الراديوالركن الخامستغطيات خاصة

“أضحيتك أجر وعافية”.. بالعطاء نرسم الابتسامة على وجوه المحتاجين

د. شادي ظاظا: كل الأديان السماوية تحث على فعل الخير والأضحية تدخل البهجة على الملايين

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني

“أضحيتك أجر وعافية.. بالعطاء نرسم الابتسامة على وجوههم”.. هذا هو شعارنا الذي أطلقناه في راديو صوت العرب من أمريكا هذا العام، شعار مهم لموضوع أهم يفرض نفسه علينا هذه الأيام، خاصة وأننا أصبحنا على بُعد خطوات قليلة من عيد الأضحى المبارك، الذي يقوم فيه المسلمون بذبح الأضاحي، وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.

ويهدف مشروع الأضحية إلى تفعيل مبدأ التكافل الاجتماعي، وإحياء هذه الشعيرة المباركة التي تتمثل في ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الأسر الفقيرة والعائلات المحتاجة في العديد من الدول.

وتطلق منظمة رحمة الإغاثية في كل العالم، وفي كل عام، حملة الأضاحي، والتي تهدف لجمع تبرعات الأضاحي لشرائها وذبحها وتوزيعها على الفقراء.

 

دلالات الأضحية في الإسلام

واليوم نتعرف أكثر على هذه الشعيرة التي ترسم البهجة وتدخل الفرحة والسرور على عائلات تنتظرها من العام إلى العام، من خلال لقائنا مع الدكتور شادي ظاظا، مؤسس منظمة رحمة الإغاثية في كل العالم.

* د/ شادي .. في هذه الأيام أيام الخير والعطاء، دعنا نتحدث أولًا عن الأضحية ونعود قليلًا إلى هذا الرمز وإلى هذه الشعيرة، وهي من أهم شعائر الحج، ونوضح لمستمعينا أصل هذا الموضوع.

** تعتبر الأضحية من الشعائر المهمة عند المسلمين، حيث تُذبح الأضاحي بعد عيد الأضحى المبارك، ويستمر ذبح الأضاحي حتى اليوم الرابع من أيام العيد، وهو ثالث أيام التشريق بعد يوم النحر.

والأضحية في الأساس شُرعت تكريمًا لنبي الله إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، والقصة مذكورة في القرآن الكريم، وهي أن الله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم بذبح ابنه، ابتلاءً له، ليعرف مدى صدقه وإخلاصه في العبودية لله سبحانه وتعالى.

وقد امتثل إبراهيم عليه السلام للأمر، ووضع ابنه إسماعيل في الوضع الذي يريد أن يذبحه عليه، بعد أن أخبره بهذا الأمر الإلهي، ولأن إسماعيل عليه السلام كان ابنًا طائعًا فقد استجاب لأمر أبيه، وقال: “يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين”.

وهذه القصة لها رمزية كبيرة وبُعد تاريخي، وجاءت ضمن قصص الأنبياء، وطبعًا سيدنا إبراهيم هو أبو الأنبياء جميعًا، وله مكانة عالية، وهو رمز كبير في كل الديانات السماوية.

وهذه القصة لكي يتم تكريسها في عقول الناس، جُعلت شعيرة من شعائر المسلمين، وأقرت السنة النبوية بتشريعها، وجعلتها ممن يتقرب به المسلم إلى ربه تخليدًا لتلك الواقعة، لكي لا تكون فقط قصة جرت في زمن من أزمنة التاريخ، بل هي لها دلالات مستمرة على أن يكون الإنسان صادقًا مع ربه، طائعًا له فيما أمره به .

ربط الإيمان بفعل الخير

* دكتور شادي هناك نقطة هامة نركز عليها اليوم في موضوع الأضاحي، لقد قرن الله تعالى العمل الخيري لأهميته بالفروض اللازمة في الدين، وجعله سببًا من أسباب فلاح المؤمن، فقال مخاطبًا لهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (سورة الحج : الآية 77)… إذًا دكتور شادي، هل ربط الله سبحانه وتعالى هذه العبادات بفعل الخير، وهل هذه المناسبات الروحية العظيمة هي منحة من الله لنا لكي نعزز القيم في هذا الأمر؟.

** العبادات مقصدها التقرب من الله، وأيضًا صلة الإنسان بأخيه الإنسان مهما اختلفوا وكان بينهم فروق، إلا أن هذه الصلة هي أحد أسس التواصل التي يعتمد عليها الإنسان في علاقاته الاجتماعية، التي ترقى به فكريًا وترقى بالمجتمع وترقى بالعالم كله.

ولما نزل عيسى عليه السلام قال: “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا”، لماذا الصلاة والزكاة، الصلاة لأنها تقرب العبد من الله وتصله بخالقه، والزكاة تقرب العبد وتُصلح ما بين الناس، فموضوع فعل الخير هو المُعول عليه في رسالة الحياة التي يحملها الإنسان في حياته.

سر السعادة وثمرة العبادة

* إذن ففعل الخير له مردود على الإنسان الذي يفعله أيضًا وليس على من يساعده فقط؟

** نعم.. فالإنسان بدون فعل الخير ليس له وجود، حتى لو تمتع بالحياة قدر ما استطاع أن يتمتع، ولو حقق في حياته من الشهرة والنجاح ما حقق، لكن المُعول عليه في سعادته هو مقدار حبه للناس وفعله للخير، وهذا هو الذي يهب للإنسان سعادة لا توصف.

ونحن الآن على أبواب موسم العطاء مع اقتراب عيد الأضحى، وهي فرصة للإنسان أن يُعطي ويُدخل الفرحة على الناس، ويُدخل الفرحة على قلوب الأيتام، والأرامل، والمساكين، والمهجرين، والمُشردين، والنازحين.

وما أكثر الحاجة الآن لهذا العطاء في بلادنا، في سوريا واليمن والعراق وفلسطين، وفي بعض الدول الآسيوية التي تعاني من الفقر مثل بورما وغيرها، فنجن نحتاج أن نرى هذه الظاهرة تنتشر، وتتجسد واقعًا في حياتنا، وأن يكون لكل إنسان سهم يتواصل به مع أخيه الإنسان.

فالعطاء وفعل الخير من القيم الإنسانية التي ترقى بفكرنا وترقى بقيمنا، وإذا فصلنا العبادات عن فعل الخير فكأننا نفصل الثمرة عن بذورها، ولا يمكن لثمرة أن تخرج بدون بذور، ولابد أن تكون هذه البذور صالحة ومزروعة بشكل صحيح حتى تنبت هذه الثمرة، فالعبادات هي البذرة، وفعل الخير هو الثمرة.

وفي هذه الأيام التي طغي فيها حب المال وحب الشهرة يتغافل الناس عن الضعفاء وعن المنكوبين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “إنما تنصرون بضعفائكم “، هذا الفقير إن لم يكن له هامش في حياتنا وإن لم نهتم به زادت حباته بؤسًا، وزادت حباته تعاسةً ، يعيش هو وأولاده في منعزل عن المحيط الخارجي وعن المجتمع، وبالتالي تتولد في قلبه مشاعر الحقد والكراهية والتي قد تسوقه إلى الجريمة، أو تسوقه إلى أشياء غير جيدة، ونستطيع أن نجد له حلًا قبل أن يصل إلى هذه المرحلة بمواساته ومسايرته والتقرب إليه، وإعطائه هدية قد تذهب هذه المسحة التي قد توجد عنده بسبب أن المجتمع غض الطرف عنه ولم يعاونه في يوم من الأيام .

الأديان وفعل الخير

* دكتور شادي هناك سؤال من أحد المستمعين يقول فيه.. ما تعليقك على الآية من سورة الأنبياء “وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ” – (الأنبياء /الآية 73)، ففي هذه الآية جعل الله تعالى فعل الخير سببًا للإمامة والهداية، فهل يعني هذا أن ذلك الأمر موجود في كل الأديان وليس مرتبطًا فقط بالإسلام؟

** موضوع فعل الخير موضوع له أساس ديني وأيضًا له شق إنساني، ولا يمكن أن نفرق بين الوازع الديني والوازع الإنساني، لأنهم يخرجون من مشكاة واحدة، فكل الأديان السماوية تدعو إلى فعل الخيرات، وكل الأديان السماوية تحض على إطعام المساكين، وكل الأديان السماوية تدعو لأن يكون الإنسان رسالة خير لمجتمعه، وأن يكون للإنسان أثر في هذه الحياة.

وفي النهاية يُذكر الإنسان بعمله، فلو أن الإنسان يذهب كل يوم إلى المسجد أو إلى الكنيسة أو إلى المعبد ثم لا يكون له أثر حقيقي في المجتمع يُذكر به، ولا يقال فلان يحب الناس، أو فلان يفعل الخير، أو يساعد الناس، ويتعاطف مع الناس، أو يريد أن ينهض بالمجتمع، أو يريد أن يغير لحياة أفضل للناس، فهذا ما يبقى، ويرتبط اسم الإنسان بأثره الإيجابي في الحياة وبواقع الناس.

وبدون هذه النظرة لا يكون للإنسان ذكر بين الناس، فالإنسان لو لديه مائة مليون دولار، ولكنه لا يفعل الخير، ولا يساعد الناس، فلا أحد يعرفه ولا أحد يتذكره، فليس له بصمة في حياة الناس يذكرونه بها.

وأنا أقول للأخ السائل.. نعم الأديان كلها تدعوا إلى الخير وإلى فعل الخير، وهذا هو أصل التقرب من الله، وفعل الخيرات على الأرض تقرب إلى الله في السماء.

حملة الأضاحي

*- دكتور شادي.. تُطلق منظمة رحمة (worldwide) “رحمة في كل أنحاء العالم  aid and development حملة الأضاحي في كل عام، والتي تهدف إلى جمع تبرعات الأضاحي لشرائها وذبحها وتوزيعها على الفقراء.

وهذا العام أيضًا تسعى منظمة رحمة في كل العالم إلى إدخال البهجة على الملايين من خلال التبرع بثمن الأضحية ليتم ذبحها في البلد الذي يختارونه، سواءً في سوريا أو لبنان أو فلسطين أو اليمن، نريد أن نعدد هذه البلدان، وأيضًا نتحدث عن هذا البرنامج الذي تطلقه رحمة في كل عام.

فرحة للملايين

وحملة الأضاحي التي تقوم بها المنظمة في العيد، هي حملة موسمية نقوم بها كل عام، من أجل أن نساهم في إدخال الفرحة إلى بيوت المنكوبين والمحتاجين، وخصوصًا أولئك الذين تعثر بهم الحظ أن يكونوا في مناطق الحرب.

وتستفيد من هذا البرنامج داخل سوريا كل سنة تقريبًا 25 ألف أسرة، و5 آلاف أسرة لاجئين في تركيا، و15 ألف أسرة في لبنان، و5 آلاف أسرة في الأردن، وأيضًا حوالي 20 ألف شخص في أفريقيا.

والعام الماضي كان لدينا حملة الأضاحي في اليمن، ونحن نعلم جميعًا الحال الذي وصل إليه أهلنا في اليمن من فقر وجوع يقاسونه هذه الأيام، ويستفيد من حملة الأضاحي في اليمن حوالي 25 ألف إنسان.

والسبب أن الأضحية في اليمن ثمنها رخيص حيث تبلغ 110 دولار، فهذه الحملة موزعة في سوريا ولبنان والأردن واليمن وغزة، والنازحين السوريين في تركيا، وأيضًا في غانا وسيراليون.

تفاصيل الحملة

وتفاصيل هذه الحملة موجودة على الويب سايت، وأيضًا أسعار كل أضحية، وإذا أراد الإنسان أن يختار البلد التي يريد أن يرسل لها هذه الأضحية يستطيع اختيار البلد، كما يستطيع وضع السعر الموجود في هذه البلد ويتبرع به، وإذا أراد أن يزودنا بمعلومات، مثلًا أنا اسمي فلان وأريدكم أن تضحوا عني في اليوم الأول من أيام العيد، فبعض الناس يريد أن يرسل هذه المعلومات، وهناك بعض الناس يأخذون بسنة الإمساك عن قص الشعر والأظافر حتى تُنفذ الأضحية.

ضرورة ملحة

ولا شك أن إرسال الأضاحي الآن إلى تلك البلاد المنكوبة هو في الحقيقة ضرورة ملحة جدًا، لكي نلبي حاجات الغذاء للأسر التي تعاني الجوع وتعاني من نقص في كثير من المواد الغذائية الأساسية، ونحن نعلم أن اللحم من المواد الأساسية للغذاء للبشر، ولا أبالغ إذا قلت لك أن كثير من الأسر في هذه البلاد المنكوبة لا تذوق اللحم من عيد الأضحى إلى عيد الأضحى، أي مرة واحدة في العام.

وهذه ليست مبالغة بل هي حقيقة لا يعلمها كثير من الناس الذين يعيشون هنا في أمريكا ويأكلون اللحم كل يوم، وتصيبهم الأمراض من كثرة أكل اللحوم، وهذا هو الواقع الأليم.

دعوة للخير

نحن نحتاج من أهالينا في الجالية العربية المسلمة وغير المسلمة، حتى أبناء أمريكا، أن يساهموا معنا في إدخال فرحة توزيع اللحم في هذه الأيام المباركة، حتى يشعر الإنسان بأنه قد أدى واجبه الإنساني، يشعر بأنه قد أقدم على هدف نبيل يسعى به لرقي روحه وفكره، لينعكس هذا بركة في ماله وبركة في أولاده، وخير كثير بإذن الله.

نحن بحاجة إلى أن نتمسك بهذه القيم، وننشرها في مجتمعنا ونذكر الناس بها، وبأهمية العمل الصالح وأهمية فعل الخير في حياتنا لأن هذا الذي برقى بنا إنسانيًا.

آلية التبرع 

* نحب أن نوضح لمستمعينا آلية التبرع، وهل متاح لشخص موجود بسوريا مثلًا أو باليمن، ويحب أن يرسل نصف ثمن الأضحية، هل هذا متاح، ومتى يتم استلام التبرعات، نريد من سيادتك أن تعطينا فكرة عن آلية التبرع.

** نرجو أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن حتى يتسنى لنا ترتيب الأضحية، خصوصًا لمن يريد أن يعطينا معلومات عن مكان الأضحية، هل يريد أن يذكر اسمه عندما تذبح الأضحية، والوقت الذي يريد فيه أن تذبح الأضحية، فكلما أعطانا المجال في الوقت كان أفضل لنا.

والآلية هي أنه يمكن أن يتصل بنا في المؤسسة، وممكن أن يتبرع على الفيس بوك، وكل وسائل التواصل الاجتماعي متاحة بها آلية التبرع، وأيضًا سيرى الأخوة المتبرعون فعاليات الأضاحي، وكيف تنفذ، والأعداد والأماكن التي تذبح فيها بشكل يومي خلال أيام عيد الأضحى، وخلال أيام التشريق، وهناك توثيقات تأتينا متأخرة بسبب بطء الانترنت وغيرها من هذه الأشياء.

*- د. شادي.. شعارنا على راديو صوت العرب بأمريكا في هذه الأيام “أضحيتك أجر وفرحة.. بالعطاء نرسم الابتسامة على وجوههم”، نطلق هذا الشعار من الآن وحتى عيد الأضحى المبارك.. متى يمكن إرسال التبرعات إليكم، وأخر موعد لإرسال التبرعات.

**- الأضاحي من الآن وحتى ثاني أيام العيد، أما ثالث أيام العيد يغلق مجال التبرعات لصعوبة اللحاق بالوقت، حيث يجب التوقف عن الذبح قبل عصر ثالث أيام التشريق أي رابع أيام العيد، ونحن مستمرون في هذه الحملة من الآن ونرجو من الأخوة المتبرعين أن يعطونا وقتًا حتى نستطيع أن ننفذها، خصوصًا لمن يريد أن يرسل الأضحية إلى هناك.

وإن شاء الله ستكون هناك فيديوهات في الأيام القادمة للأضاحي التي تحضر لكي تذبح بعد صلاة عيد الأضحى المبارك، طبعًا الأماكن التي نعمل بها هي الداخل السوري، تركيا (مخيمات اللاجئين)، مخيمات اللاجئين بلبنان، داخل الأردن، قطاع غزة واليمن وفى غانا وسيراليون.

الأكثر احتياجًا

*- هل تتفق معي أن أكثر البلدان احتياجًا هي سوريا واليمن؟

**- نعم اليمن وسوريا هي أكثر البلدان احتياجًا، اليمن الأضحية فيها بـ 110 دولار، سوريا الأضحية فيها ب 220 دولار، ونحن نعطي أولوية للمناطق التي فيها مجاعات، وفيها نقص وعوز شديد بالنسبة للطعام، ونحن من خلال هذا المشروع نحاول أن نلبي احتياجات الأكثر تضررًا، والذين هم بحاجة ملحة إلى هذه اللحوم، وبالنسبة لمشارك الأضحية إذا كان مشارك بخروف فهذه الأضحية ليس فيها تشارك، أما إذا كان هناك بقرة فالبقر ممكن أن يتشارك فيه 7 أشخاص ويضحوا عن أنفسهم.

* شكرًا لك دكتور شادي.. مستمعونا الأعزاء تذكروا دائًما هذا الشعار الذي أطلقه راديو صوت العرب من أمريكا “أضحيتك أجر وفرحة.. بالعطاء نرسم الابتسامة على وجوههم”.

 

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى