الراديو

راديو صوت العرب من أمريكا في متابعة حيّة لأوضاع اللاجئين بالأردن

جهود كبيرة ومشاريع تنموية مميزة لمكتب مؤسسة رحمة الإغاثية

أجرى اللقاء بالأردن: ليلى الحسيني- أعده للنشر: محمد سليم / مروة مقبول

على هامش زيارته إلى المملكة الأردنية الهاشمية حرص “راديو صوت العرب من أمريكا” على زيارة مكتب مؤسسة رحمة الإغاثية بالأردن، للإطلاع على نشاطات المكتب، وجهود مؤسسة “رحمة” في دعم وإغاثة اللاجئين هناك.

في هذا الإطار استضافت الإعلامية ليلى الحسيني، الأستاذ محمد أسامة الصياصنة، المدير التنفيذي لمؤسسة رحمة الإغاثية في مكتب الأردن، للتعرف على جهود المكتب في مساعدة المحتاجين، ومحاولة رسم الابتسامة على وجه اللاجئين السوريين، خاصة وأن هذه المؤسسة، صاحبة الجهود الكبيرة في أعمال الخير والإغاثة، ولدت من رحم الأزمة في سوريا، والتي تعد الكارثة الإنسانية الأكبر على مدى التاريخ.

هدف نبيل

التحق الصياصنة بالعمل في مؤسسة رحمة الإغاثية في أواخر عام 2015، وسعى منذ ذلك الوقت إلى تحويل نشاطات المؤسسة بالأردن من العمل الإغاثي إلى المشاريع التنموية، وهو الهدف النبيل الذي دفعنا إلى تغطية هذه المشاريع والخطط التنفيذية اليوم معكم في “راديو صوت العرب من أمريكا”.

* أرحب بك معنا مباشرة من الأردن أستاذ أسامة، وأتشرف وأسعد بلقائك اليوم في ربوع المملكة الأردنية الهاشمية.

**أهلاً وسهلاً بكم في مكتبنا بالأردن، ونتشرف بوجودكم وتغطيتكم الدائمة لمشاريع مؤسسة “رحمة” في كل مكان ولنا الشرف في ذلك.

* نعم أستاذ أسامة.. نحن نحرص على تغطية النشاطات والفعاليات الكثيرة للمؤسسة في مكتبها الرئيسي في ولاية ميشيجان، والآن نسعد بلقائكم في الأردن، وقد لاحظت هنا حضور أكثر من رائع لمشاريع إغاثية خاصة باللاجئين في الأردن، ولكم سمعة طيبة بين اللاجئين تُشكرون عليها.

** مكتب الأردن تم إنشاؤه لتحقيق عدة أهداف أهمها مساعدة الجنوب السوري، وذلك كون الأردن هو المكان الأقرب لخدمة اللاجئين أو المُهجرين من الجنوب السوري، بالإضافة إلى مساعدة اللاجئين السوريين المتواجدين في الأردن، وكذلك مساعدة الفئات المحتاجة في البلد المضيف.

أوضاع اللاجئين

* أستاذ أسامة هناك أقوال متضاربة حول أوضاع اللاجئين السوريين عمومًا، وطبعًا سنركز في حديثنا وحورانا على هذه الأوضاع الناتجة عن أكبر أزمة إنسانية عبر التاريخ، في ظل استمرار الأزمة لأكثر من 7 سنوات متواصلة، دون وجود أي حلول سياسية واضحة أو حقيقية على أرض الواقع، بداية حدثني عن أوضاع اللاجئين بالعموم في الأردن.

** الأردن تضم العديد من اللاجئين، وأكثرهم لاجئون سوريون، ولدي إحصائية صدرت عن مفوضية اللاجئين في الأردن في ديسمبر الماضي 2018 تبين وجود 672 ألف لاجئ سوري بالأردن، يتمركز معظمهم في شمال الأردن وعمان، ووصل عدد اللاجئين في المخيمات 126 ألف لاجئ، ونسبتهم تعادل 19%، والباقي يتواجدون في المدن الأردنية الأخرى.

وتقدر  نسبة الإناث من العدد الإجمالي 50.3%، وهذا العدد كبير جدًا، ويحتاج منا إلى وقفة عميقة لدراسة حاجاتهم وأوضاعهم.

ويعاني اللاجئون السوريون في الأردن، وخاصة خارج المخيمات، من عدة مشاكل، أهمها تأمين إيجار السكن في ظل غياب فرص العمل لهؤلاء اللاجئين بشكل يسد احتياجاتهم، مما جعل هناك مشكلة حقيقية في تأمين إيجار السكن، وإذا قمنا بإحصاء أو استبيان فستجدين معظم اللاجئين يشكون من هذه المشكلة، وهذا جعلنا نفكر في أن ننتقل بجهودنا نحو اللاجئين من الإغاثة إلى التنمية.

احتياجات اللاجئين

* أستاذ أسامة.. نريد أن نتعرف أكثر على هموم اللاجئ السوري في الأردن، فكما ذكرت هناك مشكلة إيجار البيت والتعليم والاحتياجات اليومية في ظل عدم وجود فرص عمل، ولا يخفى على أحد أن الأردن بلد صغير، وقد يعانى من قلة فرص العمل بالنسبة للمواطنين الأردنيين أنفسهم، ويعتمد على المساعدات الخارجية في استضافته لعدد كبير من اللاجئين.

** اللاجئ السوري يحتاج إلى سكن وتعليم ورعاية صحية وتأمين الغذاء اللازم له، كما أن الخدمات الصحية متوقفة تماما تقريبًا، وخاصة العمليات الجراحية وما يخص المرأة والطفل. ولمعلوماتك هناك 80 حالة ولادة أسبوعية تتم في مخيم الزعترى فقط، وقيسي ذلك على باقي أنحاء المملكة، والخدمة الطبية غير متوفرة لهم ولأمهاتهم ولأصحاب الأمراض المزمنة، وهذا عبء كبير جدًا على اللاجئ السوري، بالإضافة إلى التعليم وخصوصًا التعليم الجامعي، لذلك سعت مؤسسة رحمة الإغاثية إلى الدخول في هذا المجال وتأمين منح جامعية مميزة للطلاب الجامعيين، وسيظهر هذا إن شاء الله خلال العام الحالي 2019.

* دعنا نتفق على أن اللاجئ السوري يواجه تحديات كبيرة في الأردن، فهذا البلد الصغير رغم إمكانياته المحدودة استضاف عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، وقبلهم اللاجئين العراقيين والفلسطينيين، وهناك حاليًا أزمة في اليمن والصومال. وقد نتفق على أن الأردن قدم ما يستطيع تجاه اللاجئين حتى الآن.. فما هو رأيك في ذلك أستاذ أسامة؟

** الموارد الاقتصادية للأردن يستفيد منها الجميع، لذلك فالنهوض بفرص العمل وسبل العيش هي ضرورة قصوى سواء للمواطن الأردني أو اللاجئ السوري، وهذا ما نسعى إليه في برنامج وخطة 2019. وقد تكون الموارد الموجودة في الأردن فقيرة، لكن الأردن يتميز بالاستقرار السياسي والأمني، ودورنا أن نعمل جاهدين بكل طاقتنا لتشغيل اللاجئين السوريين والمحتاجين من البلد المضيف.

عوائق عودة اللاجئين

* قبل أن ننتقل إلى نشاطات مؤسسة الرحمة بالأردن، أود أن أوضح إلى مستمعينا في أمريكا الشمالية أنه فتح المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا لفترة من الزمن، فهل لا يزال هذا المعبر مفتوحًا وكم عدد اللاجئين الذين قرروا العودة إلى سوريا، وهل أوضاعهم آمنة بالعموم؟

فالبعض يسأل: لماذا لا يعود اللاجئون السوريون في الأردن إلى وطنهم، أليس من الأفضل أن يعودوا وأن تكون لهم حياة كريمة في بلدهم أفضل من التي يعيشونها في بلدان الجوار؟

** فيما يتعلق بموضوع عودة اللاجئين لن أتطرق إلى الناحية السياسية، لكن أحب أن أنوه إلى أن الأردن مشكورًا فتح المجال للعودة الطوعية لمن يشاء، حسب تقدير الوضع، لكن اللاجئ يرى أن العودة غير آمنة لأن الأوضاع المعيشية غير مستقرة في الجنوب السوري.

* ليس في الجنوب السوري فقط، بل في سوريا كلها، لكن دعنا نوضح لمستمعينا في أمريكا الشمالية ما هي تكلفة المعيشة اليومية البسيطة للمواطن السوري؟

** حسب تواصلنا مع الداخل السوري فالأسعار هناك نوعًا ما مقبولة، بشرط توافر الدخل المادي، ولكن المشكلة في سوريا أنه لا يوجد عمل، ولا توجد أموال نقدية جاهزة مع الناس حتى تستطيع شراء احتياجاتها.

* ولكن على حد علمي فالسلع غالية أستاذ أسامة، فقد استمعت للكثير من المواطنين السوريين ممن ليسوا تحت خط الفقر ولكن معظمهم أغنياء ومع ذلك يعانون من غلاء المعيشة.

** هذا يرجع بالطبع إلى عدم وجود عمل يوفر الأموال، ويزداد الأمر صعوبة في ظل تراجع سعر صرف الليرة السورية وارتفاع سعر الدولار. كما أن نسبة الفقر تتجاوز 86% في الداخل السوري، وأتكلم عن الجنوب السوري تحديدًا، وهذا عامل غير مشجع لعودة اللاجئين إلى سوريا.

* إذا تجاوزنا الهاجس الأمني، وتجاوزنا الشق السياسي، فسيبقي سوء الوضع الاقتصادي وانخفاض سعر الليرة هو أهم المشاكل التي تمنع اللاجئين من العودة إلى سوريا، بالإضافة إلى أنهم لا يرون مستقبلاً جيدًا يلوح في الأفق في ظل غياب الحل السياسي.

**اتفق معكِ تمامًا، فلقد تواصل معي كثيرون، وما زالوا يتواصلون، لأنهم يعلمون أن مؤسسة رحمة من المؤسسات التي لها جهود بارزة في الجنوب السوري، وكانت تقدم خدمات كبيرة سابقًا قبل إغلاق الحدود أو المعابر الإنسانية، وهؤلاء وضعهم الاقتصادي سيء جدًا جدًا، وهذا ما يجعل اللاجئين هنا يفكرون كثيرا قبل العودة إلى سوريا.

مشاريع تنموية

* هناك عامل مهم لتشجيع اللاجئ على العمل، فكما علمت أن مفوضية اللاجئين قد توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الأردنية على إصدار تصاريح عمل إلى بعض السوريين بحسب كل حالة، ولكن هناك مشكلة تتمثل في غياب فرص العمل حتى بالنسبة للمواطن الأردني، فما بالنا باللاجئ السوري. إذا ما هو دور مؤسسة رحمة وأنشطتها في الأردن حاليًا، وما هي مشاريعكم التنموية التي حدثتنا عنها قبل اللقاء أستاذ أسامة؟

**نسعى لخلق أفكار لمشاريع تنموية إنتاجية، تساعد اللاجئ مع أخيه المحتاج من البلد المضيف، والأفكار التي وفرناها واعدة، والمشاريع التي نعمل عليها ستحقق إن شاء الله التنمية البشرية والاقتصادية لهؤلاء المحتاجين. ومن أهم المشاريع التي نركز عليها هي الزراعة المستدامة، ومجال إعادة تدوير المخلفات، وهو مجال بيئي اقتصادي اجتماعي تنموي، وربما ستجدون نتائج جيدة إن شاء الله في زيارة قادمة، وستطلعون على هذه النتائج، وهذا بالإضافة إلى مشاريع تمكين المرأة، والمشاريع الصغرى المنزلية التي سمحت بها الحكومة الأردنية وشجعت عليها.

تمكين المرأة

* ما لفت نظري هو دور مؤسسة “رحمة” الإغاثية في التعليم، والتركيز على تعليم الأطفال وتمكين المرأة، وقد أفرزت الحرب للأسف أرامل وأيضًا أطفال بدون معيل، ففي الشرق الأوسط كما تعرف الرجل سواء الأب أو الأخ هو من يقوم بإعالة الأسرة، والغريب عن الأسرة السورية أو المجتمع الشرق أوسطى أن تعمل المرأة في وجود الأب والأخوة، ولكن هذا يحدث الآن أكثر بكثير من السابق، لكن لا تزال هناك العديد من الأسر التي لا تفضل عمل البنات، ولكن الظروف الحالية تدفعنا أن نقوم بتمكين المرأة، فما هو دور “رحمة ” في هذا المجال؟

**سأذكر لك واقعة قد تساعد على تغيير النمط القديم، فقد عملنا على إقامة دورات مميزة جدًا للسيدات السوريات، وحضر المدير العام لمؤسسة رحمة إحدى هذه الدورات، وكانت السيدات المشاركات عبارة عن لاجئات سوريات يتميزن في تصنيع أشياء منزلية كالتطريز والكريمات والعطور والصابون، والأهم من ذلك أن المرأة السورية أو اللاجئة السورية دخلت في دوراتنا التدريبية على الحرف المهنية مثل السباكة، وكانت هناك دورة مميزة للإسعافات الأولية أقامتها إحدى السيدات السوريات للاجئات السوريات.

تمكين الطلاب

* هذا موضوع مهم ومشجع جدًا أن تتعلم المرأة السباكة وهي مهنة صعبة وكانت حكرًا على الرجال، لكن ما هي مشاريعكم لهذا العام؟

** من أهم خططنا لعام 2019 إنشاء الله هو تمكين الطلاب المنقطعين عن الدراسة من متابعة دراستهم، وذلك بمساعدة المكتب الرئيسي لنا في أمريكا، ونرجو من الداعمين لنا دعم هذا المجال، وهو المنح الجامعية، فكثير من الطلاب السوريين بعد انتهائهم من الثانوية العامة لا يستطيعون الالتحاق الجامعات، وخاصة الجامعات الخاصة، لأن الجامعات الحكومية من الصعب جدًا الالتحاق بها، والجامعات الخاصة رسومها عالية جدًا جدًا، ويوجد كثير من الطلاب المتفوقين يحتاجون ويلحون علينا دائمًا لأنهم يريدون إكمال دراستهم.

* أضم صوتي إلى صوتك أستاذ أسامة في هذا الموضوع الذي يعد من أهم  أولوياتي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولطالما ركزت على أهمية التعليم، وخاصة ما أفرزته الأزمة في سوريا، فهناك جيل كامل وأكثر من 5 ملاين طفل سوري خارج منظومة التعليم، فماذا سيخرج لنا من هذا الجيل أستاذ أسامة.

فنحن يمكننا أن نساعد طالبين أو 5 طلاب أو 10 طلاب أو 20 طالبًا، ولكن لن نستطيع أن نحل أزمة فشلت الأمم المتحدة في حلها، وفشلت الدول المانحة في حلها، ولكن نستطيع أن ننقذ طفل يمكن أن يكون هناك استهداف له ولطفولته، ويتم جره إلى التطرف والجريمة، وإلى كل ما يمكن أن يعطيه الشارع لهذا الطفل من سلبيات في ظل غياب الرعاية المجتمعية له.

مشاريع رمضان

* دعنا أستاذ أسامة نركز على جانب آخر هام من مشاريع مؤسسة رحمة، فشهر رمضان اقترب إن شاء الله، ونريد أنه يحمل معه الرحمة والفرج لكل اللاجئين والمُهجرين من سوريا واليمن والعراق في كل بلداننا العربية الحبيبة، فما هي مشاريع مؤسسة رحمة في رمضان في الأردن تحديدًا؟

** خططنا لهذه السنة مميزة بإذن الله في مجالين، وهما أن يتم تأمين الدعم والوجبات بأيدي سوريات إن شاء الله، من خلال مطابخ إنتاجية سورية، بحيث يعم الخير على الجميع، لذا سيكون المحور الأول هو تأمين الوجبة الساخنة الكريمة للصائمين والمحتاجين، والمحور الثاني أنه سيكون بأيدي سورية إنشاء الله.

اتفاقيات ومذكرات تفاهم

* نتمنى لكم التوفيق، ونختم معك بأهم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الهيئات والمنظمات الدولية، فماذا عنها؟

** الاحتياجات كبيرة وكثيرة، والتواصل مع هذه المنظمات يجب أن يكون بحجم هذه الاحتياجات، وطبعًا تواصلنا مع منظمات كبرى لمحاولة العمل في الداخل بقدر استطاعتنا، وكان هناك تعاون مع منظمة الصحة العالمية لإيجاد بعض الحلول للمرضى السوريين، وخاصة فيما يتعلق بالأمراض المزمنة، وشاركنا أيضًا في دورات توعوية وتثقيفية، وسنشارك خلال السنوات الثلاث القادمة إن شاء الله في حملة عالمية لوقف التدخين في الأردن، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

وقمنا بعمل اتفاقية مع منظمات كورية تعمل على تركيب أطراف ذكية لمبتوري الأطراف وهم كثيرون، ويجب أن نتعاون أيضًا مع منظمات وجمعيات المجتمع المحلى لعلمها بالمستفيدين أكثر منا، كونهم أبناء البلد، وهذا إن شاء الله سينشر الخير والرحمة التي هي من سياسة مؤسسة “رحمة” في المجتمع الذي نعيش فيه، ويوجد أيضًا شيء أساسي في مكتب “رحمة” بالأردن، وهو أننا جاهزون إن شاء الله بالتعاون مع باقي فرق “رحمة” في كل العالم لنزودهم بخبراتنا ومشاريعنا لتكون مميزة دائمًا.

* نتمنى لكم التوفيق أستاذ أسامة في كل هذه المشاريع الخيّرة الطيبة التي تساهمون بها في تخفيف معاناة اللاجئين والمعوزين في أوقات الحاجات دائمًا، فرحمة الخير كانت دائمًا موجودة، وستبقى إنشاء الله. ولكم منا كل الشكر والتقدير على هذه الدقائق التي استمتعنا فيها معكم بالاستماع إلى كل المشاريع الخَيّرة التي تقدمونها.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى