أخبار العالم العربيكلنا عباد الله

مهند عماد.. حكاية طفل استجاب الرئيس لطلبه بتدريس “احترام الآخر”

أجرى الحوار: مروة الحمدي

“مهند عماد” طفل مصري يبلغ من العمر 12 عامًا، يدرس في مدرسة “طه حسين للمكفوفين” في الصف الأول الإعدادي، يسعى وراء حلمه بأن يكون يومًا ما مثل عميد الأدب العربي.

عانى مهند منذ ولادته من ضمور في إحدى عينيه، ومشاكل في العصب البصري والقرنية بالعين الأخرى، لكن هذا لم يقف عائقًا أمام تحقيق أحلامه المتعددة.

ورغم سنه الصغير أظهر مهند تفوقًا في تعليمه، كما قرر أن يكون بطلًا رياضيًا في مجال السباحة، ونجح بالفعل في الحصول على 3 ميداليات ذهبية في بطولة الجمهورية الماضية.

واستهوته الموسيقى والغناء فسعى ورائها حتى أصبح صولو في فريق كوروال الأوبرا لذوي الاحتياجات الخاصة، ووسط هذا كله واصل حفظه للقرآن وشارك في العديد من المسابقات وفاز فيها.

ويتمتع مهند بلباقة وفصاحة لسان وعقل كبير ميزه الله به، وبسبب ذلك تم اختياره كسفير للطفولة وأحد سفراء الحلم، كما تم اختياره للمشاركة في فعاليات احتفالية “قادرون باختلاف” لأصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة، التي تمت بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شهر ديسمبر الماضي.

شهرة واسعة

لم تكن الاحتفالية حدثًا عاديًا بالنسبة للطفل مروان، فقد كانت سببًا في شهرته على مستوى مصر كلها وربما خارج حدودها أيضًا، حي ألقى كلمة طالب فيها الرئيس السيسي بتدريس مادة “احترام الآخر” على الطلاب في المدارس، حتى نقضي على ظاهرة التنمر التي يتعرض لها هو وزملاؤه من أصحاب الهمم.

وعلى الفور رد عليه الرئيس السيسي بقبول طلبه وتوجيه وزارة التعليم بالعمل على تطبيق المقترح وتدريس هذه المادة فورًا في المدارس المصرية.

ثقافة الاختلاف

وأخيرًا وجد مهند حلاً للمشكلة التي كانت تشغل باله منذ صغره، حيث واجه صعوبات كثيرة في طفولته نتيجة عدم تقبل البعض ثقافة الاختلاف.

وتقول والدته إنه كثير ما تعرض لبعض الجمل السخيفة والتعليقات الجارحة من أطفال آخرين على شكل عينيه، ولكن والديه حرصوا على توعيته ونصحه بعد الاهتمام بانتقاد البعض له، مؤكدين له أن اختلافه هو سر نجاحه وهو الميزة التي أكرمه الله بها.

وبالفعل تحقق حلم مهند، وأصبحت مادة “القيم واحترام الآخر” مادة دراسية مقررة على الطلاب في المدارس المصرية، وسيتم تدريسها خلال العام الدراسي الجديد  2020/2021، الذي سيبدأ في مصر منتصف شهر أكتوبر المقبل.

وحرص الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم المصري، على  استقبال مهند وتكريمه في مكتبه، حيث أهداه أول نسخة من كتاب المادة الدراسية الجديدة التي كان سببًا في تدريسها وخروجها للنور.

راديو صوت العرب من أمريكا التقى الطفل مهند، وكان لنا معه هذا اللقاء:

احترام الآخر

* نرحب بك مهند ونهنئك على تكريمك من قبل وزير التعليم المصري، وعلى هذا الإنجاز الذي حققته بتدريس هذه المادة المهمة في المدارس المصرية.

** أهلا بكم وأشكركم كثيرًا على هذه التهنئة

* بداية هل يمكن أن تشرح لنا من أين جاءتك فكرة تدريس مادة “احترام الآخر”؟ وهل تعرضت لمواقف شخصية جعلتك تفكر في ضرورة وجود الاحترام بين الناس؟

** في ديسمبر الماضي أثناء تحضيرنا لاحتفالية “قادرون باختلاف” وخلال البروفات تناقشنا جميعًا حول أن أطرح فكرة تدريس مادة احترام الآخر على الرئيس، وبالفعل قمت بذلك واستجاب الرئيس لطلبي.

وعلى المستوى الشخصي لم أتعرض للتنمر من قبل، ولكن سمعت من الكثير من الأصدقاء مواقف كانت قاسية وتخلو من الاحترام، حيث تعرضوا فيها للتنمر سواء في المدارس أو في الشوارع، وهو ما جعلني أشعر بالضيق، وأفكر في حل لمواجهة هذه الظاهرة.

وشعرت بضرورة أن تكون هناك مادة يتم تدريسها في المدارس لنشر الوعي وتعليم الأطفال كيفية احترام الآخرين والمختلفين عنهم، وأن الأطفال ذوي الهمم لديهم نفس حقوق الأطفال العاديين.

استجابة سريعة

* هل توقعت أن يكون رد الفعل الرئيس السيسي هو الاستجابة لك وبهذه السرعة؟

** كنت أشعر أن الرئيس سيستجيب لطلبي، لكني لم أتوقع أن يكون رد الفعل بهذه السرعة، وبالطبع كنت في قمة السعادة عندما وعدني فخامته بتنفيذ المقترح فورًا.

* ما هي ظروف دعوتك للقاء وزير التعليم وتكريمه لك؟

** اتصل مكتب الوزير بوالدي، وطلب منه حضوري للقاء الوزير، وبالفعل ذهبت الأسبوع الماضي للقائه، وفوجئت بأنه أهداني أول نسخة من كتاب “القيم واحترام الآخر”، وكتب لي الوزير إهداءً على غلافه قال فيه: “إلى الطالب الرائع مهند.. هدية من مصر إليك للتعبير عن الإعجاب بأفكارك”.

حقوق أصحاب الهمم

* بما أنك الآن تعتبر من أصحاب الهمم المشهورين في مصر، هل ترى أن أصحاب الهمم يحظون بالاهتمام الكافي من الدولة؟

** لاشك أن هناك جهود مبذولة من قبل الدولة، ونحن كأصحاب همم لدينا طاقات كبيرة ونتمنى أن يتم استغلالها لخدمة المجتمع، ونأمل أن نحقق كافة أهدافنا.

* قمت بعرض فيديو على صفحة الفيس بوك الخاصة بك تتناول فيه عرضًا لكتاب احترام الآخر.. حدثنا عن هذا الفيديو؟

** اعتزم خلال الفترة المقبلة أن أسرد الحكايات الموجودة في كتاب احترام الآخر بشكل سلس وبسيط، بحيث يستفيد منها الأطفال ويتعلمون من دروسها المستفادة، وسأعرض تلك القصص في شكل حلقات مسلسلة على صفحة الفيس بوك الخاصة بي.

ودورنا أن نسعى جميعًا لزرع قيم وأخلاقيات إيجابية داخل الأطفال، وتعليمهم احترام كافة الفئات والأشخاص مهما اختلفت أشكالهم، فالجميع إنسان، ومن حق كل منا أن يرى احترام الآخرين لاختلافه الذي يمكن أن يميزه عن غيره، وأتمنى أن يكون لكل طفل معاق نفس الحقوق المتواجدة للأطفال العاديين.

مواهب متعددة

* نعلم أنك متعدد المواهب، فأنت بطل في السباحة وأيضًا صولو في دار الأوبرا المصرية.. فما هي  أحلامك  في مجال الرياضة والفن؟

** حصدت العديد من الميداليات المتنوعة في السباحة على مستوى الجمهورية، وآخرها “بطولة كأس مصر 2019، حيث حصدت ثلاث ميداليات ذهبية، وأوجه الشكر للمدربين في نادي الشمس، وعلى الأخص كابتن “مختار”.

ولأني أعشق الفن والغناء فقد اشتركت منذ 4 سنوات في فريق كورال الأوبرا لذوي الاحتياجات الخاصة، تحت إشراف الدكتورة ميرفت فريد.

كما تم تكريمي من قبل وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم في المسابقة التي أقيمت على المسرح الكبير لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث فزت بالمركز الثاني، وأوجه الشكر في هذه المناسبة  للدكتورة “ميرفت فريد” فأنا أعتبرها بمثابة أمي في مجال الموسيقى والفن.

* وما هي أحلامك للمستقبل؟

** بالنسبة لأحلامي الشخصية أتمنى أن أصبح سباحًا عالميًا، وعلى المستوى العلمي فإن مثلي الأعلى هو الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، وأنا أذاكر وأجتهد لكي أصل إلى أعلى المراتب العلمية مثله.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين