الراديو

معرض الإسكندرية للكتاب يستضيف الأدباء العرب في المهجر العام المقبل

مسئول النشاط الثقافي: الإقبال الكبير على معارض الكتب ينفي مقولة أننا أمة لا تقرأ

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني – أعده للنشر: محمد سليم

15عامًا مرت على بدء معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، والذي بدأ أولى دوراته عام 2004، أي بعد عامين فقط من افتتاح مكتبة الإسكندرية، ذلك الحدث العالمي الذي شهدته مصر والعالم في 16 أكتوبر 2002 وسط حضور دولي كبير.

وطوال هذه السنوات استطاع المعرض أن يلفت النظر إليه كأحد أهم الفعاليات الثقافية العربية، حيث ألقى الضوء بقوة على الإسكندرية ومثقفيها، وأحدث حراكًا ثقافيًا كبيرًا يزداد عامًا بعد عام، حيث أصبح المعرض يشهد إقبالاً متزايدًا عليه، سواء من جانب دُور النشر المتعددة من كل دول العالم، أو من جانب نجوم المجتمع بمختلف المجالات، الذين يحرصون على التواجد في البرنامج الثقافي للمعرض كل عام.

انطلقت الدورة الخامسة عشرة للمعرض هذا العام يوم الاثنين 25 مارس، وتستمر حتى 7 إبريل الجاري، برعاية مكتبة الإسكندرية، وبالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين.

وشهد المعرض هذا العام عددًا ضخمًا من الفعاليات الثقافية، وصلت إلى أكثر من 165 فعالية وحدث ثقافي متنوع، ما بين الأدب والفن والعلوم والقصة والرواية وقضايا المرأة والإعلام وغيرها.

من أستوديو راديو صوت العرب من أمريكا في ميشيجان، استضافت الإعلامية ليلى الحسيني، عبر الهاتف، الكاتب الصحفي حسام عبد القادر، المستشار الإعلامي لمكتبة الإسكندرية، والمشرف على النشاط الثقافي لمعرض الإسكندرية للكتاب، لمناقشته حول أهم ما تضمنه المعرض في دورته هذا العام.

أمنية تتحقق

* أهلاً بك أستاذ حسام، وهذه إطلالتك الثانية معنا، فقد كان لنا معك حوار شيق جدًا خلال زيارتك للولايات المتحدة، تحدثنا فيه عن شط الإسكندرية الذي يعشقه الكثيرون، وعشقته أنا أيضًا كثيرًا عندما زرته.

** نحن نسعد دائمًا مع راديو صوت العرب من أمريكا وبرامجه الممتازة، وأشكرك جدًا على اهتمامك بمعرض الإسكندرية للكتاب.

* ونحن نشكرك على الوقت الذي خصصته لنا لإطلاعنا على تفاصيل هذه الفعالية الهامة جدًا، ودعنا نعود إلى الوراء قليلاً مع معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، الذي جاء تحقيقًا لأمنية طالما تمناها مثقفو الإسكندرية على مدى عقود من الزمان.. فهذه الأمنية تحققت من خلال مكتبة الإسكندرية بعد افتتاحها عام 2002، واستطاع معرض الإسكندرية أن يثبت نجاحًا كبيرًا ويلفت النظر إليه كأحد الفعاليات الثقافية العربية الهامة. أستاذ حسام .. كيف ترى هذه الفعالية منذ نشأتها؟

** فعلاً كلامك صحيح، نحن الآن نحتفل بمرور 15 سنة على بداية معرض الإسكندرية الدولي للكتاب الذي بدأ عام 2004 بعد مرور عامين من افتتاح مكتبة الإسكندرية، وفى الحقيقة إن افتتاح معرض الإسكندرية للكتاب جاء تلبية لرغبة كثير من المثقفين بالإسكندرية، وكان هناك تعطش كبير لوجود معرض خاص بمدينة الإسكندرية، وقبل عام 2004 كان يوجد معرض القاهرة الدولي للكتاب، وبعد أن تنتهي فعالياته كانت بعض دور النشر تنتقل إلى الإسكندرية كامتداد لمعرض القاهرة للكتاب.

ولكن منذ عام 2004 أصبح للإسكندرية معرضُ خاصٌ للكتاب، وأصبح للمثقفين دورٌ كبيرٌ في هذا المعرض، وكان على مكتبة الإسكندرية، بحكم أنها منارة للعلم والثقافة وكمؤسسة دولية، أن تتحمل عبء القيام بهذا الدور، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين، وبالفعل على مدى السنوات السابقة استطعنا أن ندعم ونُرسخ هذا الدور، وأصبحنا هذا العام نحتفل بمرور 15 عامًا على إقامة هذا المعرض.

وجبة ثقافية دسمة

* 165حدثًا ثقافيًا و600 متحدث في معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، مجهود كبير قام به الدينامو الكاتب الصحفي حسام عبد القادر في التجهيز لهذا المعرض.

** الحمد لله، فقد استطعنا هذا العام أن نقدم وجبة دسمة ثقافية هذا العام، وحققنا رقمًا قياسيًا في عدد الفعاليات الثقافية، والحقيقة أنني لن أستطيع أن أذكر محتوى الـ 165 لقاء، لكن يمكن أن أقدم لكم أهم اللقاءات وأهم الشخصيات.

يكفى أننا بدأنا الفعاليات الثقافية بلقاء مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة المصري الأسبق، وسوف نختتم يوم الأحد هذه اللقاءات مع العالم المصري القدير الدكتور فاروق الباز، وخلال 14 يومًا هي فترة المعرض كان معنا الدكتور سعد الدين الهلالي المفكر الكبير، وأيضًا الدكتور ثروت الخرباوى المفكر الكبير، كما كان معنا نجوم الرياضة مثل اللاعب الكبير حازم إمام، وهو عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، وطبعًا له عشاقه من الرياضيين ومن جمهور الكرة، سواء من الأهلي أو الزمالك.

ومن المحاور التي ركزنا عليها أيضًا المرأة، فكان لنا عدة لقاءات عن المرأة، كما أقمنا هذا العام ورش عمل للأطفال، قدمنا خلالها  14 ورشة عمل للطفل، وقدمنا فيها الكثير من القيم الجميلة، مثل ورش عمل للرسم وورش عمل للحكى، وشارك معنا فيها الكثير من نجوم الكتابة للطفل في مصر والعالم العربي، ولدينا أيضًا كل يوم أمسية شعرية مع شعراء الإسكندرية وشعراء الوطن العربي، فكان معنا الشاعرة اللبنانية تغريد صياد، ومعنا شعراء من السعودية، وشاعر من الأردن، فكل يوم لدينا شعراء من دول عربية مختلفة.

محاور المعرض

* ولكن نؤكد أن 165 فعالية ثقافية هو رقم ضخم جدًا، ويحتاج إلى جهد كبير، واللافت للنظر هو التنوع في هذا المعرض، حيث الأدب، الشعر، الرواية، الفكاهة، قضايا المرأة، وقضايا الإعلام.. أريد أن أعرف أهم القضايا والمحاور التي ركز عليها المعرض هذا العام؟

** كان هناك محور مهم جدًا ركزنا عليه هذا العام وهو الإرهاب، وطبعًا لا يمكن أن يفوتنا أن نركز على هذا المحور المهم الذي نعانى منه في مصر والدول العربية، بل وعلى مستوى جميع دول العالم، وليس مصر والدول العربية فقط.

وكان لدينا ندوة عن “دور وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب”، تحدث فيها الإعلامي الكبير محمد على خير، والأستاذ طارق سليم مدير تحرير الأهرام، والأستاذ نبيل أبو شال مدير تحرير المصري اليوم.

وأيضًا كان لدينا ندوة عن الشخصية المصرية ودورها في مواجهة الإرهاب، تحدث فيها الشيخ أحمد ترك، والدكتورة نهلة سعودي، والإعلامي مجدي فكري، وكان هناك عدة لقاءات عن الإرهاب، ومواجهة الإرهاب، وآلية مواجهة الإرهاب، وأسباب وجود الإرهاب.

وكما ذكرت كان للمرأة وجود معنا، حيث استضفنا دكتورة بثينة كامل، وغادة عبد العال مؤلفة مسلسل “عايزة أتجوز”، وكان هناك لقاء هام جدًا بعنوان “نصف الدنيا بين الواقع والمأمول”، تحدثنا فيه عن المرأة، وكان هناك لقاء آخر بعنوان “احكى يا شهرزاد”، يحكى عن قصص نجاح لبعض نماذج رائعة من المرأة المصرية.

وأيضًا كان للشباب دور مهم جدًا في المعرض، فقد أقمنا عدة لقاءات مع نجوم السوشيال ميديا، وعرضنا قصص نجاحهم، وهناك نشطاء من السوشيال ميديا قدموا محتوىً هادف جدًا، ولهم ملايين من المتابعين.

وأريد أن أوضح أيضًا أن دور الشباب لا يقتصر فقط على الندوات، بل يشاركون في التنظيم، فأنا يشاركني فريق تنظيم كامل من شباب المتطوعين، ومن شباب الجامعة، وهم موجودين معنا في المعرض يساعدوننا في التنظيم، وهذا دور مهم جدًا لا يمكن أن نغفله.

إقبال كبير

* محور هام أشرت إليه أستاذ حسام وهو أن “أمة اقرأ أصبحت لا تقرأ” هل كثرة الأرقام والحضور الكبير للمعرض تنفي هذه المقولة؟

** هذه الجملة خطأ تمامًا، وأنا كشاهد عيان، بغض النظر عن دوري في المعرض أو دوري كصحفي، رأيت كمًا كبيرًا من الناس تشتري الكتب من المعرض، بالإضافة إلى كم الإقبال الجماهيري الكبير على الندوات واللقاءات الثقافية، وهو أمر لا يتوازن أبدًا مع مقولة “أمة لا تقرأ”.

* أنا أتفق معك أستاذ حسام فقد رأيت خلال زيارتي لمعرض الكتاب بالقاهرة هذا العام كم الإقبال الشديد على شراء الكتب، ليس فقط من جانب كبار السن، ولكن من الشباب أيضًا.. فهل تُعتبر مصر حالة خاصة، أم أن هذا منتشر في جميع الدول العربية؟

** في الحقيقة لا أستطيع أن أعطيك إحصائية عن الوطن العربي، لأني لم أقم بزيارة المعارض العربية كلها، لكن من خلال أصدقاء لي يقومون بزيارة المعارض العربية يقولون إن بها إقبال كبير جدً أيضًا.

لكن يمكن أن أحدثك عن مصر، سواء معرض القاهرة للكتاب، أو معرض الإسكندرية، فهناك إقبال وازدحام كبير جدًا يسبب لنا أزمة، سواء في دور النشر عند شراء الكتب، أو حتى في الندوات، وهذه ليست رأيي وحدي، ولكن رأي آخرين أيضًا، وهم يقولون إن الإقبال غير عادى، وهذا ينفى مقولة إن الشباب لا يقرأ والأمة العربية لا تقرأ، فهذا كلام خاطئ.

* هذه المقولة التي عُززت بأننا أمة لا تقرأ ربما يمكن أن تصحح من خلال هذه الفعاليات والإقبال عليها، فقد تابعت من خلال وسائل الإعلام أن الحضور في هذا المعرض ربما يسجل أكبر الأرقام هذا العام، هل هذا صحيح؟

** فعلاً أنا دائمًا أقوم بعمل إحصائيات عن المعرض ككل في آخر المعرض، لكن وصلتني منذ يومين إحصائية جاءت مصادفة لي من خلال إدارة الأمن بمكتبة الإسكندرية، وكما تعلمين أن الجمهور أثناء دخوله المعرض يمر على بوابة الأمن، وأن حقيبة السيدات والآنسات تمر على الجهاز حتى تستطيع الدخول، وقد سجل الجهاز 5000 حقيبة مرت من خلال الجهاز للمرور لقاعة المؤتمرات، وهذا للسيدات فقط غير عدد الرجال.

تحديات ثقافية

* يرى المثقفون العرب أن هناك تحديات كثيرة وهمومًا كبيرة تقف أمام المثقف العربي، وذلك في ظل الأزمات والأحداث الراهنة التي تعصف بالمنطقة، فما هي التحديات التي رصدتموها خلال سنوات كثيرة من عمر هذا المعرض؟

** هناك تحديات كثيرة، منها تحديات على مستوى المؤسسة، وتحديات على مستوى المثقف نفسه، فعلى مستوى المثقف أو المبدع كل مثقف أو مبدع يحتاج إلى أن يطور من نفسه، فهناك فجوة بين الأجيال موجودة فعلاً، ونحن يجب أن نعترف بها، فجيل الصغار يرى أن الكبار لا يعتنون بهم ولا يعترفون بهم، وجيل الكبار يرون أن الشباب لا يُقدّرون المبدع الكبير ولهم اتجاهات خاصة بهم، ويجب أن نذيب هذه الفجوة لنُحدث التواصل المطلوب بين الأجيال وبعضها البعض، فهذه الفجوة إن ذابت ستنقلنا نقلة رائعة على المستوى الثقافي والإبداعي بشكل عام.

أما إذا تحدثنا على مستوى المؤسسة، فنحن نحتاج إلى نظام ثقافي متكامل، يقوم على أساس التعاون والتكامل بين جميع المؤسسات الثقافية داخل كل بلد، وبينها وبين نظيرتها في الدول العربية الأخرى، وهذا التعاون والتكامل سيؤدى إلى ازدهار كبير في كل مجالات الإبداع، ودعم  الكثير من المثقفين الذين يحتاجون إلى الدعم والتنمية، خاصة المبدعين في مجالات مثل الفنون التشكيلية والشعر والقصة والرواية.

أيضًا نحن في العالم العربي لا نمتلك دور نشر جيدة تستطيع نشر إبداعات الأدباء العرب وتساعدهم في الوصول إلى العالمية، ولا نمتلك أيضًا مؤسسات ترجمة تساعد في ذلك، فقد يكون لدينا ترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، ولكن ليس لدينا ترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، وكل هذه تحديات مهمة يجب أن نبحث عن حلول لمواجهتها.

* لكن يمكن أن نقول أن المعارض، مثل معرض الإسكندرية، ساهمت في طرح هذه المشكلات، وربما يمكن في المستقبل أن نجد لها حلول، فنحن نعرف أن الثقافة والفن والأدب هم سفراء لكل الأوطان والحضارات الإنسانية.

** معارض الكتب في مصر والدول العربية فعلاً تحرك المياه الراكدة، وتقدم بعض الحلول لهذه التحديات، حتى لو على مستوى مرحلي، فوجود نجوم من المبدعين من الدول العربية في معرض القاهرة للكتاب، أو معرض الإسكندرية للكتاب، يدعم التكامل الذي أتحدث عنه، وأيضًا ستجدين في معرض أبو ظبي للكتاب، ومعرض الشارقة، نجومًا من كل الدول العربية، وهذا ما نحتاجه فعلاً، فمعارض الكتب تقوم بدور ثقافي نحن في أشد الحاجة إليه.

أدباء المهجر

* إذًا نحن نعتب عليكم أستاذ حسام، فالمبدعون من كل البلاد العربية كانوا متواجدين في معرضكم، لكن أين أنتم من المبدعين من المهاجرين العرب؟، فنحن أيضاً لدينا مبدعون وكتاب وأدباء، ونحن رافد لأوطاننا في الخارج.. أين نحن من المعرض القادم، هل يمكن أن تتيحوا الفرصة لعرب المهجر أيضاً أن يشاركوا في فعاليات معرضكم؟

** أوافقك الرأي تمامًا، ويمكن أن نخرج من هذا اللقاء بتوصية مهمة، وهي أن يكون لدينا لقاء مع بعض نماذج الإبداع لعرب المهجر بمعرض الإسكندرية للكتاب في العام القادم.

للفكاهة نصيب

* أستاذ حسام نحن في زمن تحاصرنا فيه الهموم، ويجب أن يكون لنا حصة من الفكاهة الهادفة، فماذا قدمتم في هذا الإطار، فالشعب المصري بطبعه يحب النكتة ولها نصيب كبير عنده.

** الفكاهة عندنا دائمًا حاضرة، فقد كان معنا في إحدى اللقاءات الثقافية الفنان عمرو فهمي، وهو من أهم نجوم فن الكاريكاتير في مصر، وله كاريكاتير يومي بجريدة الأخبار، وكان معه أيضًا الفنان عبد الله الصاوي، وهو من فناني الكاريكاتير المهمين في مصر، حيث كان هناك لقاء عن فن الكاريكاتير، وأيضاً كان لدينا لقاء قدمته الكاتبة الصحفية جيهان الغرباوى، تحت عنوان “كيف يجعلون النفوس تحبهم”، والكاتبة جيهان الغرباوى من الصحفيات الرائعات التي تقدم الوجبة الدسمة في قالب فكاهي.

* كما أشرت أستاذ حسام هناك فكاهة هادفة نحتاج إليها.. في نهاية هذا اللقاء نشكر الكاتب الصحفي حسام عبد القادر، المستشار الإعلامي لمكتبة الإسكندرية، والمشرف الثقافي لمعرض الإسكندرية الدولي للكتاب، شكرًا لك.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى