تقارير

طقوس عيد الأضحى حول العالم.. طعم خاص بنكهة روحية

راديو صوت العرب من أمريكا

إعداد: هاجر العيادي- تحرير: علي البلهاسي

على الرغم من اختلاف أجواء عيد الأضحى لدى الجاليات والأقليات الإسلامية في الدول الأوروبية عنها لدى الشعوب العربية، إلا أن بهجة ذبح الأضحية تظل السمة الأبرز والعامل المشترك الذي يجمع بينهم، رغم اختلاف طقوس كل منهم.

وتمثل الأُضحية إحدى شعائر الإسلام، وترتبط بعيد الأضحى الذي سُمّي باسمها، وتُقام بذبح نوع من الأنعام خلال أيام العيد الثلاثة، وهي سُنّة لدى العديد من المذاهب الإسلامية وواجبة لدى الحنفية.

ولها شروط وأحكام، من حيث نوعها ووقت ذبحها، فيما تتمتع بطقوس احتفالية خاصة في البلاد الإسلامية المختلفة، لكنها بقيت على الدوام تحمل طعمًا خاصًا ذو نكهة روحية، خاصة إذا نظرنا إلى الأساس الذي بُنيت عليه، وهو الفداء والتضحية.

في التقرير التالي نصحبكم في جولة للتعرف على طقوس وعادات وتقاليد الشعوب المختلفة في عيد الأضحى

العيد في سوريا.. ضحايا وأضحيات

«نحن الضحايا فكيف نشتري الأضاحي؟!».. ربما كان هذا هو لسان حال العديد من السوريين الذين مزقت الحرب بلدهم منذ 8 سنوات وخلفت ورائها مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين، ومدن مدمرة ربما لن يطالها الإعمار لسنوات عدة قادمة.

لكن رغم أجواء الحرب التي تركت أثارها على الوجوه يحاول السوريون أن يعيشوا حياة عادية، حيث يحتفلون بعيد الأضحى، كل على طريقته، وفق إمكانياته، ووفق الظروف الأمنية والاقتصادية المحيطة به.

ولا شك أن فرحة العيد تغيب عن الكثير من المناطق السورية بسبب انعدام الأمن وتفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية، مقابل الارتفاع الكبير في الأسعار، والذي يعجز معه الكثيرون عن شراء الأضحية أو اللحوم التي تتضاعف أسعارها عامًا بعد آخر

ويرجع ارتفاع أسعار الأضاحي إلى ارتفاع تكاليف نقل المواشي الحية بين المحافظات وارتفاع أسعار المحروقات وتوقف العمل في المجازر بسبب الظروف الأمنية، مما يؤدي إلى إجراء عمليات الذبح في الريف دون إشراف طبي بيطري، وهو ما يجعل إدخال لحوم الأضاحي إلى المدن صعبا، لعدم وجود ختم الدمغة عليها، الذي ينعكس على التكلفة والسعر.

ورغم كل هذه الصعوبات، يحرص السوريون على الاحتفال ولو بشيء من العيد، أملا في عيد آخر يأتي في ظروف أفضل!

الأمن والسلام أمنيات العراقيين في العيد

للعيد في العراق مذاق آخر.. فالكثير من العراقيين يأملون في تحقيق السلام والاستقرار، ويشتكون من تفشي الفساد والطائفية في بلادهم، بالإضافة إلى كثرة التفجيرات الانتحارية التي تحمل في الغالب توقيع تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي، والذي لا يزال يسيطر على عدة مناطق في بلادهم.

ولا يختلف عيد الأضحى في العراق عن الأعياد السابقة منذ أكثر من عقد من الزمن، فعلى الرغم من الأجواء الأمنية المتوترة اعتاد العراقيون على تبادل التهاني، وخضع العديد من العراقيين للأمر الواقع، وأخذوا يجولون الأسواق تحضيرًا لعيد الأضحى.

ومع اقتراب العيد يزيد إقبال العراقيين على شراء الأضاحي (أغنام، أو بقر، أو ابل) لنحرها وتوزيع لحومها على الأقارب والجيران والفقراء.

ولا تزال أسعار الأضاحي تشهد ارتفاعًا ملحوظا بمختلف المدن العراقية، بسبب عمليات التهريب التي تتعرض لها الثروة الحيوانية، وارتفاع أسعار العلف، وتكلفة النقل المرتفعة، بالإضافة إلى الطلب الكبير على المواشي لذبحها خلال أيام العيد.

ورغم كل الصعوبات يسعى العراقيون للاحتفال بالعيد ولو ليوم واحد على الأقل، يتبادلون فيه التهاني بعيد مبارك، أملا في غد أفضل في “عراق” مستقر ومزدهر!

عيدان للأضحى في السعودية

لعيد الأضحى في المملكة العربية السعودية أجواء خاصة، فهناك نحو مليوني حاج يمثلون العالم كله تقريبًا يتواجدون بالمملكة حاليًا للأداء مناسك الحج، وتسعد أرض الحرمين حكومة وشعبًا في هذه الأيام بخدمة ضيوف الرحمن، وهذا في حد ذاته عيد تنفرد به أرض الحرمين.

وعلى مستوى عادات الداخل تستقبل السعودية عيد الأضحى بطريقة تقليدية توارثها أهالي المملكة منذ القدم، ففي الصباح بعد صلاة العيد تجتمع الأسرة أثناء ذبح الأضحية، ومن ثم يؤخذ جزء من لحم الأضحية ليُطهى لوجبة الإفطار، وتتشارك الأسرة في تناوله على طاولة واحدة.

وتختلف العادات قليلًا في استقبال العيد باختلاف المناطق، ففي الرياض يتم تحضير الحميس على وجبة الإفطار، وهو عبارة عن طبق شعبي يتم تحضيره من قطع اللحم والكبد والكلاوي والقلب، مضافًا إليها البصل والطماطم والبهار، ويمكن أن يتم تقديم عدد من الأطباق الأخرى أيضًا على طاولة الطعام مثل النواشف والأجبان والمصابيب.

أما في المناطق الشرقية فالطاولة يجب أن تحتوي على الهريس الشرقاوي، أما أهل المنطقة الغربية فيحرصون على إعداد الحلويات وتحضير المكسرات، وأشهر الحلويات في المنطقة الغربية هي الزلابية والدبيازة والتي يتم تحضيرها من الفواكه الجافة والمكسرات.

وبعد وجبة الإفطار يتبادل الناس الزيارات العائلية، وغالبًا ما تجتمع الأسرة كلها في منزل أكبر فرد فيها، وعادةً ما يكون منزل الجدة أو الجد. وفي بعض المناطق في شمال المملكة بعد صلاة العيد والإفطار تجتمع السيدات في منزل واحدةً منهن، وتُوزع الهدايا على الأطفال.

وبعد صلاة الظهر يرجع الناس إلى منازلهم للراحة، ويجتمعون مجددًا بعد صلاة المغرب، حيث تُقيم القبائل والأسر الكبيرة مخيمات للاحتفال بالعيد، والاستمتاع بالألعاب الشعبية وأكل حلويات العيد التي غالبًا ما تكون محلية مثل المعمول والكليجا كليجة والتمر والبقل.

نكهة خاصة للعيد في تونس

تختلف عادات الاستعداد والاحتفال بعيد الأضحى في تونس من منطقة إلى أخرى، وذلك رغم ضيق المساحة الجغرافية التي تمتد عليها البلاد، والانسجام العام على مُستوى الموروث الثقافي، وهو ما قد ينظر إليه آخرون من بلدان عربية على أنه “عادات غريبة”.

وكما هو الحال في أغلب الدول الإسلامية، فإن هذه الشعيرة الدينية تمثل فُرصة لإحياء تقاليد تونسية لم تنجح السنوات في محوها، وظلت حاضرة تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، وتُشكّل ذاكرة المُجتمع التونسي الذي تعاقبت عليه حضارات مُتنوّعة شكلت موروثا دسما.

ويشهد الشارع التونسي حركة تجارية كبيرة استعدادا لاستقبال عيد الأضحى، حيث تنتشر أسواق بيع الأضاحي على الرغم من شكوى المواطنين من غلاء أسعارها، وتبدأ الاستعدادات الأولى باختیار الخروف “العلوش“ وكبش الأضحیة لھذا الیوم السعید.

كما تزدحم الشوارع ببسطات العيد، وتحرص ربات البيوت على اقتناء لوازم العيد كالسكاكين والبهارات والزعتر لاستعمالهم في الأكلات خلال أيام العيد، إضافة إلى البخور وحلويات العيد. كما تنتعش بعض المھن والحرف كسن السكاكین وبائعي الفحم وبعض المنتجات الخاصة بتقدیم الشواء.

كما تشھد المتاجر المختصة ببیع الملابس الجاهزة حركیة غیر عادیة فالجمیع یسھر على اقتناء بعض الملابس للظهور بمظهر لائق خاصة الأطفال الصغار لإدخال الفرح البهجة عليهم. ولا يكتمل الاحتفال بالعيد إلا بعد شراء جبة، وهو لباس تقليدي عادة ما يلبسها الرجال صباح يوم العيد للذهاب إلى المساجد لأداء الصلاة ولقاء الأقارب والأصدقاء.

ومن بين العادات الرّاسخة في تونس، ما يُسمّيه الأهالي “خرجة العيد”، وهي مسيرة يتجمع فيها المصلون نساء ورجالا، هاتفين “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد لا إله إلا الله”، ينطلقون فيها من نقطة محدّدة، ويجوبون فيها الأزقة والأحياء بهدف دفع أكبر عدد من المُصلّين للالتحاق بهم، ليتّجهوا أفواجًا نحو مكان الصّلاة.

وبعد صلاة العيد يعود الناس إلى منازلھم لمباشرة ذبح الأضحیة سواء بأنفسھم أو بالاستعانة بجزار، لینطلق بعد ذلك كل أفراد العائلة للقیام بعملیات تقطیع اللحوم وتنظیف أحشاء الأضحیة, وإعداد كوانین الفحم لشواء اللحم والكبد, وتوزع قضبان اللحوم المشویة على أفراد الأسرة مع السلاطة المشویة وأكواب من القازوز” وهو مشروب غازي.

وتؤكل بقیة الأضحیة في الأیام التالیة, حیث تظهر المرأة التونسیة براعة في تنظیف “الدوارة” (أحشاء الخروف) لإعداد أشھر أكلات العید في تونس ألا وھي “العصبان”، والتي یعود تاریخھا إلى القرن الثالث عشر، وتوارثتھا الأجیال كمقیاس للحكم على مهارة المرأة والعروس الجديدة.

وتتكوّن “العصبان” أساسًا من من خليط يجمع كل ما يوجد في جوف الأضحية من الرئتين والقلب والكبد والأمعاء وبعض اللحم، بالإضافة إلى الخضراوات مثل السلق والبقدونس والثوم والبصل والحمص، والأرز في بعض المناطق والقمح في مناطق أخرى، لتمثّل حشوا دسمًا يتم تجميعه في إحدى الأمعاء، ثم خياطتها لتطبخ لاحقا في أطباق الكسكسي والأرز. وھي عادة ما تؤجل لثاني أو ثالث أیام العید. وكذلك الملثوث برأس الغنم والملوخیة وغیرھا.

وتُسارع بعض المناطق في الجنوب التونسي لطبخ العُصبان في أوّل وجبة تلي حفل الشّواء، في حين تترك بقية المناطق العصبان للأيام التالية، وتطبخ أكلات أخرى من أبرزها “القلاية”، وهي عبارة عن مرق باللحم يكون اللحم فيها مُقطّعا أجزاء صغيرة، أو “المُصلي” وهو طبق لحم وخضار يتم إعداده في الفرن، بالإضافة إلى الكمونية و”المرقة الحلوة” التي تختص فيها محافظة صفاقس.

وفي بعض المناطق، لا يتم تقطيع اللحم وتخزينه إلا في اليوم التالي، حيث تُترك الأضحية مُعلّقة في الحبل في اليوم الأوّل. وتعود هذه العادة إلى ما توارثته الأجيال حول أن الأضحية يجب أن “تحج ليلتها كاملة”.

كما يتم تجفیف بعض من اللحم تحت أشعة الشمس، وهو ما یسمى بـ “القدید”، وهو عادة تونسیة عربية، حيث يتم الاحتفاظ بشرائح من اللحم بعد تجفیفھا وقلیھا وتخزينها لاستعمالھا على مدار السنة .

كبدة الخروف أكلة الأردنيين المفضلة في العيد

اعتاد الأردنيون الاحتفال بعيد الأضحى في جو عائلي، حيث تجتمع كل أسرة في منزل «كبير العائلة» لتناول الفطور، وبعدها يستعدون لذبح الأضحية. وتشتهر الأردن بتناول وجبة “كبدة الخروف المحشية بالبقدونس والثوم” في أول أيام عيد الأضحى .

وتحرص المرأة الأردنية على تحضير طعام الإفطار في صباح عيد الأضحى، في مائدة يتربع على عرشها معلاق الأضحية (الكبد والرئة والقلب والكليتان)، التي اعتادت عائلتها أن تفطر عليها. فبعد الصلاة يتجه الرجل للمسلخ لشراء الأضحية وذبحها، وبعد الذبح يأخذ المعلاق للعائلة لتطهوه لوجبة الإفطار وتأكل منه.

والمعلاق يُعدّ للأكل بتقطيعه لمربعات صغيرة، ثم يغسل جيداً ويوضع في إناء للطهي، ويضاف إليه البصل والبهار والملح والماء ويغطى، ويحرّك من فترة لأخرى، وعندما يجفّ الماء يضاف إليه قليل من الزيت، ويقلب دقيقتين في الزيت ثم يقدم على المائدة.

لكن شراء الأضحية بات حلماً صعبًا للكثيرين مع ارتفاع أسعارها محلياً؛ إذ أعرب مربو الماشية في الأردن عن تذمرهم بسبب تدهور قطاع تربية المواشي لأسباب مختلفة، أهمها ارتفاع أسعار الأعلاف، ورفع الحكومة الضريبة على الحيوانات الحية من 4 إلى 10% خلال العام الحالي، وتحديد الجهات المختصة سقف لكميات الاستيراد، مما دفع التجار إلى رفع سعر الأضاحي.

طقوس خاصة لعيد الأضحى في المغرب

يحرص أهل المغرب علي تأدية صلاة العيد في أحد المساجد، ويجتمعون مع العائلة والأصدقاء بعد ذلك لذبح لأضحية ثم يستعدون لطهي الطعام وتناوله.

ويستعد شباب المغرب لذبح الأضحية، وغالبا ما يكون كبشًا أو ماعز، وأحياناً بقرة أو حتى جمل، وتضع المغرب قواعد صارمة حول كيفية ذبح الأضحية، والتحقق من نوعية الحيوانات المؤهلة للذبح، وكيفية التخلص من المخلفات، ويتم التبرع بالكثير من اللحوم للفقراء.

كما يقوم العاهل المغربي الملك محمد السادس بذبح أضحية العيد بنفسه، فيقوم بذبح كبشٍ، وهو تقليدٌ أقدم عليه ملوك المغرب تباعًا، والأمر ذاته يقوم به مفتي المملكة المغربية، حيث ينحر أضحيته بعد أضحية العاهل المغربي، ويبث التليفزيون الرسمي تلك الوقائع على الهواء مباشرةً.

ولكل يوم في عيد الأضحى في المغرب اسم محدد، فالأول يوم الشواء ويكتفي فيه أهل المغرب بأكل اللحوم المشوية فقط، حيث تجتمع الأسرة حول الموقد وتشوى اللحم ويأكلون منها. أما اليوم الثاني فهو يوم الريوس، وفيه تُطهى رؤوس الأضاحي بعد تبخيرها وسلخها، وغالبًا ما تتبادل الأسر المغربية الزيارات في هذا اليوم، أما اليوم الثالث فهو يوم القديد ويعد فيه المروزية والتي يستخدم فيها رقبة الخروف، وهذا اليوم يتم فيه إعداد لحم الخروف للتخزين، وهو متوارث منذ القدم .

كما يتناول المغاربة حلوى “الهربل”، وهو من الأطباق المميزة في المغرب، وهو حساء يتكون من الحليب والقمح.

عيد الأضحى في الكويت 7 أيام

يحتفل الكويتيون بعيد الأضحى، حيث تدوم الاحتفالات لسبعة أيام كاملة، فعقب صلاة العيد يجتمع الرجال في البيت الكبير بأسرهم، لتلاقي أفراد العائلة، وتبادل التهاني بعيد الأضحى.

ويتم ذبح الأضحية، ثم يجتمع الرجال لتناول غداء العيد المكون من اللحم والخبز، كما يتناولون حلوى شعر البنات، وهكذا إلى أن تنتهي السبع أيام.

ومن مظاهر العيد بدولة الكويت قيام أهل البيت بأعمال التنظيف والترتيب لكي يكون لائق بتلك المناسبة ورش ماء الورد المخلوط بعطور خاصة بالإضافة للبخور والمعمول وغير ذلك.

كما تخاط ملابس خاصة بالكبار والصغار مثل الدشداشة إلى الأولاد والدراعة وكذلك البخنق الخاص بالبنات، وهناك سيدات يخطن ملابس الأولاد بأنفسهن، كما يقوموا بصنع الحلويات الشعبية بالبيوت استعداد إلى العيد.

حجم الخروف في الجزائر أساس الاحتفال بالعيد

يحتفل الجزائريون بهذه المناسبة في أجواء عائلية ودينية، حيث يذهبون لتأدية صلاة العيد، ثم يزورون بعضهم البعض، وينتشر التسامح بين الأهل والأقارب.

ويتباهي الجزائريون بحجم خروف العيد، حيث يبدي البعض اهتمامًا بامتلاك خروف كبير الحجم بقرنين ملتويين، ويتحول الأمر إلى هاجس لدى الكثير من الأسر التي تعتبر حجم الخروف أساسًا للاحتفال بالعيد. ويتناول أهل  الجزائر أول أيام عيد الأضحى الكبد الملفوف.

وتبدأ مراسيم العيد صباحًا بصلاة العيد في المساجد، يعود بعدها الأهالي لنحر الأضحية في أجواء عائلية تقليدية، ويخصصون فترة ما بعد الظهر والمساء، لتبادل الزيارات العائلية، وتختلف طريقة الاحتفال حسب الأجواء المتعارف عليها بكل منطقة، ووفق طقوس وعادات متوارثة.

ولا تكتمل فرحة العيد دون حلويات تقليدية، حيث تحرص الأسر على استقبال المهنئين في العيد، بالشاي والحلويات المحضرة على طريقة الأصيلة مثل “المقروط” و”القريوش” وغيرها.

وفي اليوم الثاني من عيد الأضحى، نقوم بتقطيع أضحية العيد، للقيام بإهداء ثلثها عملا بالسنة النبوية الشريفة، ولتخزين جزء منها في المجمدات، وإعداد ما سيتحول إلى ولائم العيد في أيام الاحتفال، ولتنطلق في اليوم الثاني المعايدات المتبادلة.

لبنان يستقبل عيد الأضحى بالزينات

في لبنان دائمًا كل شيء أجمل، فالعيد في لبنان يعني الاحتفالات، والاستعداد للعيد يأتي عن طريق التنظيف وتغيير الأثاث والديكور وتبخير المسكن، والتسوق من أجل شراء الحلويات، كذلك تتزين المساجد بالإضاءة واللافتات الجميلة المهنئة بالحج وبالعيد. حتى إن الناس يحرصون على تنظيف الأحياء وتزيينها من أجل استقبال العيد، ومن أجل إشاعة شعور البهجة في قلوب الكبار والصغار.

ومثل جميع الدول تُقام في لبنان شعائر الذبح والتقرب لله بالأضاحي. وكانت الأضاحي جزءًا لا يتجزأ من عادات عيد الأضحى في لبنان، وربما أكثرها أهمية في الماضي، حيث كانت العائلات الميسورة والمتوسطة  تذبح الأضاحي وتوزعها على العائلات الفقيرة وكانت العائلات البيروتية تتباهى أمام بعضها البعض بحجم الأضاحي, التي ذبحتها بمناسبة العيد, أما اليوم وبسبب حالة التردي الاقتصادي وعدم قدرة الطبقة الوسطى, على تقديم الأضاحي فأصبحت هذه العادة مقتصرة فقط على العائلات الميسورة.

“الفتة” أهم عادات عيد الأضحى في مصر

يُحتفل المصريون بعيد الأضحى قبل أن يبدأ بأيام، حيث تحرص الأم المصرية على تنظيف المسكن جيدًا، وتغيير أماكن الأثاث وبعض الديكور، لتحسين مظهر المنزل، ويحرص الكبار والصغار على استقبال العيد بملابس جديدة.

كما تستعد الأسرة بشراء الأضحية مبكرًا، وبعضهم يستضيفها بمنزله لعدة أيام قبل حلول العيد لتضفي المزيد من أجواء البهجة على الأسرة والمنزل. ولا تعيق الحالة المادية للأسرة شراء اللحوم, فحتى الأسر الفقيرة تجمع ما يمكنها من المال خلال شهور لتنفقه في العيد على شرائها, ولا يخلو بيت مصري من اللحوم في عيد الأضحى حتى وإن لم يتمكنوا من ذبح أضحية.

وفي صباح العيد يتوجه المصريون كبارًا وصغارًا لأداء صلاة العيد وسط أجواء من الفرحة، حيث تكتظ المساجد بالمصلين وتفتح الساحات العامة للصلاة، وعقب الصلاة يتم تبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء والجيران والأقارب وتوزيع الهدايا والنقود (العيدية) على الأطفال.

وتقضي الأسر المصرية عيد الأضحى مجتمعة في بيت العائلة, وغالبا ما يتم تناول الفطور بشكل جماعي, وتكون وجبته الأساسية “الفتة”, ثم تأتي وجبة الغداء التي تتضمن الكثير من الأطباق, والتي تشترك جميعها بوجود اللحمة, مثل الكفتة, المشويات, اللحمة المحمر، وغيرها الكثير مما تتفنن الأم المصرية بإعداده.

ويختار بعض المصريون أيام عيد الأضحى كوقت مناسب لإتمام أفراحهم, فتقام الكثير من خفلات الخطبة والزواج خلال أيام العيد.

العيد في عيون أطفال ليببا حالم بغد أفضل

تحل أيام العيد فيتناسى الليبيون الفوضى العارمة التي تعيشها بلادهم منذ عام 2011،  والصراعات المسلحة بين مختلف الكتائب المسلحة، ويحاولون سرقة بعض الوقت للفرح والبهجة، فاليوم هو يوم عيد، والغد قادم لا محالة بكل ما قد يحمله من سوء، فلينعم الأطفال يوم العيد على الأقل ببعض من البهجة في عيد الأضحى!

ويتميّز الليبيون بعادات مختلفة قد تكون غريبة بالنسبة للبعض، ومنها أنّ ربة البيت تُكحّل صباح أول يوم في العيد عيني الأضحية بقلم الكحل الأسود، أو ما يُعرف بالكحل العربي، ثمّ تشعل النيران والبخور، ويشرع أهل الدار أو الموجودون بالتهليل والتكبير، فيما يتم صبغ الكبش بالحناء في ليلة العيد.

وبالنسبة لذبح الأضحية يتمتعُ أهل ليبيا ببعض الشعائر الخاصة، فقبل الذبح يُقدَم القليل من الماء لها، ثمّ تحفر حفرة في الأرض ليوضع فيها الكبش أو الخروف، ويكون رأسه بالقرب من الحفرة، وموضوعاً باتجاه القبلة، ويثبت أحد الرجال بيده اليسرى أرجل الكبش، وبيده اليمنى عنقه، فيما يهم رجل آخر بذبحه وِفق أصول الشريعة الإسلاميّة.

من أبرز أكلات العيد في ليبيا خبز العيد المُسمى بغروم يمضرز عند أهل نفوسة وطرابلس، وهي عادة قديمة في ليبيا ما زال الليبيون من أصول أمازيغيّة يحرصون عليها إلى الوقت الحالي، وهو عبارة عن رقائق من فطائر تُحضّر من دقيق القمح، أما اليوم فتُحضرها النساء الليبيات من دقيق الذرة، ويُضاف إليه الماء والقليل من الملح، ويتم عجن الخليط وتقسيمه إلى كرات متوسطة الحجم تُفرد على شكل رقائق دائريّة ثمّ تُطهى في الفرن التقليدي، وبعدها تُخرج من الفرن، وتُفتّت وهي ساخنة إلى قطع صغيرة، وتُخلط بالسكر وزيت الزيتون، ثمّ تُقدّم في أواني من الفخار.

في فلسطين.. لا زال العيد تحت الاحتلال

رغم تصاعد التوتر مع إسرائيل وصعوبة الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية، إلا أن الكثير من المسلمين في شتى أنحاء العالم يحدوهم أمل أن يحظوا بشرف الصلاة في باحة المسجد الأقصى، ويحرص مئات الفلسطينيين على أداء صلاة العيد في المسجد الأقصى بالقدس.

وتمتلئ الأسواق التجاريّة بالبضائع ليلة العيد، لاسيما أسواق الخليل ونابلس اللتين تعدّان المركز التجاري الأبرز لفلسطين عموماً، وتنشغل النساء بإعداد الحلوى من المعمول، والبرازق، والكنافة النابلسيّة، والعوامة، وأصناف البسكويت المُختلفة، بالإضافة إلى تحضير دلال القهوة العربيّة التي تُقدم للمنهئين والزوار بالعيد.

ويذهب الرجال إلى الأسواق لشراء الأضاحي وتجهيزها للذبح بعد أداء الصلاة في اليوم الذي يسبق مجيء العيد، وفي صبيحة يوم العيد يتوجه المصلون إلى المساجد، أو الساحات الواسعة لأداء صلاة العيد، ويتصافحون مُهنئين بعضهم، ويتوجه رجال العائلة إلى منازل الأقارب لتهنئتهم بالعيد، وتقديم العيديّة للنساء، ويصطلح الفلسطينيون على تسمية معايدة النساء في العيد وزيارتهن بزيارة الرحم أو الولايا، فيما يقرع الكثيرون أبواب بيوت الحارات للتسليم على أهلها، لاسيما النساء والفتيات وكبار السن حتى وإن كانوا من غير الأقارب.

وتجتمع العائلة ظهر يوم العيد على مائدة الغداء، والتي تعدّ من المنسف البلدي الذي تُزيّنه حبات الصنوبر واللوز، إلى جانب شوربة اللبن البلدي الشهية، وما زالت بعض النساء تتمسك بعادة فت الخُبز، وتغميسه بالسمن البلدي، ووضعه أسفل الأرز في طبق المنسف المستدير، فيما يُغطى وجه المنسف برغيف من خُبز الشراك.

العيد في أبهى حلة

يحرص المسلمون في العديد من بلاد العالم على الظهور في أبهى حلة خلال عيد الاضحى، ففي مدينة مزار الشريف، شمالي أفغانستان، يحرص من استطاع إلى ذلك سبيلا أن يؤدي صلاة عيد الأضحى في أبهى حلة بارتداء الأزياء الأفغانية في باحة المسجد الأزرق، الذي تقول الأسطورة في أفغانستان إنه مرقد علي بن أبي طالب، فيما يقول البعض الآخر إنه لابنه عمر. ورغم تضارب الروايات، إلا أنه يبقى من أجمل المعالم الإسلامية التاريخية.

أما في نيروبي، العاصمة الكينية، فتحرص النساء على ارتداء أجمل ما عندهن من ملابس، وغالبا ما تكون بألوان زاهية، وفي البنغلاديش تزين النساء والفتيات أياديهن بالحناء احتفالا بعيد الأضحى.

وفي إندونيسيا يتوافد الملايين في العاصمة جاكرتا إلى المساجد التي تكتظّ بالمصلين، ويضطر العديد منهم لأداء صلاتهم على الأرصفة والطرقات، وتقوم السلطات الاندونيسية بإغلاق طريق “تانه أبانغ” لكثرة أعداد المسلمين الذين لم تستوعبهم المساجد.

وفي اليابان يحتفل المسلمون بالعيد بشكل أساسي من خلال أداء صلاة العيد، التي كانت حتى وقت قريب تُقام في المساجد، لكن مؤخرًا سمحت الحكومة اليابانية للمصلين بأداء صلاة العيد في الملاعب الرياضية والحدائق والمتنزهات، وهو ما زاد من فرحتهم بالعيد الذي تحول إلى وسيلة مهمة من وسائل الدعوة للإسلام.

كما تعج مساجد أذربيجان وقرغيزستان وكازاخستان، وغيرها من الدول الإسلامية بآلاف المصلين، والمحتفلين بالمناسبة الدينية العظيمة.

لعبة خطف الخروف في الصين

يبلغ عدد المسلمين في الصين نحو 20 مليون مسلم، ومن أبرز طقوسهم هناك في عيد الأضحى هو  ارتداء الملابس البيضاء المكونة من الجلباب والعمة، والتوجه للمساجد للصلاة وسماع خطبة العيد، ثم يقوم من يستطيع منهم بالذبح وتوزيع لحوم الأضاحي والتزاور، حيث تمنحهم الحكومة إجازة في هذا اليوم.

ومن الطقوس الطريفة للاحتفال بعيد الأضحى في الصين لعبة «خطف الخروف»، حيث يتسابق الشباب على ظهور الخيل من أجل التقاط «خروف العيد»، وتنتهي اللعبة بإعلان الفائز الذي استطاع التقاط الخروف في أقل وقت دون أن يسقط، وبعد الانتهاء من اللعب تجتمع الأسرة لتلاوة القرآن الكريم والأدعية ثم الصلاة، بعدها يقوم إمام المسجد بذبح الأضحية وتقسيمها إلى ثلاثة أجزاء بحسب الشريعة.

عيد الأضحى في أميركا وأوروبا ورحلة الاحتفاظ بالهوية

على صعيد أخر وفي البلدان الغربية على غرار  أميركا وأوروبا تُعد التجمعات العائلية أحد أهم مظاهر الاحتفال بالعيد، ففي أمريكا يجتمع أفراد العائلة المُفرقون في الولايات المختلفة بمنزل كبير العائلة، ويجتمع الأصدقاء والمعارف من كل مكان ويذهبون للصلاة معاً في المراكز أو المساجد الإسلامية هناك، ثم يتفقون على ذبح الأضحية والقيام بحفلات شواء لتجتمع الأسرة في جو دافئ مليء بالمرح يتناولون فيه الطعام على مائدة واحدة.

وتجعل الحكومة الفرنسية يوم عيد الأضحى عطلة رسمية، ما يمنح الفرصة للجالية الإسلامية الاستمتاع بعيد الأضحى المبارك وتأدية كل شعائره وسننه وعلى رأسها ذبح الأضحية صبيحة يوم العيد في مجازر مخصصة لهذا اليوم من كل عام.

ومن أبرز طقوسهم قبل العيد تزيين المساجد والمنازل وإضفاء جو من الروحانيات في البيوت، حيث يجتمع الآباء بأطفالهم ليقصوا عليهم قصة النبي إبراهيم وذبحه لابنه إسماعيل، وكيف أن الله افتداه بالكبش كما جاء في القرآن الكريم. كما تنتعش في بعض المناطق الريفية عمليات بيع الأضاحي التي تشهد إقبالاً كبيراً من المسلمين هناك.

وتحرص الجالية الإسلامية ببريطانيا على إحياء شعائر عيد الأضحى، وذبح الأضاحي رغم الضغط الذي تمارسه بعض جمعيات حقوق الحيوان هناك، والتي تحاول بشتى الطرق أن تسيء لهذه الشعيرة.

في المقابل يعد العيد في ألمانيا أقل بهجة رغم أنه يعيش فيها ثاني أكبر جالية إسلامية في أوروبا، فلا تمنح الحكومة الألمانية إجازة لعيد الأضحى، إذ يضطر كثير منهم لمزاولة أعمالهم بشكل طبيعي أيام العيد، وبسبب شروط العمل القاسية لا يمكنهم أخذ عُطلة على حسابهم الخاص. وتُعد أكبر المشكلات التي تواجه المسلمين هناك  هي منعهم من ذبح الأضحية كونه أمر غير قانوني.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى