الراديورمضان

الإيمان الصحيح هو الذي يحملك إلى سلوك إيجابي تجاه المجتمع وتجاه الآخر

إعداد وتقديم: د. شادي ظاظا

مستمعينا ومشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بكم في الحلقة الرابعة من حلقات برنامجنا الرمضاني “الإيمان والحياة”.

موضوعنا اليوم عن الإيمان، ودعونا نجيب أولاً عن سؤال: ما هو الإيمان؟، الإيمان هو الإكسير الذي يحول الحياة المليئة بالتناقض والتنغيص والتناقض والحرمان، إلى جنة عاجلة وروضة زاهرة.

إيمان الروح

وهذا الإيمان ليس هو إيمان الذهن أو اللسان، الذي يتكون في قاعات الدرس والتلقين، بل هو إيمان الروح والقلب، إيمان المراقبة والذكر، إيمان التفاني والحب.

أعظم الأشياء قيمةً في الوجود، وأعزها وجودًا، هو إرث الأنبياء، مفتاح دار السلام، فلنعمل على التحلي به بدوام اليقظة والمراقبة، ولنخرج من إطار الغفلة، إلى عتبات الفضل والكرم، ورحم الله من قال:

غُفْرَانَكَ اللَّهُ مِنْ جَهْلٍ بُلِيتُ بِهِ … فَمَنْ أَفَادَ وُجُودِي كَيْفَ أَنْسَاهُ؟!

فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا أَمَّلْتُ مِنْ كَرَمٍ … فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ أَمَّلْتُ رُحْمَاهُ

الإيمان الحق

الإيمان هو أساس معنى الحياة في الإنسان، فالإنسان بدون إيمان ميت وقد وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال: “أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ”، فأنت بالإيمان وبالدين الذي تدين به إلى الله تحيا.

فالإيمان يورث الإنسان حيوية ودوافع وحركة نحو الخلق والخالق، عندما أتى عيسى عليه السلام إلى الأرض ونطق رضيعًا قال “… وأمرني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا”، فالصلاة هي صلة بين العبد وربه، موجبة بموجب الإيمان الذي انعقد عليه قلبه، والزكاة هي صلة بين العبد وبين الخلق.

هناك من يتصل بين العبد والخلق بوسائل اتصال ظاهرة، وهناك من يتصل بصلة القلب وصلة الرحم وصلة المودة، وشتان بين الوسيلتين الظاهرة والنابعة من القلب، هذا الإيمان ينير قلب الإنسان، ويضئ حياته، فهو كالرقم واحد في رقم المليون، إذا اختفي لا يصبح للمليون معنى، بل مجموعة أصفار لا تقدم ولا تساوي شيئًا.

الطريق المستقيم

الإيمان عندما يضافُ إلى حياةِ الإنسان يجعل لها قيمةً، ويجعل لها معنى، يضئ للإنسان حياته، وينير له الطريق، ويجعله على الطريق المستقيم.

لو كنت مسلمًا أو غير مسلمٍ، مهما كانت ديانتك ..عقيدتك.. مذهبك.. أو طائفتك، اسأل نفسك دائمًا: هل أنت على الطريق الصحيح؟، وإذا أردت الإجابة على هذا السؤال السهل راقب نظرة الناس إليك، هل ينظرون إليك بحبٍ واحترام أم بخوف؟.

فالإنسان الذي أضاف للحياة معني الإيمان في قلبه، ينظر الناس إليه نظرة حب واحترام وود، كما يتمنون أن يكون هذا الإنسان بجانبهم وطرفًا في حياتهم.

أما الإنسان الذي يُبغضه الناس ويخافونه ويتجنبونه فهو لم يضف معنى الإيمان لحياته وقلبه، وعلى سبيل المثال الأب الذي يعود إلى بيته فيجري عليه أبناؤه ويتدافعون لعناقه وتقبيله، هذا أب قام بدوره الأكمل تجاه أبنائه، وكسب ودهم وقلوبهم، على عكس الأب الذي يهابه أبناؤه ويخافون عودته ويتجنبون ملاقاته، هذا أب لم يقم بدوره وواجباته تجاه أبنائه، ولم يسكب قلوبهم وودهم.

هذا المثال ينطبق على كل معنى في حياتنا، وعلى كل مكان ندخله، فإذا وجدت الناس يميلون نحوك، فهذا دليل على أنك تعاملهم بموجب الإيمان المليء به قلبك، فليس هناك دين يحث الشخص على أن يكن في قلبه بغضاء وعداوة لأحد، فهذه المعاني ليس لها وجود في واحة الإيمان.

واحة الحب

الإيمان هو واحة الحب والعطاء والرقي، فعندما قال النبي عليه الصلاة والسلام “من غشنا فليس منا”، ولهذا الحديث معنى عميق، فأي إنسان تغشه، على اختلاف دينه وعقيدته وعرقه، فأنت لست من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

فالإيمان الصحيح هو الذي يحملك إلى سلوك صحيح تجاه المجتمع وتجاه الآخر، والإيمان الخاطئ هو الذي يحملك على سلوكٍ خاطئ، فالفطرة التي فطر اللهُ الناس عليها تتجه نحو الإيمان، فعندما يسجل لاعب الكرة هدفًا تجده ينظر إلى السماء شكرًا للخالق دون أن يشعر، فهذا الشخص قلبه يمتلئ بالإيمان.

ثمار الحياة

والسموات دائمًا مفتوحة لنا وفي انتظارنا ونحن من ندير ظهورنا لها، والشخص عندما يجيب نداء الرحمن فهذا فضل من الله عليه، ينادى الإنسان كل يوم من ملك يقول له “أنا يومٌ جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإنى لا أعود إلى يوم القيامة”.

فهناك من يلبى هذا النداء، وهناك من يتجاهله، فالإيمان يجعلك ممن يقطفون ثمار الحياة ويمشون على درب السعادة، والسعيد هو الذي يعرف أي الدروب يمشي فيها، ويملأ حياته بمواقفَ إيمانيةٍ تُدخل على قلبه سعادةً ليس لها حد، متصلة بالحياة الآخرة التى خُلقنا من أجلها.

أنت أيها الإنسان خُلقت من أجل جنةٍ عرضُها السموات والأرض، فلو اغتنمت الحياة بإيمان بالله كان الدربُ سهلًا للوصول إلى تلك الغاية الكريمة. أسال الله أن يجعل حياتنا عامرةً بالإيمان.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى