الراديورمضان

الإيمان والحياة – قوة الإرادة سبيلك لإلغاء “الأنا” ووضع نفسك في خدمة أمتك والآخرين

إعداد وتقديم: د. شادي ظاظا

مستمعونا ومتابعونا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بكم في الحلقة السابعة من حلقات برنامجنا الرمضاني “الإيمان والحياة”، والتي نتناول فيها موضوع “الإرادة والحياة”.

لقد خلق الله الإنسان وجعل له من أسباب القوة ما يستطيع بها التغلب على متاعب ومشاكل وابتلاءات الحياة، من ذلك قوة الإرادة والتصميم على النجاح وتحقيق الأهداف، من خلال ذلك يستطيع الإنسان أن ينجز التكاليف، ويحقق الأمنيات، وينفع الآخرين من حوله، مهما كلفه ذلك من وقت وجهد وعناء، فهذه سنة الله في الحياة، الحياة الكريمة التي لا ينالها إلا من كان عنده إرادة قوية.

إرادة الأنبياء

تتجسد الإرادة ومعانيها في حياة الأنبياء والعظماء والأشخاص الذين تركوا أثرًا كبيرًا في هذه الحياة، فالأنبياء تجدهم أصحاب إرادة وهمّة عالية، وقد أرسل الله نبيه موسى (عليه السلام) إلى بني إسرائيل، ومعه هذه الإرادة التي تواجه أعتى أنواع الظلم والطغيان فرعون الذي عبّد بني إسرائيل ونصّب نفسه إلهًا عليهم، يقول له المولى عز وجل ” اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ” (سورة طه)

موسى وفرعون

يذهب موسى إلى فرعون ليواجهه بالحقيقة، ويواجهه فرعون بجميع أنواع المكائد كي يتملص من هذه الدعوة، ويذكره بأنه قتل نفسًا من بني إسرائيل، وموسى صاحب الإرادة يقول له “وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ”.

وتحدث هذه المواجهة بين سيدنا موسى عليه السلام، وبين السحرة الذين يملكون هذه الألاعيب التي يستطيعون بها أن يسحروا أعين الناس ويغشُوهم من أجل قلب الحقائق، لكن موسى بإرادته القوية يستطيع الفوز بهذه المبارزة ليثبت للناس جميعا الحقيقة التي أتى بها من عند الله.

وعندما يصل موسى إلى طرف اليم وفرعون من خلفه بجنوده وطغيانه وجبروته، في هذه اللحظة يستسلم المؤمنون مع موسى ويقولون “إنا لمدركون”، يصوغ الله سبحانه وتعالى هذا الحدث في آيات في سورة الشعراء فيقول عز وجل “وقال أصحاب موسى إنا لمدركون”، الآن تتجسد قوة الإرادة في نفس موسى فيقول ” كلا إن معي ربي سيهدين”.

الخليل إبراهيم يواجه الباطل

الإيمان يجعل الإنسان يملك إرادةً يعجز كل أهل الأرض عن إيقاف تلك الإرادة، يعطي لهذه الإرادة ٌ قوة لا تستطيع الجبال أن تمنعها، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام، يقف أمام أبيه صانع الأصنام ويواجهه، ويواجه قومه جميعهم ويحطم أصنامهم، وهو يحطم بإرادته وقوة إرادته أوهامهم التي أخذت عقولهم وغيرت منهجهم في الحياة ، قوة إرادة إبراهيم جعلته يصمد في وجه نداء الباطل ويبرز الحق ويبرز هذه الرسالة الحقيقية.

حقيقة الإسلام

اليوم في الأمة الإسلامية نجد أن المرأة التي ترتدي حجابها تحتاج إلى قوة إرادة مبنية على قناعة تامة بما تدين به أمام الله، خاصة في المجتمعات الغربية، كيف نعطي أبناءنا هذه القوة إن لم نمتلكها.

عندما يوصف جيل كامل بالإرهاب من أجل تسويغ لحقيقة ليس لها مبرر أو وجود، فالإسلام ليس له أي علاقة بالإرهاب ، ولكننا نواجه حملة شرسة تريد أن توصم هذا الدين بالإرهاب،عن طريق أتباع جهلوا بحقيقة دينهم واستُثمر هذا الجهل في تخريب مجتمعاتهم، نحتاج إلى قوة إرادة صلبة لنبرز الهوية الحقيقية لهذا الدين، من أجل أن نبرز الخطاب الصحيح لغير أتباع هذا الدين من أجل أن يعلموا هذا الدين .

سعادة الآخرين

أنت عندما تحقق النجاح الفردي في حياتك دون أن تجعله يحقق نجاحًا مجتمعيًا فهذا النجاح ليس له معنى، وتحتاج إلى إرادة لكي تجعل هذا النجاح يعود بالنفع على الأمة، تحتاج أن تعاون من يحمل هموم هذه الأمة، من يستطيع أن يبرز صوت هذه الأمة في مجال الإعلام والتطوع والخير، فيجب أن نعاون مؤسساتنا ومنظماتنا التي تُمثلنا، فأنت تعمل مع الآخر من أجل إسعاد الآخرين هذا يحتاج إلى إرادة ، من أجل أن تعمل مع الآخر، من أجل بناء سعادة الآخرين.

إرادة التغيير

عليك أن تلغي “الأنا” وتضع نفسك في خدمة أمتك وفي خدمة الآخرين هذا يحتاج إلى إرادة ، أن تربي أبناءك تربية صحيحة هذا يحتاج إلى إرادة، هذه الإرادة لا يشتريها الإنسان من الأسواق ولكن يبنيها في نفسه، فيسأل الله التوفيق والإخلاص والنجاح، ويملك الإنسان إلى جانب الإرادة حبًا للحياة لكي يستطيع التغيير، يقول الله تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، وإذا أردنا التغيير فسنة التغيير جعل الله لها طريقًا أساسيًا فى حياتنا، من أجل أن تغير لابد أن تمتلك الإرادة، كم من أناس يمارسون عادات خاطئة وهو يحتاج إلى قوة إرادة من اجل تغيير هذه العادات.

حرية الإختيار

لاتقل أنا ضعيف أنا لا أستطيع أنت مهزوم أمام نفسك، من أجل هذا أنت لا تستطيع، لكنك أنت كأنسان تمتلك إرادة تستطيع بها التغلب على هذه العادات، فليس لك مبرر في عدم التغلب على هذه العادات السيئة، لقد خلق الله الإنسان وله إرادة ” إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورا”، فأنت لك حرية الإختيار الذى تستطيع أن تختاره بإرادة صحيحة وقوية أنت تمتلكها لا يستطيع أحد أن يهبك إياها، إلا أن تأخذها من مصدرها الحقيقى الذي هو الإيمان بالله، والذي هو المحبة للإنسان والمشاعر النبيلة التي تصلك بأخيك الإنسان إذا أردت أن تغيره.

الأهداف النبيلة

لابد أن تمتلك هذه الإرادة من أجل أن تحقق الهدف النبيل، وتحقيق الهدف النبيل ليس من الصعب الوصول إليه، ولكنه يبدأ بخطوة وهذه الخطوة تحتاج منك الجهد، وبعد هذا الجهد يأتى التيسيرالتوفيق من الله.

أسال الله أن نكون من أصحاب الإرادة الحقيقية، الإرادة التي تقوينا وتجعلنا نحقق العدالة والمساواة في مجتمعاتنا وفي أنفسنا، وجزاكم الله خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى