الراديو

حرب وكورونا واقتصاد منهار.. السوريون يخشون المجاعة والأوضاع المعيشة لا تُطاق

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

10 سنوات مرت على بدء الأزمة السورية، عانى فيها الشعب من ويلات الحرب.. آلاف من القتلى والمصابين، وملايين من المشردين والمهجرين، ثم جاءت أزمة كورونا لتزيد الأوضاع الإنسانية صعوبة.

وبينما السوريون مشغولين بمواجهة كل هذه التحديات والصعوبات، هبطت فوق رؤسهم أزمة أخرى، فقد حدث أكبر انهيار لليرة السورية في تاريخها أمام الدولار.

ومع دخول قانون “قيصر” حيز التطبيق تفاقمت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية أكثر وأكثر، وذلك بسبب تطبيق العقوبات الأمريكية التي يفرضها القانون الجديد، والتي يتوقع أن يكون لها تأثير كبير على حياة السوريين، وربما أكثر من تأثيرها على النظام السوري نفسه.

والآن بعد 10 سنوات من عمر الأزمة، كيف أصبحت المعيشة في سوريا؟، وما هى تكاليف المعيشة الشهرية للأسرة السورية في ظل استمرار انهيار الليرة السورية؟

الإعلامية “ليلى الحسينى” استضافت الدكتور “شادي ظاظا”، مؤسس منظمة رحمة في كل العالم، ليلقى الضوء على الأزمة الإنسانية الصعبة التي يعيشها المواطن السوري في الداخل والخارج.

أوضاع معيشية صعبة
* د. شادي؛ في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية والتراجع الرهيب في قيمة الليرة، بات الوضع المعيشي للسوريين لا يُطاق، بسبب ارتفاع أسعار السلع بمختلف أنواعها بشكل جنوني في الأسواق. فالسوريون ـ بحسب ما وصلني من رسائل ـ بات لديهم شعور مشترك بأن المجاعة قادمة، وهو ما دفعهم إلى سياسة التقفش الشديد والاقتصار في المصاريف. فما الذي يحدث بعد 10 سنوات من الأزمة وكيف يعيش المواطن السوري؟

** هذا نتيجة طبيعية بعد 10 سنوات من الأزمة، وانهيار الليرة السورية إلى مستوى قياسي لم تشهده من قبل في تاريخها، والأسواق السورية أصبحت معدومة تقريبًا، فالانتكاسات المتتالية للعملة وتذبذب سعر الصرف أدت إلى ارتفاع رهيب في الأسعار، والناس أصبحوا مهددين بالمجاعة.

على سبيل المثال؛ الموظفون يشكّلون الشريحة الأكبر ودخلهم لم يزداد طوال تلك الفترة، فالدولة ليس لديها شئ لتقدمه، والمواطن وجد نفسه في صراع حقيقي مع الاقتصاد، وانهيار الليرة، فأصبح لا يقوى على لقمة العيش البسيطة، حيث أصبح سعر الأشياء البسيطة بـ10 أمثال سعرها السابق.

أمثلة على وضع متأزم
* د. شادي؛ دعنا نعطي أمثلة على ذلك، فالبعض لا يصدق حقيقة المأساة التي يعيشها السوريون في الداخل.

** على سبيل المثال، ربطة الخبز أصبحت بـ 80 ليرة، هذا إن وجدتها، وطبعًا هذا بالنسبة للناس مبلغ خيالي، فعندما كان الدولار بـ 1000 ألف ليرة، كانت ربطة الخبز بـ 450 ليرة تقريبًا، يعني تقريبًا نصف دولار، لكن الآن الدولار تجاوز عتبة الـ10 آلاف ليرة. فهذه الأشياء الأساسية أصبحت الضعف وأحيانا 3 أضعاف، في حين أن الدخل لم يزداد.

يضاف إلى ذلك حواجز النظام العسكرية المنتشرة في كل مكان، والتي لا تسمح بدخول المواد الأساسية إلى كثير من المناطق، وإذا وافقوا على دخولها فإنهم يأخذون عليها مبالغ مالية، فالتاجر يدفع حتي يستطيع دخول المواد، بالإضافة إلى أن المواد بالأساس سعرها مرتفع، أضف إلى ذلك غياب الإنتاج المحلي، لأن هناك مصانع كثيرة دُمِرَت، وهناك شركات كانت تستورد موادها الخام بالدولار، وأصبح ممنوع التعامل بالدولار.

فالنظام منع التعامل بالدولار، ومن يستخدمه يكون مصيره السجن، لأن النظام يريد أن يجبر الناس على أن تكون كل تعاملاتهم بالليرة، فالمقومات الصناعية الوطنية مدمرة، ومصادر التشغيل واليد العاملة غير موجودة، والليرة تتدهور، فهذا الانخفاض المستمر عَكَس دمار هائل على بنية الاقتصاد السوري، وحطّم قطاعاته الإنتاجية.

وقد أصبح هناك تقلص في الإيرادات الرئيسية، وبالنسبة لمن يقولون إن قانون “قيصر” هو السبب، ففي الحقيقة القانون بدأ تطبيقه، يوم الأربعاء 17 يونيو، وكل الأمور التي تحدثنا عنها ليست بسبب هذا القانون حتى الآن، ولا يمكن أن ننسى مصارف لبنان التي هى بوابة النظام للعملة، والتي ربما يكون هذا من أسباب تعثر النظام المصرفي في لبنان، كما أن تأثر الليرة اللبنانية ألقى بظلاله على الليرة السورية.

إضافة إلى ذلك هناك موضوع كورونا وتبعاته والإجراءات الوقائية المتخذة، صحيح أننا لا نمتلك أرقامًا رسمية توضح تداعيات كورونا على الاقتصاد السوري، ولكن لدينا دلالة واضحة من خلال الخسائر التي أضرت بالكيانات الاقتصادية، وحتى أصحاب الأعمال الحرة والصغيرة، وكان لها دور سلبي كبير على حياتهم.

تخفيف المعاناة
* الأوضاع في سوريا صعبة للغاية، فعندما يكون راتب الموظف الحكومي 55 دولار شهريًا، في حين أن كيلو الفاصوليا 2000 ليرة، فكيف نستطيع أن نساهم في تخفيف معاناة السوريين ولو بشكل يسير؟

** بالنسبة للمغتربين؛ يمكن للمغترب أن يتكفل من خلال عائلته هناك بأقاربه وجيرانه، وهذا يساهم بشكل كبير جدًا من خلال دعمه لهم خلال الفترة الحالية، لكن لو كان هناك شخص ليس لديه قريب هناك، فيمكنه التبرع من خلال دعم المنظمات العاملة في مجال الإغاثة.

فهذه الأزمة قد أثرت على المغتربين بشكل كبير، لأن تغيّر سعر الصرف يجعل من في الداخل يصرفون الدولار بغير سعره الحقيقي، مثلًا بـ1900 ليرة، فهناك تجار حروب الآن يستغلون هذه الأزمة، ونحن كمنظمة إغاثية نعمل بتلك المناطق، ونحاول أن نوصل ثمن البضائع التي نعمل فيها خارج سوريا حتى لا تفقد قيمتها.

استغلال الأزمة
* هناك من يستغل سعر صرف الدولار، مع الأسف حتى هنا في الولايات المتحدة، فالدولار الآن في سوريا سعر صرفه 3000 ليرة، فالبعض يستغل هذا الوضع ويقوم بصرفه بقيمة أقل جدًا مستغلًا حاجة الناس. فكيف يمكن أن نحميّ الناس ونوجههم في هذا الشأن؟

** أولًا؛ يجب أن نعمل جميعًا على هذا الموضوع، حتى لا نشجع هؤلاء الناس أن يستغلوا هذا الوضع، فهناك بعض الأشخاص يكوّنون ثروات طائلة من وراء هذا الموضوع مستغلين الموقف والوضع العصيب. ثانيًا؛ إذا أردت أن أقوم بتحويل أموال.. فيجب أن أثق بدايةً في شركة الصرافة وقدرتها على التسليم بسعر السوق هناك أو سعر قريب منه.

في مؤسستنا، على سبيل المثال، نحن نعمل على المواد الأولية مثل الطحين والمازوت والخبز، ونقوم بتوزيع الخبر بشكل مجاني، وإنشاء المطابخ الميدانية لتغطية أكبر عدد من الناس، بحيث يأخذون الأكل الخاص بهم مجانًا، فمعظم الموجودين في الداخل ليس لديهم عمل، وجاءت الآن هذه الظروف فتفاقمت الأوضاع أكثر.

فحتى أصحاب الدخل الثابت، وهم الموظفون في الحكومة، يتقاضون رواتب تترواح بين 35 ألف إلى 50 ألف ليرة سورية، وتقريبًا هذا لا يساوي شئ بالنسبة لهم، ولا يكفيهم حتى لأكل الخبز لأكثر من 10 أيام فقط، فسوريا الآن تواجه أوضاعًا صعبة جدًا.

* أتمنى أن نتابع معك، د. شادي، هذا الحوار، ونستكمل تحديدًا حديثنا عن هؤلاء الأشخاص الذين يستغلون أوضاع الناس والأزمات، وفي الختام شكرًا جزيلًا لك.

** إن شاء الله، بإذن الله تعالى.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى