ترامب وعنصرية كورونا.. مرضى يبصقون على أطباء من أصول آسيوية

غير مبالٍ بما قد يتسبب فيه من تزايد مشاعر الكراهية والتنمر والعنصرية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي، يتعمد الرئيس دونالد ترامب كل يوم تذكير الأمريكيين والعالم بمنشأ فيروس كورونا وتسبب الصين في نشره للعالم عبر مواطنيها.
بدأ هذا مع إطلاقه اسم “الفيروس الصيني” على فيروس كورونا، وتواصل مع مسلسل اتهاماته للصين بالتسبب في نشر الفيروس في العالم، إلى أن استخدم مؤخرًا مصطلح “كونج فلو” بدلًا من اسم “كوفيد-19 الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية كاسم للفيروس.
موقف الرئيس ورؤيته حول انتشار الفيروس، والتي يسعى لتوظيفها سياسيًا في حربه الإعلامية والتجارية مع الصين، تسببت في ضرر بالغ لمواطنيه من ذوي الأصول الآسيوية، في وقت انتفضت فيه البلاد ضد الممارسات العنصرية ضد الملونين وذوي البشرة السوداء بعد مقتل جورج فلويد.
تجربة مريرة للأطباء
الدكتورة لينا وين، هي إحدى الطبيبات الأمريكيات من أصول أسيوية، روت لقناة “سي أن أن” تجربتها المريرة مع العنصرية التي تتعرض لها بسبب مشاعر الكراهية التي يغذيها خطاب الرئيس ترامب حول كورونا والصين.
وقالت الطبيبة إنها تلقت رد فعل عنيف بسبب عرقها الآسيوي، بعد ظهورها على الهواء لمناقشة جائحة فيروس كورونا، وشاركت تجربتها التي تعرضت لها بعد التجمع الانتخابي للرئيس ترامب في تولسا، حيث استخدم مصطلحًا عنصريًا “كونج فلو” للإشارة إلى فيروس كورونا.
وقالت الطبيبة إنها في كل مرة تكتب فيها أو تحضر ندوات أو لقاءات إعلامية تتحدث فيها عن فيروس كورونا تتلقى تعليقات تصفها بـ”آكلة الخفافيش” وتطالبها بالعودة إلى بلادها.
وقالت إن لديها زملاء من الأمريكيين الأسيويين من الأطباء والممرضين يتعرضون للبصق عليهم من قِبل المرضى، ويرفضون تلقي العلاج منهم، لأنه يظنون أنهم يحملون الفيروس.
وقالت إننا جميعًا كمهنيين صحيين نقوم بوظيفتنا ونبذل قصارى جهدنا فيها، ونستوعب مثل هذه الأمور، ولا ندعها تزعجنا قدر الإمكان، ولكن يجب ألا يكون الأمر بهذه الطريقة.
وأضافت: “نحن نرى العديد من القادة في دول أخرى وقادة محليين، خرجوا وتحدثوا ضد العنصرية، ويجب على رئيس الولايات المتحدة أن يفعل نفس الشيء”.
وعندما سألها المذيع: هل تعتقدين أن كلماته مهمة وأنها لا تزال تهم الكثير من الناس، لأن كثير من الناس باتوا يفقدون الإحساس تجاه يقوله الرئيس، قالت إن هناك الملايين من الأمريكيين يعتبرون الرئيس الأكثر مصداقية بالنسبة لهم، وسوف يستخدمون كلماته، ولسوء الحظ فسوف يعيق جهودنا عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة.
وتابعت قائلة: “أنا قلقة بشأن هؤلاء المرضى الذين لا يتبعون نصيحة أطبائهم لأنهم أمريكيين آسيويين، وأنا قلقة بشأن استخدام هذه الكلمات التي تتعارض مع جميع معايير الصحة العامة لدينا، فمنظمة الصحة العالمية لديها لجنة كاملة متخصصة في تسمية الأمراض الجديدة لتجنب نشر هذا الخوف والوصم والعنصرية، وأتمنى أن يستخدم الرئيس اسم “كوفيد-19″ لهذا المرض كما تسميه منظمة الصحة العالمية وجميع خبراء الصحة”.
تنمر وعنصرية
جدير بالذكر أن فيروس كورونا تحوّل منذ بدايته من مرض إلى تنمر وحملة عنصرية ضد الأجانب في الولايات المتحدة.
فعلى سبيل المثال حذرت السلطات في لوس أنجلوس من أن “القلق والتضليل المرتبط بالفيروس أديا إلى التحيز ضد كل ما هو أسيوي”.
وشهدت مدينة لوس أنجلوس واقعة تنمر بحق طالب أسيوي، بعد أن اتهمه بعض الأشخاص بأنه يحمل المرض وضربوه بشدة.
كما شهدت المدينة توزيع منشورات تحمل أختاما مزيفة لمنظمة الصحة العالمية، وتتضمن تحذير للسكان بتجنب الشركات الآسيوية الأمريكية مثل باندا إكسبريس Panda Express بسبب فيروس كورونا.
وقال روبن توما، المدير التنفيذي للجنة العلاقات الإنسانية بمقاطعة لوس أنجلوس: “قد يتسرع الكثيرون في افتراض أن أي شخص أسيوي أو من الصين، قد يكون بدرجة ما حاملًا للفيروس”.
فما اعتبرت ولاية كاليفورنيا أن المنشورات المزيفة التي تحذر من تناول الطعام في المطاعم الآسيوية في الولايات المتحدة بسبب فيروس كورونا، هي جزء من سلسلة الحوادث العنصرية الأخيرة المرتبطة بتفشي المرض.
وفى منشور تم حذفه الآن على إنستجرام بعنوان “إدارة المخاوف والقلق”، اعتبرت دائرة الخدمات الصحية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، كراهية الأجانب (خاصة من الأسيويين) رد فعل “طبيعي” وسط تفشى الفيروس.
وقالت الدائرة وقتها إن الهجمات الضارة (على الأسيويين) قد تزداد سوءًا بالنظر إلى انتشار الفيروس في المجتمعات الأمريكية.
روح عنصرية
وتم بالفعل الإبلاغ عن حوادث مماثلة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك كندا وبريطانيا المتحدة ونيوزيلندا وفرنسا. وتداول مغردون تقارير تفيد بتعرض أطفال آسيويين للتنمر في المدارس، ما دفع العديد من البلدان إلى تحذير مواطنيها من العنصرية بسبب كورونا.
وكانت صحيفة لو كوريار بيكارد الفرنسية قد أثارت غضبًا عارمًا، حينما كتبت موضوعًا تحت عنوان «إنذار أصفر»، وأرفقت العنوان مع صورة لامرأة صينية ترتدي قناعًا واقيًا، وهو ما أعاد للأذهان العبارات العنصرية القديمة التي تنظر لعادات الآسيويين وطعامهم، بأنها غير آمنة، وهو ما دفع الصحيفة للاعتذار.
رئيسة جمعية الصينيين الفرنسية للشباب لاتينيا شيف، قالت: «لقد لاحظنا استيقاظا لعنصرية كامنة. كنا نعلم أنها موجودة، لكن يتم التعبير عنها اليوم من دون تحفظ عبر كلمات وسلوكيات غير محترمة ومهينة بل وعنصرية بشكل واضح».
وبسبب النكات والتعليقات والمضايقات التي تواجه الصينيين والآسيويين وتسخر وتتهكم منهم وتتحاشى الاحتكاك بهم، لجأت مجموعة من الشباب ذوى الأصول الآسيوية إلى إطلاق هاشتاج «أنا لست فيروسًا».
ويرى مراقبون أن جائحة كورونا أظهرت أن الروح العنصرية موجودة بصورة أو بأخرى لدى غالبية شعوب العالم، لا فارق في ذلك بين دولة متقدمة وأخرى متخلفة، إلا في الدرجة، بل إن هناك عنصرية مقترنة بجهل تجعل عددًا لا بأس به من الناس، لا تستطيع التفرقة بين الصيني أو الكوري أو الياباني، للدرجة مما دفع البعض للقول إنها «فوبيا أو إرهاب العرق الأصفر»!