الراديو

دليلك للحج المبرور والفوز بفضل الأيام العشر وثواب الأضحية‏

د. شادي ظاظا: مساعدة المحتاجين من أفضل الأعمال في هذه الأيام المباركة

راديو صوت العرب من أمريكا- أجرى اللقاء: ليلى الحسيني
أعده للنشر: مروة مقبول – تحرير: علي البلهاسي

أيام قلائل وتبدأ العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، ولا زالت أفواج المشتاقين لزيارة بيت الله الحرام تتوافد على الأراضي المقدسة قاصدين أداء فريضة الحج، بعد أن وفقهم الله واستطاعوا إلى ذلك سبيلا.
أموال كثيرة تُنفَق، وجهد كبير ومشقة تُبذَل في السفر وأداء المناسك، لكن كل ذلك يهون ويتضاءل أمام نظرة واحدة عن قرب للكعبة المشرفة وقبر المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لكن يبقى الفوز الأكبر هو الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة، وهو ما لا يتحقق إلا بأداء صحيح لمناسك الحج وتحقيق أقصى استفادة من فضل الأيام العشر وثواب الأضحية.

الإعلامية ليلى الحسيني استضافت فضيلة الدكتور الشيخ شادي ظاظا، مؤسس منظمة رحمة الإغاثية، لتسليط الضوء على مناسك الحج والعمرة وفضل الأيام العشر وأحكام الأضحية.

أحب الأيام إلى الله

يقول الرسول عليه الصلاة و السلام: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.
فهي أيام مباركة تتلهف فيها قلوب المؤمنين إلى بيت الله، حيث يقصد فيها المسلمون حج بيت الله الحرام. فجميعهم يتجهون إلى هناك بقلب مخلص موحد بالله تعالى، وتنعكس هذه الحالة الروحانية على الأرض كلها، وتذكرنا بفضل الله على الخليقة، ففي تلك الأيام، يقصد المسلمون أبواب الرحمن، لكشف البلاء والغمة عن أهل الأرض جميعًا.
وتكمن خصوصية هذه الأيام في أن الله يُضاعِف فيها أجر العمل الصالح، سواء كان صدقة، أو عمل لخدمة المجتمع، أو لخدمة الفقراء، أو رسالة لرفع الظلم عن المستضعفين، أو رسالة حب يوجهها المسلم لباقي الأديان والطوائف من أجل أن ترقى الإنسانية وتسمو.

صيام أيام ذي الحجة

* اختلفت الآراء حول الصيام في العشر الأوائل من ذي الحجة.. فهناك من يحرص على صيام الأيام كاملة، وهناك من يحرص على صيام يوم عرفة فقط، فما الذي ورد عن الرسول الكريم في هذا الشأن؟
** تلك الأيام المباركة لها شأن عظيم عند الله تعالى، ففيها يُكثِر الإنسان من ذكر الله والعمل الصالح، ويحب البعض الصيام فيها على الرغم من عدم تشريعه، إلا أن علماء الدين أدخلوا هذا العمل تحت باب العمل الصالح الذي يتقرب به العبد إلى الله عز وجل.
والذي ورد في هذا الشأن هو صيام يوم عرفة، فعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة قال: ” يُكَفِّرَ الله به السنة التي قبلها والتي بعدها”، فهذا اليوم هو الذي حث الرسول المسلمين من غير الحجيج أن يصوموه.
ولكن هناك من يحب أن يصوم بعض الأيام من العشر الأوائل تطوعًا دون أن تكون سُنّة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يقع تحت باب العمل الصالح الذي يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى. والعمل الصالح مفهومه كبير وواسع جدًا، ونحن اليوم نحتاج لأن يشعر الناس ببعضهم البعض، خصوصًا بهؤلاء الذين يعانون في الشرق الأوسط.

أهمية الحج

* أحب أن توضح فضيلتك لغير المسلمين الذين يستمعون إلينا، ما هي أهمية الحج في حياة المسلم؟
** الحج هو الفريضة الخامسة التي بني الإسلام عليها، وفرضها الله على من يستطيع أداءها فقط. وهذه الفريضة تعود بالإنسان إلى أصل خليقته، إلى بيت الله الحرام، الذي رفع قواعده سيدنا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء.
ويطوف الإنسان بالبيت الحرام ليتذكر أصل الديانات، فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كانت له هذه المهمة وهذا الشرف، ومنه تفرعت الديانات كلها.
وزيارة مكة تدعو الإنسان ليفكر كيف أن الله تبارك وتعالى يبعث الديانات والرسالات كلها واحدة، تدعو إلى إله واحد، ويتذكر السبب من وجوده في هذه الحياة، وصراعه مع الشيطان الذي يريد أن يضله عن الطريق الصحيح.
وكل منسك من مناسك الحج له معنى، كما هو الحال بالنسبة للطواف حول البيت الحرام، فقالوا عن طواف الكعبة إن يشبه طواف المُحب حول محبوبه، ولكن هذا الطواف يحمل في طياته معان كثيرة.
فالكعبة هي أول بيت وُضِع للناس للعبادة، كما أن السعي بين الصفا والمروة يتذكر الإنسان من خلاله أمنا هاجر زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام وهي تسعى. ولكل نسك من مناسك الحج معنى وانعكاس على نفس الإنسان وهو يؤديه.
وقالوا عن الحج أيضّا إنه الرحلة قبل الأخيرة، حيث يفيض الإنسان إلى بيت ربه طائعًا، وكأنه يقول “لبيك اللهم لبيك”، وأنا في كامل صحتي ومقبل عليك بكل ما أملك. وذلك تلبية لنداء سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما قيل له “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا”، فكل هؤلاء الناس يلبون هذا النداء الذي لازال يتردد عبر مئات السنين.

* هل كان الطواف حول الكعبة موجودًا قبل الإسلام؟
** قبل الإسلام كان الناس يطوفون حول الكعبة، وهذا الطواف لم يتوقف منذ أن رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد البيت الحرام التي كانت موجودة بالفعل. ويُقال إن الطواف لم يتوقف أبدًا، حتى أنه في إحدى السنوات هطلت أمطار غزيرة جدًا على مكة، وحدث فيضان بسبب وقوعها بين السهول والجبال، وخرج الناس من مكة، وعندما عادوا وجدوا ناقة تطوف بيت الله الحرام.

مناسك وأركان الحج

* ما هي مناسك الحج؟
** أولا ارتداء ملابس الإحرام، ثم طواف القدوم، والسعي، ثم يتجهز الحجاج في الثامن من شهر ذي الحجة بالصعود إلى “جبل منى” لقضاء الليلة هناك، ويسمى ذلك “يوم التروية”، حيث يتجهز الحجاج فيه للصعود إلى جبل عرفات.
وفي التاسع من شهر ذي الحجة يصعد الحجاج إلى عرفات، ويقضون اليوم كاملًا، ولا يستطيع الحاج أن يغادر عرفات قبل غروب الشمس.
ويوم عرفة هو أفضل يوم طلع على الناس، حيث تتنزل رحمة الله في ذلك اليوم، وتشهد الإنسانية إطلاع الله على خلقه. فهو يوم عظيم جدًا له خصوصية وشأن كبير عند الله تعالى.
والوقوف بعرفة ركن أساسي من أركان الحج، وإذا سقط ركن سقطت الفريضة كلها. ولذلك فإذا لم يقف الحاج يوم عرفة على ذلك الجبل فلا حج له، فقد قال الرسول الكريم:” الحجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ”.
وتتفاوت أركان الحج بين الفرض والواجب والسنة والمستحب، فهناك بعض أركان الحج التي يمكن للحاج أن يوكل فيها غيره، مثل رمي الجمرات في “أيام التشريق”، وليس من بينها الوقوف بعرفة.
فضل يوم عرفة
* ما هو فضل يوم عرفة؟
** قال الله تعالي في حديث قدسي: “إنَّ عبدًا أصححتُ له جسمهُ، ووسَّعت عليه في المعيشَةِ، تَمضي عليه خمسةُ أعْوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمَحرُوم”. فكأن الله يعاتب هذا العبد إذا كان لديه القدرة على زيارة بيت الله، وسعى من أجل أن يقف في عرفات مع حجاج بيت الله الحرام، وكان في ذلك المكان لمدة خمس سنوات ولم يقم بهذه الرحلة.
وفضل يوم عرفة كبير جدًا، ففيه يغفر الله تعالى الذنوب لأهل الأرض. وعن ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟، أشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم”.

قيمة الأضحية

* ما هي الأضحية، وعلى من تجب، ولمن نعطي لحومها؟
** قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا)، بمعنى من رزقه الله رزقًا واسعًا ولم يقدم الأضحية فهو كمن لم يُقِم شعيرة أمره الله سبحانه وتعالى بها.
ويبدأ وقت الأضحية من بعد صلاة العيد، وهو يوم النحر، إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وبهذا تكون أيام الذبح أربعة (يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده).
والأضحية لها معاني كثيرة، وهي رسالة عطاء من هذا الإنسان إلى الفقراء ومن حوله، ليتقرب إليهم، ويصل إلى قلوبهم بالعطاء.
وقد اختلف العلماء في حكم الأضحية، فذهب جمهور العلماء إلى أنها سُنّة مؤكدة، وذهب آخرون إلى أنها واجبة على القادر.
ولكن الحاج يضحي ليعوض ما فات منه في الحج من أشياء قد يكون قد قَصّر فيها أو صدرت منه عن طريق الخطأ.
أما غير الحاج فهو يضحي ليشارك الحجاج هذه الشعيرة، وفي نفس الوقت يكون لها أثر كبير في المجتمع، وفي مشاركة هذا الخير سواء مع الأصدقاء أو المحتاجين.
لذلك حث الإسلام كل من يستطيع أن يضحي أن يسعى إلى ذلك. فهناك أناس في الشرق الأوسط والدول المنكوبة ينتظرون من يُعينهم على قوت يومهم، ويُدخِل على قلوبهم السرور من العيد إلى العيد.

حملة إغاثة

* كيف يمكن أن تصل لحوم أضحيتنا للمحتاجين في الشرق الأوسط؟
** نحن في منظمة الحياة الإغاثية أطلقنا هذه حملة منذ بداية شهر أغسطس /آب من أجل ذلك، فهناك فرق تابعة لنا في سوريا وأفريقيا ولبنان والأردن تقوم بتجهيز الأضاحي. ويتراوح سعر الأضحية بين 110 دولار في أفريقيا، و340 دولار في اليمن، إلى 275 دولار في الأردن، وهذه السنة وصل سعر الأضحية في سوريا 225 دولار.
ويستطيع المانح أن يختار أين يجب تذهب أضحيته من خلال زيارته الموقع الرسمي للمؤسسة على الانترنت: www.rahmarelief.org، ويستطيع كل من يريد أن يتبرع بلحوم أضحيته أن يقوم بزيارة موقع المؤسسة الرسمي أو صفحتها الرئيسية على فيس بوك للاطلاع على التفاصيل والأسعار.
ويستطيع الإنسان الذي ذبح أضحية أن يأكل منها حتى نسبة الربع، أما إذا أحب أن يهبها كلها فهذه تعتبر صدقة. وأنا أحث كل المسلمين وغير المسلمين أن يشاركوا في هذه الشعيرة، لما لها من انعكاس إيجابي جدًا على حياتنا، من خلال إطعام الفقراء، والشعور بالمحتاجين الذين هم أقل حظًا في الحياة.

* ما هي أخر فرصة يستطيع الإنسان خلالها أن يقدم الأضحية من خلال مؤسستكم؟
** على كل من يريد توصيل الأضحية إلى خارج الولايات المتحدة ألا يتأخر في اتخاذ هذه الخطوة، حتى يكون هناك متسع من الوقت للقائمين على توزيع الأضاحي بالخارج أن يقوموا بهذه المهمة.

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى