الراديو

إعلامية سعودية: قيادة السيارة يزيد فرص توظيف المرأة ويدعم دورها الاقتصادي

حصري- راديو صوت العرب من أمريكا

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني – تحرير: علي البلهاسي

“ليلة لا تُنسى، سيخلدها التاريخ، وستبقى محفورة بذاكرة كل من عايشها. عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة.. دقائق ويبدأ الموعد المنتظر لتفعيل القرار التاريخي للعاهل السعودي الملك سلمان بالسماح للمرأة بقيادة السيارة للمرة الأولى في تاريخ المملكة”.

هكذا بدأت الإعلامية والباحثة الاقتصادية السعودية “نهى الجديبي” حديثها حول لحظة تفاعلها مع تنفيذ قرار قيادة المرأة السعودية للسيارة في الرابع والعشرين من يونيو الماضي.

ويُنهي القرار حظرًا جعل من الصعب على الكثير من النساء في المملكة العمل ، وأجبر الكثير من الأسر السعودية على توظيف سائق واحد على الأقل لنقل الإناث من أفراد الأسرة.

تقول نهى في مقابلة أجرتها معها الإعلامية ليلى الحسيني عير أثير “راديو صوت العرب من أمريكا”: “كانت لحظات هامة لبدء حدث تاريخي، لدرجة أن السعوديات شاركن فيه منذ الثواني الأولى، وحرصن على تسجيله على صفحات التواصل الاجتماعي منذ أول دقيقة، فلم ينتظرن طلوع النهار لبدء القيادة، بل احتفلن بهذه المناسبة مبكرًا من خلال قيادة السيارات ليلًا، وخوض هذه التجربة المثيرة بصحبة الزوج أو الأخ أو الابن، كما احتفل البعض الآخر مع الصديقات”.

ويوجد في المملكة حوالي 10 ملايين امرأة، بما في ذلك من الأجانب، تزيد أعمارهن عن 20 عاما. ويعمل 1.4 مليون أجنبي تقريبًا كسائقين للأسر، ويحصلون على رواتب تبلغ نحو 500 دولار شهريا بالإضافة إلى السكن والغذاء.

وبحسب تقديرات صحيفة (مال) السعودية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية فإن إجمالي دخل السائقين بلغ العام الماضي نحو 8.8 مليار دولار سنويا.

آثار اجتماعية

ترى “الجديبي” أن السماح بقيادة المرأة للسيارة سيكون له آثار إيجابية كبيرة على الأسرة والمجتمع السعودي من الناحتين الاقتصادية والاجتماعية.

وبالنسبة لها ولغيرها من النساء السعوديات فإن هذا الحدث هو الأبرز في حياتهن. تقول: “أذكر أن الاحتفالات وقتها لم تنقطع، كما تصدر ترند “أنا أقود” صفحات التواصل الاجتماعي عربيًا، وحقق أكثر من 800 ألف تغريدة باللغتين العربية والانجليزية”.

وتضيف: “أثار الحدث الكثير من الفرح والسرور لدى النساء والرجال على حد سواء، واحتفل به الرجل جنبًا إلى جنب مع المرأة، سواء كانت الأم أو الزوجة أو الأخت أو الابنة، في مشهد رائع تجلى في تلك الليلة”.

وتتابع: “كانت أجهزة الدولة على أتم استعداداتها لهذا الحدث. واستقبل رجال المرور النساء بباقات الورود، وشارك كل رجال الأمن المرأة السعودية سعادتها بهذه اللحظة التاريخية، حيث لم يكن هناك رجل أمن واحد بمنزله”.

نمط تفكير جديد

تؤكد نهى أن هذه اللحظة التاريخية أبرزت نمطًا جديدًا في التفكير بشأن موضوع حقوق المرأة في السعودية، وتقول: “في الحقيقة نحن كسعوديات نتمتع بالكثير من الحقوق، لكن موضوع قيادة السيارات استمر على طاولة الحوار لفترة طويلة، لكنه دخل حيز التنفيذ مع القيادة الحازمة، والتي تؤمن بسياسة التغيير للأفضل، ومصلحة المواطن، فكان هذا هو الوقت المناسب لتنفيذ قرار قيادة المرأة للسيارة”.

وتضيف: “أريد أن ألفت الانتباه إلى أنه في المملكة العربية السعودية كان هناك نساء يقدن السيارات منذ وقت بعيد، وذلك في القرى والمحافظات الصغيرة التي يكون فيها الاهتمام بالزراعة وتربية المواشي، لذلك سنجد أن هناك بعض الأسر التي تعتمد على النساء بشكل كبير جدًا، ويفتخر الآباء أن لديهم عدة بنات”.

تأثير اقتصادي

يتوقع الخبراء أن يؤدي قرار منح حق القيادة للمرأة إلى انتعاش اقتصادي في المملكة. وقد ارتفع مؤشر سوق الأسهم السعودية بعد تطبيق القرار، فيما حققت شركات التأمين مكاسب قوية، مع توقعات بأن الطلب من النساء سيعزز سوق السيارات.

وتتوقع “الجديبي” أن يكون هناك ارتفاع في مكاسب شركات التأمين بشكل ملحوظ، ونمو في مبيعات شركات السيارات، بالإضافة إلى انتعاش أي قطاع آخر له علاقة بالسيارات مثل قطاع الطاقة على سبيل المثال.

وترى أنه من خلال تنفيذ هذا القرار، ستتمكن المرأة من اتخاذ قرارات اقتصادية هامة، وتوضح ذلك قائلة: “في السابق كان علي المرأة أن تدفع أقساط سيارة وأجر سائق أيضًا. ومن كانت تتقاضى راتبًا يتراوح بين 5 إلى 6 آلاف ريال تدفع منه راتب السائق، كان من الممكن أن تتنازل عن حلمها في إيجاد السيارة المناسبة بسبب استهلاك الدخل، أما الآن فقد تغير الحال، حيث أصبحت المرأة تملك قرار اختيار سيارتها المناسبة دون أي ضغوط”.

فرص التوظيف

تهدف المملكة ضمن خطتها الإصلاحية إلى زيادة مشاركة المرأة في قوة العمل لتصل إلى 30 بالمائة بحلول 2030 من 22 بالمائة حاليا. وسيسهم القرار في إزالة عقبات كانت تحول دون توظيفها.

‏ومن المتوقع وجود السعوديات في العديد من المهن المستحدثة، مثل (صيانة السيارات في ورش نسائية – خدمة النساء في معارض السيارات-  العمل في الشرطة النسائية وتسجيل المخالفات المرورية للنساء – العمل في قطاع تأجير السيارات، العمل كسائقات في شركات مثل أوبر وكريم)‏

تقول نهى: “الآن أنا كسيدة زادت فرصي في الحصول على وظيفة، حيث كانت وسائل نقل المرأة تمثل عائقًا كبيرًا بسبب تكلفتها العالية، والتي يمكن أن تصل إلى نصف الراتب، حيث يصل راتبها في بداية الوظيفة إلى 3 أو 4 آلاف ريال يضيع منها 2000 ريال في المواصلات، وهو مبلغ كان من الممكن أن يساعدها في شراء سيارة ودفع أقساطها، وبالتالي ستكون خياراتها أفضل في اتخاذ القرار بشأن اختيار أي وظيفة بغض لنظر عن قربها أو بُعدها”.

وتضيف: “المدينة الواحدة في السعودية مترامية الأطراف، وهذا كان يجعل من انتقال المرأة أمرًا صعبًا وبالتالي فرصتها في العمل، لكن الآن تستطيع المرأة أن تلتحق بأي وظيفة سواء في شمال جدة أو في جنوبها أو أي مكان آخ . فقبل تنفيذ قرار السماح لها بالقيادة كانت المسافات تتحكم في اختيار الفتاة للوظيفة، أما الآن فالوضع اختلف كثيرًا.

سهولة التنقل

من ايجابيات القرار أيضًا بالنسبة لـ”نهى” أن سيارات النقل العام والتوصيل الخاص مثل “أوبر” ستتنافس لتقديم خدمة أكثر جودة وأقل سعرًا، حيث تقول: “كانت القيادة حكرًا على الرجال، لذا نحن كنساء كنا نحتاج بشدة إلى “أوبر” وخدمات التوصيل الخاص، ولذلك كانت الأسعار مرتفعة وغير تنافسية بالنسبة لنا، ولكن الآن بالفعل بدأت المنافسة والعروض، كما أن شركات بيع السيارات بدأت في تقديم عروض كثيرة أيضًا”.

وتضيف “هناك 120 ألف امرأة سعودية فقط تقدمن للحصول على رخصة قيادة .. وهذا أمر قد يكون مفهومًا بالنظر إلى أن المملكة مجتمع محافظ، وأن بعض النساء لا زلن يواجهن ممانعة من أقاربهن. وكما أن الكثير من النساء اتخذن قرارًا باستخراج رخصة قيادة، وتقود سيارتها بنفسها. فإن هناك أيضا أسرًا لا زال لديها تحفظات أو تخوفات من هذه مسألة قيادة المرأة. ولازال هناك من يفضل الحصول على سائق سواء المرأة أو الرجل”.

تحفظات قائمة

تتفق “الجديبي” مع وجهات النظر التي تؤكد أن هذا القرار سيقلص عدد السائقين الأجانب الذي وصل إلى مليون سائق تقريبًا، وترى أن هذا العدد غير طبيعي مقارنة بعدد السكان في المجتمع. فهذا يعني أن هناك تكتل في فئة وظيفية معينة في بلد عدد سكانها 30 مليون من السعوديين والوافدين. وهو ما يسمى في العلوم الإنسانية بـ”الاضطراب في قولبة المجتمع”.

تقول: “نحن في مجتمع محافظ، الرجل فيه له احترامه وتقديره، وكذلك المرأة، وقد صدرت عدة قرارات بالتزامن مع قرار منح حق القيادة للمرأة السعودية، مثل قوانين الأمن العام والتحرش، بالإضافة للقوانين الأخرى التي تعمل على حماية المجتمع عمومًا والمرأة بشكل خاص. وبالنسبة لولي الأمر أو الزوج، فقد أصبحت بإمكان المرأة أن تلتحق بوظيفة دون موافقته، وفي بعض الأحيان يكون هناك بعض الأمور الصورية، لكن ليس من حق أي ولي أمر أن يمنع أي سيدة من ممارسة حقوقها.

جدير بالذكر أن قرار السماح بقيادة السيارة رفع سقف طموحات المرأة السعودية، حيث تقدمت مئات السعوديات للالتحاق بأكاديمية “اكسفورد” للطيران بالدمام، للحصول على رخصة قيادة طائرات مدنية.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لمتابعة اللقاء عبر Soundcloud :

ولمتابعة اللقاء عبر اليوتيوب :

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى