أسعدني أن يكون هنالك أمور مشتركة بيني وبين المبدع ياسر العظمة.
فقد عرفت من خلال حلقته بأننا تربينا في نفس المدرسة الثانوية العريقة “جودت الهاشمي”، التي تقع في منطقة “التجهيز”، والتي سميت على الاسم القديم للمدرسة “التجهيز الأولى”، وهي تطل على حديقة جميلة وسط دمشق تقابل التكية السليمانية والمتحف الوطني.
وقد كنت ألوذ بهذه الحديقة مع أصدقاء الطفولة، بعد عناء يوم طويل من الدراسة، لنطارد الفراشات البيضاء التي كانت تملأ المكان في محاولة لأسر لحظة من إبداع الطبيعة في كوب زجاجي.
أما المشترك الآخر فهو أن معلمه الأول-والده- كان قاضياً، وكذا كان والدي، وقد كان مولعاً بالعربية ويكتب الشعر وكذا كان والدي، والذي كان كثيراً ما يقرّعني لسوء حفظي للأبيات الطويلة من الشعر أو للحني في الكلام.
وأذكر هنا طرفة حكاها لي تصف هذا الحال تقول: أن زائراً أتى بيت أحد جهابذة اللغة العربية وطرق الباب فخرج عليه إبن هذا الجهبذ الصغير. وقد كان صاحبنا ضعيفاً في العربية، ولكي لا يقع في اللحن والحرج مع هذا الصغير بادره بالسؤال: أباك..أبوك..أبيك في البيت؟ فأجابه الصغير: لا.. لو.. لي! 😊
وبالعودة إلى العظمة فقد لفت انتباهي الكم الكبير من التعليقات التي تحمل في طياتها المديح والثناء لما اكتشفه المتابعون من سعة ثقافته وغزارة معرفته واتقانه للغة وفنونها.
وقد لاحظوا أيضاً أن مقطعه الذي استمر ما يقرب واحداً وعشرين دقيقة لم يتم تقطيعه أو منتجته أبداً، فقد كان أداؤه مستمراً سلسلاً، بينما تجد مشاهير اليوتويب الذين يتابعهم الملايين لا يقدرون على الكلام المتواصل أكثر من دقيقتين ثم يضطرون إلى إيقاف التسجيل أو إعادته.
ليس صحيحاً أن الناس لا تفرق بين الغث والسمين، ولكن كما تعلمنا في الجامعة فإن القاعدة الاقتصادية تقول: العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق.
وكذا فإن العرض المستمر للمحتوى الهابط يسبب استمراءه من قبل المتابعين فتختلط لديهم القيم حتى ينسوا ما فطروا أو تربوا عليه. لذلك لابد أن تكون رسالة كل من لديه القدرة: أن ينشر ثقافة الارتقاء بالقيم والذوق ولو لم يجد له أذاناً صاغية، وله في ياسر العظمة أسوة.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع