الراديورمضان

رسالة الإسلام للأغنياء: “لقمة في بطن جائع خير من إعمار جامع”

المجتمع الذي لا يتحمل مسئولياته تجاه الضعفاء والمحتاجين مجتمعٌ متأخر

إعداد وتقديم: د. شادي ظاظا

أعزائي المستمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إن الناظر في حقيقة الدعوة والحضارة الإسلامية يجدها قائمة على المسئولية، فالأديان كلها تدعو الإنسان لأن يشعر بمسئوليته، ويعيش ويحيا في سبيل أن يحقق الواجب تجاه المسئولية التي أوكله الله سبحانه وتعالى بها، وإلى التحدي وتفجير الطاقات.

فقد قال الله تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، فالمسئولية الأولى التي نحملها في حياتنا هي عبادة الله سبحانه وتعالى. والنبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”، فالإنسان راعٍ في بيته، وأنت راعٍ في مجتمعك، فأنت تحمل مسئولية أن تكون عونًا للفقير والضعيف.

هذا الإنسان الذي يشعر بهذه المسئولية، تختلف حياته عن حياة الآخرين، فيبدوا إنسانًا معطاءً، وإذا تجاهل مسئولياته يكون في مؤخرة الركب، والمجتمع الذي يهمل مسئولياته تجاه الضعفاء والمحتاجين مجتمعٌ متأخر، وفي هذا ملمح عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إنما تنصرون بضعفائكم”

الاهتمام بالفقراء

لو كان المترفون أثروا حياتهم، واكتفوا بما لديهم، ولم يشعروا بمسئوليتهم تجاه الضعفاء والمحتاجين، فكيف يكون شكل المجتمع، أما إذا قاموا بمسئوليتهم، فقد استثمروا ذلك مع الله. فلابد للإنسان أن يبذل كل ما لديه لينقي المجتمع من الغل والحقد، لأن الشخص الفقير المُستضعف، إذا شعر بعدم الاهتمام والاكتراث، سيصبح قنبلةً موقوتةً تنفجر في أي مكان، لأن هذا الإنسان أصبح يمتلئ حقدًا وكراهية تجاه المجتمع.

ولذلك أمر الله الإنسان الغنى أن يعطي من زكاة ماله لهذا الفقير، ليفرغ هذا الشعور الذي انعزل بسببه عن المجتمع، وكأن المجتمع يقول له “نحن معك”.

مشاعر متفاوتة

الناسُ الآن على مستوى متفاوت من الشعور بالمسئولية، إنسان يحركه منظرٌ قاسٍ جدًا من الفقر، وشخص تحركه كلمة ٌلا يستطيع أن يتحملها. والحقيقة أنه كلما زاد الشعور الإنساني في قلب الإنسان، زاد شعوره بالمسئولية تجاه الضعفاء والمحتاجين.

أن تشعر أنك مسئول فهذا دليل على حكمة وعقل في تعاطيك مع أمور الحياة، وأنك ممتثل لأمر الله وأنك فهمت المغزى من العبادات.

جبر الخواطر

الشخص الذي يبنى مسجدًا بملايين الدولارات، وهناك آلاف الفقراء الذين يموتون من الجوع، هو لم يحقق المغزى من بناء المسجد، لذلك قالوا: “لقمة في بطن جائع خير من إعمار جامع”.

أن تجبر خاطر يتيم أو مسكين أوأرملة فهذا شعور بالمسئولية وهذا عند الله سبحانه وتعالى أفضل من أي عبادة تتعبد بها، فالشخص الذي يحج كل عام، رغم أن الحج فريضة في العمر مرة لمن استطاع إليه سبيلا، فلو وجه ماله هذا لتزويج الشباب، وإغاثة الفقراء والنازحين، ورعاية الأيتام، أو تعليم المشردين، لكان خيرًا له من الحج كل سنة.

لابد أن تشعر الأمة كلها بالمسئولية تجاه هذه القضايا، حتى يعم السلام على الأرض، ويبقى الناس متواصلين.

هناك شخص تجده يعيش في قصر، ينفق في الشهر ما تنفقه عائلة في ثلاث سنوات، إذًا هناك خلل في المجتمع، فلابد أن يكون لدى الإنسان الحس المُرهف والشعور بالفقراء والمحتاجين في مجتمعه.

الشعور بالمسئولية

إذا كنت أنت سعيدًا فهذا لا يعني أن المجتمع كله يعيش في سعادة، فهناك أناسٌ يعيشون في يأسٍ وإحباط، هؤلاء يحتاجون منك أن تشعر بهم، وأن تكون عونًا على رفع معاناتهم.

شعورك بهذه المسئولية شعور تثاب به في الأرض وفي السماء، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما وصل إلى هذه المكانة التي شرفه الله بها إلا لأنه شعر بالمسئولية فلو أراد النهوض بمجتمع قريش فقط لما تحرك هذا الدين من مكة، ولكن شعوره بالمسئولية هو الذي جعل الإسلام ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها، وحمل المسلمون من بعده هذه القيم الجميلة، ونشروها في بقاع الأرض، وأقبل الناس يدخلون في دين الله أفواجًا.

فشعورك بالمسئولية دليلٌ على صحة عقلك وتفكيرك، وتحقيقك لمقاصد الدين ومقاصد العبادة، بل ومقاصد الخلق.

جعلنا الله وإياكم ممن يؤدون المسئولية على أتم وجه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى