الراديو

هل يستفيد أبناء الجالية العربية في أمريكا من خدمات المنظمات الاجتماعية والثقافية؟

قدم الحلقة: رفعت عبيد- أعدها للنشر: مروة مقبول ومحمد سليم

هل يستفيد أبناء الجالية العربية في أمريكا من خدمات المنظمات الاجتماعية والثقافية؟.. هذا السؤال المهم كان محور حلقة برنامج “مساحة حرة” الذي يقدمه الإعلامي رفعت عبيد، عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، والذي طرحه مع ضيوفه في الحلقة، حيث تمت مناقشة الدور الذي تقوم به المنظمات الاجتماعية والثقافية في خدمة الجالية العربية وأبنائها.

تطرقت الحلقة إلى الإجابة على العديد من التساؤلات الهامة التي تهم أبناء الجالية العربية في الولايات المتحدة، ومنها: هل تقوم هذه المنظمات بالتعريف بقدراتها البشرية وأنشطتها بشكل يصل إلى أفراد وأبناء الجالية العربية؟.. وهل يستفيد المواطن من أصول عربية في أمريكا بما تقدمه هذه المنظمات من خدمات؟.. وبالنسبة لأبناء الجالية ممن ولدوا في أمريكا ويطمحون للتميز والنجاح في المجتمع الأمريكي هل يجدون في المنظمات الاجتماعية والثقافية من يدعمهم ويساعدهم على تحقيق ذلك؟.

هذه الأسئلة وغيرها ناقشتها الحلقة مع ضيوفها الكرام في الأستوديو وعبر الهاتف وهم: الأستاذ مهدي العفيفي، المحلل السياسي والناشط الفاعل في أوساط الجالية العربية في نيوجيرسي، والناشطة مُنِى، وهى مختصة في المجال التسويقي والإعلانات التوعوية، والناشطة تايتي عساف، وهي شابة قيادية ومساهمة فاعلة في المنظمات الاجتماعية والثقافية، والسيد جاسر باعا، وهو ناشط اجتماعي في مجال العمل التطوعي، والأستاذ عز الدين حمران، رجل أعمال ورئيس منظمة “أيادي الكرم”.

 

* نبدأ لقاءنا مع ضيوفنا في الأستوديو الأستاذ مهدي العفيفي والناشطة مُنى، مرحبا بكم في بثنا الإذاعي عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، ويسعدني أن أبدأ اللقاء معكم مباشرة بعرض هذا التحقيق حول نشاط المركز الاجتماعي الإسلامي في بروكلين بنيويورك، والذي يتضمن آراء لمجموعة من الفتيات الأمريكيات من أصل عربي ممن قاموا بأنشطة ومشاركات متميزة مع المركز الطبي الخاص بمرضى السرطان، دعونا نستمع إلى هذا التحقيق ثم نبدأ النقاش والحديث معكم مباشرة.

 

مشاركة مجتمعية

## اسمي مسجد مصعب، ونحن كفتيات نتعاون مع بعضنا البعض حتى نقوم بأشياء كبيرة يعتقد الناس أننا لا نقوم بها بدعوى أننا شباب غير مهتم بمن حوله، ولكن في هذا المجتمع نحن نحاول أن نقوم بأفضل ما بوسعنا، لنُرى الناس أننا نستطيع أن نقوم بأشياء يعتقد الناس أننا لا نستطيع القيام بها، لذلك سنذهب اليوم لنقابل أطفال مصابين بمرض السرطان، وسنساعدهم اليوم ونجعلهم ينسجمون في مجتمعنا.

## اسمي مارين زيدان، والفكرة اليوم أن الأستاذة لمياء ستكون معنا في زيارة نقوم بها إلى المستشفي، حتى نجعل المرضي يشعرون براحة، ونجعلهم سعداء ومتحمسين، وأنا سعيدة ومتحمسة جدًا أننا سنذهب لرؤيتهم.

## اسمي لمياء من المركز الاجتماعي الإسلامي، وأنا إحدى المسئولات عن حلقة البنات، وهذا نشاط جديد بفضل الله، ووضعنا ترتيبات للحلقة، ووضعنا لها أهداف سنستطيع إن شاء الله أن نحققها مع بناتنا، ومن ضمن أهداف الحلقة كيف نعلم البنات أن يكن جزءًا من المجتمع الموجود حولهن، سواء كان المجتمع المسلم أو غير المسلم، وهذا الهدف سيكون تحقيقه دائمًا خارج المسجد، ليتعلمن كيف يندمجن في المجتمع من خلال زيارات خارجية لجهات مختلفة.

وأول فكرة كانت هي زيارة الفتيات للمستشفي بقسم مرضى السرطان في مستشفي بروكلين، وبدأنا ترتيباتنا مع المستشفي، وأخذنا الإذن بالزيارة، وجهزنا هدايا للبنات والأولاد على حسب السن، وهدفنا من الزيارة هي كيفية تعليم البنات العطاء، وكيف مشاركة المشاعر مع الناس من حولهن، وإحياء سنة زيارة المريض التي علمها لنا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وكيف نوضح للمجتمع من حولنا أن المسلمين لطفاء، ويتعاملون في المجتمع بشكل جيد، وإن شاء الله سنتحرك الآن، ونتمنى من الله التوفيق، وأن تكون رحلة جيدة، وتستفيد منها الفتيات ويستمتعن بوقتهن فيها.

 

أنواع المنظمات

* أستاذ مهدي العفيفي بعد أن استمعنا إلى هذا التحقيق الإذاعي دعنا نتعرف معك على المنظمات الاجتماعية والثقافية الموجودة في أمريكا وما هي أنواعها؟

**تنقسم المؤسسات الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية لثلاثة أقسام، القسم الذي يعمل على مستوى الدولة كلها أو على مستوى الحكومة الفيدرالية في ولايات مختلفة، والقسم الثاني متمركز في مدن وفي ولايات معينة والقسم الثالث المؤسسات الشخصية التي تدار من خلال فرد أو عائلة.

فالمؤسسات الكبرى، مثل مؤسسة “أكسيس” والتي مركزها في ميشيجان ولها فروع في أكثر من ولاية، تعتبر مؤسسة على المستوى الفيدرالي، ولها تمويل كبير، وبها متخصصون يعملون فيها، وتعمل في المجالات الخيرية، مثل مساعدة الأسر وتعليم اللغة العربية أو الإنجليزية للأطفال، والمساعدة في مسائل الهجرة والمشاكل الأسرية، والتي  أعتقد أنها من أهم النقاط التي يفتقد إليها المجتمع لدينا.

أما المجموعة الثانية فهي المجموعة التي تتمركز عادة حول المؤسسات الدينية، مثل الكنائس والمساجد، وهذه المؤسسات عادة ما تكون محدودة بالمنطقة التي تعمل بها كما ذكرت، فلنقل مثلاً المركز الاجتماعي الإسلامي في بروكلين، ومؤسسات دينية أخرى تعمل بشكل غير تخصصي، وهي تقوم بأنشطة جيدة، وتسعى لمساعدة الأطفال والشباب في الاندماج بالمجتمع، وقبل أن أنسى هناك مؤسسة كبيرة جدا أيضا للشباب تسمى “ناب” (National Arab American professional )، وهي مؤسسة تضم المتخصصين من شباب العرب، ولها باع كبير في الأنشطة الخاصة بالشباب، سواء في نيويورك أو نيوجيرسي وواشنطن ومناطق أخرى، وتقوم بخدمة هؤلاء الشباب من الناحية الثقافية والاجتماعية.

وبالنسبة لآخر مجموعة هي مؤسسات الأفراد الذين يكون لهم مؤسسات تعمل في غير غرض الربح، وتسعى لخدمة أغراض معينة، سواء كانت خدمة مرضى السرطان أو أفراد تعرضوا لحوادث وتحاول مساعدتهم ومساعدة أسرهم.

وما استمعنا إليه في التحقيق الإذاعي يتعلق بنشاط اندماج الشباب في المجتمع، وهذا شيء جيد جدًا، لأن الشباب الذين ولدوا وعاشوا في الولايات المتحدة الأمريكية هم أقدر الناس على التفاعل من خلال هذه المؤسسات والقيام بعمل جاد يخدم المجتمع. ولا أعتقد أبدا أن لدينا العدد الكافي من المؤسسات كما ذكرت في سؤالك الأول، وأعتقد أنها مركزة في المناطق التي يوجد بها العرب، وخاصة حول المساجد والكنائس، وأعتقد أننا في حاجة كبيرة لمؤسسات اجتماعية ترعى شئون المهاجرين من الجيل الأول والثاني، خاصة المشاكل الأسرية، والتي لدينا مشكلة كبيرة جدًا في علاجها.

 

الاهتمام بالجالية

* أستاذة منى.. أنتِ متخصصة في مجال التسويق والإعلانات التوعوية، وقمت ببحث حول أنشطة المنظمات، فماذا كانت ملاحظاتك حول المنظمات التي تهم الجالية العربية في أمريكا؟

** أنا شابة موجودة هنا، فأنا أمريكية من أصول عربية مصرية، وقد ولدت هنا وكبرت وذهبت إلى الجامعة وتخرجت ومعي ماجستير الحمد لله، ولم تكن هناك منظمات تدعمنا وتساعدنا، ومنظمة NAAP هي منظمة ممتازة ومحترفة، ولكن عندما تكون أنت محترف كطبيب أو مهندس، فأنت تستطيع الاشتراك معهم، وتتواصل مع محترفين آخرين. فنحن نتكلم اليوم عما نملك كدعم لنا كشباب، وهو ليس موجود.

فأنا عندما أقوم بعمل التسويق الوطني ألاحظ أن هناك مشكلة كبيرة للشركات الأمريكية، ومشكلة كبيرة للأميركيين بشكل عام، لأنه من الصعب جدًا أن نجد أساس يجمع الجميع، ولكن نحن نجد المصري واليمنى والمغربي، وكلهم يعيشون في مجتمعهم الخاص، وليسوا متواصلين مع بعضهم البعض، فعندما نقوم بعمل حملة تسويق في ميشيجان، سنجد فيها اليمنيين واللبنانيين وغيرهم، وكل طائفة منهم في مجتمعها الخاص، فيكون من الصعب أن يرانا الناس أو يعرفوا من نحن.

ثانيا بالنسبة لنا كشباب نحن ولدنا هنا، وأهلنا مهاجرون ويضحون من أجلنا، ويعملون بجد ليضعونا في أفضل مدارس، ولكن نحن لا نملك أحد نذهب له ليدعمنا، فأقترح من المنظمات التي قلت عليها حضرتك مثل National Arab American Professional  أو NAAP، وأيضًا Arab American of New York و Arab American Family ، فلو استطعنا أن نتجمع، ونقول لهم مرحبا، نحن نبحث عن دعم وضمانات أخرى في مجتمعنا، لأننا نريد أن نقدم تطوير محترف للشباب، فلو قام دكتور مثلا بالتطوع أو مهندس أو متخصص تسويق، فأنا مستعدة أن أتطوع بوقتي مرة أو مرتين في الشهر، لأتكلم مع الشباب في الـ high school  وأشرح لهم كيف يستعدون لسوق العمل، فهناك أشياء يحتاجون لمعرفتها، وهي أشياء ليست مكتوبة، وغير معروفة.

 

ثقافة خدمة المجتمع

* ملاحظة وجيهة فعلاً، وبالطبع يجب أن نهتم ونعتني بالشباب أستاذ مهدي، أليس كذلك؟

** أريد أن أعلق على هذا الأمر، فأنا خدمت لمدة ست سنوات في جمعية تسمى CDC  أو (Community Development Center)، وهي جمعية لتطوير المجتمع المحلى، وتوليت إدارتها هنا، وهي تابعة لمجموعة من المؤسسات في نيوجيرسى.

والمشكلة لدينا يا أخي أننا لا نُقدر العمل الاجتماعي، فكل واحد منا يريد أن يكون ابنه دكتور أو محامي أو مهندس، ولا نرى أهمية لخدمة المجتمع، ويجب أن نكون واقعيين، فزميلتنا العزيزة تقول مشكلة تقابلنا جميعًا، فلابد على القيادات العربية والإسلامية والمسيحية، وكل من هو من أصل عربي، أن يهتم بهذا الموضوع، وهو الوصول للمؤسسات الحكومية، والتي لن تعطينا أي ضمان.

وأنا شرحت هذا الأمر كثيرًا، وأتكلم فيه منذ سنوات كثيرة، وأن هذه المؤسسات تعطى للعدد، فإذا قلنا أن كل مسجد أو كل كنيسة أو كل مجموعة يعتقدون أنه عنده 10 أو 20 أو 30 شخص، فلا يمكن أن تكون هناك خدمة لهذا الموضوع، ولابد أن يتم تنسيق هذا العمل لخدمة الشباب كما قالت مُنى، وقد كان عندنا في الـ CDC برامج خاصة كان الأولاد يأتون فيها بعد المدرسة، وكان هناك منح مخصصة لهذه البرامج، فينشأ الطالب من إعدادي أو ثانوي وفي دمه عملية العمل الاجتماعي.

ولكن نحن للأسف فالكثير من العرب عندما أتوا إلى هنا فإنهم يكونون متأثرين بالخلفية الشرقية، ولا يهتمون إلا بالعمل وبناء البيوت وشراء السيارات، ولكن العمل الاجتماعي الحقيقي غير موجود، ويترك للمؤسسات الدينية، ومع احترامي الشديد للمؤسسات الدينية فهي ليست مؤهلة تمامًا للدراسات، وخاصة أن معظم القيادات الدينية مستوردة، وليسوا ممن نشأوا هنا، فمن نشأ هنا يريد مؤسسات فيها الكثير من أبنائنا مثل مُنى، ليستفيدوا من خبراتهم، مع الأخذ بالاعتبار أننا لابد أن نوجه الشباب للاندماج في المجتمع، وهو ما قد يحل مشاكل كثيرة لا تحلها الأموال ولا تحلها المؤسسات الدينية.

 

مظلة عربية

* أسمحوا لي أستاذ مهدي وأستاذة مُنى أن نستقبل على الخط الهاتفي الثاني الأستاذ جاسر الربابعة، وهو ناشط اجتماعي في مجال العمل التطوعي، وناشط في AFC New York  وهو بعيد نوعًا ما عن التجمع العربي الموجود في نيويورك سيتي.

أستاذ جاسر مرحبًا بك.. هل يمكن أن نتعرف على نشاطك الميداني في المنظمات والجمعيات الأمريكية هنا في أمريكا؟

** هنا في نيويورك لا يوجد هذا المجتمع العربي الكبير جدًا، وهذا يعيق تطوير المجتمع العربي، ونحن نحاول دائمًا أن نندمج بطريقة أو بأخرى، فأنا كنت مع أحد المرشحين الذين فازوا بدور سيناتور وهو دايفد كورتشي، السيناتور عن منطقة راكلم كونتي، وفوجئت أننا لدينا من الطابع الديني في الأنشطة الاجتماعية والثقافية ما هو أكثر من الطابع العربي، فقد كان للمسجد دور كبير، وتصدر المشهد في الحقيقة، وله دور فعلا كناشط اجتماعي، وأخذ على عاتقه أنه تكفل بأن يتأهل السناتور وينجح.

ففي يوم من الأيام تم عمل حفلة لكل الناس الذين وقفوا مع السيناتور، وكان هناك جزء ممن حضروا في هذه الحفلة من مجتمع الهاييت من الكاريبيين، وكان هناك آنسة في عمر الـ27 سنة عندما تم سؤالها عما تطلب من السيناتور فوجئت بأنها تطلب كرنفالاً تتحدث فيه عن الثقافة الكاريبية في مانهاتن لينشروا ثقافتهم، وعندما أتى الدور عليّ فوجئت أنني لا أملك مظلة  أو منبر أطلب من خلاله شيئًا للعرب ككل.

فكما ذكرت الناشطة الضيفة عندكم في الأستوديو وتكلمت عن أن اليمنيين مثلاً يقومون بعمل جالية مع أنفسهم، وكذلك الأردنيين، وكذلك الفلسطينيين وغيرهم، ولا يوجد مظلة حقيقية لكل العرب، رغم أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن أمريكا هي بلاد الرفاهية المجتمعية، وأن النمط المتبع بين الفرد والمجتمع والقانون والإنسان بمرجعيته الدينية والديمقراطية هو نمط ناضج جدًا.

 

المؤسسات الدينية

* إذًا أستاذ جاسر بُعد المسافة هو الذي منعك من أن تنشط في المنظمات، وتُعرف بشخصية الجالية العربية في مدينتك … لكن أستاذ مهدي أليس هناك أي منظمات تساعد وتدعم مثل هذه المطامح النبيلة للتعريف بشخصيتنا العربية؟

** في الحقيقة في راكلن كاونتي هناك مؤسسات إسلامية، ولكن التجمعات غالبًا ما تكون حول المؤسسات الدينية فقط، والمؤسسات الدينية معظمها لا يعنى أو يهتم بالمشاكل الاجتماعية، أما في راكلن كاونتي فهناك أكثر من 13 مركزًا، وهناك مساجد صغيرة ومساجد كبيرة ولها نشاطات، ولكن نشاطات منحصرة.

نحن لابد أن نعرف ماذا نريد، وحتى نحل المشكلة يجب أن نعرف أين هي المشكلة، فالمشكلة أن معظم القائمين على هذه المساجد والمؤسسات الدينية هم أناس أفاضل وغاية في العطاء، ولكن ليس لديهم الخبرة، فأنا إذا كان عندي مريض عيون لا أستطيع أن أذهب به إلى رجل ميكانيكي سيارات، فهذا لا يصلح، فلا بد لكل متخصص أن يتعامل في تخصصه.

* بالأحرى أستاذ مهدي لا يمكن أن تأخذ هذا المريض إلى منظمة اجتماعية إسلامية موجودة مثلا في إحدى المناطق لا تستطيع أن تقدم أي مساعدة، فيجب أن تكون هناك منظمات اجتماعية نفسية إنسانية.

** بالطبع، ولابد من الاستثمار في هذه المؤسسات، فالمسجد نحن نستعمله معظم الوقت في يوم واحد، وهو يوم الجمعة وفي العطلات، ولا أقول ألا يكون لدينا مساجد، ولكن لابد أن نتعلم من الأقليات الأخرى، فلو ذهبت إلى المعابد أو الكنائس ستجد أن هناك طوال الأسبوع برامج خدمية مختلفة تعمل تحت مظلة هذه المؤسسات وتنفق عليها وليس العكس.

أما نحن فلدينا المسألة مقلوبة، لأن القائمين على هذه المؤسسات يضحون بأوقاتهم ويضحون بأموالهم، لكن ليس لديهم الخبرة الكافية في الإدارة، ولابد أن يكون هناك من هو متخصص في العمل من خلال هذه المؤسسات للتواصل، وألا يكون هناك عنصرية، وأنا أتفق مع أخي العزيز في راكلم كاونتي فنحن لدينا عنصرية شديدة داخل مجتمعنا العربي والإسلامي وحتى المسيحي، فنحن كعرب المفروض أن ننسى هذه الفوارق ونعمل للصالح العام، لأن المجتمع الأمريكي لن يقدم لنا خدمات إلا إذا كان لنا صوت جماعي، سواء في راكلم كاونتي أو في بروكلين أو غيرها، وأن يكون هناك مؤسسات اجتماعية متخصصة تخدم مصالح هذه الجالية.

 

العمل الجماعي

* شكرا لك أستاذ مهدي عفيفي، اختم هذا الجزء الأول مع الأستاذ جاسر ربابعة، كناشط اجتماعي، ماذا تقترح من أجل إنجاح منظمة مثلا تنشط في جهتك..هل لديك اقتراح؟

** أستاذ رفعت.. في علم الاجتماع السياسي هناك دراسة تشير إلى أن 95% من الشعوب تنشغل بالقوت اليومي، و5% فقط ينشغلون بالعمل العام، فكما ذكر ضيفك الكريم فإن الحاجة الملحة بالنسبة لنا ليست هي وجودنا، فنحن موجودون بالفعل، ولكن المهم هو أن نبرز وجودنا ونبرز الهوية، ونبرز موروثنا الثقافي، ونبرز حضارتنا العربية، وأن يكون لنا منصة إعلامية نناشد فيها المحافل الدولية، ليس فقط من أجل أبنائنا، ولكن من أجل من أتينا من بينهم، فالأمم المتحدة تشد على أيدينا وتقول لنا إذا كان لكم رغبة في العمل الجماعي فنحن معكم.

فنحن العرب يجب دائمًا أن نسعى ونحشد عبر منصات السوشيال ميديا لتحقيق هذه الفكرة، وهي أننا نريد مظلة تجمعنا، ونريد منبرًا يتحدث عنا، ونريد شيئًا يضمنا جميعًا ويضم الوافدين الجدد إلى هنا، وهذا لن يتم في يوم وليلة، والعمل الجماعي يحتاج إلى جهد ونفس طويل. المهم أن نعمل معًا من أجل رفع وعي المجتمع العربي هنا في أمريكا بأهمية هذه المنظمات الاجتماعية والثقافية والإنسانية.

 

المنظمات الشبابية

* أرحب من جديد بالناشطة مُنى المتخصصة في التسويق والإعلانات التوعوية، ومعي أيضًا الإعلامي الناشط من شيكاغو صهيب، مرحبا بك صهيب على راديو صوت العرب من أمريكا.

** أهلا بك أستاذ رفعت.. وأهلا بالمستمعين الأفاضل.

* أستاذة مُنى لاحظنا من خلال حديثك أن هناك نقص كبير جدًا في المنظمات الشبابية، فهل هذا صحيح؟

**نحن عندنا منظمات عديدة تقدم مساعدات اجتماعية كما قلنا سابقًا مثل family services  و Arab American of New York في ميشيجان وشيكاغوا ونيويورك، ولكن أنا عندما أقوم بالتسويق أتواصل مع كل الجالية العربية من نيويورك إلى كاليفورنيا، وعندما أبحث عن مساعدات لشبابنا لا أجد من هذه المنظمات أي مساعدات للمتطور المحترف، فنحن كعرب أمريكيين مولودين هنا نحب أن نرى ماذا يمكن أن نفعل وأن نتأكد من أننا نوفر الدعم لشبابنا. وكما قلت فإن نجاحنا هنا في المجتمع الأمريكي يرتبط باندماجنا في هذا المجتمع الذي هو ناجح جدًا على مستوى كل البرامج التطوعية.

ونحن في الجمعيات لدينا متطوعون يجعلون الأولاد والشباب يعملون، لأنهم بعد التخرج يُسألون في مقابلات العمل عن كم منظمة تطوعت معها، وكم نادي انضممت إليه وأنت في الجامعة، وفي التحقيق الإذاعي الذي قدمتموه في بداية الحلقة وجدنا الفتيات يتطوعن ويذهبن إلى المستشفي، لذا فيجب علينا الاستمرار في عمل ذلك، ليس مرة أو مرتين، بل يجب أن يكون هذا بشكل مستمر عندنا، وكما قلت أنا مستعدة الآن أن أتطوع لأي منظمة تحتاج دعم على التطوير الاحترافي فسأكون أنا أول واحدة موجودة.

 

غياب التعاون والتكامل

* ومار أيك أستاذ صهيب فيما طرحته أستاذة منى؟

** أنا عندي تعقيب صغير، فللأسف الشديد الجمعيات الخيرية العربية أو الجمعيات العربية بصفة عامة تنشط في نطاق صغير داخل نطاق الجالية التي تخصها فقط، وكل منظمة تعمل لأبناء الجالية التي تتبعها، مثلا المنظمات الفلسطينية تعمل للجالية الفلسطينية، والمصرية تعمل فقط للجالية المصرية، والمغاربة نفس الشيء وغيرهم، ولو حاولنا أن نوحد كل هذه الجمعيات والمنظمات في عمل موحد ستكون نتيجته طيبة.

والآن كما سمعت من الناشطة منى، وهي صحيح تطرق الأبواب وتقوم بعمل كثير ولكن للأسف لا تجد تفاعل وتعاون، والسبب الأول أن المواطن العربي الأمريكي لا يؤمن بالعمل التطوعي والجمعيات الخيرية مهما أحببنا هذا أو كرهناه، فتجده يقول لك “والله أنا أذهب إلى المسجد أو الكنيسة أتبرع، وأنا متأكد أن أموالى ستذهب إلى من يستحقها”.

ولكن علاقة المواطن العربي الأمريكي بالجمعيات علاقة قطيعة، حتى في العقلية للأسف الشديد، ويقولون نحن لا نثق في هؤلاء الناس، ولا نعرف من هم، وماذا يمكن أن يفعلوا للمجتمع، وللأسف ليس هناك عادة العمل التطوعي، فلو كانت هناك مشاكل أو مصائب في أمريكا مثل إعصار أو غيره، فمن النادر أن تجد جمعية عربية أو متطوعون عرب أو مسلمين أو مسيحيين أو عرب بصفه عامة يذهبون للمساعدة وتقديم المعونات. فالمنظمات المحلية لا تساعد محليًا، ولكننا نفكر فقط في أننا لو بعثنا أموالاً للمسجد أو للكنيسة فمعنى هذا أننا قمنا بعملنا وهذا خطأ.

 

* صهيب.. أنا ألاحظ هذه الأيام بعض الجمعيات والمنظمات أصبحت تنشط في مدن معينة فقط، وضاع مفهوم الإتحاد بين الجالية العربية وبين هذه المنظمات، فماذا تقترح؟

** أريد أن أتكلم بصراحة ووضوح، فالجمعيات الخيرية والجمعيات العربية والإسلامية المسيحية وغيرها للأسف الشديد لا يوجد تكامل بينها، فحتى في شيكاغو، وهي مدينة ممتلئة بالجالية العربية باختلاف أعراقها واختلاف أوطانهم التي جاءوا منها، لا يوجد تعاون ولا حتى علاقة بين هذه الجمعيات.

فعندما أذهب إلى جمعية خيرية من جنسية معينة وأطلب مساعدة لعمل تطوعي لجمعية تعمل لجنسية مغربية مثلاً، فكل ما آخذه من رد هو إن شاء الله ونحن موافقون وهذه فكرة جميلة، ولكن ينتهي الأمر دون فعل شيء، فنحن للأسف الشديد كعرب أمريكيين لا نثق في بعضنا البعض، فلسنا رقم 1 ولا نؤمن بالعمل الاجتماعي، فمثلاً في أول الشتاء حدثت فيضانات في مدن تونسية، وأحببت أن أقوم بجمع تبرعات حتى نساعد الغارمين، وللأسف كانت الحصيلة مجرد مبالغ رمزية هزيلة جدًا.

 

* في هذه النشاط الاجتماعي لمن توجهت إلى الجالية العربية أم التونسية؟

** الجالية التونسية والعربية بصفة عامة، ولم نجد استجابة، والذين تطوعوا وشاركوا كانوا أمريكيين أكثر من العرب والتونسيين للأسف الشديد.

 

أيادي الكرم

* نستقبل الآن مباشرة مدير مؤسسة ومنظمة “أيادي الكرم” الأستاذ عز الدين حمران.. أهلا بك على راديو الصوت العرب من أمريكا أستاذ عز الدين. تحدثنا أنا وضيوفي حول المنظمات وتساءلنا هل هذه المنظمات تخدم المواطن العربي هنا في أمريكا، وهل تخدم شبابنا العرب الذين يطمحون لمستقبل زاهر هنا، واكتشفنا أن هناك نقص كبير في المنظمات الخاصة بالجالية العربية وأبنائها.. بالنسبة منظمتكم، هل يمكنك أن تعرفنا عنها وعن دورها؟

** عملنا في منظمة “أيادي الكرم” هو داخل البلاد وخارج البلاد، وتعلمون الآن أن بلادنا اليمن تحتاج لمساعدة كبيرة، وفي نفس الوقت نعمل هنا مع المشردين وغيرهم على قدر المستطاع، فمهما حاولنا أن نساعد فهذه هي بلادنا، وضروري أن نشارك معهم ونعرفهم على ديننا، وفي رمضان نترك لهم الفطور ونساعد الصائمين حتى نريهم كيف هو ديننا ومعاملتنا، ولكن أكثر عملنا هو خارج البلاد في اليمن، والآن اليمن ليس بها أطباء ولا أي رعاية طبية فيجب أن نساعدهم.

 

* بصراحة نشهد أن الجالية اليمنية تنشط هذه الأيام بشكل متميز في أمريكا، لكن هل هناك اهتمام بالشباب الصاعد المولود هنا في أمريكا من أجل إعانته على التميز والتألق هنا في الدراسة والأبحاث، فالناشطة مُنى عبرت عن استعدادها لتقديم المعلومة وكل الخدمات لكل من يطمح أن يحقق إنجاز مشروع هنا في أمريكا، هل تقومون بمثل هذه الأنشطة أستاذ عز الدين؟

** نقوم بأنشطة حاليًا أكثرها للأمريكيين، حتى نريهم أننا لسنا عنصريين، ولكن في نفس الوقت يعمل الإتحاد اليمنى بدوره ليساعد الشباب ويساعد اليمنيين وأي أحد يريد مساعدة في المنطقة، ومؤخرًا كان معنا عبده عدوان الذي ترشح لعضوية المجلس، والحمد لله فاز، والإتحاد والشعب اليمني كانوا معه، وهو أول يمنى يكون في هذا المنصب.

 

* وهذا هل هو مكسب للجالية العربية أم اليمنية؟

** مكسب للجالية العربية كلها بالطبع.

 

مؤسسة واحدة

* أستاذ حمران.. ما هو تعليقك على بعض المنظمات التي بدأت تظهر على الساحة هنا في أمريكا وهي منظمات تختص بمدينة معينة في الوطن العربي فقط، هل هذا لصالح الجالية العربية هنا في أمريكا؟

** هذه المنظمات شيء جيد، ولكن المشكلة الآن بيننا كعرب،  وضروري أن نترك هذه العنصرية، ونعمل تحت مظلة واحدة، فمثلا الكنيسة اللوثارية تعمل تحت مظلة واحدة، وهي أكبر مؤسسة خيرية في أمريكا، لكن بالنسبة لنا فكل واحد فينا يريد أن ينقسم، فيجب أن نعمل تحت مظلة واحدة، ونصبح مؤسسة كبيرة، ونساعد بعضنا البعض في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

* وهل هذا طموح مشروع؟

** بالطبع هذا الطموح مشروع، ولكن يجب أن يرضى الجميع بذلك، فأنت ترى حتى المساجد مختلفة، فيقولون هذا مسجد شيعي وهذا سني وغيره، وهذا لا يصح، فنحن كلنا شعب واحد ويجب أن نعمل معًا من أجل أولادنا.

 

* أستاذة مُنى هل لك اقتراح للأستاذ عز الدين مدير منظمة “أيادي الكرم” من أجل خدمة الجالية هنا في أمريكا؟

** لقد لاحظت أن نظام الـ pure hands الذي يقومون به ممتاز، فقد حضرت أحد أمسياتهم، وما شاء الله رأيت أنهم يقومون بعمل رائع، وما أريد أن أقوم به هو أن آخذ هذا النموذج وأريه للجالية العربية حتى تكون جالية موحدة، فمثلاً عندما أعمل مع الشركات الأمريكية التي تأتي لي وتريد عمل إعلان يكون عندهم ميزانية بملايين الدولارات، ويريدون صرفها على الجالية العربية، فكيف سآتي لهم بالجالية العربية وهم مغلقون على أنفسهم ومنقسمون إلى جاليات يمنية ومصرية ومغربية وغيرها، فلا أستطيع أن أقول للشركات اختاروا من بينهم، في حين أنهم يريدون العرب كلهم.

فأنا هدفي في 2019 كناشطة أن أذهب إلى الجالية المصرية واليمنية أو أي جالية عربية في المنطقة التي أعمل فيها وأتواصل معهم، وأخبرهم أنني أريد أن نكون كلنا يد واحدة، فهذا هدفي، وأتمنى أن أرى كيف تسير الجالية اليمنية بالأيدي النقية وهم يقومون بإعلاناتهم كلها، ومن كاليفورنيا إلى نيويورك يعلمون بما يتعلق بهذه الجالية.

فلما لا نستغل هذه الطرق في أن نتوصل إلى أشياء تفيد في تطوير محترف لشبابنا، وكما قلت أنا مستعدة لأتطوع بوقتي لأي شباب أو فتيات يريدون التطوير، ويريدون أن يتعلموا كيف يكونوا محترفين، وسأتشرف بأن أساعد أي أحد يريد هذه المساعدة من شبابنا، ولا يهمنا إذا كان يمني أو مصري أو فلسطيني، فهو في النهاية عربي.

 

* إذا يجب أن نتحد معا أستاذ عز الدين، أليس كذلك؟

** نعم بالطبع، فلا أدرى لماذا العنصرية موجودة، فنحن اليمنيون نريد أن نتعاون مع أي أحد، ومع كل العرب.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى