الراديوطبيبك الخاص

هل يؤثر طعامك على معدل خصوبتك وقدرتك على الإنجاب؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

تشير الإحصاءات إلى ارتفاع حالات العقم لدى الرجال والنساء بأكثر من 30% خلال السنوات الخمسين الماضية، ورغم أنه من الصعب التحكُّم في كل أسباب العقم، إلا أنه يمكننا التحكُّم بالنظام الغذائي الذي نتبعه.

في حلقة جديدة من برنامج “اسألوا الدكتور شما”، تناولنا إجابات حول أهم الأسئلة التي تدور في الأذهان حول هذا الموضوع، ومن بينها ما مدى صحة هذه المزاعم؟، وما رأي العلم فيها؟، وهل يؤثر الطعام بالفعل على معدل الخصوبة؟، وما هي الأطعمة التي تؤثر سلبًا أو إيجابًا على خصوبة المرأة والرجل؟

الدكتور فائق نيكولاس شما، حاصل على البورد الأمريكي في أمراض العقم، وهو أخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، وهو من أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الاصطناعي (الأنابيب)، ليس فقط على مستوى ميشيجان، بل أيضًا على المستويين الوطني والعالمي.

حيث أن شهرة “آي في أف – ميشيجان” وسعت من قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف الدكتور” شما “، ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضاً في الشرق الأوسط.

نظريات وأقاويل
* د. شما، هناك العديد من النظريات التي تتحدث عن أشياء تؤثر على الخصوبة والقدرة على الإنجاب، ما تعليقك على ذلك؟

** في الطب، إذا كان هناك شئ ما يؤثر على آخر، فليس بالضرورة أن تحدث نتيجة التأثير تمامًا مثلما نتوقع، أيضًا هناك تأثيرات للرياضة والأكل والسمنة، ولكن ليس من الضروري أن تكون هذه التأثيرات سلبية أو أن تكون إيجابية، أيضًا من الأمور المهمة التي يجب أن نعرفها هنا هى أن معظم الدراسات التي تم القيام بها في هذا المجال تمّ إجراؤها على النساء وليس الرجال.

بالنسبة للأكل، والأنواع المختلفة للأطعمة التي تؤثر على الخصوبة أو القدرة على الإنجاب، فهى تحتاج إلى دراسات مطولة، حيث يتم التجريب على آلاف الأشخاص، وبعد مدة 6 أشهر على الأقل يمكننا القول إن هذا الطعام أو ذاك يمكنه التأثير على الخصوبة، وليست مجرد أقاويل متداولة.

تراجع الخصوبة
* دكتور، ما رأيك فيما يتم تداوله عن الأغذية الطبيعية وقدرتها على زيادة الخصوبة والقدرة على الإنجاب؟

** في هذا الموضوع سأذكر النظريات حول الفيتامينات والأطعمة التي يجب أن يتم ذكرها، وذلك بعد أن وُجِدَ أن لها تأثير على الخصوبة والعقم، وبالتالي فإن ما لم يتم ذكره اليوم، يعني أنه لم تُجرى دراسات كافية حوله، وأنه ربما لا تأثير له على العقم والخصوبة.

* هناك دراسة حديثة صدرت في 15 يوليو 2020، تتحدث عن تراجع مذهل في معدل المواليد حول العالم، حيث يرى الباحثون أن العالم غير مستعد لانهيار في عدد الولادات لما له من تأثير بالغ على المجتمعات، ويرون أنه بسبب تراجع معدل الخصوبة فإن كل دولة تقريبًا ستسجل تراجعًا في عدد سكانها.

ومن المتوقع ان تشهد 23 دولة تراجعًا في عدد سكانها إلى النصف، منها أسبانيا واليابان، وستؤدي هذه الظاهرة إلى تزايد معدل الشيخوخة، فما الذي سيحدث إذا صدقت هذه الدراسة، دكتور شما؟

** من ناحية فلسفية، فإن القدرات قد تكون محدودة للتحكم في مثل هذا الأمر، ولكن من ناحية اقتصادية فإن الدول بحاجة لأشخاص كي يقوموا بالعمل ومساعدة الآخرين الذين وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة.

ونحن هنا في أمريكا قد لا نتأثر كثيرًا بذلك نظرًا للهجرة القادمة إلينا، ولكن المشكلة الكبرى في الدول التي لا تقبل الهجرة، كدولة اليابان على سبيل المثال.

صحيح أن الخصوبة على الكرة الأرضية تقلّ والسائل المنوي، واضطرت منظمة الصحة العالمية إلى تقليل عدد الحيوانات المنوية التي يجب أن تكون موجودة بالسائل المنوي للقدرة على الإنجاب، حيث قللته من 20 مليون/ ملليلتر إلى 15 مليون/ ملليلتر، وهذا الأمر راجع إلى عدة أسباب.

ولكن بعيدًا عن ذلك، فإنه من الأسباب المهمة في هذا الأمر هو أن الناس قد باتوا ينجبون أطفالًا أقل، فعادة بالولايات المتحدة فإن كل شخصين ينجبان 2.1 طفل، أما في أوروبا فينجبون 1.3، وهذا يعني أن عدد المواليد أقل من عدد الأشخاص البالغين الذين يكبرون في السنّ، وهذه مشكلة كبيرة.

ولا ننسى أن عدد الفتيات في الجامعات هنا في أمريكا أو أوروبا أكثر من عدد الرجال، وبالتالي فإنهن يقررن الإنجاب في عمر أكبر، ومع التقدم في العمر تقلّ الخصوبة.

فنسبة الخصوبة عند النساء تحت سنّ الـ35 تكون كبيرة، وفي المرحلة العمرية من سنّ 35 وحتى سنّ الـ37، تنقص الخصوبة بمعدل 17%، وبين الـ37 والـ39 تنقص 13% أخرى، وهذه مشكلة كبيرة تؤثر على القدرة على الإنجاب.

فيتامينات هامة
* في خمسينيات القرن الماضي كانت نسبة المواليد الضعف، بحسب ما أشارت إليه إحدى الدراسات، فلماذا تغيّر الموضوع؟

** صحيح، فبعد الحرب العالمية الثانية حدث ما يسمى بالـ Baby Boom، ولكن الآن توقف هذا الأمر، وأصبح هناك ما يُمكن تسميته بـ Baby Crunch،

وبالعودة إلى موضوعنا فإن هناك نوعين من الفيتامينات لهما تأثير مهم بالنسبة للإنجاب، هما فيتامين D وفيتامين B9.

الدراسات الحديثة تقول أن فيتامين D يؤثر على القدرة على الإنجاب، وحتى أن له تأثير على موضوع كوفيد-19، حيث يؤثر على الإجهاض ويقلل من احتمالية حدوثه، خاصةً عند إجراء أطفال الأنابيب، وبالنسبة للنساء اللاتي لديهن تكيّس مبايض.. فإن زيادة فيتامين D لديهن تزيد من القدرة على الإنجاب بـ 40%.

أما فيتامين فوليك أسيد أو الـB9 فهو نعطيه لكل النساء، وهناك دراسة كبيرة أُجريت في المجر تتحدث عن زيادة في القدرة على الإنجاب عند الرجال والنساء إذا تناولوا الفوليك أسيد، وخصوصًا في حالة أطفال الأنابيب.

* هل هذه هى الفيتامينات فقط التي يجب أن نهتم بها عندما نريد أن نعزز قدرتنا على الإنجاب؟

** صحيح، فيتامين D وفيتامين B9 هما فقط ما تمّ إجراء الدراسات عليهما، أما بالنسبة للأكل فإن هناك نوعين من الطعام مهمين جدًا، وهما Mediterranean Diet وProfertility Diet.

وهناك دراسة كبيرة أُجريت في أسبانيا ووجدت أن النساء اللاتي يتناولن الـMediterranean Diet، وهو الأكل الملئ بالفاكهة والخضروات والأسماك، تكون نسبة الإنجاب لديهن أكثر من غيرهن، كما أن فرصهن في حالة أطفال الأنابيب تزيد بمعدل 40% عن غيرهن.

أما بالنسبة للرجال الذين يتناولون الـMediterranean Diet، فإن عدد النطف عندهم تكون أكثر بمعدل 2.5 ضعف غيرهم من الرجال الآخرين الذين لا يتناولون هذا النوع من الأكل، وتكون النطف في حالة أفضل بنسبة 30% في حالة تناول الـMediterranean Diet.

أما بالنسبة لـProfertility Diet، فإن هذه الحمية تحتوي على طعام طبيعي “أورجانيك”، بدون أيّ مبيدات أو مواد كيماوية، وهذه الحمية تؤثر إيجابًا على قدرة الخصوبة، وعلى العكس نجد الأشخاص الذين يكثرون من الـFast Food فإن قدرة الإنجاب لديهم تكون أقل بنسبة 30%.

تكرار فشل الإنجاب
* دكتور، هل في حالة تكرار فشل محاولات طفل الأنابيب، هل يكون السبب راجعًا إلى وجود نقص في الاختبارات والتحاليل التي تمّ إجراءها أو وجود خطأ في أحدها؟

** مما لا شك فيه أنه هناك فرق بين طبيب وآخر، وبين مركز طبي وآخر، ولكن عادةً هناك 3 أمور تؤثر على القدرة الإنجابية:

أولها: إذا كان الجنين طبيعي أم غير طبيعي، وشكله طبيعي أم لا، وثانيها: الرحم، فإذا كانت هناك مشكلة بالرحم يؤثر ذلك سلبًا على الإنجاب.

وثالثها: هى قدرة ومهارة الطبيب على وضع الجنين بداخل الرحم، وبشكل عام فمن الصعب تحديد أيّ سبب من هذه الأسباب هو ما نتج عنه فشل الحمل.

* هل تحتاج المرأة التي تكرر فشل حملها إلى رأي استشاري آخر حول هذا الموضوع؟

** ممكن، فهى لن تخسر شئ من ذلك، ولكن المهم أن تكون الاستشارة الثانية موضوعية، وألا يكون لدى الطبيب الثاني دافع استباقي لاختلاق مشكلة للطبيب الأول أو للمركز الطبي الأول.

السمنة والإنجاب
* تحدثنا عن نوعية الطعام، لكن بالنسبة للوزن، هل هناك علاقة بين الوزن أو السمنة والقدرة على الإنجاب؟

** السمنة تؤثر سلبيًا على القدرة على الإنجاب، وللأسف فإن الدراسات تؤكد أن ثلثي النساء لدينا بالولايات المتحدة لديهن وزن زائد، وهذا ينطبق تقريبًا على العالم أجمع، وفي حالة السمنة الزائدة طبقًا للـ Body Mass Index تقل نسبة الإنجاب من 90% إلى 80% وهذه نسبة كبيرة جدًا.

أما بالنسبة لحالة طفل الأنابيب مع السمنة، فإن الدراسات وجدت الدراسات أن عمل طفل الأنبوب بالرغم من وجود سمنة وزيادة بالوزن، أفضل من الانتظار لتخفيض الوزن، لأن الانتظار قد يؤدي إلى زيادة العمر، وبالتالي تقلّ الفرص في نجاح الحمل.

وأودّ أن أؤكد أن الوزن الزائد لا يؤثر فقط على القدرة على الحمل، بل يؤثر أيضًا أثناء فترة الحمل، فالنساء يكن معرضين لضغوط الحمل إلى جانب السكري أيضًا.

مؤثرات سلبية
* دكتور، بالنسبة للنساء اللاتي يكن وزنهن منخفض بشكل واضح، هل لهذا تأثير سلبي على الحمل أو القدرة على الإنجاب؟

** نعم، فهي عند الرجال تؤثر سلبًا، خاصةً عندما تكون الـBMI أقل من 20، أما عند النساء فإذا كانت الدورة الشهرية  تأتيها كل شهر، فإن هذا لا يؤثر، ولكن في حالة توقفها أو وجود مشكلات بها فإن هذا يؤثر سلبًا بكل تأكيد.

أما بالنسبة للرياضة، فإن الرياضة ـ ولا سيما في حالة الوزن الزائد ـ يكون لها تأثير إيجابي ومفيدة للغاية، وكذلك ممارسة الرياضة بمعدلات معقولة لمختلف الأوزان، ولكن المشكلة تكمن عندما يكون الشخص صاحب وزن معقول ويمارس الرياضة بمعدل مفرط، خاصةً لو كان لأكثر من ساعتين، فإن هذا يسبب مشكلات عديدة لهم.

وعند الرجال بصفة خاصة يؤدي الإفراط في الرياضة إلى زيادة درجة حرارة الجسم، وبالتالي زيادة حرارة الخصيتين، وهذا يؤثر سلبًا على القدرة على الإنجاب.

إلى جانب ذلك هناك عادات أخرى عديدة لها تأثير سلبي، مثل التدخين، فالنساء المدخنات تكون نسبة الإنجاب لديهن أقل 60% من غير المدخنات، حتى في حالات الحمل عن طريق أطفال الأنابيب، حيث تكون أقل 50% عن غيرهن.

من المؤثرات السلبية أيضًا، تناول الكحول سواء عند الرجال أو النساء، وكذلك تناول القهوة، فلا يجب أن يتناول الشخص أكثر من فنجانين قهوة باليوم، فكل فنجان يكون به 100 مللي جرام من الكافيين، وأكثر من 200 مللي جرام في اليوم يؤثر سلبًا على القدرة على الإنجاب.

التجربة الشخصية للعلاج
* هل من الممكن أن نعتمد على تجربتنا الشخصية فيما يخص الطعام وتأثيره على الخصوبة، أو حتى في أيّ موضوعات طبية أخرى؟

** دعيني أخبرك أن أكل هذا الطعام أو ذاك لا يؤثر بالضرورة على القدرة على الإنجاب طالما لا توجد دراسات حول هذا الموضوع، وحتى الدراسات الموجودة فإنها لم تُجرى على عدد كبير من الأشخاص، والأمر ذاته ينطبق على أمر اللقاحات، لقاح كورونا أو لقاح الإنفلونزا أو غيرها.

* دكتور؛ في الختام وحتى نلخص لمستمعينا ما ذكرناه خلال الحلقة، هل نستطيع القول إن اتباع نظام حياة صحي يشمل التغذية السليمة يؤثر على القدرة على الإنجاب وزيادة الخصوبة بين الذكور والإناث؟

** صحيح، فمن المهم أن يكون الأكل صحيًا وأورجانيك وبدون مبيدات، ممارسة الرياضة وتجنب السمنة، وفي حالة الرغبة في تناول الفيتامينات.. يكثرون من حمض الفوليك وفيتامين D، والابتعاد عن التدخين والكحول والقهوة الزائدة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى