
أجرى الحوار: سامح الهادي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
استطاع مسلسل “بت القبايل” أن يعيد الروح للمسلسلات الصعيدية التي يعشقها الجمهور المصري والعربي، كما نجح المسلسل في عرض العلاقات الإنسانية والأخلاقية للأسرة الصعيدية وترابطها، من خلال دراما ترتكز على العادات والتقاليد التي يتمسك بها أهل الصعيد في مصر حتى الآن.
كما أعاد المسلسل طرح قضية الثأر من منظور جديد، وهو منظور شامل تتداخل فيه عوامل السلطة والحب والمجتمع.
“العادات والتقاليد في الدراما بين الماضي والحاضر” كان محور حلقة خاصة من تقديم الإعلامي “سامح الهادي” عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، حاور فيها نجوم المسلسل لتسليط المزيد من الضوء على هذا الموضوع.
دراما صعيدية
في بداية الحلقة؛ استضفنا المخرج الكبير “حسني صالح”، مخرج العمل، حيث بدأ الإعلامي “سامح الهادي” في تقديم نبذة تعريفية بالمخرج، قبل أن يتوجه له بالسؤال: ألا تخشى من أن توسم بأنك فقط مخرج الأعمال الدرامية الكلاسيكية الصعيدية، وأنك لا تقدم إلا دراما الصعيد؟
أجاب “صالح” أن هذا يعدّ شرفًا له، ويزيده فخرًا أن يقدم جزءً أصيلًا من حياة أهل جنوب مصر، بما فيه من جذور العادات والتقاليد، وأن هذا يسعده جدًا أن يقدم هذه النوعية من الأعمال.
وحول إذا ما كان يرغب في الوصول إلى العالمية عبر بوابة دراما العمق الاجتماعي المصري؛ قال: “بلا شك أن حلم كل فنان هو أن يصل الفن الذي يقدمه إلى مستوى يراه العالم، وأنا أعتقد أنه مع وجود المنصات الرقمية حاليًا فإن الأمور صارت أسهل، وأيضا في ظل الدوبلاج والترجمة للغات أخرى فإن الوصول إلى العالمية أصبح سهل جدًا”.
لهجة غير شائعة
مما يميز نص المسلسل أنه مكتوب باللهجة الصعيدية غير الشائعة الاستخدام، فكيف تمكن المخرج من شرح الكلمات وإيصالها للمتلقي، حتى لا تحدث عائقًا في الفهم أو متابعة المسلسل؟
قال “صالح”: “هذا حقيقي، ولكن كان لابد أن نرصد جزءًا من الصعيد المهمش، فهناك في الصعيد.. في كل نجع لهجة مختلفة، وعادات وتقاليد مختلفة”.
وأضاف: “ولكن الجميع هناك متفقون في الجذور والعرف والحفاظ على الشكل القديم، حتى في ظل العصر الحالي وما تصحبه من تكنولوجيا حديثة، لذا كان لابد من استخدام هذه اللهجة، حتى يتعرف المشاهدون على هذا الجزء المهمّش”.
صلة وثيقة بالفراعنة
تميزت مواقع تصوير المسلسل بأنها تنوعت وسط مناطق التاريخ الفرعوني القديم، وعن سر اختيار مواقع التصوير؛ قال “صالح”: “هناك صلة وثيقة بين أهل القرى والفراعنة، وذلك من خلال احتكاكهم المباشر بالمعابد، وكل ما يتعلق بالنشاط السياحي والآثار، وهم دارسين للتاريخ الفرعوني والمصريين القدماء بشكل غير عادي”.
وأشار إلى أنه عندما يطرح أيّ موضوع يخص أهل الصعيد، يجب ألا يتم تناوله من زاوية أهل المدينة، وإنما من خلال القرى، بعيدًا عن المراكز الحضرية.
وكشف “صالح” عن عمل فني جديد يجهز له الآن، سيربط بين التاريخ الفرعوني والحياة الصعيدية المعاصرة الآن.
تفاصيل دقيقة
منذ إطلالته الأولى قبل 10 سنوات، ومن خلال مسلسل “شيخ العرب همام”، يهتم”صالح” بالتفاصيل الدقيقة، سواء الزيّ أو عِمّة الرأس، أو الإضاءة وحركة الكاميرا، وحتى الوجبات والمشروبات نفسها؛ وأخبرنا في هذا الصدد أنه “إذا أردت أن تنقل حقيقة فعليك أن تنقلها بكل تفاصيلها”.
مضيفًا: “أنه بعد عرض مسلسل شيخ العرب همام.. عاد بعض الناس إلى شكل العِمّة تلك، بالرغم من أنها تعود إلى زمن قديم جدًا، وأنا تعمدت أن أحافظ على جذور وأعراف الشخصيات في المسلسل، وهذا ظهر أيضًا في مسلسل بت القبايل”.
وأضاف: “في صعيد مصر، وبالرغم من امتلاكهم أحدث طرز السيارات، إلا أنهم لا يزالون يركبون الخيل للترفيه وللشياكة والهيبة العربية، ويقيمون مسابقات بها، وبالرغم من خروج الشباب من الصعيد للعمل والتعليم وبالرغم من وصولهم لأعلى المناصب، إلا أنهم عند عودتهم للصعيد، يعودون مرة أخرى إلى الجلباب والأعراف الصعيدية المتعارف عليها”.
وأشار “صالح” إلى أحد المشاهد بالمسلسل حول مشكلة الثأر، والذي جمع بين الفنان محمد رياض (الذي يجسد شخصية حمدان) وابنه، وكيف يظهر تغير منطق التفكير لدى أهل الجنوب حول هذه القضية الشائكة.
ردود الفعل
وعن ردة فعل المجتمع المحلي في الصعيد حول هذا المسلسل، ومدى تقبلهم له وكيفية تأثيره عليهم؛ قال “صالح”: “يوميًا كانت تأتيني اتصالات من الصغار والكبار، وأغلبهم من كبار الأعيان، يقولون جميعهم أنني نقلت حقيقة لتصحيح الفكر المغلوط عن عوائل ونساء الصعيد، وتصحيح وضع المرأة في الصعيد، فكانوا سعداء جدًا أنهم يشاهدون صور مشابهة لأنفسهم في المسلسل”.
مضيفًا: “كان بعضهم يقومون بتصوير أنفسهم ويرسلون لي الصور، وهم أمام التلفزيونات في المقاهي وفي الساحات خارج البيوت، لمشاهدة المسلسل”.
وتحدث “صالح” أيضًا عن طبيعة الأدوار التمثيلية لأبطال العمل، وفي مقدمتهم الفنانة “حنان مطاوع”، وأسباب اختيارها لتجسيد شخصية “رحيل”، وكذلك الفنان “محمد رياض” وكواليس اختياره لشخصيته “حمدان” بالرغم من ملامحه الأوروبية بعض الشئ.
تجسيد شخصية “حمدان”
في الجزء الثاني من الحقلة؛ استضاف الإعلامي “سامح الهادي”، أحد أبطال العمل البارزين وهو الفنان “محمد رياض”، حيث قدّم نبذة تعريفية سريعة عنه، قبل أن ينتقل لسؤاله الأول له حول قبوله لتجسيد شخصية “حمدان” وعدم خشيته من أن تؤثر ملامحه الأوروبية سلبًا على إقناع المتلقي، حيث قال إنه لم يخش ذلك، موضحًا أن هذه ليست المرة الأولى لتجسيد شخصية صعيدية، وإنما هى الثالثة.
وأضاف: “تجسيد الأدوار الصعيدية من الأمور المحببة جدًا للجمهور العربي بشكل عام، والمصري بشكل خاص، ولذلك أنا أظن أن كل الممثلين، سواء جيلي أو الذي سبقني أو اللاحق لي، يريدون القيام بشخصية صعيدية”.
وتابع: “الأستاذ (شاذلي فرح)، مؤلف العمل، هو من نفس هذه البيئة الصعيدية، وكانت شخصية (حمدان) التي كتبها على الورق شديدة القرب مما تمّ تجسيده على الشاشة، لذلك لم أجد صعوبة في تجسيد الدور أو القيام بهذه الشخصية، لأن الكاتب استطاع أن يصوّر البيئة الصعيدية بكل تفاصيلها ببراعة”.
أدوار الشرّ
حول مدى خشيته من أن كمية الشر التي وُسِمَ بها طوال المسلسل قد تلازمه لفترة من الزمن مستقبلًا في أعماله القادمة؛ قال: “لا، على العكس، فأنا أكون سعيد عندما أقوم بتجسيد هذه الأدوار، لأن دور الشرير يكون له تحديات خاصة ووقع مميز، ويكون هو الدور المميز في العمل، خصوصًا إذا كان هذا الشرّ مصحوبًا بخفة دم أو لمحة كوميدية”.
وأضاف: “خلال الفترة الأخيرة، قمت بتقديم عدد من أدوار الشرّ، وكنت خائفًا من ذلك في البداية، ولكني وجدت ردة فعل جيدة من الناس حيال هذه الأدوار، لأنهم في السابق كانوا يحبون أدوار الشخص الطيب أو الرومانسي، أو الأدوار التاريخية، لكن أدوار الشرّ كانت جديدة على المشاهدين، والحمدلله أنني قد اجتزت هذه الأدوار بشكل جيد، وقد أحبني الناس فيها أيضا”.
وفي ختام مداخلته.. قدّم “رياض” كلمة مختصرة للمستمعين في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية.
في الجزء الثالث والأخير من الحلقة؛ أوضح الإعلامي سامح الهادي أنه تعذر التواصل مع الفنانة حنان مطاوع، والتي كان من المقرر أن تكون ضيفة الفقرة، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع إلى عطل فني.
قرأ “سامح الهادي” بعض تعليقات المستمعين على “تويتر” حول الحلقة ومداخلات الضيوف فيها، وردود أفعال المستمعين حول المسلسل.