك ضرورة لتغيير ‏طريقة حياتك، إلا إذا كنت أريد أن استقر مرة أخرى في موطني الأصلي، ولكن هذا خطير على ‏الأطفال.‏

* سيدة رولا، بعض هذه العائلات تعود إلى أميركا بعد أن يكبر الأطفال، ‏لأنهم وجدوا أن مجتمعاتهم الأصلية لم تكن صحية لأبنائهم، ولأن الأبناء فضلوا ‏العيش هنا في أميركا لتحقيق حلمهم؟ ‏

** أظن أن مستوي التعليم هنا أفضل بكثير من مجتمعاتنا العربية، والنقطة الثانية أن الطفل تربي بطريقة مختلفة في ‏أميركا، وعندما ينزل الشارع في دولنا العربية أو يحاول أن يختلط بأحد سيجد نفسه مختلفًا، وحتى طريقة ‏تعبيره عن نفسه تكون مختلفة، فهناك في المجتمعات العربية تكون بعض السلوكيات السيئة شيئًا محببًا، ولكن هنا في أميركا ‏هناك قوانين صارمة تحدد طرق المعاملة في المدرسة والمجتمع بشكل جيد.

ونحن كعرب كل ما يخيفنا في ‏أولادنا، وبصفة خاصة بالنسبة للبنات، أن يقوموا بعلاقات جنسية، وأن تفكر البنت في ترك البيت والعيش بمفردها، وهذه ‏الأخطاء موجودة حتى في المجتمعات العربية، وهذا كله بسبب الأسرة وتفككها، حيث نجد أن من يربي ‏الأطفال هي الشغالة أو الخادمة، وليس الأب أو الأم.

وكلما زاد وضعنا الاجتماعي، تكون هناك ‏فجوة بيننا وبين الأبناء، في حين يجب أن يكون بيننا وبين الأبناء حوار ونقط تفاهم، فالشدة والقسوة في التعامل ليست هي الحل، ‏لأنه دائما يجب أن يكون اقتناع وقناعة، فلا يجب أن يشعر ابنك بأنك خيبت أمله أو وبخته، لأن هذا يؤثر ‏في نفسيته.‏

صعايدة أميركا

* مداخلة أخرى من الأستاذ ماك الشرقاوي، مرحبا بك معنا .. سؤالنا حول هل المجتمع ‏الأميركي، وهل هو مجتمع محافظ.. وهل يمكن مقارنته بالمجتمعات الأخرى؟، ‏معظم ضيوفنا وأصدقائنا على الانترنت يقولون إن المجتمع الأميركي مجتمع محافظ‏، فما رأيك أنت؟

** بالتأكيد، المجتمع الأميركي مجتمع محافظ، وحوالي 70 إلى 80 في المائة ممن يعيشون فيه متدينون، ‏ويتبعون شعائر دينهم، من المسيحي إلي اليهودي إلي المسلم، فتجد في يوم الجمعة أن المآذن ‏الإسلامية تصدح بالأذان بحرية كاملة في كافة الولايات الأميركية، حيث يوجد 12 مليون ‏مسلم هنا في الولايات المتحدة، ويمكن أن نقول 15 مليون مسلم إذا أضفنا ‏المهاجرين غير الشرعيين والذين لم يتم إحصاؤهم، وهم يمارسون شعائرهم بكل حرية، ‏وأيضًا تجد الكنائس في كافة بقاع أميركا، ومدارس الأحد موجودة بكل حرية، لأن الشعب ‏الأميركي شعب متدين ومحافظ، ويرفض الخروج عن المألوف في الكثير من الأحوال، ‏فالمجتمع الأميركي لا يخلو من الولايات المزدحمة مثل نيويورك وكاليفورنيا وسان ‏فرانسيسكو، والمجتمع الأميركي في غرب أميركا  والوسط والشرق يكاد يشبه المجتمع ‏الصعيدي في مصر، لأن هناك نوع من الالتزام بالتقاليد واحترام الآخرين والجيران، فالمجتمع فعلاً محافظ، وليس مثلما تعرضه لنا أفلام هوليوود.‏

مشكلة الحجاب والنقاب

* أستاذ ماك .. هناك مستمعة تقول إنها عندما كانت تعد أوراقها في دولة عربية سألها ‏المصور الفوتوغرافي أن تنزع حجابها، وهذا لأن الإدارة الأميركية لن تقبل ‏صورتها وهي ترتدي الحجاب، ولكنها أصرت أن تحافظ على حجابها، واستشارت ‏أحد في أميركا فقال لها إن هذا ليس صحيح، وطلب منها أن تحافظ على صورتها بالحجاب، فصورة أميركا في الوطن العربي مختلفة عن الحقيقة ‏أستاذ ماك.. أليس كذلك؟!

** بالطبع، وأود هنا أن أطرح مثالاً عن ذلك، وهو أن سيدة منقبة قامت برفع قضية على إدارة المرور أمام المحكمة، تطالب فيها بحقها في أن تكون ‏صورتها على رخصة القيادة بالنقاب، وقد فازت بالقضية بالفعل، فحرية الدين والعقيدة مكفولة في ‏الولايات المتحدة الأميركية، وإذا كان هناك مدعاة للكشف عن شخصيتها للتأكد من أنها فعلا ‏موجودة في الأوراق الرسمية، ستأتي ضابطة امرأة وتقوم بالكشف عن شخصيتها.

فأعتقد أن ‏هذه الأمور هي ما نسميها  بالـ “‏stereotype‏”    وهي التي انتشرت بأن المجتمع الأميركي ‏مجتمع متعصب ضد المحجبات والمنقبات، فهذا غير حقيقي مطلقًا، فأنا زوجتي محجبة، ولم ‏تتعرض أبدًا إلى أي موقف بسبب حجابها، وهذه الأمور وصلت إلي مجتمعنا العربي بشكل ‏خاطئ.‏

مجتمع جميل

* نحن نعيش هنا في أميركا منذ أكثر من 25 سنة تقريبًا، ولذلك فنحن متعطشون لمعرفة رأي من ‏يزور أميركا لنعرف رأيه عن المجتمع الأميركي.‏ ولآن الأستاذ أحمد محارم في زيارة قصيرة إلى الولايات المتحدة، نود أن نعرف رأيه في السؤال المطروح حول المجتمع الأميركي.. وهل هو ‏مجتمع محافظ أم لا؟ ‏

** في زيارتي إلى أميركا كنت أسمع عن أن المجتمع الأميركي هو مجتمع عنصري ضد المسلمين، وأن ‏زوجتي لا يجب أن تكون محجبة، وأن الشرطة يمكن أن تستوجبك، ولكن عندما أتيت إلى ‏أميركا وجدت أن المعلومات التي لدينا عنها في البلاد العربية غير حقيقية، فوجدت كم ترحيب ‏كبير بنا، فهو مجتمع محافظ على القيم والأخلاق، فأنا أتيت في زيارة بسيطة، وذهبت إلي ‏كاليفورنيا وفلوريدا وإلي واشنطن، ولم  نتعرض لأي مشكلة من المشاكل التي سمعنا عنها، وكان ‏الكثير دائمًا ما يسألوننا عن سبب الحجاب في الدين، واستطعنا من خلال الإجابة على تساؤلاتهم تقديم فكرة جميلة عن الإسلام، وكان هناك ترحيب كبير من الناس بما نقوله، فهو مجتمع جميل جدًا وشعرت كأني في بلدي، وحتى ‏إخواننا العرب هنا يساعدوننا دائمًا، والمجتمع الأميركي مجتمع يحب المساعدة دائمًا.‏

* هل لي أن اعرف من أي بلد جئت لزيارة أميركا سيد أحمد؟ ‏

‏** أنا من المملكة العربية السعودية. ‏

* سعيد جدا بهذا الانطباع منك أستاذ احمد، وأتمنى أن تكون قد سعدت بهذه الزيارة، وبالمجتمع الأميركي، وننتقل إلى أستاذ ماك ونحن نختم حلقتنا لنسأله: هل يمكن أن نقارن المجتمع الأميركي بمجتمعات ‏أخرى؟

** بالتأكيد يمكن مقارنته، ونقول بأنه أفضل بكثير من مجتمعات أوروبية كثيرة، وهناك حوادث عنصرية وأمور لا يقبلها المجتمع، فالمجتمع الأميركي يحتفي ويرحب دائمًا بالمهاجرين، وهذا الحلم الذي لدى المهاجرين ‏هو الحلم الأميركي، فكلما عملت بجد في هذه البلد تتم مكافئتك بسخاء، وليس هناك فرق بين مقيم وبين مواطن ‏أميركي.‏

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

للمتابعة عبر اليوتيوب :

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى