أخبارأخبار العالم العربي

هل اقترب التدخل العسكري المصري في ليبيا؟

تصاعدت لهجة التصريحات والمواقف المصرية تجاه النزاع الليبي، وذلك في إطار سعي مصر لوقف تقدم حكومة الوفاق المدعومة من تركيا نحو الشرق الليبي المتاخم لحدودها، وإعلانها أن أي تجاوز لذلك ستعتبره تجاوزًا للخطوط الحمراء يستدعي تدخلها عسكريًا.

في هذا الإطار جاء لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم الخميس، بعدد من مشايخ وأعيان القبائل الليبية، وهو اللقاء الذي أذاعه التلفزيون المصري ونقلت تفاصيله وكالة الأنباء المصرية الرسمية.

تفويض جديد

وأعرب مشايخ وأعيان القبائل الليبية الذين حضروا اللقاء عن كامل تفويضهم للرئيس والجيش المصري للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ كل الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة.

وقال رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ وقبائل ليبيا، محمد المصباحي، إن القبائل طالبت الرئيس السيسي بتدخل الجيش المصري حال شن الهجوم على سرت. وأضاف “إذا تمادت تركيا والميليشيات في التدخل في الشأن الليبي فسيتدخل الجانب المصري”.

ويأتي هذا التفويض بعد تفويض سابق أصدره برلمان شرق ليبيا، يوم الاثنين الماضي، دعا فيه مصر للتدخل لحماية الشعب الليبي والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، ومواجهة الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، ومقرها العاصمة طرابلس.

وجاء في البيان: ”للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطرًا داهمًا وشيكًا يطاول أمن بلدينا“.

تلميحات التدخل

جدير بالذكر أن الرئيس المصري كان قد صرح سابقًا أن سرت والجفرة والشرق الليبي خط أحمر، مؤكدًا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تم تجاوزه، في إشارة إلى إمكانية التدخل العسكري المصري المباشر في النزاع.

وعززت مصر رسالتها التحذيرية بإرسال قوات لحدودها المجاورة لليبيا، وأجرت مناورات عسكرية في المنطقة الغربية.

وخلال لقائه مع شيوخ القبائل الليبية أعاد السيسي التأكيد على أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي حال تجاوز خط “سرت – الجفرة”.

وشدد على أن مصر إذا قررت التدخل في ليبيا، ستغير المشهد العسكري بشكل سريع وحاسم، مشيرًا إلى أن مصر ستتدخل بشكل مباشر في ليبيا لمنع تحولها لبؤرة للإرهاب.

تدخل مشروط

وبدا واضحًا أن التدخل العسكري المصري المحتمل في ليبيا اصبح مشروطًا بتجاوز الخط الأحمر الذي حددته، وأضاف السيسي شرطًا آخر للتدخل بقوله إن مصر لن تدخل ليبيا إلا بطلب من أبناء القبائل الليبية والشعب الليبي.

وأضاف: “مش هندخل إلا بطلب منكم ومش هنخرج إلا بأمر منكم، ومش عايزين غير الاستقرار والسلام للشعب الليبي”.

وتابع: “عندما تدخل القوات المصرية ليبيا سيكون شيوخ القبائل الليبية في مقدمتها رافعين العلم الليبي”، موجهًا حديثه لمشايخ ليبيا: “أنتم من يحدد مصير ليبيا.. محدش يقدر يقرر مصيركم ومصير ليبيا غيركم”.

وتابع: “أوكد لكم أننا مستعدون لاستقبال أبنائكم لتدريبهم ليكونوا نواة لجيش وطني ليبي، واللي هتبعتوهم هندربهم يحبوا ليبيا ويخافوا عليها”.

وأكد السيسي على وحدة الأراضي الليبية قائلا “لن نقسم ليبيا، نريد ليبيا موحدة”، مضيفا “يجب وقف الاقتتال أولا، ثم تهيئة الأجواء لانتخابات برلمانية ورئاسية”.

وأكد السيسي أن الجيش المصري من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكنه جيش رشيد، لافتاً إلى أن عدم التدخل سابقًا احترامًا لمشاعر الليبيين، إلا أن الأوضاع الراهنة قد تستلزم تدخلا مصريا “في حال ما اقتربت الميليشيات من مصر”.

توجه لمجلس الأمن

وتسعى حكومة الوفاق الليبية للسيطرة على مدينتي سرت والجفرة -اللتان تعدان مفتاح الثروة النفطية شرق البلاد- من أيدي قوات برلمان طبرق بقيادة المشير خليفة حفتر.

ومن شأن أي تصعيد كبير في ليبيا أن يشعل صراعًا مباشرًا بين القوى الأجنبية المتداخلة في المشهد الليبي، والمتمثلة في روسيا ومصر والإمارات الداعمين لقوات حفتر في الشرق، وتركيا وقطر الداعمتين لقوات حكومة الوفاق في الغرب.

وكشف الناطق باسم وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الليبية، محمد القبلاوي، أن بلاده طلبت عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي هذا الشهر، لبحث التدخلات الخارجية في شؤون البلاد.

وقال إن الوزارة قدمت من خلال البعثة الدائمة لليبيا في نيويورك طلبًا رسميًا إلى رئاسة مجلس الأمن، لعقد جلسة استماع هذا الشهر للجنة العقوبات وفريق الخبراء الخاص بليبيا.

وأوضح أن هذا الطلب يأتي في إطار مساعي الوزارة “لكشف الدول التي أسهمت وما تزال تسهم في دعم محاولات عسكرة الدولة والسيطرة على مقدرات البلاد”.

استنفار تركي

وكان وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، قد قال، في حديثه إلى قناة “TRT” التركية، يوم الاثنين الماضي، إن هناك تحضيرات لعملية عسكرية تستهدف سرت، لكن بلاده تجرب المفاوضات لانسحاب حفتر والقوات الداعمة له من المدينة.

وهو ما اعتبره نظيره المصري سامح شكري “أمرًا خطيرًا وخرقًا لقرار مجلس الأمن وقواعد الشرعية والدولية، وتطور بالغ الخطورة على الأوضاع في ليبيا”.

وسبق أن رفضت تركيا أي احتمال لوقف وشيك لإطلاق النار في ليبيا. وقالت إن أي اتفاق يشمل خطوط القتال القائمة حاليا “لن يفيد” حكومة الوفاق.

وقال وزير الخارجية التركي إنه “لا بد لحكومة الوفاق الوطني من السيطرة على مدينة سرت الساحلية والقاعدة الجوية في الجفرة قبل أن توافق على وقف لإطلاق النار”.

وتعتبر تركيا وجودها العسكري في ليبيا شرعيًا، مستندة إلى اتفاق رسمي بينها بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دوليا.

ويقول المسؤولون الأتراك أنهم يتفهمون دواعي الأمن القومي المصري ولا يسعون إلى تهديده، غير أن مصر ترفض بشدة الدور التركي في ليبيا وتعتبره غير شرعي.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين