الراديو

د . ظافر عبيد في نصيحة الصباح : هَاجِم المرض قبل أن يُهاجمَك.. الفحص الدوري أسهل الطرق نحو شفاء مُبكِّر

 أجرى اللقاء: ليلى الحسيني

أعدها للنشر: هارون محمد- تحرير: علي البلهاسي

لا يفكر البعض في الذهاب إلى الطبيب إلا عندما يشتكون من ألم أو مرض معين، ولا يدرك هؤلاء أهمية الفحص الدوري الشامل في الاكتشاف المبكر للأمراض، وبالتالي إمكانية علاجها قبل أن تتطور حالة المريض إلى الأسوأ.

ولأن الوقاية خير من العلاج فهناك العديد من الفحوصات الدورية التي يجب أن نقوم بها حتى نتأكد من سلامة جسمنا وأن صحتنا على ما يرام. فالمرض لا يأتي فجأة، وإنما تكون له أعراض ومؤشرات لا تكون ظاهرة في بدايتها، ولا يمكن اكتشافها إلا من خلال إجراء فحوصات.

وفي وقتنا الحالي أصبحت الفحوصات الدورية ضرورة لا رفاهية، خاصة في ظل انتشار وظهور العديد من الأمراض، وفي ظل التقدم العلمي الكبير في مجال الفحص الطبي الذي جعل بإمكاننا تشخيص الحالة الصحية بسهولة واكتشاف أي أمراض مبكرًا، حتى نمنع حدوث أي مضاعفات له.

حول أهمية الفحص الطبي الشامل يحدثنا الدكتور ظافر عبيد، أخصائي الطب العام، والذي استضافته الإعلامية ليلي الحسيني في فقرة “نصيحة الصباح” على “راديو صوت العرب من أمريكا”.

غياب الوعي

* في رأيك د. ظافر.. لماذا يجهل الكثير من الناس أهمية الفحص الشامل، ودوره في الاكتشاف المبكر للأمراض، ولا يذهبون إلى الطبيب إلا عندما يشتكون من مرض معين؟

** هذه الظاهرة موجودة في كل المجتمعات، لكنها منتشرة بشكل أكبر بين الجالية العربية، والمشكلة هي عدم وجود وعي كافي لدى أبناء الجالية العربية بأهمية الفحوصات الدورية والوقائية، وربما كان السبب في ذلك أيضًا خوف البعض من أن يكتشفوا وجود مرض معين. وهؤلاء لن يفكروا في الذهاب إلى الطبيب إلا إذا أصابهم المرض، وهذا خطأ، لأنه في كثير من الأوقات يكون الاكتشاف المبكر للمرض كافي لعلاجه بشكل كامل، خاصة في حالات أمراض السرطانات، أما إذا تأخر المريض فيكون العلاج أصعب.

خوف غير مبرر

*دكتور، هناك قول مأثور الذي نعرفه جميعًا وهو أن “الوقاية خير من العلاج”، وقد سمعت جملة مؤخرًا يتداولها الكثيرون من الطبقة المثقفة في جاليتنا وهي “لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنون”، فهل من المعقول أننا نخاف من الفحص حتى لا نكتشف أننا قد نكون مصابين بأي مرض؟

** هذا الخوف موجود بالفعل، لكنه خوف غير مبرر في زمننا الحالي، لأن أغلب الأمراض وحتى السرطانات أصبح لها علاج، طبعا أتكلم عن الوضع في الولايات المتحدة الأميركية، فالمفروض أنه لا يوجد حاليًا سيدات يتوفين بسبب الإصابة بمرض سرطان الثدي، فقد أصبح لهذا المرض علاج حتى في أغلب المراحل. وما يجب أن يعلمه الجميع أن الخوف لا يقي من المرض، وإنما الفحص هو الذي سيقي من المرض.

والفحص الدوري عند الطبيب له ثلاث فوائد، الأولى أنه يعزز الوقاية من الأمراض عن طريق الكشف المبكر لها، والثانية هي تشخيص الأمراض، فالكثير من الناس مثلاً يكونون مصابين بمرض السكري أو الضغط ولا يعلمون ذلك، لكن إذا تم إجراء فحص دم سيتم تشخيص مرض السكري ومرض الكولسترول وبالتالي علاجهما بشكل مبكر. والفائدة الثالثة هي ضبط الناحية السلوكية للمرضى، من ناحية التدخين، أو من ناحية الغذاء، أو من ناحية الرياضة. فزيارة الطبيب تفي بهذه الأمور الثلاثة، الوقاية، التشخيص، وضبط السلوكيات الصحية العامة.

أهم الفحوصات الدورية

* إذا أردنا أن نستعرض معك أهم الفحوصات الدورية التي يجب أن نحرص عليها، وهل يجب أن تتم شهريًا أو كل ستة أشهر، فبما تنصح متابعينا؟

** لتحديد ذلك نقوم عادةً بتقسيم المرضى إلى فئات عمرية، فبالنسبة الأطفال وحديثي الولادة معروف أن أهم سبل الوقاية هو تلقّي اللقاحات، والتي يكون لها دور كبير في الوقاية من الأمراض، ويجب في هذه المرحلة العمرية أن يتم تلقّي اللقاحات في موعدها. وهنا في الولايات المتحدة لا يدخل الطفل المدرسة إلا إذا أتم أخذ لقاحاته. ومع تقدم العمر هناك فحوصات تتم للأطفال في سن المراهقة، وهناك فحوصات أخرى للشباب، وفحوصات أخرى دورية تتم في سن أكبر.

وعندما نتحدث عن الفحوصات الدورية عادة ما نقصد “فحوصات الدم”، التي تتم عادة سنويًا، إلا إذا ظهرت مشكلة معينة فيتم تحديد موعد الزيارات المقبلة لفحص الدم حسب النتيجة وحسب التشخيص. وهناك “الفحص السريري” الذي يقوم به الطبيب، وله دور كبير في كشف الأمراض التي لا يكشفها فحص الدم. فالكثير من المرضى قد يجرون فحوصات الدم ولا يكتشفون شيئًا، خاصة في حالات الكتل السرطانية في الثدي أو في أي مكان آخر، وهذا لا يكفي، فالطبيب لديه خبرة معينة في الفحص تُمكّنه من اكتشاف العقد اللمفاوية، اكتشاف أمراض معينة لا يستطيع المريض أن يكتشفها بنفسه من خلال الفحص العادي.

الفحوصات الوقائية

* هناك فحوصات تسمى “الأسكرين تيست”، أو الفحوصات الوقائية، التي يتم إجراؤها في سن معين. نريد أن نعرف أهم فحوصات “الأسكرين تيست” التي تكون بالأشعة بالنسبة للقلب والعيون والصدر، وما هي أهم الأشعة المطلوبة التي تنصح بها؟

** يتم تقسيم الفحوصات الوقائية “الأسكرين تيست” حسب نوع المرض، فهناك فحوصات تتعلق بالوقاية من السرطانات، وكذلك فحوصات القلب وغيرها، وبالنسبة لفحوصات السرطانات يتم تقسيمها إلى فئتين: الفئة العمرية، حيث يتم تحديد نوع الفحوصات حسب العمر، فمثلا كل سيدة في عمر الأربعين يجب أن تقوم بفحص سنوي للثدي “المامو جرام”، وكل سيدة يجب أن تقوم بعد الزواج بفحص عنق الرحم للوقاية من سرطان عنق الرحم.

وهناك فحوصات القولون، فكل إنسان بعد الخمسين يجب أن يقوم بفحص سرطان القولون، وهو عبارة عن “تنظير القولون” وهو الفحص الأهم والأدق، ولكن هناك فحوصات أخرى قد تُغني عن “تنظير القولون” إذا كان المريض لا يستطيع القيام به.

وكما أن هناك إذا فحوصات الثدي وعنق الرحم والقولون عند السيدات، فهناك فحوصات بالنسبة للرجال مثل فحص “البروستات”، فبعد عمر الخمسين، يتم إجراء فحص الدم المسمى psa مرة كل سنة، ولكن قد يتم إجراؤه في أعمار أصغر إذا كان هناك وراثة عائلية لسرطان البروستات، أو مثلا عند الأفارقة الأميركيين. وهناك أيضًا بالنسبة للرجل فحص “تنظير القولون” عند الخمسين، ويجب أن يتم كل 5 أو 7 سنوات، وهناك أيضًا فحص الأشعة للرئة بالنسبة للرجل المُدخّن أو السيدة المُدخّنة.

وبشكل عام تغطي هذه الفحوصات نسبة كبيرة من السرطانات، لأن أكثر السرطانات التي تصيب النساء مثلاً هي سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان القولون، وعند الرجال سرطان الرئة وسرطان البروستات وسرطان القولون. أما بالنسبة لبقية السرطانات فهناك مثلاً فحص دم لمعرفة تعداد كريات اللوكيميا، وهو سرطان الدم. كما أن الفحص السريري عند الطبيب يكشف وجود العقد اللمفاوية التي قد تدل على وجود السرطان اللمفاوي أو اللمفوما، وأيضا بقية السرطانات حسب الوراثة العائلية أو حسب نسبة الخطورة، ولكن هذه الفحوصات التي ذكرتها عند النساء وعند الرجال هي الفحوصات الأهم، لأنها تشمل النسبة الأكبر من السرطانات.

فحوصات القلب

* هناك فحوصات دورية يجب أن نقوم بها بالنسبة للقلب، واختبارات بالنسبة للكولسترول والسكر في الدم، فما هي أهم الفحوصات والاختبارات المطلوبة في هذا الشأن؟

**بالنسبة لموضوع القلب الموضوع كبير وشامل، فهناك أولا ما يسمى فحوصات “عوامل الخطورة”، وهي (السكري والدخان والكوليسترول والضغط)، فهي فحوصات تتم عند زيارة المريض للطبيب لتشخيص وجود هذه الأمراض، التي هي بالأساس تمثل عوامل خطورة قد تؤدي للإصابة بأمراض القلب. وعلاج هذه الأمراض هو أساس الوقاية من أمراض القلب.

لكن إذا كان لدى الطبيب شك في أن المريض لديه مشكلة في القلب تم اكتشافها من خلال “الفحص السريري” أو “القصة السريرية” التي يشرحها المريض للطبيب، فهناك فحوصات مهمة تكون مطلوبة في هذه الحالة مثل “فحص الجلد” الذي يكشف أمراض امتداد الشرايين القلبية، و”فحص التخطيط” الذي يكشف وجود اضطرابات النظم الكهربائي للقلب، وفحص “الإيكو” أو “الالترا ساوند” للقلب الذي يكشف وجود مشاكل في صمامات القلب. وبالطبع فإن موضوع فحوصات القلب هو مزيج من “عوامل الخطورة” مع “القصة السريرية” للمريض مع “الفحص السريري” للطبيب الذي يحدد مدى حاجة المريض لفحص القلب.

قياسات الجسم

* بالنسبة لقياسات الجسم مثل محيط الخصر والوزن وكتلة الجسم، لا يوجد من يتحدث عنها رغم أهميتها كمؤشر على الصحة أو الإصابة بالأمراض، فبماذا تنصح في هذا الموضوع؟

** أظن أن أغلب الأطباء حاليًا يتحدثون عن موضوع”bmi”  والذي يقصد به نسبة الوزن إلى الطول، وهو مؤشر جيد على مدى وجود مشكلة في الوزن عند المريض، بالإضافة لقياسات أخرى كمحيط الخصر، ونسبة الدهون في الجسم.

لكن الأسهل والأسرع والأقرب لفهم المريض هو مؤشر “bmi” لأنه يعطي مؤشر واضح، ونقوم بإجرائه في عيادتنا بسهولة، ونعطي من خلاله فكرة للمريض عما يجب أن يغيره من ناحية سلوكه الغذائي أو من ناحية الحركة وممارسة الرياضة، والأهم تخفيف الوزن لأنه هو السبب الرئيسي لكثير من الأمراض، وخاصة السكري والضغط وصعوبة التنفس، وهذه كلها أمراض خطيرة وتؤدي إلى مشاكل في القلب.

مرة كل سنة

* إذاً دكتور عبيد.. كم مرة نحتاج أن نذهب للطبيب قبل أن نشتكي من أي مرض؟

** إذا كان الشخص سليمًا ولا يشتكي من أي أمراض فيجب أن يقوم بزيارة الطبيب مرة في السنة على الأقل لإجراء الفحوصات اللازمة للاطمئنان على صحته، لأن الفحص قد يكشف وجود مرض ما مبكرًا قبل أن تظهر أعراضه، وقبل أن يفوتنا الوقت للتخفيف من مساوئ هذا المرض. ونحن كأطباء نلاحظ أن النساء عادة لديهن اهتمام أكبر بالصحة من الرجال، بل ونرى أن المرأة هي عادة من تشجع زوجها للذهاب إلى الطبيب.

* أخيرًا.. بماذا تنصح مستمعينا؟

** أعلم أن كل الناس لديهم مشاغل في الحياة تلهيهم عن الاهتمام بصحتهم، لكن علينا ألا ننسى صحتنا، لأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء.

لمتابعة اللقاء

 

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى