الراديوقصص نجاح

قصة نجاح داوود اولاد السيد.. إبداع مغربي في عالم الإخراج السينمائي

أجرى الحوار: مجدي فكري ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج قصة نجاح، مع مخرج متميز، ونموذج مضيء في عالم السينما العربية، حصد العديد من الجوائز عن أفلامه التي أثارت فضول النقاد، ولفتت انتباههم إلى إبداعه اللامحدود في عالم الإخراج السينمائي.

معنا ومعكم المخرج المغربي داوود اولاد السيد، وتفاصيل هامة حول رحلة نجاحه، والبدايات منذ ولادته في مدينة مراكش عام 1953، وعمله في مقتبل حياته في مجال التصوير الفوتوغرافي، ثم اتجاهه إلى إخراج الأفلام الوثائقية بعد التحاقه بورشة عمل في باريس.

ناقشت الحلقة قصة التحاق داوود اولاد السيد بعالم الفن، ومشواره مع التصوير الفوتوغرافي ثم التصوير السينمائي، ولماذا اختار الإخراج، وكيف اجتهد فيه وتميز حتى أصبح واحدًا من بين أكبر مخرجي الوطن العربي.

وتلقي الضوء على نقطة التحول في حياته المهنية والتي حدثت في باريس، وأبرز التحديات والصعوبات التي واجهته في مشواره كمصور وكمخرج، وأهم المخرجين العرب والأجانب الذين تأثر بهم، وتأثره كذلك بالسينما الأوروبية والأمريكية.

كما تلقي الضوء حول أهم أعماله التي حققت نجاحًا ملحوظًا ومن بينها أفلام (عود الريح، طرفاية، في انتظار بازوليني، الجامع). وتتطرق الحلقة إلى أهم الجوائز التي نالها.

المغرب بعين سينمائية
في بداية الحلقة؛ بدأ المخرج داوود أولاد السيد حديثه عن وطنه المغرب، بنظرة سينمائية خبيرة، حيث قال إن “السينما موجودة بالمغرب منذ القِدَم، منذ أن جاء الإخوة لوميير للتصوير بالمغرب، ومن ثمّ اشتغل الحراك السينمائي وحتى الآن، ولدينا استديوهات كبيرة، ويأتي المخرجون الأمريكيون والأوروبيون للتصوير لدينا، وبات لدينا مستوى سينمائي عالمي”.

وتابع أن “المغرب يعتبر من أجمل دول العالم السياحية، فلديه تاريخ قديم وحضارة ومدن عريقة جدًا، والله سبحانه تعالى أعطاه طبيعة ساحرة من بحر وصحراء وجبال”.

أما عن مدينته مراكش، فقال: “هى مدينة المرابطين، ولديها تراث عالمي، فقد وُلِدَت بها، في حي الزيتون، على بُعد 100 متر تقريبًا من ساحة جامع الفنا المعروف عالميًا”.

وأضاف: “أول فيلم لي في السينما كان عن تلك المنطقة التي وُلِدَت فيها، عن حارتي ومدرستي وأسرتي والناس الذين عشت بينهم، وقد أسميته “الذاكرة البنية”، وذلك لأن مراكش معروفة باللون البني، فكل مدينة لدينا بالمغرب معروفة بلون معيّن”.

ذكريات الطفولة
عن طفولته وبداياته في الحياة؛ قال إنه “نشأ في أسرة متواضعة جدًا، وقد قامت والدته بترتبيته هو وأخواته، وقد كانت طفولة متواضعة وعادية في حي شعبي، ولكنها كانت حيّة وجميلة جدًا بين أسرة دافئة ومحافظة.

وبعد أن أتممت جزءًا من دراستي بالمغرب، توجهت إلى فرنسا لإكمال دراسة الدكتوراة في علوم الفيزياء والرياضيات، وفي وقت لاحق، توجهت لدراسة السينما في مدرسة السينما في نيس، ومن ثمّ استمرت الحياة بين الآداب والسينما والأفلام”.

عن الأسرة المغربية وأهم ما يميزها، قال: “هى كغيرها من أسر العرب، فقد كنا نعيش جميعًا في بيت واحد بسيط، تجتمع فيه الأسرة بأكملها”.

وعن طموحه.. فقد كان داوود صاحب تكوين علمي، حيث نشأ بين الكيمياء والفيزياء والرياضيات، وكان يطمح أن يكون عالمًا كبيرًا، ولكن مع دخوله إلى مجال الصور الفوتوغرافية بالصدفة، سحره هذا المجال. ثم روى قصته مع دخول هذا العالم الجديد وما شهده خلال عمله به من مصادفات سعيدة.

من الفوتوغرافيا إلى السينما
عندما عاد داوود إلى المغرب، بدأ في تصوير كل شئ يصادفه ويجد فيه الحس الإبداعي لإلتقاطه، وأصدر ذلك في كتاب اسمه “مغاربة”.

وفي صدفة أخرى سعيدة دعاه مدير البعثة الفرنسية في المغرب للعشاء، وكان من بين الضيوف الموجودين، الكاتب والسيناريست الكبير جان كلود كاريير، مدير المعهد السينمائي الفرنسي في باريس، والذي عرض عليه بدوره أن يأتي لحضور ورشة عمل في فرنسا والدراسة هناك، وذذلك بعد أن شعر بحس سينمائي في كتابه.

وعندما عاد اولاد السيد إلى مراكش، كان أول فيلم قصير يقوم بتصويره هو فيلم “الذاكرة البنية”، الذي يحكي عن الحياة التي نشأ فيها، والمزج بين الصور الثابتة بالأبيض والأسود، والتي صورها من قبل، ليحكي عن الحياة العادية.

وقد لاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا جدًا، وبحسب أولاد السيد فإن السينما هى “رؤية وتفكير، وأن تعرض ما تريد أن تقول، وكيف تقوله، شكلًا ومضمونًا”.

من المغرب إلى فرنسا
بالعودة مجددًا إلى البدايات، وسببت اتجاه إلى فرنسا، قال: “لدينا في المغرب علاقة سياسية قديمة مع فرنسا، فقد كنا تحت الاحتلال الفرنسي، وإن كان المغرب هو الدولة الوحيدة التي كان تحت ما يسمى بـ “الرعاية الفرنسية”، وليس احتلالًا، لأن لدينا ملك يحكمنا والحمدلله، وبالتالي فنحن بلد فرنكوفوني، وكان من العادي في ذلك الوقت أن يتم الاتجاه إلى فرنسا للدراسة، حيث كانت فرنسا متقدمة في تدريس العلوم”.

توالت رحلات داوود اولاد السيد بين فرنسا والمغرب، ذهابًا وإيابًا، وعن رؤيته لفرنسا، قال: “فرنسا بلد ثقافة بالدرجة الأولى، فهى بلد اللوفر والحياة والموضة والأكل، بها مدينة النور والحضارة، وكان من حسن حظي أن أذهب إليها وأدرس فيها، وأن يكون لدي علاقات وصداقات مع الفنانين والمثقفين والنخبة هناك”.

تاريخ سينمائي
عن تاريخه السينمائي وأهم أفلامه التي أخرجها، قال: “أنا أقدم الأفلام المتغيرة على الطريقة الكلاسيكية، الأفلام التي تحس وتشعر بها ونعيشها في الحياة اليومية، مثل فيلمي “كلام الصحراء”، وفيلم “الجامع”، الذي فاز بجوائز كبرى”، ثم تناول اولاد السيد باقي أفلامه التي قدمها، وأعطى نبذة صغيرة عن كل فيلم.

كان شغف داوود الأكبر بالفيلم التسجيلي والوثائقي، حيث لم يكن المغرب ينتج هذه النوعية من الأفلام بكثرة في تلك الأوقات، كما أن هذه الأفلام هى امتداد للتصوير الفوتوغرافي الذي يعشقه اولاد السيد، والآن أصبح لدينا في المغرب دعم كبير للأفلام الوثائقية.

تأثر داوود اولاد السيد في بداياته بعدد من المخرجين، منهم: المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف، ويوسف شاهين، مؤكدًا أنه من عشاق السينما الواقعية، كما أنه لا يحصر نفسه في مشاهدة سينما واحدة، فهو من متابعي السينما الأمريكية والمصرية والإيرانية والكورية والتركية والفرنسية.

وأكد داوود أولاد السيد أنه كان محظوظًا أنه عمل في أفلام مشتركة مع فرنسا، مما يعطي للفيلم حظًا في أن يظهر في المهرجانات العالمية.

جوائز وتكريمات
عن أهم الجوائز والتكريمات التي حصل عليها، قال إنه كان من المحظوظين أن يشارك مرتين في مهرجان القاهرة، وكان ضمن لجنة التحكيم في الأفلام الطويلة بالقاهرة والإسكندرية، كما شارك في مهرجان الأقصر، فهو عاشق لمصر ويعتز بالتكريمات التي حصل عليها فيها.

كما حصل داوود اولاد السيد على العديد من التكريمات الأخرى في المغرب، وكذلك في فرنسا، وتحدث عن ذكرياته مع مهرجان مراكش، الذي يحظى بشهرة عربية وعالمية.

وعن السينما المغربية وكونها محصورة في دول المغرب العربي بسبب اللهجة المغاربية التي يعدّها البعض لهجة داكنة وصعبة، قال اولاد السيد إن مشكلة السينما المغربية ليست في اللهجة، وإنما هى مشكلة الجمهور، الذي يرغب في مشاهدة الأفلام التجارية، كالأفلام الكوميدية أو أفلام الحركة، ولا يُقبل بكثرة على الأفلام السنمائية ذات المضمون.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى