الراديوتغطيات خاصةرمضان

إلى النفوس الحائرة (4)- تفاءل وتمسّك بالأمل.. فسيجعل الله من بعد عسرٍ يسرًا

أعدها للنشر: أحمد الغـر

“إلى النفوس الحائرة”.. عنوان البرنامج الجديد الذي يقدمه لكم “راديو صوت العرب من أمريكا” خلال شهر رمضان المبارك، وهى عبارة عن حلقات فيديو مسلسلة يطل علينا فيها فضيلة الدكتور “موفق الغلاييني”، إمام المركز الإسلامي بمدينة Grand Blanc بولاية ميشيجان.

حيث يتناول فضيلته في كل حلقة موضوعًا مختلفًا من الموضوعات التي تهم المسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية، من أجل طمأنة النفوس، وتخفيف الضغط النفسي عليها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البشرية بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، التي تزامنت مع شهر الخير والبركات، شهر رمضان المعظم.

ويتمتع الدكتور “موفق الغلاييني” بسيرة ذاتية ثريّة كعالم جليل في الفقه الإسلامي، فهو حاصل على بكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من الجامعة ذاتها، وحاصل على ماجستير في الإعلام الإسلامي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما حصل على الدكتوراه في الفقه وأصوله من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، وهو عضو اللجنة الدائمة للإفتاء التابعة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

والبرنامج برعاية كريمة من مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية Life for Relief and Development .. وهي مؤسسة خيرية إنسانية غير ربحية ذات خبرة كبيرة في العمل الإغاثي والتنموي، تمتد لأكثر من 28 عامًا، فقد تأسست في عام 1992 من قبل المعنيين المهنيين العرب الأمريكيين، وتهدف لتوفير المساعدات الإنسانية للشعوب التي تعاني من ظروف صعبة بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين والخلفية الثقافية.

فسحة أمل
الإنسان يعيش على الأمل، وإذا كان متشائمًا، فسوف تكون حياته بائسة وتعيسة، فالحالة النفسية تنعكس إيجابًا أو سلبًا على حياة الإنسان.

يقول الشاعر: “أُعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها.. ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ”، وهناك حديث قدسي يرفعه رَسُولُ اللهِ (ﷺ) إلى اللهُ سبحانه وتعالى، يقول فيه: “َأنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ”.

فالأصل أن المسلم يُحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، فالله تعالى هو الرحمن الرحيم الودود، الذي لا ينسى أحدًا من خلقه.

نحن نقرأ القرآن وأحيانًا لا نتنبه للمعاني، والله تعالى قصَّ لنا قصة مجموعة من الرسل الذين أرسلهم إلى قومٍ، فماذا قال القوم؟، “قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ”. تطيرنا أي تشاءمنا منكم، فماذا قالت الرسل؟، “قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ”،

ونجد أن النبي (ﷺ) نهى عن الطيرة، والطيرة هى التشاؤم، فقال: “لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ، قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ، قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ”.

تفاءل دائمًا
دائمًا هناك من ينشرون التفاؤل، بابتسامة جميلة أو كلمة حلوة، وعندما تتحدث إليه في مشكلة تجد أن ردوده مريحة، وكلماته تغيّر من مزاجك، وعلى العكس هناك إنسان آخر ردوده سلبية وتشاؤمية، كلماته تعقد لك الأمور.

ومن الأمثلة العملية في ديننا في مسألة الابتعاد عن الطيرة؛ نهى النبي (ﷺ) عن إتيان الكُهَّان “المُنَجِّمين”، لأن الكاهن يتدخل في أمور الغير، كما أنهم تجّار ويأخذون الأموال، لذلك النبي (ﷺ) يقول: “مَن أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ ﷺ”. فمشكلتهم الكبرى أنهم يدّعون معرفة الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.

ونجد في سيرة النبي (ﷺ) أنه كان يحب التفاؤل، فكانت أسماء الصحابة أحيانًا في الجاهلية غريبة ولا تليق، وكان النبي (ﷺ) يغيرها لأسماء حسنة، مثلما فعل مع الصحابي “زيد الخيل”، هكذا كان اسمه في الجاهلية، ثم سماه النبي (ﷺ) “زيد الخير”، وهذا من التفاؤل.

نذكر أيضًا حديث أبي بكر للرسول أثناء الهجرة وهما في الغار، عندما قال “يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى أسفل قدميه لرَآنا”، وهنا نجد التفاؤل يجري على لسان النبي (ﷺ) عندما قال ” يا أبو بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن، إن الله معنا”.

من فوائد التفاؤل؛ أن الإنسان يصبح عنده توكل على الله سبحانه وتعالى، فلو أنت الآن في عسر، فبعد قليل سيزول، وسيجعل الله من بعد عسرٍ يسرًا.

في سورة الطلاق يقول المولى عز وجل: “سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا”، وقوله: “لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا”، وقوله: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.

التفاؤل والحياة الزوجية
قال العلماء إن الطلاق صعب على الإنسان، صعب على الرجل وعلى المرأة، لكن أحيانًا يكون هو الحل الوحيد إذا تعذر الوفاق، والطلاق ليس نهاية العالم، وإنما لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، ولكن عليهما أن يتفرقا بالمعروف.

لذلك قال الله تعالى: “وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ”، ففي حالة عدم توافق نفسي.. يعطي الله البلسم والأمل للزوج والزوجة، فإذا تفرقا فإن الله يؤتي كلًا من سعته.

التفاؤل يدفع الإنسان نحو التقدم والنجاح، والتشاؤم يدفعه نحو النقوص والسلبية والتراجع إلى الوراء، فالتفاؤل يلقي بالراحة والطمأنينة على نفس الإنسان ومن يحيط به.

وفي حياة الأسرة إذا كان الزوج لديه مشكلة بالعمل وعاد إلى المنزل بها، فإن المشكلة ستنعكس على الزوجة والأبناء، لذلك احرص دائمًا على ترك مشاكلك خارج المنزل، واحرص على نشر التفاؤل والابتسامة والأمل بين أفراد أسرتك.

أخيرًا؛ فإن الإنسان المتشائم يضر نفسه وصحته، ولو راجعنا كل أطباء الصحة النفسية وخبراء علم النفس، سنجد أن الإنسان المتشائم ينعكس ذلك على جسمه.

وفي ظل جائحة كورونا الراهنة نجد أن المناعة الضعيفة تتأثر أكثر بالمرض، ومن أسباب قوة المناعة.. التمتع بالصحة النفسية السليمة، يقول تعالى “أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”، لذا أدعوكم إلى قراءة القرآن وذكر الله (سبحانه وتعالى) على الدوام.

للإطلاع على تفاصيل أكثر حول أنشطة مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية وكيف التواصل والتبرع اضغط هنا

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى