الراديو

برنامج “مساحة حرة” يناقش صعوبات اندماج الجالية العربية مع العادات والتقاليد الأمريكية

لماذا يتحفظ عرب أمريكا على المشاركة في الاحتفال بالمناسبات والأعياد المختلفة؟

 قدم الحلقة: رفعت عبيد

أعدها للنشر:محمد سليم / مروة مقبول

تشمل الثقافة الأمريكية العديد من العادات والتقاليد التي تم تطويرها محليًا أو تم اكتسابها عن طريق الاستعمار والهجرة. كما تم تطوير بعض هذه التقاليد محليًا مثل الأعياد الوطنية الهامة، والرياضة الأمريكية الفريدة، والتقاليد العسكرية العظيمة، والابتكارات الفنية والترفيهية، والشعور بالفخر الوطني بين السكان.

ومن المعروف أن الولايات المتحدة قامت على إرث هائل من العادات والتقاليد والثقافات المتنوعة، باعتبارها أمة قامت على انصهار كافة المجتمعات العالمية على أرض واحدة. وهو ما يميزها عن غيرها من البلدان الأخرى.

العرب والتقاليد الأمريكية

ويقف عرب أميركا، خاصة الوافدين إليها حديثًا، باستغراب أمام العادات والتقاليد وأساليب الحياة الأمريكية، خاصة ما يتعلق منها بالعلاقات المفتوحة بين الرجال والنساء، وما يناقضها من وجود قوانين صارمة لمواجهة التحرش بأي فتاة حتى ولو كان بتلميحٍ لفظي.

كما يستغرب العرب من  قدرة الأمريكيين على العيش فرادى، حيث يترك الشاب أهله غالباً بعد سن الثامنة عشر، كما أن العائلة الصغيرة لا تعرف العائلة الكبيرة، ولا يزور الأحفاد أجدادهم إلا في الأعياد، كما أن الجار لا يعرف جاره، والصداقات مرهونة بمصلحة العمل.

وعلى عكس ما يتصوّر الكثير من العرب عن الأمريكيين، أنهم قليلو التديّن، فهم يتفاجئون بأن أمريكا بها نسبة كبيرة من المتديّنين، وأن نسبة كبيرة من الشعب الأمريكي متديّنون ويواظبون على الذهاب إلى أماكن العبادة، لكن الدين يُعتبر أمرًا شديد الخصوصية بالنسبة للأفراد في أمريكا.

أما بالنسبة للمناسبات والأعياد فإن العرب الأمريكيين يجدون صعوبة في المشاركة في بعضها، خاصة عيد الشكر وعيد الهالووين، وبعض الأعياد الأخرى التي يستغرب منها العرب ولا يعرفون شيئًا عن هذه الأعياد وتقاليدها، حتى أن بعضهم يقول إن الهالويين هو عيد لعبادة الشياطين!.

برنامج “مساحة حرة” من نيويورك ناقش في حلقة خاصة “العادات والتقاليد” في مجتمعنا الأميركي وتعامل الجالية العربية معها بين الممارسة والتحفظ. حيث ناقش الإعلامي رفعت عبيد هذه القضية الهامة مع ضيوف الحلقة المحلل السياسي ماك الشرقاوي من نورث كارولينا، والدكتورة هايدى مصطفى رئيسة أكاديمية “رأيت” للتنمية الذاتية ومستشارة الإرشاد الأسرى من نيويورك.

أهمية الاندماج

* نبدأ معكِ دكتورة هايدي مصطفي، لدينا في الولايات المتحدة الكثير من المناسبات والأعياد التي تتنوع بين مناسبات دينية واجتماعية وأعياد رسمية محلية وعالمية مثل “عيد الشجرة”، فكيف نتصرف نحن كجالية عربية مقيمة هنا مع هذه الأعياد والمناسبات التي يتم الاحتفال بها في هذا الوطن الذي اخترناه وهو الولايات المتحدة الأميركية؟

** أشكرك على طرح هذا الموضوع المهم، لأن أغلب الأسر العربية هنا في الولايات المتحدة تعاني منه. لكن يمكن أن نقول أن العالم كما تعلم أصبح قرية صغيرة، ولذلك فالجميع قبل أن يأتوا إلى أميركا يكونون ملمين بمعظم عاداتها.

ومع ذلك فعندما يأتي عيد كـ”الهالوين” أو عيد الشكر وما إلى ذلك، نرى خلاف وارتباك داخل الأسرة العربية حول المشاركة في هذه الأعياد، فقد يوافق بعض الآباء على أن يشارك أبناؤهم في هذه الأعياد، بينما ترفض بعض الأمهات ذلك حتى لا يرسخوا تلك العادات في أولادهم.

لكن وجهة نظري الشخصية في هذا الموضوع أننا نعيش في المجتمع الأميركي، ويجب أن نتعايش معهم ونتواصل معهم، وبالتالي يجب أن نشارك في هذه الأعياد، ويمكن أن تكون مشاركتنا من خلال عاداتنا وتقاليدنا.

وأنا لا أقول أن ننساق وراء أي شيء، ولكن يجب أن ندرك أننا نعيش في نفس المجتمع ويجب أن نعطي أولادنا مساحة من الاختلاط، لكي يحدث التواصل اللازم بيننا وبين المجتمع الأميركي، فليس من الصحيح أن نعيش معهم ونأخذ منهم أشياء جميلة نتعلمها ونرفض أعيادهم.

لذا فأنا أقول للأم والأب أن هذه الأعياد جميلة، ويجب أن نتواصل ونشارك فيها، وذلك في إطار الأشياء التي تناسب الأم والأب ويرون أنها تحافظ على أولادهم. وعندما يكون أحد الأطراف سواء كان الأب أو الأم رافضًا لهذا، فيجب أن يتكلم الطرف الآخر ويقنعه بأننا نحتاج إلى هذا التواصل والمساحة المتاحة للتعارف والاختلاط ومشاركتهم.

ثقافة الوطن

* دكتور مايك الشرقاوي، هناك أعياد تم إعدادها خصيصا للحياة المجتمعية في الولايات المتحدة الأميركية، مثل عيد العلم أو عيد الرئيس أو عيد الذاكرة.. فكيف يحتفل الأميريكيون بمثل الأعياد في حياتهم اليومية؟

** أعتقد أن الأميركيين دائمًا ما يتحينون أي فرصة للخروج والاستمتاع بحياتهم، خاصة إذا أتي عيد به أجازة فيدرالية، ويكون مضمومًا على عُطلة نهاية الأسبوع، فهو بالنسبة لهم عطلة نهاية أسبوع طويلة يسافرون فيها ويخرجون من المدينة.

وأنا أتفق تمامًا مع كلام دكتورة هايدي، فأنا أسمح لأولادي بالمشاركة، بل أشجعهم عليها، وأقول لهم أن عندنا أعياد للمسلمين وأعياد للمسيحيين، ونحن نحتفل في كل الأعياد، ونقدم لأبنائنا الهدايا في الكريسماس وفي المولد النبوي.

ولا يمكن فصل الأطفال أو فصل الشباب عن المجتمع الذين يعشون فيه، فنحن مقيمون في الولايات المتحدة الأميركية، وأصبح هذا الوطن الذي نعيش فيه، فلا يجب أبدًا أن تخلع أولادك من ثقافة المجتمع المحيط، فهو موجود مع زملائه في المدرسة، وموجود في الشارع، ويري الأعياد ويرغب في المشاركة بها.

فالهالوين مثلاً هو عيد صعود القديسين، وفيه أزياء مميزة وتنكرية يتم التجهيز لها قبلها بشهر، وعندما يشارك أولادنا في هذه المناسبات الاجتماعية فهذا لا يخلعهم من ثقافة البلد الذي نعيش فيه، بل يعطي الجيران المحيطين بنا انطباعًا بأننا كمسلمين لسنا أناسًا من المريخ، وإنما نحن أناسٌ طبيعيون. لذا فأنا أتفق مع كلام الدكتورة هايدي في قولها “لا تخلعوا أولادكم”، فإذا اخترتم أن تكونوا موجودين في هذا المجتمع فلتحتفلوا بكل الأعياد، أعياد عربية وإسلامية وأميركية.

أما عن الأعياد الأخرى التي سألت عنها مثل الأعياد الثقافية فهي ترسخ الوطنية والإحساس بها، مثل عيد الرئيس الذي نحتفل فيه بالرؤساء السابقين الذين رسخوا تاريخ هذه البلاد، فنحن احتفلنا في أكتوبر بمناسبة مكافحة سرطان الثدي عند النساء، فلماذا لا نشارك في مناسبة اجتماعية كهذه بارتداء اللون الزهري الذي هو لون شعار تلك المناسبة، فمثل هذه الأمور قد ينظر إليها البعض على أنها رفاهية، وهي في الحقيقة توطيد لإحساس الفرد بالمجتمع المحيط به.

عيد الهالوين

* أستاذة هايدي، عيد الهالوين المثير اقترب، فكيف يمكن أن نتصرف في مثل تلك الأعياد التي يمكن أن تكون غريبة على مجتمعاتنا العربية، فما هي نصيحتك للخروج من هذا اليوم بسلام؟

** نصيحتي للعائلات العربية هي تفهم الموضوع، فهم ككبار إذا تفهموه سينجحون في نصح أبنائهم بطريقة صحيحة تؤدي لاقتناعهم، وينبغي ألا يكون هناك اختلاف بين الأب والأم في هذا الإطار. فعندما يكون الأب والأم على وشك اتخاذ أي قرار، يجب أن يكونا متفقين على هذا القرار مع بعضهما، حتى يتقبل الأولاد هذا القرار بشكل صحيح وبنفس راضية.

لذلك أنا أقول للأب والأم أننا نعيش في المجتمع الأميركي، وأتينا بأولادنا هنا في مرحلة عمرية معينة، واستطعنا أن نأخذ الكثير من المزايا هنا، من تعليم وعمل وغير ذلك، وبالتالي يجب أن ننخرط مع هذا المجتمع ونندمج فيه.

وحتى لا يأخذ أحد هذا الكلام ضدي، أقول أننا لا نتشبه بأحد، ولكننا فقط نفرح ونسعد في تلك الأعياد، فهنا توجد ديانات مختلفة إسلامية ومسيحية يهودية، وكما قال الدكتور مايك نحن محظوظون لأن عندنا أكثر من عيد. لذا فأنا أقول للأسر العربية أن يأخذوا الأمور بشكل بسيط، وأن يتفهموا هذا الموضوع،  خاصة أننا نأخذ الكثير من المزايا هنا في أميركا، ولا يجب أن نعطي الكثير من النصائح الكثيرة لأولادنا دون أن نعرف أساس صحتها، فيجب أن نعطيهم النصيحة الحقيقة، وأن نُعرّفهم الشيء الصحيح والشيء الخاطئ، فعندما يقتنع الولد بشيء يكبر عليه.

اقتصاد الأعياد

* أستاذ مايك أنت مطلع على الحياة الاقتصادية العامة في الولايات المتحدة، فكيف تكون الحياة المالية والاقتصادية في الأعياد.. هل تزدهر؟.. وهل تتغير؟، وهل يمكن أن نستفيد نحن من المشاركة فيها؟

** ليس هناك شك في ذلك، لأن الاقتصاد الأميركي قائم على الاستهلاك، فإن لم يقم الأفراد في المجتمع بالشراء من الأسواق فستحدث حالة من الركود. ولو تتذكر خلال فترة الرئيس الأميركي أوباما في 2009 و2010 كان هناك شيكات متوسطة بمبلغ 600 دولار في العام، حتى تنفق منها الأسرة، وكانت تأتي قبل موسم الأعياد.

فموسم الأعياد في الولايات المتحدة الأميركية يأتي في شهر نوفمبر، ويبدأ بعيد الشكر والـblack Friday ، ثم الكريسماس والـ after Christmas، فكل هذه المواسم الشرائية المقصود منها عمل خصومات ضخمة جدًا في المحلات. فمثلا إذا أردت شراء سلعة بـ 300 دولار فستحصل على خصم 60 بالمائة وتدفع فيها 50 أو 60 دولار فقط.

فالكثير من الناس في الولايات المتحدة ومن بينهم العرب يجهزون لشراء الأشياء التي يريدونها، وينتظرون مواسم الأعياد لشراء هذه الأشياء حتى يحصلون عليها بسعر جيد، ولا شك أن هذا يؤثر على الاقتصاد الأميركي، فبعد انتهاء موسم الأعياد وهو الربع الرابع والأخير في العام يتم حساب قيمة المشتريات بمليارات الدولارات، وهو ما ينعش الاقتصاد الأميركي بالتأكيد.

وفي جاليتنا العربية نقوم بادخار بعض المال لهذه المناسبات، فالكثير من الأسر العربية يعدون أولادهم بلعبة جديدة من إصدار حديث، ويقولون لهم أنهم سيأتون بها في الكريسماس لأن سعرها سيكون أفضل، ويستغلون ذلك في تحفيز سلوك أبنائهم، فيقولون لهم إن كان سلوكهم جيدًا خلال الفترة القادمة فسيشترون لهم اللعبة ومعها أشياء أخرى.

التعامل مع الأبناء

* في هذا الإطار بماذا تنصح الأب والأم في التعامل مع أبنائهم؟

** أنا سعيد الحظ أن لي ثلاثة أطفال صغار في أميركا وولدان كبيران في مصر، فأنا أستمتع بتربية الأولاد الصغار في أميركا، وأجد صعوبة في أننا فقدنا التربية التقليدية التي تربينا عليها من التعنيف واستخدام الترهيب، فهنا في الولايات المتحدة الأميركية ننصح كل أسرة عربية موجودة هنا أن يتعاملوا مع أولادهم بطريقة مختلفة، وأن يفتحوا مجالا للنقاش بينهم وبين الأولاد حتى لو كانوا أطفالاً.

فالطفل دائمًا يريد أن يأخذ ما يريده، وعندما يسأل الأم تقول له لا، فيأتي للأب ويسأله مرة أخرى، وأنا مثلاً في هذه المواقف أسألهم عن ماذا كان جواب الأم، وأتفق معه إن كان لا أو نعم، فإذا اتحد الأب والأم في قرارهما سيكون بينهما نوع من التناغم في تربية الأطفال، خاصة في مجتمع مثل المجتمع الأميركي.

ويجب أن يكون هناك نقاش دائم بين أفراد الأسرة، فعندما يُعاقَب الطفل يجب أن يعرف لماذا عوقب، فأنت تعطي درسًا تشترك فيه مع الأم ، وأنا أخبر كل أب وأم في هذا البلد بألا يستخدموا العنف مع أولادهم، لأنهم يمكن أن يقعوا فريسة لمشكلة ضخمة وقع فيها الكثير من أفراد الجالية، وحُرموا من أطفالهم، لذا يجب أن تتعاملوا مع الأطفال برفق ولا تعنفوهم.

* دكتورة هايدي، هل يؤثر عدم التفاعل مع هذه الأعياد نفسيًا علي الإنسان من حيث شعوره بالفرح والحزن؟

** بالطبع، لأنك ستشعر بأنك منعزل عن المجتمع، وبالتالي سيكون الأولاد أيضًا منعزلين، وسنشعر بأننا نعيش حياة وحيدة، وأننا جعلنا أولادنا متوحدين بدون توحد، لذا من المهم أن نندمج وننخرط في المجتمع.

ونصيحتنا هنا إلى كل الجالية العربية أن نستخدم مع أولادنا لغة الترغيب وليس الترهيب، وأن نعطي الأولاد مساحة من الحرية بحدود، وأن يكون هناك مجال للنقاش، ولكن لا يجب أن نجبرهم على شيء، لأنهم إذا اقتنعوا سيشعرون بأنه هناك حب وتوافق وتواصل، وسيقوموا بعمل الشيء بحب.

لكن المشكلة ما نراه اليوم في أن الأولاد أصبحوا في جهة والأب في جهة والأم في جهة أخرى، والكل منعزلون بسبب انشغالهم بالوسائل الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي بسببها لا تتحدث الأسرة  مع بعضها. ومن خلال ارتباطي واندماجي مع الأسر العربية هنا في أميركا، أجد أن هناك بعض المشاكل التي يتم التركيز عليها، فهناك أشياء لا يحبونها هنا ويتحفظون عليها، ويواجهون مشكلة في كيفية جعل أولادهم يتقبلونها، وهم في الأساس غير متقبلين لها.

مشاركة فعالة

* أستاذ مايك، تكلمنا في البداية عن تعدد الأعياد هنا في أميركا، فكيف يمكن للجالية العربية أن تشارك في هذه الأعياد بفعالية، وتضيف إليها من أعيادها الخاصة؟

** في ولاية نيويورك يوجد ما لا يقل عن مليون ونصف إلى 2 مليون عربي، والولاية نفسها بها 20 مليون شخص، وقد انتبه العرب والمسلمين في نيويورك إلى أهمية الانخراط في العملية الانتخابية والدخول في الحراك السياسي، وبدأوا يشاركون في الانتخابات وتسجيل أسمائهم في الأحزاب المختلفة، والآن من يترشح من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، أصبح يدرك أن هناك كتلة انتخابية مسلمة يجب ان يخاطبها ويقدم خدمات لها حتى يفوز بأصواتها.

لكن الأمر يتطلب سنوات عديدة حتى يمكن اعتبار أعياد مثل عيد الأضحى وعيد الفطر من الأعياد الرسمية، حتى يأخذ فيها أولادنا أجازة من المدرسة، فهي تعتبر أعيادًا لولاية نيويورك فقط وليست أعيادًا فيدرالية، لأن هناك أعياد فيدرالية تعطل فيها الحكومة الأميركية، ولا يكون هناك عمل، وهي تقريبًا 11 يومًا، ولكن هناك بعض الولايات لها أعيادها الخاصة، وبالفعل تم الاتفاق مع إدارة التعليم في مدينة نيويورك على أن يحصل الأولاد على أجازة في عيدي الأضحى والفطر، وكان هذا ثمرة لجهود الجالية المسلمة في ولاية نيويورك في الضغط على السياسيين وتحقيق مكاسب لهم.

وما زال هناك الكثير أيضًا لتطالب به الجالية المسلمة، ولا ننسي أن الجالية المسلمة صدرت لصالحهم أحكام قضائية عندما تدخلوا ضد فرض الرقابة والتنصت على المراكز الإسلامية والمساجد من قبل شرطة ولاية نيويورك. فالضغط الذي تقوم به الجاليات في المجتمع تستطيع أن تحصل به على الكثير.

أما بالنسبة للأعياد الأخرى فهي مناسبات جميلة جدًا للأسرة وللأولاد، مثل عيد الشجرة وعيد العلم، والمشاركة فيها مهمة حتى يعرف أولادنا أن هناك قيمة للأشياء وقيمة للمهن، فمثلا عيد الأب هو عيد موجود في الولايات المتحدة، وهو يرسخ نوعًا من الاندماج مع الأسرة عند الأطفال.

وأستطيع أن أقول لك إن المجتمع الأميركي يجتمع دائمًا على طاولة العشاء، ونحن نحاول مع أولادنا أن نوحد موعد الغذاء حتى نجتمع كلنا على مائدة الطعام، حتى نستطيع أن نأكل ونتكلم ونتناقش، وأيضًا يكون مكان للعقاب، فعندما أقول لأبني أريد أن أتكلم معه في المطبخ معناه أني أريد أن أتكلم معه في مشكلة تخصه.

التعريف بعاداتنا

* دكتورة هايدي.. نحن كعرب لنا عادات وتقاليد جميلة، فكيف يمكن أن نُعرّف المجتمع الأميركي بعادتنا وتقاليدنا؟

** لا أرى مشكلة في ذلك .. فعندما أعد أكلة تقليدية كالفتة مثلاً في عيد الأضحى، من المهم أن أقدم منها للجيران من حولي، لذا تأتي جارتي بعد ذلك لتستفسر عن العيد وأجيبها على تساؤلاتها، وهكذا أكون قد عرّفت المجتمع من حولي على عاداتي وتقاليدي بشكل لطيف، وهذا ما يجب أن نُعلّمه لأطفالنا لينشروه ويشاركوه مع الأولاد الآخرين، وسيفرح الأولاد كثيرًا بهذا الأمر.

فهناك رسائل كثيرة جدا نستطيع أن نوصلها من خلال أعيادنا، ولفعل ذلك بطريقة جيدة وفعالة علينا أن نكون منمقين بعض الشيء، وأن نشعر أن من أمامنا عنده استعداد نفسي ليتقبل منا أي شيء، وأنا أنصح الآباء والأمهات أن يقرءوا أكثر عن الأعياد حتى ولو بشكل بسيط، حتى نتعرف علي عادات وتقاليد جيراننا.

حب الاندماج

* لدينا مداخلة هاتفية: أستاذ رضي.. ما رأيك في موضوع الاندماج والمشاركة في الاحتفالات والأعياد هنا في أمريكا؟

** أنا كشخص عائلتي أميركية، فزوجتي أميركية، وأعيش مع ثلاثة أديان، المسيحية المحافظة واليهودية والماسونية، ولنا عادات وتقاليد مختلفة، ولكن ما يربطنا مع بعضنا البعض هو الاحترام، واحترام الرأي الآخر، وهذا شيء يشرفني كمسلم وعربي أن أتقاسم الحياة مع عائلتي التي تختلف عاداتها، لذا أن من مشجعي الاختلاط والانسجام في الأعياد والعادات والتقاليد هنا في أميركا.

* مداخلة أخرى من أحد المستمعين: أستاذ أحمد كيف تتصرف مع الاحتفالات هنا في أميركا كعربي، هل تندمج أم تفضل الابتعاد وعدم المشاركة؟

** مع طول فترة الإقامة هنا وجدت أن الاندماج في المجتمع الأميركي ليس سهلاً كما نعتقد، ولكنه يختلف حسب المنطقة، فنحن لنا أصدقاء في ولايات أخرى يكون الاندماج عندهم أسرع، ويعود الأمر بالطبع للشخص نفسه، وما إذا كان يريد الاندماج في الحياة الأميركية أم لا.

وأنا مع المشاركة مع الشعب الأميركي في أي عيد من أعياده، فأي مساهمة وأي مشاركة للشعب الأميركي في أعيادهم تعتبر مبادرة طيبة من الجالية العربية، وتساعد على إعطاء صورة حسنة عن الجالية.

فأي مواطن عربي يعيش هنا في أميركا هو مكلف بأمانة إعطاء صورة رائعة وصورة جميلة ومتحضرة عن المجتمع الذي أتى منه، فهذه فرصة لمشاركة الشعوب في عاداتها وتقاليدها، مع الحرص على ألا يتعارض شيء مع معتقداتنا الدينية ومع تراثنا الإسلامي، وأعتقد أن أغلب الأعياد لا تتعارض مع ذلك، ولها أثر إيجابي جميل خاصة في نفوس الأطفال .

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لمتابعة اللقاء عبر اليوتيوب :

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وللاستماع الى الحلقة عبر الساوند كلاود :

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى