طبيبك الخاص

ما هي فعالية الأدوية في علاج الاضطراب ثنائي القطب؟

 استشارات نفسية يقدمها الدكتور وجدي عطية

أعدها للنشر: محمد سليم

الاضطراب ثنائي القطب هو حالة يعاني فيها الشخص من تغيرات شديدة في المزاج، أو نوبات يكون فيها عالي المزاج بصورة غير اعتيادية، ونوبات يكون فيها منخفض المزاج بصورة غير طبيعية.

ويسمى ذلك أحيانًا باضطراب الهوس الاكتئابي، وفي بعض الأحيان يكون خليطًا من أعراض الهوس والاكتئاب في نفس الوقت .

وقد يتعارض الاضطراب ثنائي القطب مع استمرار المصاب في المدرسة أو العمل, لهذا من المهم البدء في التخطيط لكي يعود هذا الشخص إلى ممارسة حياته الطبيعية في حال تحسنه.

وتكون الخطوة الأولي في مساعدة المريض هي التعرف علي وجود المشكلة والبحث عن نصيحة طبية مبكرة تساعد في علاجه.

فإذا ما أمكن التعرف علي المرض ومعالجته بأسرع وقت ممكن، فسوف يقلل هذا من تأثيراته الضارة، لذلك فمن المهم تبدأ فورًا بالاتصال بطبيبك المعالج.

ويكون الهدف من العلاج هو تحسن الأعراض، ومنع المرض من الحدوث مرة ثانية، ومساعدة الشخص المصاب أن يعيش في حياة طبيعية.

ومن المهم جدًا أن تتم مساعدة الشخص المصاب بهذا المرض وعائلته لكي يفهموا طبيعة المرض وكيفية التعامل معه، وما الذي عليهم فعله لتجنب حدوث نوبات أخرى.

“برنامج العيادة النفسية”، الذي يذاع عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، استضاف الدكتور وجدى عطية، أستاذ الصحة النفسية والسلوك بجامعة جورج واشنطن سابقًا، لاستكمال الحديث حول أعراض هذا المرض، وأسبابه، وكيفية العلاج منه.

عودة المرض

* نرحب بك د. وجدي في هذا الحوار الهام حول مرض “الاضطراب النفسي ثنائي القطب” وكيفية التخلص منه.  ونريد أن نعرف منك هل الإصابة بهذا المرض مزمنة أم هناك بعض الحالات التي يمكنها الشفاء منه تمامًا؟

**جرى العرف أن المرض النفسي مزمن، لكن وجدنا أنه بالعلاج يمكن الخروج من هذه الحالة، لكن يجب أن نعرف أنه في حالة إصابة الإنسان به مرة فهو عرضة للإصابة به مرة أخرى، والسؤال هنا يجب أن يكون ما الذي يجعل المرض يعود مرة أخرى؟

وللإجابة على هذا السؤال يجب أن نوضح أن هناك عدة أسباب لعودة المرض مرة أخرى، ويمكن تلخيصها في الأسباب الثلاثة التالية:

أولا: سبب غير معلوم. وثانيا: التوتر، وذلك لأنه يلازمنا وقت النوم، لذلك فإن قلة النوم تجعل المرض يعود مرة أخرى.

وثالثًا: الهوس والخوف من عودة المرض تؤدى إلى عودته، فلا يجب على المريض الخوف من عودة المرض لأنه في المرة الأولى تم علاجه وتوصلنا إلى الشفاء، وقد تطول فترة العلاج، وقد تكون الأدوية غير فعالة لفترة، لكن مع متابعة الطبيب والاستمرار على العلاج يتم الشفاء، كما أنه هناك تطور في العلاجات الخاصة بهذا المرض .

طرق أخرى للعلاج

* هل هناك طرق أخرى غير الأدوية لعلاج الاضطراب النفسي ثنائي القطب أم هي الأدوية فقط؟

**هناك العلاج النفسي من خلال الحوار بين المتخصص النفسي والمريض، وخاصة في الحالات التي تكون أسبابها ظروف اجتماعية أو ظروف نفسية، فالحديث مع الأخصائي النفسي أو الأخصائي الاجتماعي يساعد المريض في السيطرة على الضغوط الخارجية، ففي كثير من الأوقات يسيطر المخ علينا، ولا نستطيع نحن السيطرة عليه.

وفى بعض الأوقات نقول للمريض تحكم أنت في مخك، لا تجعل الأصوات هي التي تسيطر عليك، فهذه الأصوات غير حقيقية، فيجب أن تخلص تفكيرك منها، وعندما يقول إن الأمر صعب أقول له أغمض عينيك و غني بصوت عالى لتسيطر على هذه الأصوات، وخذ علاجك إن كنت قد نسيته، بالإضافة إلى الاتصال بطبيبك المعالج، ومعنى ذلك أنه يجب على المريض أن يسيطر على نفسه ويأخذ علاجه ويتصل بالطبيب لمساعدته .

الدواء والأعراض الجانبية

* عند وصف دواء لمريض الاضطراب النفسي ثنائي القطب، هل تكون مثبتات للمزاج أم مضادات للقلق، أو مضادات للاكتئاب أم مجموعة منها؟

** كل ما ذكرته يمكنني أن أحصل عليه من خلال نوع واحد من العلاج، لكن يتوقف ذلك على نتيجة تحاليل المريض، فيجب أولاً قبل التشخيص عمل مجموعة من التحاليل، مثل تحليل الغدة الدرقية والهيموجلوبين، بالإضافة إلى عمل أشعة على المخ، وفى حالة التأكد من أن هذه الحالة ليست بسبب مرض عضوي نتجه إلى العلاج النفسي.

* البعض يخشى من الأعراض الجانبية لهذه الأدوية خاصة مضادات الاكتئاب.. فهل هناك أدوية جديدة تقل فيها هذه الأعراض؟

***  الحقيقة أنا أعترض على هذا الكلام، لأن المريض الذي يعانى من الأرق والخمول والكسل، وعدم المقدرة على أداء عمله، المفروض أن العلاج يساعده على الخروج من هذه الحالة، فالأعراض أساسًاً موجودة عنده، فكيف يرى أنها من الآثار الجانبية للعلاج.

فهذا العلاج يساعده على العودة للحياة مرة أخرى، لكن الآثار الجانبية للعلاج يجب مناقشتها مع الطبيب الخاص به كما أنه عند تحسن الحالة نبدأ في تقليل جرعة العلاج تدريجيًا، كما أن الأدوية في تطور مستمر وذلك لتقليل أي أثار جانبية.

علامات تحسن المريض

* ما هي مظاهر تحسن المريض؟ وهل يستطيع المريض إذا شعر بالتحسن أن يقلل من الأدوية أو يمتنع عن جلسات العلاج النفسي؟

** دعنا نقول أن المريض لا يتحسن بشكل جزئي، ولكن يتحسن بشكل كامل.. أما مظاهر التحسن فهي أولاً أن يصبح لديه وظيفة، وثانيًا أن يصبح قادرًا على أداء عمله، ولا يشترط أن تكون وظيفة خارجية، لكن يمكن أن يعمل من المنزل، وأيضًا أن يستطيع أداء عمله.

أنا شخصيًا أقوم بتقليل الجرعة للمريض تدريجيًا، مع قياس تأثير هذا التقليل عليه، كما يجب أن أوضح أن المرض إذا كان له تاريخ مرضى وأوقف العلاج، فمن الممكن أن يعود إليه المرض مرة أخرى، فمثلاً مرضى الضغط والسكر لا يستطيعون وقف العلاج، وإلا تسوء حالتهم، لأن هذا يعتبر من الأمراض المزمنة، إلا في حالة المرض الناتج عن صدمة أو ضغط عصبي مؤقت.

فهناك مواقف معينة تحدث ضغط نفسي، مثل أن تترك الزوجة زوجها، فيدخل الزوج في حالة اكتئاب، وفي هذه الحالة إذا تحسن بالعلاج واستعاد نشاطه، واستطاع العودة لعمله، وتقبل الوضع الحالي، ففي هذه الحالة يمكن  تقليل الجرعة تدريجيًا حتى يستطيع المريض أن يتخلص نهائيًا من العلاج، لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن هذا الشخص قد ينتكس مرة أخرى، فهو في الحالة الأولى فقد شخص فأدى إلى مرضه، إذًا عندما يتعرض لأي موقف آخر سيعود لنفس الحالة، إذًا لابد من قياس تأثير الضغط النفسي على البشر.

العلاج بالكهرباء

* متى يلجأ الطبيب النفسي لاستخدام العلاج الكهربائي، أو ما يعرف بـ ECT؟

** الصدمة الكهربائية كانت معروفة في الزمن القديم لعلاج الاكتئاب، ثم اكتشفنا أنها تساعد في القضاء على الهلوسة، بعد ذلك اكتشفنا نوع آخر شبيه بالصدمات الكهربائية لكن بدون بنج، وهى ذبذبات تُعطى للمخ.

وهناك أبحاث كثيرة تجرى على هذين النوعين، لأن لهما تأثيرات كثيرة في علاج الاكتئاب وغيره، وهناك أنواع أخرى لم يتم الموافقة عليها في أمريكا، فهناك مثلاً الاضطراب النفسي ثنائي القطب يتم علاجه بها بشكل جيد، وهناك العديد من الطرق العلاجية، لكن الميزة في التحفيز المغناطيسي أنه يتم بدون تخدير.

مشكلة التدخين

* هل مريض الاضطراب النفسي ثنائي القطب يحتاج للإقلاع عن التدخين إذا كان مدخناً؟

** قدى يرى المريض المدخن أن التدخين مهم في حياته، ويجعل مزاجه معتدلاً، ولا يستطيع الاستغناء عنه. لذا يمكننا إعطاؤه فرصة لأن يحاول أن يعيش بدون تدخين.

ولن أتحدث هنا عن أضرار التدخين، الذي يمكن أن يسبب أزمة أو ربو أو سرطان الرئة، فالرئة مثل ورقة البفرة الرقيقة، وهذا الدخان يحرقها، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال رؤية أشعة صدر لشخص مدخن، فكيف نسمح له أن يحرقها بهذا الدخان.

فالمريض عندنا نطلب منه ممارسة رياضة لتقوية الرئة، وهناك سؤال للمدخن: هل الخلايا يمكن أن تتحسن وتعود مرة أخرى، الإجابة نعم، فعند الإقلاع عن التدخين تتحسن الخلايا.

العلاج باليوجا والصلاة

* هل توجد طرقًا أخرى للاسترخاء، مثل اليوجا أو التأمل أو حتى العبادة والصلاة، تساعد مريض الاضطراب النفسي ثنائي القطب على تحسن حالته؟

** نعم مائة بالمائة، ويجب أن نؤكد على أنها تساعد على التحسن ولا تعالج، لأنه حتى بالعلاج يمكن أن يتعرض المريض لضغط نفسي، مما يؤدى إلى لخبطة الأمور، لكن إذا قمت ببعض اليوجا وأخذت نفسًا عميقًا، وغير ذلك من الأشياء التي تؤدى إلى الاسترخاء، سيساعدك ذلك على عدم زيادة جرعة الدواء، وإذا لم يؤثر ذلك فعلى المريض مراجعة طبيبه للاستشارة.

تغيير العلاج

هل يصف الطبيب علاجاً أخر للمريض إذا وجد أن العلاج الذي وصفه سابقًا لم يحقق النتيجة المرجوة؟

** يجب أن أتابع المريض بعد ثلاثة أيام من أول لقاء، وذلك لقياس مدى فاعلية الدواء، لأن الدواء يجب أن يظهر فاعلية كبيرة في أول استخدام له، فإذا كان المريض لم ينم حوالي أسبوعين فيجب أن ينام فورًا بعد بدء العلاج، كما يجب أن نقيس درجة الاكتئاب، لأن بعض المرضى يحتاجون لدخول المستشفى لو زادت درجة الاكتئاب لديهم، وذلك خوفًا على حياتهم.

وإذا كانت أسرة المريض متماسكة وتراعى المريض، فيجب على الطبيب إخبارهم بالعلامات التي يمكن أن تظهر على المريض وتتطلب دخوله المستشفى، فعندما يصف الطبيب العلاج لا يستطيع أن يعرف النتيجة، حيث أنها تختلف من شخص لأخر، فيمكن أن يأتي مريض لم ينم مدة أسبوعين، وأي كمية دواء ستجعله ينام لمدة يومين، فنحن لا نعالج النوم نحن نعالج  المرض، فعندما أشخص المرض على أنه اكتئاب فسوف أعطيه أدويته بناء على قياس درجة نشاطه، وحسب حالته، وحسب درجة الاكتئاب، وتصرفاته أثناء حالة الاكتئاب.

وبناءً على ذلك أحدد نوعية الأدوية والجرعة وموعد المتابعة، وفي بعض الحالات تكون المتابعة ثاني أو ثالث يوم من موعد الكشف، فيجب أن تكون هناك متابعة مستمرة، وفى بعض الحالات يمكن أن يدخل المستشفى إذا كان هناك رغبة في الانتحار SUICIDALTY.

وإذا لم توجد الرغبة في الانتحار نخبر المريض وعائلته كيفية التعامل مع المرض، ونعرفهم أن هذا المرض جيد، لأن هؤلاء المرضى أذكياء جدًا، والمخ يعمل بشكل جيد جدًا، فإذا كان المريض مرتاحًا وينام بشكل جيد، فسيكون من المنتجين في أي وظيفة، فهذا المريض إذا استمر في علاجه بطريقة سليمة سيكون أكثر من الطبيعي، ويصبح أكثر نشاطاً وأكثر حركة وأكثر إنتاجًا، فهؤلاء المرضى عندهم طاقة وتفكير .

انتهى اللقاء أعزائي مع الدكتور وجدي عطية .. ونحن إذ نختم لقاءنا معه موضوع الاضطراب النفسي ثنائي القطب، نتمنى لكل المرضى الشفاء العاجل بإذن الله .. ونهمس في أذن كل مريض: “ثق في الله .. ثق في نفسك وقدراتك وإمكانياتك.. تناول دواءك بانتظام .. تابع طبيبك المعالج بشكل مستمر”، وإن شاء الله ستنال الشفاء.

وحتى نلتقي معكم الأسبوع القادم في حلقة جديدة من برنامج العيادة النفسية مع الدكتور وجدي عطية.. لكم منا أطيب الأمنيات.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى