الديمقراطيون يقتربون من السيطرة على مجلس الشيوخ بعد فوز تاريخي في جورجيا

حقق الديمقراطيون نصرًا تاريخيًا في ولاية جورجيا، بعد أن فازوا بمقعد بشكل مؤكد واقتربوا من حسم المقعد الثاني رسميًا، وذلك في إطار انتخابات الإعادة على مقعدي مجلس الشيوخ التي جرت أمس في جورجيا، مما يمهد لهم السيطرة على المجلس، وانتزاعه من الجمهوريين، الذين يبدو أنهم خرجوا من سباق انتخابات هذا العام بلا مكاسب، بعد خسارتهم لمنصب الرئاسة واقترابهم من خسارة أغلبية مجلس الشيوخ.
وفي حالة تأكيد هذا الفوز التاريخي رسميًا فإنه سيمهد الطريق أمام الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي ستصبح مهمته في تنفيذ أجندته التشريعية أسهل بكثير، وذلك بعد أن تزاح من أمامه عقبة الاعتراضات الجمهورية التي كانت ستنتظره لو حافظ الجمهوريون على أغلبية مجلس الشيوخ.
منافسة ساخنة
وكانت جولة الإعادة على مقعدي ولاية جورجيا قد شهدت منافسة ساخنة على المقعد الأول بين الجمهوري ديفيد بيرديو، الذي انتهت مدته في مجلس الشيوخ الأحد الماضي، ضد الديمقراطي جون أوسوف. وعلى المقعد الثاني بين الجمهورية كيلي لوفلر، التي تم تعيينها منذ حوالي عام، ضد الديمقراطي رافائيل وارنوك.
وشهدت النتائج تأرجحًا كبيرًا بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين، وظلت متقاربة منذ البداية وحتى النهاية. حيث أظهر الديمقراطيون تقدمًا في مراحل الفرز الأولى، وحافظوا على التقدم حتى فرز 50% من الأصوات.
لكن الكفة عادت لتميل لصالح الجمهوريين بعد فرز 70% من الأصوات، وظل الجمهوريون محتفظون بالتقدم حتى اقتراب السباق من نهايته.
ومع انتهاء فرز 98% من الأصوات، نجح المرشح الديمقراطي رافائيل وارنوك في العودة للمقدمة ليتصدر بأغلبية 35132 صوتًا على الجمهورية كيلي لوفلر. فيما حافظ الجمهوري ديفيد بيرديو على تقدمه على الديمقراطي جون أوسوف بأغلبية بسيطة بلغت 1888 صوتًا.
اختراق تاريخي
ومع اقتراب الفرز من نهايته حدثت المفاجأة السارة للديمقراطيين، حيث أكد المرشح رافائيل وارنوك فوزه بنسبة 50.6% من الأصوات مقابل 49.4% لمنافسته الجمهورية كيلي لوفلر، بفارق أكثر من 54 ألف صوت لصالح وارنوك، وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” ووسائل إعلام أمريكية، ليدخل التاريخ كأول سيناتور أسود يمثل ولاية جورجيا في مجلس الشيوخ.
فيما نجح المرشح الديمقراطي جون أوسوف في قلب النتيجة لصالحه، ليتقدم بـ 50.2% مقابل 49.8% على منافسه الجمهوري ديفيد بيرديو حتى الآن، بفارق أكثر من 16000 صوت لـ “أوسوف”. وفي حالة تأكيد فوزه سيصبح أوسوف، البالغ من العمر 33 عامًا، أصغر أعضاء مجلس الشيوخ.
وتشير هذه النتائج الأولية إلى أن الديمقراطيون في طريقهم لتأكيد انتصار واختراق تاريخي في هذا الولاية التي كانت توصف بأنها معقل للحزب الجمهوري، والتي لم يفز فيها أي ديمقراطي بمقعد في مجلس الشيوخ منذ 20 عامًا. وسبق أن فاز جو بايدن بأغلبية التصويت الشعبي، وحصل على كامل أصوات المجمع الانتخابي لولاية جورجيا في انتخابات الرئاسة.
وفي حالة تأكيد فوز الديمقراطيين بالمقعد الثاني فإنهم سيستحوذون على الأغلبية في مجلس الشيوخ، والتي ستتعزز بصوت نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس عندما تتولى منصبها يوم 20 يناير الجاري، حيث ستشغل أيضًا منصب رئيس مجلس الشيوخ.
وكان الجمهوريون يحتاجون للفوز بمقعد واحد فقط لضمان الأغلبية في مجلس الشيوخ، ليصبح عدد مقاعدهم 51 مقعدًا مقابل 49 مقعدًا للديمقراطيين، وهو ما كان سيجعل من صوت كامالا هاريس أمرًا غير مؤثر، ويمنحهم حق النقض والاعتراض على من سيعينهم بايدن في المناصب السياسية والقضائية، والاعتراض كذلك على العديد من مبادراته التشريعية.
وجاءت جولة الإعادة على المقعدين الحاسمين في جورجيا قبل يوم واحد من جلسة مشتركة للكونجرس للتصديق على تصويت الهيئة الانتخابية وتعزيز فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، وسط ضغوط من جانب الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب على نائب الرئيس مايك بنس والجمهوريين في الكونجرس، للاعتراض على النتائج والتدخل لإلغائها.
انقسامات حادة
ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست“، فقد كانت استطلاعات الرأي لدى الناخبين عند الخروج من مراكز التصويت قد أظهرت انقسامات حادًا بشأن الثقة في عملية فرز الأصوات في جورجيا. كما أظهرت أن الديمقراطيين يحققون شعبية جيدة بين الناخبين من أصل إسباني والسود.
ووفقًا لشبكة “إيه بي سي نيوز” فقد أدت إدعاءات الرئيس ترامب بشأن تزوير الانتخابات، إلى تقويض ثقة الناخبين الجمهوريين في النظام الانتخابي، وإثارة الشكوك لديهم من أن أصواتهم سيتم عدها بدقة، وربما أدت إدعاءات ترامب إلى تراجع نسبة مشاركة الناخبين الجمهوريين في سباق الإعادة.
في المقابل كان إقبال الناخبين السود “علامة مشجعة للغاية” للديمقراطيين في جورجيا، حيث ارتفعت نسبة إقبالهم في انتخابات الإعادة نقطة مئوية عما كانت عليه في نوفمبر، وفقًا لاستطلاع أجرته ABC News.
وعبر بعض الناخبين عن أملهم في فوز الجمهوريين بالمقعدين حتى يحققوا الأغلبية ويقومون بدور الرقابة على سلطة الديمقراطيين. فيما تمنى آخرون فوز الديمقراطيين بالمقعدين من أجل تسليم مجلس الشيوخ إلى الديمقراطيين، وإحداث تغيير في بعض القضايا الهامة مثل (الحقوق المدنية، المساواة العرقية، حقوق التصويت، الاستجابة للأوبئة”.
ووفقًا لـ”رويترز” فقد أدلى أكثر من 3 ملايين صوت بأصواتهم مبكرًا حتى قبل حلول يوم الانتخابات، محطمين بذلك الرقم القياسي لانتخابات الإعادة. وأنفق الحزبان ما يقرب من نصف مليار دولار على الدعاية الانتخابية منذ الثالث من نوفمبر الماضي، وشهد السباق ما يشبه تسونامي من الإعلانات التلفزيونية.