الراديو

الإعلامية عائشة معتوق: الرقابة المتسلطة تعوق تحقيق رسالة الإعلام العربي

المرأة رائدة في شتّى المجالات ولم تُخلق لتكون آلة إنجاب وكنس وطبخ فقط

راديو صوت العرب من أمريكا

أجرى اللقاء وأعده للنشر: مروة مقبول

تحرير : علي البلهاسي

سيدة عربية متميزة ومتعددة المواهب، فهي هي واحدة من أشهر سيدات الأعمال التونسيات، ومتألقة في مجال الإعلام أيضًا، ليس في تونس فقط بل على صعيد العالم العربي.

وبالإضافة إلى كونِها مديرة إذاعة خاصة، ولها برامج إذاعية مختلفة، هي أيضًا ناشطة اجتماعية، حيث تشغل منصب رئيسة جمعية التشغيل والهجرة في قابس، وعضو جمعية “أمل الطفولة”. وتتميز بعملِها الدءوب واهتمامها بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة العربية.

ولأنها زوجة وأم فهي تحرص على تنظيم وقتها، بحيث تتمكن من تأدية عملها الإعلامي والاجتماعي والأسري على أكمل وجه. وحصلت مؤخرا على شهادة الدكتوراه الفخرية من معهد الموجز العربي الدولي للتدريب والتطوير الإعلامي بمصر.

إنها الإعلامية التونسية عائشة المعتوق، التي استضافتها الإعلامية مروة مقبول في ثاني حلقات برنامج “إعلاميات عربيات”، ضمن برنامج “سوا على الهوا” من واشنطن وميشغن، على راديو صوت العرب من أمريكا، حيث حاورتها حول مشوارها الناجح، والمحطات الهامة التي أثرت في حياتها سواء على المستوى الشخصي أو المهني .

حلم الطفولة

* دعينا نبدأ ببطاقة تعريف لمتابعي صوت العرب من أميركا.. من هي عائشة المعتوق؟

** أنا سيدة تونسية، أم لولد وبنت، نشأت في ولاية المهدية، ومقيمه الآن بولاية قابس في الجنوب التونسي. ومديرة مؤسسة عليسة، التي تضم إذاعة ومدرسة تكوين وروضة أطفال.. ومديرة مكتب جريدة الموجز العربي بقابس.. ورئيسة جمعية عليسة الثقافية، وجمعيه التشغيل والهجرة، وعضوه بعدة جمعيات أخرى.

* رحلة طويلة مليئة بالنجاحات في مجالات مختلفة.. وهو ما يجعلني أتساءل عن البدايات وحلم الطفولة.. ماذا كانت أحلامك وأمنياتك في الطفولة؟

** كانت لي أحلام كثيرة في الطفولة.. فقد كنت أحلم أن أصبح كاتبة مشهورة لها مواقف مثل نوال السعداوي.. وكنت أحلم أن أصبح طبيبة وأن أخترع علاجًا لمرض السرطان الذي أكرهه لأنه فتك بجدتي وأخذها مني. لكني كبرت ولم أصبح طبيبة، وعاد السرطان لبيتنا من جديد و أخذ مني أمي. وكنت أيضًا أحلم أن أصبح محامية لكي أدافع عن المظلوم.. وعندما  كبرت تغيرت كل الأحلام والمفاهيم.

عشق الإعلام

* الإعلام بالنسبة لعائشة المعتوق هواية شقت فيها طريقَها نحو المهنية والاحتراف.. متى بدأت هذه الهواية في الظهور لديكِ؟

** عشقت الإعلام في فترة مبكرة، عندما كنت مقيمة بمبيت الطالبات، حيث كنت بعيده عن عائلتي، وكان المذياع هو رفيقي، فقد كنت أستمع لعده مذيعين أعجبت بأدائهم، ومن بينهم الإعلامي الكبير عبد الكريم قطاطه، وفتحية جلاد، وكنت وقتها أراسل الإذاعة على أمل أن أحظى بفرصه،لكن لم يصلني أي رد.

* ومتى بدأتِ مشوارك الإعلامي؟

** منذ عام 2014، حيث كان أول برنامج لي بعنوان “بيت القصيد” على إذاعة عليسة إف إم ، وقد استضفت فيه الأدباء والشعراء من تونس وخارجها، وفيما بعد أصبح اسمه “فنون”.

* هل كان لديك تجربة إعلامية قبل تأسيس إذاعتك الخاصة؟

** لا لم تكن لي تجربة مع أي إذاعة أخرى غير إذاعة عليسة إف إم.

إذاعة خاصة

* لماذا فكرتي في إنشاء إذاعة خاصة؟

** هناك مثل في تونس يقول “اللي شاهي شهوة يديرها في عشاه”، بمعنى من يشتهي طعامًا يطبخه لعشائه، والمقصود هنا أنني أحببت الإعلام، وبصفة خاصة الإعلام المسموع، لهذا أنشأت هذه الإذاعة وأصبحت أحبها مثل أولادي.

* متى تم إنشاء الإذاعة.. وما طبيعة البرامج التي يتم إذاعتها على عليسة إف إم؟

** تأسست الإذاعة في شهر فبراير 2014، وهي إذاعة تبث عبر الويب وتقدم برامج ثرية، ومستمعينا يبلغ عددهم 34 ألف. وأريد أن أتوجه بالشكر لأسرة إذاعة عليسة من تقنيين ومراسلين ومنتجين، وأود أن أذكر كل الأسماء، لكن العدد كبير وهم أبنائي جميعًا، وأحيي فيهم حب العمل والجدية والطموح وروح الشباب، وبفضلهم تحقق الإذاعة نجاحات باهرة.

* ما هي التحديات التي واجهتك عند إنشاء الإذاعة الخاصة.. وهل هناك قيود من الحكومة أو من هيئة رقابية على محتوى الإذاعة وما تقدمه؟

** ليس من السهل أن تنشئ إذاعة خاصة يكون لها صدى جهوي ووطني، وتقوم بتكوين منشطين ومنشطات، وترصد جميع ما يجري في البلاد وخارجها، وتسهم في التعريف بالمنتوج الثقافي والاقتصادي الوطني، وتتابع كل المستجدات، لذلك من الطبيعي أن نواجه صعوبات أهمها غياب الدعم والتشجيع من الجهات المسئولة.

البطلة علّيسة

* قمتِ بعمل مبادرة طيبة، تمثلت في القيام بشراكات وتوأمة مع عدة إذاعات عربية، منها إذاعة صدى الجبل التي تبث من دبي، وراديو عبير الذي يبث من مرسيليا. حدثينا عن هذه الشراكات وهل هناك أي مشاريع لشراكات جديدة؟

** في إطار الانفتاح على تجارب الآخرين قامت إذاعتنا بشراكات مع إذاعات عربية، وهذه التجربة كانت مفيدة ومثمرة، وسنواصل المضي قدمًا في هذا التوجه.

* تبنيتي اسم البطلة علّيسة، فأنشأت مجموعة عليسة التي تضم (مدرسة – روضة أطفال – إذاعة، وقناة تلفزيونية) تخليدًا لاسم هذه المرأة التي كانت نموذجًا لنجاحات المرأة التونسية. نريد أن نعرف منك قصة تبني هذا الاسم، ولماذا “عليسة” بالتحديد رغم أن هناك العديد من الشخصيات الأخرى التي أثرت التاريخ التونسي بعطائها؟

** عليسة هي امرأة شجاعة وقوية، وأحببتها كثيرًا لأنها تمثل المرأة المجتهدة والصبورة، واقترن اسمها بتاريخ قرطاج وحضارتها، فهي مؤسسة قرطاج وقامت ببناء دولة، ولهذا أطلقت اسمها على المجموعة التي بدأتها بمدرسة للتأهيل المهني، ثم بإذاعة عليسة ثم الروضة. وأتمنى أن نكون على قدر مسئولية هذا الاسم العظيم.

روضة الأطفال

* نود أن نعرف المزيد عن روضة الأطفال والمدرسة التي قمتي بإنشائها، والتخصصات المتوفرة بها؟

** تأسست روضة عليسة في سبتمبر 2017، وهي تنشط بمدينة قابس وتضم قسم لأطفال التوحد. وحصلت هذا العام على جائزة الروضة النموذجية. أما مدرسة عليسة للتكوين المهني والإداري فتأسست عام 2005، وحصلت على عدة جوائز وكؤوس وطنية ومغاربية، وتضم عدة تخصصات مثل: أنشطة رياض الأطفال، تجميل، أنشطة إذاعية وتلفزيونية، أنشطة إعلامية، تصميم أزياء، حلاقة، خياطة، طبخ وحلويات، ونسعى لإنشاء تخصصات أخرى.

تجربة الكتابة

* إلى جانب الإذاعة وإدارة المؤسسة التعليمية، قمتي بعدة محاولات في الكتابة والنقد، كما بدأتِ أخيرًا في كتابه مسرحيات.. فكيف كانت تجربتك في الكتابة؟

** أكتب خواطر وأبيات شعر منذ أن كنت صغيرة، لكني توقفت عن الكتابة بعد الزواج، وعدت للكتابة مؤخرًا، لكن فترة الانقطاع عن الكتابة أثرت على القلم، ومازلت أروضه. أما عن كتابة المسرحيات فهي محاولات فقط، حيث أردت أن أجرب الكتابة المسرحية لا أكثر.

* أين تجد عائشة نفسها.. خلف الميكروفون أم أمام ورقة وقلم؟

** أحب الميكرفون، ولكني أجد نفسي أكثر أمام الورقة والقلم.

* كإعلامية وكاتبة من وجهة نظرك أيهما أكثر فعالية .. الكلمة المسموعة أم المكتوبة؟

** وسائل الإعلام تعتبر السلطة الرابعة لما لها من تأثير كبير على جمهورها، والكلمة المكتوبة والمسموعة لهما نفس الفاعلية والتأثير.

طموح متجدد

* أنتي مديرة إذاعة خاصة، ولكي برامج إذاعية مختلفة، كما أنك صحفية وكاتبة، فهل تشعرين أنكِ حققت ما تطمحين إليه في مجال الصحافة والإعلام؟

** لازلت أعمل في هذا المجال، والطموح لدي متجدد ولا يتوقف.

* كإعلامية تونسية وعربية قديرة، ما رأيك في حرية الصحافة والإعلام في تونس وفي العالم العربي بصفة عامة؟

** الحديث عن حريّة الصحافة والإعلام يعتمد على العديد من المعايير، فلا يمكن الإقرار بحريّة كاملة للصّحافة حتى في مجال الإعلام الخاصّ.. فما زلنا نعمل في بوتقة الرّقابة المسلّطة، ولا يمكن أن يؤدّي الإعلام رسالته والصّحافة أهدافها ما لم يتم التخلص من هذه الرقابة سواء في تونس أو في العالم العربي.. فالإعلام الحرّ ضمان لصدقيّة الرّسالة، وكفالة أكيدة لبروز الحقّ وإعلائه.

المرأة التونسية

* أستاذة عائشة.. بوصفك أنّك امرأة وسيّدة أعمال ناجحة.. كيف تُقيّمين دور المرأة التونسية في المجتمع.. قبل الثورة وبعدها؟

** المرأة التونسية قطعت أشواطا كبيرة في الحياة من أجل خلق مكانتها وبناء مملكتها الحرّة.. فقد ناضلت المرأة التونسية منذ عقود كثيرة، وحتّى قبل استقلال البلاد التونسية، ومازالت إلى اليوم تناضل وتكافح من أجل المحافظة على دعائم هذه المملكة، وهذا واضح وجليّ في كلّ ما أنتجته المرأة التونسية في كلّ المجالات فكريّا وسياسيّا وتربويّا واجتماعيّا وعلميّا واقتصاديّا.

فالمرأة التونسية رائدة في شتّى المجالات بالفكر والسّاعد ..إنّها حفيدة علّيسة وغيرها من الأبطال، وهذا يمنحها القوّة والعزيمة والاستمرار.. ورغم كلّ ذلك ورغم العراقيل إلاّ أنّها مازالت تواصل مسيرتها الشريفة ورسالتها النبيلة.

* ماذا أضاف لكي كل عمل قمتي به.. كإعلامية وكاتبة وناشطة ومديرة لإذاعة خاصة؟

** العمل أضاف لي الكثير، حيث تعلمت احترام الوقت، والتقيد بخطة عمل الإدارة، وكيفية التعامل مع الزملاء، وكيفية الاستجابة للحالات الطارئة في العمل، وتعلمت القدرة على صنع القرار بعيدًا عن الإعلام والمسؤوليات الأخرى.

* كيف تقضي عائشة معتوق يومها.. وما هي هوياتها التي لا تزال تحافظ على ممارستِها؟

** بين العمل والمنزل.. استمع للموسيقى.. أقرأ.. وأمارس الرياضة كلما سمح لي الوقت بذلك.

محطات هامة

* الحياة عبارة عن محطات مهمة.. فما هي المحطة الفارقة في حياة عائشة معتوق المهنية والشخصية؟

** المحطات المهمة كثيرة، وأهمها ولادة أبنائي، وفي العمل كانت أهم لحظة عندما بدأت الإذاعة تعمل.

* في ذاكرة كل إنسان بعض الأعمال التي لا تنسى، فما هي البرامج التي تعيش في ذاكرتك وتعتزين بها؟

** كل البرامج التي قدمتها أحبها، وأهمها برنامج “بيت القصيد” الذي غيرت اسمه إلى “فنون”، واستمر معي 4 سنوات، وسيتواصل إن شاء الله.

* حوار قمتِ به مع أحد الشخصيات العامة وكان له تأثير خاص عليكِ؟

** كل من حاورتهم تعلمت منهم، وكانوا شخصيات هامة.. وأهم حوار أو أصعب حوار كان يوم انطلاق برنامج “بيت القصيد”، حيث كان الحوار مع الشاعر التونسي الغنائي الكبير “جليدي العويني”، وكنت قبل بداية البرنامج مترددة ومتخوفة من الميكرفون، لكنه كان يشجعني.. ولن أنسى له تواضعه لأنه وافق أن تحاوره إعلامية مبتدئة في إذاعة صغيرة.

دروس الحياة

* بعد نجاحات وحياة مليئة بالعمل والانجازات.. لو استكملتِ عبارة “علمتني الحياة…” ماذا تقولين؟

** الحياة مدرسة.. وكل يوم نتعلم درسًا جديدًا منها.

* من هي أكثر شخصية أثرت فيكِ وكانت بمثابة المعلم والمرشد لكي؟

** والدي رحمه الله.

* لديك العديد من الأنشطة والمسؤوليات التي تقومين بها، كيف تجدين الوقت للقيام بكل هذه المهام، خاصة وأنت لديكِ أطفال ومسؤوليات أسرية من نوع مختلف؟

** الوقت موجود لمن يحسن تنظيمه، وأنا أومن أن المرأة لم تُخلق لتكون آلة إنجاب وكنس وطبخ فقط.. فالمرأة لها دور هام خارج المنزل مثلها مثل الرجل، وهذا لا يعني أن تتنصل من مهامها العادية وقيامها بواجباتها إزاء أبناءها وأسرتها. وقد يكون التعب مضاعفًا ولكنه تعب لذيذ.

لمتابعة اللقاء عبر اليوتيوب : 

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى