الراديوطبيبك الخاص

هل تكفي جرعة واحدة من اللقاح للوقاية من فيروس كورونا؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

في إطار حملة راديو صوت العرب من أمريكا للتوعية حول لقاحات كورونا؛ استضافت الإعلامية ليلى الحسينى، الدكتور زاهر سحلول، أخصائي الأمراض الصدرية والعناية المشددة، ورئيس منظمة ميدجلوبال الإنسانية.

تناول اللقاء العديد من الأسئلة المهمة حول لقاحات فيروس كورونا، منها: ما مدى فعالية تلقي جرعة واحدة من اللقاحات المضادة؟، هل هي كافية؟، وهل يستغرق اكتساب المناعة وقتًا؟ وهل فعالية اللقاحات واحدة؟

وما هي السلالات الجديدة لفيروس كورونا؟، كيف نشأت؟، وماذا نعرف عنها حتى الآن؟، وهل يمكن تفادي الإصابة بها من خلال أخذ اللقاح؟

جرعة واحدة
* د. زاهر.. موضوع كورونا يظل هو موضوع الساعة، دعنا نبدأ معك بالسؤال الرئيسي.. هل تكفي جرعة واحدة من اللقاح للحماية من فيروس كورونا؟

** بدايةً فإن كل الأسئلة التي وردت في المقدمة هى أسئلة مهمة، لكن للأسف بعضها لا يزال بلا إجابات لدينا، فهذا الفيروس لا يزال جديدًا، وكل يوم هناك دراسات جديدة تكشف بعض المعلومات عنه، وتأثيره وتأثيرات اللقاحات المتاحة حاليًا.

وبالنسبة لسؤالك.. هل تكفي جرعة واحدة من اللقاح للحماية من فيروس كورونا؟، الإجابة مبدئيًا نعم، لكن هذا لا يعني ألا نأخذ الجرعة الثانية.

ولو لاحظنا سنجد أن اللقاحات المعتمَدة والمتاحة حاليًا في الولايات المتحدة تتكون من جرعتين، باستثناء لقاح جونسون آند جونسون، لكن لو تحدثنا عن لقاح فايزر أو لقاح موديرنا، سنجد أنهما يتكونان من جرعتين.

وقد أظهرت الدراسات أنه بعد 3 أسابيع من الجرعة الأولى، فإن 65% من الناس تتكون لديهم مناعة، ولكن بعد إعطاء الجرعة الثانية، ترتفع النسبة من 65% إلى 95%، وهو ما يعني أن الأشخاص الذين لم تتشكل لديهم مناعة من الجرعة الأولى، ستصبح لديهم مناعة بعد الجرعة الثانية.

إصابة رغم التلقيح
* سؤال قد يخطر ببال كثيرين، وهو إذا كانت الجرعة الثانية بعد 3 أسابيع، فهل يمكن أن نصاب بكورونا خلال تلك الفترة؟

** نعم، لأن الجسم يحتاج إلى عدة أسابيع كي تصبح لديه مناعة، بالتحديد حوالي أسبوعين إلى 3 أسابيع، وبعد مرور هذه الفترة تتشكل مناعة للجسم، حتى إذا ما أصيب الشخص بالفيروس بعد تلك الفترة يكون تأثيره خفيفًا، وقد لا يضطر الشخص للدخول إلى المستشفى.

اللقاح الأفضل
* هناك من يقول إن نسبة المناعة التي تتكون بعد لقاح فايزر تكون حوالي 50%، وهناك من يقول أن المناعة بعد لقاح موديرنا أعلى، فهل هناك لقاح أفضل من الآخر؟

** لا مجال للآراء في هذه الأمور، يجب أن نتحدث من الناحية العلمية، فهذه اللقاحات خضعت لدراسات واسعة وسريرية على آلاف الأشخاص، حوالي 40 ألف شخص في لقاح فايزر، و30 ألف في لقاحات كل من موديرنا وأسترازينيكا وجونسون آند جونسوون.

وعندما نقول إن نسبة المناعة بعد اللقاح تصل إلى 95%، فما المقصود بهذا الرقم؟ وكيف وصلنا إليه؟، هذا يعني أننا أجرينا دراسة على مجموعتين، أعطينا اللقاح لمجموعة تتألف من 1000 شخص، ومجموعة أخرى تتكون من 1000 شخص أيضا لم نعطهم اللقاح، أعطيناهم محلول ملحي وهمي، واستمرت التجربة لمدة شهرين أو 3 أشهر، وخلال تلك الفترة لنفترض أن 100 شخصًا قد أصيبوا بالفيروس.

سنجد أن  هؤلاء الـ 100 شخص المصابين بالفيروس بينهم 95 شخصًا من المجموعة التي لم تحصل على اللقاح، و5 أشخاص فقط ممن حصلوا على اللقاح. ومن هنا نقول إن نسبة فاعلية اللقاح تصل إلى 95%، وبالمناسبة فإن لقاحي فايزر وموديرنا قد أظهرا نسبة نجاح 95%، وهذه نسبة جيدة جدًا.

فحتى اللقاح الروسي، قد نشرت دراسة مؤخرًا في مجلة علمية مرموقة، وقالت إنه فاعليته تصل إلى نسبة 91%، وهذه نسبة مقبولة جدًا. أما فاعلية لقاح جونسون آند جونسون، والذي يتكون من جرعة واحدة، حوالي 80%، وهى نفس نسبة لقاح أسترازينيكا تقريبًا.

وهناك لقاح جديد أنتجته شركة نوفافاك، وتصل فاعليته أيضا إلى 80%، لكن بالنسبة لفاعليته ضد السلالة الجديدة القادمة من جنوب أفريقيا فإنها أقل.

وبشكل عام فإن كل لقاح فاعليته فوق الـ 50% أو الـ 65% هو لقاح جيد، ولو أخذنا لقاح الأنفلونزا كمثال، سنجد أن فاعليته تصل إلى 55% فقط، ومع ذلك فإننا نأخذه كل عام، خاصةً بالنسبة للمسنين أو الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في المناعة.

التأثيرات الجانبية
* هل التأثيرات الجانبية للقاحات كورونا متشابهة؟، وهل هناك تأثيرات خطيرة بالنسبة لتلك اللقاحات؟

** اللقاح يسبب مناعة في الجسم، لذلك قد يؤدي إلى ارتفاع في حرارة الجسم، أو ألم في مكان تلقيّ اللقاح، أو وهن عام أو صداع، وبعض الأعراض الخفيفة التي قد تستمر ليوم أو يومين، وهذه الأعراض شئ مطمئن، لأنها تدل على أن الجهاز المناعي يعمل جيدًا، لكن أنوّه هنا أيضًا إلى أن عدم ظهور هذه الأعراض البسيطة لا يعنيّ وجود مشكلة بالمناعة لدى الشخص.

الشئ الذي يقلق الناس كثيرًا هو: هل يؤدي أخذ اللقاح إلى الوفاة؟، وهنا أؤكد أولًا أن كل الدراسات التي تمّ إجراؤها حتى الآن لم تكشف عن أيّ حالة وفاة بسبب اللقاحات، الأمر الثاني: هل تؤدي اللقاحات إلى العقم أو التوحد؟، بالتأكيد لا، فلا يوجد أيّ شئ يثبت أن اللقاحات تؤدي إلى العقم أو التوحد أو السرطانات أو السكري أو غيرها من الأمراض الأخرى.

البعض يزعم أن الآثار الجانبية قد تظهر بعد 6 أشهر أو بعد 6 سنوات، هذا غير صحيح، لأن الدراسات السابقة كلها أظهرت أن التأثيرات الجانبية الشديدة تظهر بعد أول 45 يومًا فقط من تناول اللقاحات، وكل اللقاحات الحالية لكورونا قد مرّ عليها أكثر من 3 شهور قبل أخذ ترخيص اللقاح.

المناعة المكتسبة
* إلى أي مدى ستستمر المناعة المكتسبة الناتجة عن أخذ اللقاح؟، وهل بإمكان الشخص أن يسافر وينتقل ويختلط بالناس دون خوف؟، هل عليه أن يستمر في ارتداء الكمامة؟

** للأسف ليس هناك جواب كافي على هذه الأسئلة الآن، فما نعرفه هو أن المناعة المكتسبة بعد اللقاح أقوى وأشد من المناعة الطبيعية للإنسان، وبحسب الدراسات فإن هذه المناعة ستستمر على الأقل لمدة سنة، وربما تستمر لفترة أطول، ولكن لا نعرف ذلك على وجه اليقين، فالفيروس أكمل سنة واحدة فقط معنا، والتلقيح بدأ منذ شهرين فقط.

وبعد التلقيح، لابد من ارتداء الكمامات، فبالرغم من الدراسات التي تثبت أن من أخذ اللقاح تقل احتمالية نشره للفيروس، لكن هذا لا يمنع أن يُصاب الشخص بالمرض ولكن من دون أعراض، ومن ثمّ يقوم بنشره دون أن يدري، لذلك لابد من ارتداء الكمامات من أجل محاصرة تفشي المرض.

أما بالنسبة للسفر، فإن احتمال إصابة أو نشر الفيروس بالنسبة للأشخاص الذي تلقوا اللقاح أقل من غيرهم، وكما ذكرنا في حلقة سابقة فإن احتمال إصابة الأشخاص داخل الطائرة وفي المطارات قليلة جدًا، وذلك بسبب الإجراءات الوقائية المتخذة هناك.

سلالات جديدة
* بالنسبة السلالات الجديدة؛ كيف نشأت؟، وماذا نعرف عنها حتى الآن؟

** من المعروف أن الفيروسات تتكاثر بسرعة، المادة الجينية الخاصة بها تتعرض للأخطاء أو الطفرات، فالفيروسات تتكاثر في الجسم مئات الآلاف من المرات خلال يوم أو يومين، وخلال هذا التكاثر تحدث تغيرات جينية بسيطة لها، مما قد يؤدي إلى تغيّر بروتين S أو النتؤات الخاصة بالفيروس.

هذه التغيرات تؤدي إلى تغير سلوك الفيروس، كأن يصبح شديد الانتشار والعدوى، أو شديد الالتصاق والإضرار بخلايا الجسم، وهو ما يؤدي إلى إعياء الجسم بشكل أكبر وأشد، أو يؤدي إلى تغيير المناعة، ومن ثمّ يكثر دخول الأشخاص إلى المستشفيات أو حتى الوفاة.

السلالات الموجودة حاليًا، مثل السلالة البريطانية أو السلالة البرازيلية أو سلالة جنوب أفريقيا، نشأت نتيجة الطفرات المتكررة، مما أدى إلى تغير بروتين S، وبالتالي تغير سلوك الفيروس، وهذا من الناحية العلمية أمر خطير، لأنه قد يصبح مقاوم للقاحات، لأن اللقاحات قد تم تصنيعها وفقًا للسلالة الأصلية.

وللحد من السلالات الجديدة، علينا أن نكثّف من التلقيح، واتباع كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية، ومن الجيد أن اللقاحات الحالية لا تزال فعالة لمواجهة السلالات الجديدة حتى الآن.

* نشكر الدكتور زاهر سحلول على هذه المعلومات الهامة والرائعة، ونعد مستمعينا بأننا نسكمل حديثنا حول السلالات الجديدة في حلقة أخرى، كما سيطلّ علينا أيضا الدكتور سحلول بالصوت والصورة في برنامج جديد، سنفصح عنه قريبًا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى