الراديو

في اليوم العالمي للراديو.. كيف تساهم الإذاعة في نشر ثقافة الحرية والتسامح والسلام؟

قدم الحلقة: رفعت عبيد 

أعدها للنشر: محمد سليم / مروة مقبول

في إطار الاحتفال باليوم العالمي للراديو الذي يوافق 13 فبراير من كل عام، خصص راديو صوت العرب من أمريكا حلقة من برنامج “مساحة حرة” للاحتفال بهذا اليوم، ومناقشة دور الراديو في نشر ثقافة “الحرية والتسامح والسلام” التي اختارتها الأمم المتحدة شعارًا لاحتفالات هذا العام.

استضافت الحلقة مجموعة من الضيوف الكرام، وهم الأستاذ عادل سليمان رئيس تحرير الراديو العربي “بى بى سى” من لندن، والإذاعية عائشة ببيار من إذاعة صفاقس بتونس، والإعلامية ليلى الحسيني رئيس راديو صوت العرب من أمريكا من ميشيجان.

كما استضافت الحلقة المحلل السياسي محمد السطوحى من نيو جيرسي، وهو أيضًا إعلامي قدير ذو خبرة وتجربة في مجال الإعلام الأمريكي.

مبادئ الحوار

* اسمحوا لي أن أبدأ بالأستاذ عادل سليمان رئيس تحرير الراديو العربي “بي بي سي” لندن، هذه الإذاعة العريقة التي تعتبر مدرسة في مجال حرية الإعلام.. ونعلم جيدًا أن الإعلام في بريطانيا حر، وأن الشعب هو من يدفع للإذاعة وليست الحكومة أو الإعلانات الإشهارية.

وبما أننا نتحدث في حلقتنا هذه عن أهمية الحوار نرجو منك أستاذ عادل أن تعطينا فكرة عن مبادئ الحوار التي تلتزمون بها في برامجكم الإذاعية الموجهة للعرب وللعالم؟

** مبادئ الحوار في “بي بي سي” تعتمد علي الدقة والتوازن فيما نطرحه من موضوعات، والحرص على مشاركة أصحاب القضية، وليس فقط الرأي والرأي الأخر، ولكن كل الآراء التي تعتمد على موضع بعينه، وإتاحة الفرصة لكل من له رأى في موضوع ما.

والتوازن والحياد بمعناهم الأشمل ليس فقط أن تعطي مساحة مناسبة لكل ضيف على حدة، ولكن أيضا أن تحترم رأى الآخرين المشاركين في الأمر المطروح، حتى لو كان يمثل رأى أقلية ولا يمثل أغلبية، وليس فقط في الحلقة الواحدة أو في البرنامج الواحد، ولكن على مدى زمني أطول، إذا كان هناك آراء متعددة يجب عليك أن تعود لأصحابها.

ويأتي قبل ذلك مبدأ الدقة، فالدقة ليست فقط في المعلومة، ولكن الدقة أيضا فيمن يمثل الموضوع بجوانبه المختلفة والصراحة والاحترام.

وليس هناك حوار جيد بدون توفر القدرة على الاستماع، فبالعكس أعتقد أن كل من يعمل في الإذاعة يدرك جيدًا أنه يجب أن نسمع قبل أن نتكلم، فالصمت له دور، ودوره مهم وإيجابي وربما أكثر إيجابية من الكلمة، فبصمتك وسماعك للآخر تعطى فرصة لنفسك لكي تفهم الآخر، ولكي يصل صوت الآخر إليك، وهذه مقدمة أساسية تعني احترامك لرأى الأخر حتى قبل أن تسمعه.

منبر الحرية

* أنتقل إلى المذيعة الزميلة عائشة بيار.. كلنا نعلم أن منبر الحوار في تونس قبل الحرية كان في اتجاه واحد وهو للحاكم، الآن بعد الحرية كيف هي منابر الحوار في الإذاعة التونسية وأنت الناشطة فيها بتميز؟

** ذكريات كثيرة تجمعنا في أعرق الإذاعات ومنها إذاعة صفاقس في تونس التي صار لها 57 عامًا، وهي الآن في عامها الـ 58، وهي من أعرق إذاعات الجمهورية، والأكيد أن هذه الإذاعة حافظت على التوازن المعقول والمقبول حتى في فترات الديكتاتورية.

والآن نحن نعيش الحرية في تونس، فهذه الحرية هي المكسب الكبير والهام بالنسبة لجميع المستويات، من الحرية في التفكير والحرية في التعبير عن الرأي، لأن الحرية تكمن في قدرتك على إيصال صوتك والتعبير عن رأيك وفكرك ووجهة نظرك، وهو شيء يعترف به القاصي والداني في تونس، لأنه أصبح هناك مساحة من الحرية داخل وسائل الإعلام في المجتمع ككل، وأيضا نحن نتحدث عن الإذاعة والراديو.

فالراديو أصبح هو هذا المنبر المفتوح على الحريات الفكرية والحريات الثقافية، ومثلما قال الأستاذ عادل فمن شروط الحوار السليم أنك تستمع وتنصت جيدًا لصوت الآخر، وتتعلم كيف تقبل الآخر مهما كانت الاختلافات المتواجدة بداخله.

* اسمحي لي بسؤال أستاذة عائشة، هل الميكرفون في الإذاعات التونسية حاليًا مفتوح للآراء المخالفة لسياسة الحكومة؟

** الميكروفون مفتوح لجميع الآراء، سواء المؤيدة أو المعارضة، فكل الآراء يمكن أن تجدها في وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة وحتى الرقمية، فلم يعد هناك شيئ مخفي، فوسائل الإعلام الرقمية أصبحت هي جهة الوصل بين الجميع.

وطبعًا في تونس المواطن هو من يدفع للإذاعة من خلال تذكرة الكهرباء، لتغطية كل ما يلزم الإذاعة من مصاريف.

حلقة وصل

* اسمحوا لي أن أنتقل إلى ميشيجان حيث الزميلة ليلى الحسيني في صوت راديو العرب من أميركا.. هذا الراديو الذي يقدم إنتاجًا إذاعيًا متميزًا للجالية العربية ولكل العرب في العالم منذ أكثر من 10 سنوات. زميلتي ليلى، ما هي نسبة منبر الحوار، وكيفية تداول الحوار في إذاعتنا صوت العرب من أميركا؟

** طبعًا تعلم أنه منهجنا دائمًا في إذاعة صوت العرب من أمريكا كان يعتمد على التواصل مع كل الشخصيات والأنماط الاجتماعية بكل مستوياتها، من ناحية درجة الثقافة والعلم والتجارب الإنسانية والمهنية، وصولا للمعلومة والخبر الجيد الذي ينتظره دائمًا منا المتلقي.

وأنت تعلم أننا نخاطب شريحة واسعة ومتعددة من الجالية العربية والأمريكية، لذا نحرص أن يكون حوارنا شفافًا دائمًا وذو مصداقية.

وأعتقد أن تنوع البرامج التي نعدها، ونوعية الضيوف التي نستقطبها والصحفيين الذين يشاركون معنا في إعداد هذه البرامج، خلق حلقة وصل رائعة بيننا في الإذاعة كمهنيين، وبين المتلقي والجمهور العريض الذي يتابعنا بكل فئاته في أمريكا.

وطبعا كما أشرت لنا تجربة ثرية جدًا في راديو صوت العرب من أمريكا، فنحن نعتبر من أهم التجارب الإذاعية المقدمة للجالية العربية. فكما أشار إلينا معهد”بيو” للأبحاث الإستراتيجية، فقد استطعنا أن نتجاوز عقبة التواصل مع الجاليات العربية، ونتجاوز أيضًا العقبة الأكبر وهي التمويل، وذلك من خلال إمكانيتنا وجهودنا التي نستطيع من خلالها أن نخاطب الجمهور الذي يستحق منا كل هذه الجهود الكبيرة المبذولة لإيصال هذه البرامج المهنية الهادفة الشفافة له، والتي أوصلتنا إلى درجة كبيرة من احترام المتلقي، وهذه هي غايتنا في الطرح، وما تسعى إليه برامجنا دائمًا.

* هل هناك موضوعات ممنوع تناولها في راديو صوت العرب من أمريكا؟

** أبدًا، فلدينا هنا حرية التعبير التي نتمتع بها في أميركا، لكننا نعتمد أسلوب الطرح الموضوعي، ودائمًا ليس هناك خطوط حمراء، ونحن نتمتع بكامل حريتنا ضمن أصول الحوار الهادف الذي يحترم المستمع ويحترم التعددية في الآراء واحترام الرأي الآخر.

الحوار الراقي

* أتوجه بسؤالي للإعلامي محمد السطوحي، أنت مستمع جيد لكل الإذاعات تقريبًا، وتحاول أن تقيم ما يقدم فيها من منابر حوارية، فكيف تقيم المنابر الحوارية في الإعلام الموجود حاليًا في أوروبا وأمريكا والوطن العربي؟

** دعني أبدأ من حيث انتهى الأستاذ عادل في مداخلته.. ففيما يتعلق بالحوار وكيف نسمع لبعضنا البعض، نلاحظ أن كثيرًا من البرامج الحوارية تحولت إلى صراخ وأحيانًا إلى اشتباكات بالأيدي، وهذا الأمر ليس موجودًا فقط في الوطن العربي، ولكن ظهرت هنا في الولايات المتحدة الأمريكية.

ووسائل الإعلام ليس لديها مشكلة في حدوث ذلك، لأنه يخلق جوًا من الإثارة وبالتالي يؤدى إلى زيادة نسبة المشاهدة، ولكن في المقابل فإن ذلك يتسبب في أضرار كثيرة بالنسبة للمستمع والمتلقي بشكل عام.

ولا شك أن القدرة على الحوار ليست مسألة تتم من خلال تعليمات، بل هي مسالة تربية، فيمكنك أن تقدم رسالة قيمة إلى الجمهور بأنه يجب أن يكون قادرًا على الاستماع إلى وجهة النظر الأخرى، لكن يجب أن تقدم له النموذج الفعلي من خلال حوارات حقيقية راقية، قد يختلف فيها الناس، ولكن في النهاية يتعاملون مع بعضهم البعض برقي واحترام.

لكن هذا الرقي والاحترام قد يعتبره البعض مملًا، وبالتالي يلجئون إلى هذا الأسلوب الصراخ والمشادات لجذب المشاهدين، ولكنه في نفس الوقت يخلق حالة سلبية من الاستقطاب والعداء والرفض للاستماع إلى وجهة نظر مخالفة، وأتصور أن هذه مشكلة قديمة ومستمرة وربما تستمر معنا، لأن الرغبة في الحصول على نسبة كبيرة من المستمعين أو المشاهدين ربما تتغلب في كثير من الأحيان على الرغبة في تقديم رسالة هادفة.

أما بالنسبة للتقييم بشكل عام فطبعًا هناك تنوع كبير في المنابر الحوارية المقدمة في وسائل الإعلام  المختلفة، خاصة إذا تحدثنا عن الولايات المتحدة التي توجد بها كل الأشكال وكل الألوان التي تقدم حوارات جيدة للغاية دائمًا، وأناس متفهمين وقادرين على تقديم حوار فيه الكثير من الوعي.

بينما تذهب إلى بعض القنوات الإذاعية الأخرى لتكتشف أنك تتحدث عن شخصيات فيها الكثير من السطحية، خاصة لو ذهبت إلى بعض المحطات المحلية، فليس هناك وعى بالكثير من القضايا، وبالتالي يتعاملون معها بسطحية شديدة جدًا، وربما فيها نوع من الجذب على حساب المضمون.

ثقافة التسامح

* موضوعنا الثاني اليوم هو التسامح، وأنتقل فيه للأستاذة عائشة بيار من إذاعة صفاقس. الإذاعة لها دور كبير في تعزيز ثقافة التسامح في المجتمع، وبعد الثورة التونسية من المؤكد أنه كان لكم دور كبير جدًا في تعزيز التسامح في المجتمع التونسي، هل لنا أن نعرف كيف سعيتم لذلك في بثكم الإذاعي بتونس؟

** عندما نتحدث عن التسامح فنحن نتحدث في المقابل عن العنف. فعندما يتم نبذ العنف يبدأ البحث عن التسامح حتى يختفي هذا العنف ويتلاشى بكل مظاهره. وشعار التسامح قمنا برفعه منذ وقت طويل، ولدينا في الإذاعة الكثير من البرامج التي تشجع على التسامح، وتبعث برسائل تسامح متواصلة مع الآخر.

وإذاعة صفاقس من الإذاعات العريقة في تونس التي تسعى لنشر القيم التي تعودنا عليها، ومن بينها قيم التسامح ونبذ العنف والتعصب، وذلك من خلال العديد من البرامج الاجتماعية وكذلك السياسية التي تعزز مبدأ التسامح، لأن قبول الآخر أصبح صعبًا، فعندما تؤكد على مبدأ التسامح وقيمة التسامح تخرج بالفعل بنتيجة طيبة، فتجد أن السياسيين يخرجون في آخر الحوار متسامحين ويقبلون بالأخر، وينتهي الحوار بصورة إنسانية جميلة.

الحرية والتسامح

* اتجه للأستاذ عادل سليمان من بي بي سي لندن، كلنا نعلم أن الوطن العربي يمر بفترة حرجة جدا من الصراعات والحروب. ولم نكن نضع في الحسبان أن يصل الوطن العربي إلى هذه الحالة، وأنتم تتوجهون من لندن إلى المواطن العربي في وطنه، فكيف تبعثون إليه برسائل التسامح في برامجكم الإذاعية؟

** دعني أقول إنه ليست هناك برامج بعينها مخصصة لقيمة التسامح، ولكن هذه القيمة موجودة بشكل أساسي في المبدأ الأول الذي تحتفي به الأمم المتحدة وهو الحرية، فإذا كانت لديك حرية في تناول الموضوعات دون محاذير ودون حدود وقيود، فهنا لا بد من وجود التسامح لكي تستطيع أن تقوم بعمل برامج تتسم بالوعي والتنوع والشمولية، وتكون كل أصناف المجتمع ممثلة فيها، وكل الموضوعات مطروحة فيها، وأن تقف على قدم المساواة مع ضيوفك، فهذا في حد ذاته يتضمن تفعيلاً لقيمة التسامح ولو حتى بشكل ضمني.

فالتسامح هنا محمول على قيمة أكثر شمولية وهي الحرية والجرأة في تناول الموضوعات، ومن هذه الناحية لدينا العديد من البرامج التي تحرص على تمثيل فئات المجتمع المختلفة ومشاكلها، أيًا كان موقف الأغلبية من هذه الفئات من ناحية قبولها أو رفضها، وهنا تأتي هذه البرامج لتقدم هذه النماذج والقضايا وتطرحها بشكل موضوعي دون تحيز ودون خوف.

فلدينا برامج مثل “عنها في نصف ساعة” يتناول قضايا المرأة في العالم العربي، وبرنامج آخر وهو “دردشة ليلية” وغيره، فهذا المعني موجود في مختلف القضايا التي نتناولها، ولكن ليس هناك نافذة بعينها مخصصة لهذه القيمة.

تراجع الدور

* دعونا نستمع إلى بعض آراء الشباب من مصر حول شعار “الحرية والتسامح والسلام” ورأيهم في بعض الإذاعات التي يستمعون إليها

@@ شادي إبراهيم من مصر: أعتقد أن للراديو دور كبير في نشر ثقافة الحوار والتسامح والسلام، وهذا يتطلب أن ينتشر الراديو على نطاق واسع، ويغطى مساحة تعيش فيها ثقافات مختلفة، لكي يكون له دور في تقريب هذه الثقافات من بعضها البعض، وتعزيز ثقافة الحوار بينها، وأعتذر عن عدم قدرتي على تكوين وجهة نظر واضحة فيما يذاع على الراديو بسبب وجودي في نطاق جغرافي ضيق وهو شبه جزيرة سيناء بمصر، حيث لا يوجد عدد كبير من الإذاعات.

@@ نيرمين محمود من مصر: بالنسبة لرأيي في  دور الراديو في تعزيز ثقافة الحوار والتسامح والسلام، فإن أغلب الإذاعات حاليًا حتى في مصر لا تقوم بهذا الدور بشكل جيد، لكن ربما تقوم  بدورها في تعزيز الحوار فقط، وهذا يعتمد على الظروف التي تمر بها البلد.

@@ عبد الباسط يونس من مصر: الحوار والتسامح والسلام هي من وجهة نظري شعارات جيدة نرفعها في اليوم العالمي للراديو، ولكن الراديو لا يعمل لتعزيز هذه الشعارات في الوقت الراهن، وربما كان الراديو يقوم بهذا الدور في بداياته، عندما ظهر على الساحة كأحد أهم وسائل الإعلام بعد الصحافة، مما جعله يلعب هذا الدور بكفاءة، ولكن بعد الحروب، وخاصة الحرب العالمية الثانية وما تبعها من تكون الأحزاب والتكتلات مثل الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، أعتقد أن هذا الدور انحسر وضعف فيما يتعلق بموضوع الحوار والتسامح والسلام.

@@ سلمى حسن من مصر: الإذاعات التي استمع إليها في مصر تميل معظمها إلى المحتوى الترفيهي، ويحاولون في بعض البرامج أن يعززوا عدة مبادئ مثل التسامح، لكن إحقاقًا للحق فإنهم يفتقرون للمستوى المهني المنشود لإدارة الحوار الحقيقي.

@@ أسماء نادي: أنا مولعة بالعمل الإذاعي، وفي الحقيقة أرى أن بعض الإذاعات ليست بالاستقلال الكامل، لكنها تتأثر بأيديولوجية المالك، مما يؤثر تأثيرًا سلبيًا على دور تلك الإذاعات في تعزيز قيم الحوار والتسامح والسلام، ولذا يجب على الهيئات المهتمة بهذه القيم أن تقوم بإعداد القائمين على هذه الإذاعات من خلال تدريب يؤكد على تناول القضايا بتجرد وحيادية لتحقيق الغرض المنشود.

@@ ياسمين الشناوى من مصر: أرى أن الإذاعات تركز على الحوار أكثر من التسامح والسلام، وذلك لأن الحوار من عوامل جذب المستمع، فالبرامج الحوارية وبرامج استضافة الفنانين تكون ممتعة وتجذب المستمع، أما معايير التسامح والسلام فهي مختفية ولا تظهر إلا في المسلسلات الإذاعية مثلاً، فنحن نفتقر لوجود ثقافة واضحة للتسامح والسلام في الإذاعات.

الحوار الشفاف

* استمعنا إلى مجموعة من الملاحظات من مجموعة من الشباب في مصر حول الراديو، والآن زميلتنا ليلى الحسيني، من خلال ما يقدمه راديو صوت العرب من أمريكا من برامج، كم نسبة البرامج التي تتحدث عن ثقافة التسامح؟

** بحسب ما يصلني من ردود أفعال متابعينا ومستمعينا من الولايات المتحدة الأمريكية ومتابعينا من العالم العربي فقد وصلنا في راديو صوت العرب من أمريكا لدرجة كبيرة في إرساء ثقافة الحوار والنقاش بمختلف أنماطه، فنحن دورنا كوسيلة إعلامية ليس أن نرسى قيم السلام والمحبة، ولكن أن نفتح حوارًا شفافًا ذا مصداقية مع مستمعينا في مواضيع مختلفة تعزز هذه القيم.

ومن خلال تجربتي الخاصة هناك مواضيع شائكة جدًا تطرقت إليها، ولها صدى واسع كبير وسط الجالية العربية الأمريكية، منها موضوع الخلاف في بعض المواضيع الدينية كاستهداف الأقباط في مصر من منظور ديني، والبعض تحدث عن أننا كمسلمين هل ديننا يسمح أن نستهدف غير المسلمين، وهو فهم خاطئ.

فمن خلال برنامجي استضيف علماء يتمتعون بالحكمة والتواصل الاجتماعي، واستطاعوا أن يتطرقوا إلى هذا الموضوع بمنطقية، وجاءوا بدلائل من الكتب الدينية، وطبعًا كان لهذا الحوار الشفاف أثره العميق في تعزيز القيم السمحة وقيم السلام والحوار والانفتاح.

فهذه القيم يتم تعزيزها من خلال الحوار الشفاف، فنحن نعلم أن الإعلام سلاح ذو حدين، فهو يمكن أن يعزز الحوار أو يؤججه. والحوار الشفاف والمصداقية في العرض هي التي تميز راديو صوت العرب من أمريكا، لذلك لنا متابعين من الجالية العربية على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية.

وقد لفت نظري رأي إحدى المستمعات من مصر عن تأثير التمويل، لكن نحن استطعنا أن نتجاوز فكرة الضغوطات الاقتصادية والإعلامية التي يقع فيها البعض بسبب الجهات السياسية والاقتصادية الممولة لهذه الصناعة، وبالتالي هناك أطروحات معينة تتناسب مع هذه الإنجازات أنا طبعًا أقول البعض وليس الكل، وأتمنى أن نستمر على هذا النهج في راديو صوت العرب من أمريكا، وأن يكون هناك توجه مباشر من الجاليات العربية في دعم راديو صوت العرب من أمريكا لكي نستمر في تقديم هذه البرامج التي تعزز قيم التسامح والسلام، وبالتالي يكون لنا دور فاعل في هذا الموضوع.

التقليدي والجديد

* أتوجه بالسؤال إلى أستاذ محمد السطوحى.. في الماضي كانت العائلة تجتمع حول الإذاعة لتستمع إلى سهرة أم كلثوم، أو تلتف حول سهرة تمثيلية أو مسرحية، التي كانت كلها تهدف إلى إرساء روح التسامح بين أفراد المجتمع..هل ما زالت هذه الأجواء المميزة للراديو موجودة؟

** طبعًا، بصرف النظر عن التسامح في حد ذاته كقيمة من القيم التي تسعى إليها وسائل الإعلام وليس فقط الراديو، فالراديو ليس منظومة لتعزيز التسامح، فهناك وظائف أخرى يقوم بها الراديو كالأخبار والتعليم والتثقيف والتوعية إلى آخره، وليس التسامح فقط، والذي يمكن أن يتم ترسيخه أيضًا من خلال القدوة والنموذج، وتقديم معاني يظهر بها معنى التسامح.

لكن أن تلتف الأسرة حول الراديو كما كان من قبل.. فأعتقد أن هذا أصبح شكلا قديمًا، ويجب أن يتعامل الراديو مع المعطيات الجديدة كغيره من وسائل الإعلام، حتى هنا في الولايات المتحدة فإن الجيل الأكبر سنًا، 65 فما فوق، هم الأكثر ارتباطًا بوسائل الإعلام التقليدية كالراديو والتليفزيون، وعندما نتجه إلى الجيل الأصغر نجدهم يتجهون إلى وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر، ومن هنا لا نستطيع  أن نقول أن هذا الشكل التقليدي مازال قائمًا بالنسبة للراديو.

ثقافة السلام

* لنتحدث الآن عن موضوع السلام، فالعالم من حولنا الآن أصبح دمويًا ويشهد العديد من الصراعات والحروب، لذا أستاذ عادل سليمان هل تهدف بى بى سى لندن من خلال برامجها الإذاعية إلى بث ثقافة السلام؟

** مسألة بث القيم كالتسامح والسلام تبدأ بالمصداقية في عرض الأخبار، فعندما تنشر خبرًا دقيقًا موضوعيًا سليمًا مصاغًا بشكل جيد فهذا في حد ذاته يساهم في تعزيز السلام، وعندما توصل معلومة صحيحة غير مغرضة فأنت تنشر الحقيقة التي ترسخ السلام وتمنع الفتن.

من هذا المعنى أفهم أنا هذه الشعارات التي ترفعها الأمم المتحدة في اليوم العالمي للراديو باعتباره وسيلة سهلة غير مكلفة يمكن مصاحبتها أينما كنت، وتستطيع أن تطرح العديد من القضايا، وأن تصبح منبرًا لكثير من الأصوات، لهذا فالراديو يلعب دورًا في بث كل هذه القيم بإتاحة الفرصة للناس وللقضايا أن تكون ممثلة ومطروحة بشكل يسمح بالحوار حولها بمصداقية وموضوعية وجرأة، لكن لكي يتحقق هذا لابد من توفير الحرية والاستقلالية والرغبة في أن يكون لديك هذا الدور.

* زميلتي عائشة بيار، تسعى تونس بعد الثورة للسلام، والإذاعة لها دور في ذلك، فما هو دوركم في نشر السلام بالمجتمع؟

** أنا أتفق مع زميلي حول أن الأخبار هي معلومة يجب أن تصل بكل شفافية وموضوعية وحيادية، لكن الإذاعة لا تبتعد ولا تريد أن تبتعد عن نشرها للسلام بين الناس، وأنت سألتني عن البرامج فأنا أرى أن برامج الليل مثلاً فيها الكثير من البرامج التي تسعى إلى نشر السلام، من خلال عرض العلاقات التي تنم عن التسامح والحب والسلام، ونحن نسعى  في تونس إلى إرسال هذه المعاني من خلال الراديو.

السلام الاجتماعي

* زميلتي ليلى الحسيني، نحن نمر هنا في أمريكا بوضع استثنائي مع الرئيس ترامب، فما هو دور الإذاعة في بث السلام بين الجالية العربية بأمريكا؟

** حقيقة أتفق مع الأستاذ عادل فيما يتعلق بمصداقية الخبر، فهي تقود حتمًا إلى الشفافية، وتجعلنا نغطى الخبر بشكل دقيق ونتناول الحدث بشكل من الحرية التي تتمتع بالتوازن والموضوعية.

أما بالنسبة للرئيس ترامب فأعتقد أن ما نتمتع به من حرية في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتأثر بالسياسات التي ينتهجها الرئيس، لكن نحن عندما نأتي بالرأي والرأي الأخر يكون خبرنا ذا مصداقية، وأظن أننا نساهم في إيضاح الصورة بشكل أفضل للمتلقي والمستمع الذي يثق بنا.

ونحن كمنصة إعلامية بالولايات المتحدة الأمريكية استطعنا أن يكون لنا هويتنا الخاصة، وأصبح لراديو صوت العرب سحر وجاذبية خاصة ومتابعة عالية، وذلك على الرغم من ضعف الحالة الإعلامية في أمريكا.

* الإعلامي والمحلل السياسي محمد السطوحى، إن كانت الإذاعة ووسائل الإعلام تبنى السلام وتدعمه، فلماذا لا ينعم  الوطن العربي بالسلام؟

** أرى أن هناك حالة استقطاب حادة في الوطن العربي، ليس فقط بسبب القضايا السياسية، ولكن بسبب قضايا أخرى كثيرة مثل كرة القدم، فحالة الاستقطاب في تشجيع بعض الأندية وصلت إلى درجة مخيفة تهدد السلام الاجتماعي.

ويمكن أن يكون للراديو دور في إرساء السلام الاجتماعي من خلال إظهار نماذج أكثر رقيًا في الحوار والمنافسة بشكل راقي يمنع الوقوع في هوة النزاع، فنحن نجد مثلاً أن هناك مشاكل كبيرة حدثت بسبب كرة القدم مثل أحداث بورسعيد التي مات فيها أكثر من 70 من جمهور النادي الأهلي بسبب التعصب الكروي، ومثل هذه الأحداث تعتبر جرس إنذار يوضح أن مثل هذه المشاكل البسيطة يمكن أن تؤدى إلى كوارث، ويجب على جميع وسائل الإعلام نشر روح التسامح وعدم الاستقطاب.

مستقبل الراديو

* ما هي توقعاتك لمستقبل الراديو أستاذ عادل سليمان؟

** أظن أنه مستقبل حافل طالما ظل هذا الصوت الذي حمل إلينا هذه النماذج التي توضح دور الإذاعة في التثقيف والتوعية والتنوير.

* زميلتي عائشة بيار مستقبل الراديو إلى أين؟

** سيبقى للراديو بريقه وجماله ورونقه طالما كان الراديو صادقاً تعدديًا وشفافًا.

* مستقبل الراديو زميلتي ليلى الحسيني؟

** على الرغم من انتشار ثورة المعلومات عبر قنوات التواصل الاجتماعي إلا أن الراديو سيبقى له بريقه وجاذبيته.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى