الراديو

كيف تفاعلت الأسواق العالمية مع التصعيد الأخير بين أمريكا وإيران؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

تتواصل التوترات الجيوسياسية الأخيرة التي تسيطر على المشهد العالمي، وزادت التوترات حدة بعد الإعلان عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في إيران “قاسم سليماني”، والرد الايراني باستهداف قواعد عسكرية أمريكية في العراق.

هل تأثرت الأسواق عالميًا بعد الضربات المتبادلة بين أمريكا وإيران؟، و كيف تفاعلت؟، وماذا عن المستثمرين؟، وماذا عن الأصول ذات الملاذ الآمن؟.. كل هذه الأسئلة وغيرها ناقشتها الإعلامية “ليلى الحسينى” مع الخبير والمحلل الاقتصادي “نايل فالح الجوابرة” عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا.

تداعيات الأزمة
* أستاذ نايل؛ دعنا نبدأ بالأزمة بين إيران وأمريكا والتي ألقت بتداعياتها على الاقتصاد العربي والعالمي، هل ترى هذا واقعًا، وأن هذه الأزمة قد أثرت بشكل فعلي على الاقتصادين العربي والعالمي؟

** بكل تأكيد، فأي حركة جيوسياسية في المنطقة ـ وإن كانت بدايتها يوم جمعة ـ تؤثر على الأسواق، وإن كانت الأسواق العالمية هى التي تأثرت بدايةً، فتلحقها باقي الأسواق تباعًا، سواء شرق أسيا أو غربها وأسواق الدول العربية بالتأكيد، فلا يجب أن ننسى أن هذه الحرب في منطقتنا، سواء بالوكالة أو مباشرةً.

وقد لاحظنا أنها لم تكن بين الدولتين على أرضهما، وإنما في منطقة أخرى خارج حدودهما وبالوكالة، والترقب كان من قبل الأسواق حول ردة الفعل، لذلك شهدنا سحب أموال بشكل كبير من الأسواق، ولكن كان هذا ترقب وانتظار لردة الفعل وليس ابتعاد عن الأسواق.

وهذا ما شهدناه يوم الأحد في أسواقنا الخليجية والعربية، ويوم الاثنين في الأسواق العالمية الأسيوية، ومن ثمّ في الأسواق العالمية الأوروبية وأمريكا.

وجهان لعملة واحدة

* بعد كل ما يشهده العالم من أحداث عنف وإرهاب وثورات ونزاعات، على اختلافها واختلاف الأسباب، لماذا لا يتجاوز الاقتصاد التأثر بمثل هذه الاحداث التي أصبحت متكررة بشكلٍ لافت؟

** مهما كان حجم التكرار لمثل هذه الأحداث، إلا أن الاقتصاد مرتبط بشكل كلي بالسياسة، فالاقتصاد والسياسة هما وجهان لعملة واحدة، وإذا كان هناك تأثير فسيكون بكل تأكيد تأثير سلبي على الاقتصاد، لأن السياسة تدعم الاقتصاد والسياسة تدعم الاقتصاد بشكل كبير، وهذا يؤثر على المستثمر بشكل كبير، لأنه دائمًا صاحب رأس المال جبان، لأن الأوضاع الجيوسياسية لها ثقلها وتأثيرها على المستثمر ورأس المال.

رأس المال .. جبان

* وهذا هو السؤال: هل لايزال رأس المال جبان؟، فقد جاءتني أسئلة كثيرة حول الأزمات وفرص المستثمرين.. هل هناك استفادة من هذه الأزمات أم أن المستثمرين يحصدون فقط من وراءها الخسائر؟

** بالنسبة لصاحب المال فهو بكل تأكيد جبان دائمًا، ويقوم بسحب الأموال من السوق، لكنه يظل هو المستفيد الأول والأخير، لأنه يقتنص الفرص مباشرة، ولا ينتظر أن يكون هناك تخارج من الأسواق، وهناك شركات وصناديق استثمار تدير هذه الأموال، خاصة الاموال الضخمة للمستثمرين الكبار، إلا أن المستثمر الفردي هو الجبان دائمًا، ويترقب الأحداث دائمًا، لذلك فإن فائدته تكون أقل من المستثمر الكبير.

فالمستثمر الكبير دائمًا يقتنص الفرص بشكل كبير، وهذا ما شاهدناه في الأسواق الخليجية والأمريكية، حيث شاهدنا أول يوم انخفاض، وفي ثاني يوم حدثت ارتفاعات، والارتفاع بسبب اقتناص الفرص، ولو نظرنا بالنسبة للسنوات الماضية كان هناك اقتناص فرص بالنسبة للمستثمرين الكبار، إلا أن المستثمر الصغير يظل يترقب ويحتسب عند دخوله للسوق.

وغالبًا ما كنا نرى أن المستثمرين يلجأون إلى الملاذات الآمنة، كالمعدن الأصفر “الذهب”، أو عملات هى ضئيلة نسبيًا في الاستثمار، مثل الين الياباني أو الفرنك السويسري، وهذه تعتبر ملاذات آمنة خاصة في حالات التحوط والترقب.

غموض وتضارب

* هل ترى أن حالة الغموض وتضارب التصريحات قد زدات من خوف المستثمرين؟، وكيف يتمكن المستثمرون من الحفاظ على أموالهم واستثماراتهم في مثل هذه الأزمات؟

** مهما كانت هناك ضبابية في المشهد، فهناك دائمًا أمور بين السطور، إلا أن المستثمر للأسف دائمًا يقرأ فقط ما هو علنيًا، فيذهب إلى إخراج استثماراته من السوق، ولا يجب أن ننسى الإشاعات تعلب دورًا كبيرًا، خاصة في الأسواق المالية، إذ يكون هناك استثمار من طرف آخر، وهذا الطرف هو الذي يستفيد.

المستثمر الكبير دائمًا ما يعمل من خلال صناديق الاستثمارية، وهذا ما هو موجود في الأسواق العالمية لذلك فهي لا تتأثر بشكل كبير بمثل هذه الأزمات، عكس المستثمرين المحليين في الأسواق العربية، حيث يكون المستثمر في الغالب يعمل بشكل فردي، ويتجه دائمًا إلى عمليات مضاربة وليس استثمار.

فالاستثمار في الأسواق المالية العربية ينحصر في كيفية ربح المال، من خلال مضاعفة رأس المال في شهر أو شهرين، كما نسمع دائمًا أن هناك عمليات احتيالية بهذه الطريقة، ونحن الآن في دولة الإمارات ـ على سبيل المثال ـ خلال هذا الإسبوع حدثت حركة كبيرة على الذهب، وصلتنا رسائل على الهواتف كثيرة تدعونا للاستثمار في الذهب.

وهذه الرسائل معظمها عن طريق شركات وهمية، لكن مردود هذا أنه قد أدى إلى سحب بعض المستثمرين أموالهم والذهاب إلى ملاذ آمن، معظم هؤلاء المستثمرين هم المستثمرين الصغار، فيشترون الذهب بسعر مرتفع ويكونون هم الخاسر الأكبر لعدم معرفتهم جيدًا بطبيعة السوق.

أسواق المال والأزمة الراهنة

* لكن خارج الدعاية والمناوشات والإعلام؛ كيف تأثرت أسواق المال؟، خاصة وأن أسواق النفط قد استقرت بعد ارتفاع، لكن ماذا عن الأسواق المالية؟، وهل تجاوزت الأزمة؟

** بكل تأكيد، الأسواق تجاوزتها، لأن الأمر كان بمثابة الفعل ورد الفعل، فالفعل كان يوم الجمعة، ورد الفعل كان بشكل طفيف جدًا، وبحسب الرئيس ترامب فإنه كان على علم بهذه الضربة، وبالتالي فإن الأسواق تعافت، وعاد المستثمرين إليها.

لو تحدثنا عن العوامل التي ترتكز عليها أسواق المال؛ نجد أولًا: الأخبار الجيوسياسية، وثانيًا: الأخبار الاقتصادية، سواء من وجود توقيع مرتقب لعقود بين الولايات المتحدة والصين والذي سيحدث بعد أيام قليلة، وهو ما جعل المستثمرين يعودون بسرعة إلى الأسواق، كذلك الأرباح التي تحققت في نهاية عام 2019 والتي كانت أفضل من المتوقع، خاصة بعد الحديث عن احتمالية حدوث أزمة اقتصادية.

أسعار النفط

* هناك من توقع بان أسعار النفط قد تصل إلى 100 دولار للبرميل، هل ترى هذه التوقعات حقيقية أو واقعية؟

** ربما كانت هذه التوقعات واقعية قبل يوم الأربعاء، أما بعد حدوث رد الفعل يوم الأربعاء، فهى غير واقعية، لأن الكثيرين كانوا يتوقعون أن تكون هناك ضربات ضد حقول أو مصافي نفط، أو ناقلات تحمل النفط، وترفع العلم الأمريكي.

فلو حدث ذلك.. بكل تأكيد سيكون لهذا تأثير على أسعار النفط، مثلما حدث في سبتمبر، عندما حدث هجوم على منشآت نفطية في بقيق وخريص بالمملكة العربية السعودية، فارتفع برميل النفط إلى 70 دولارًا.

لذا في بداية يوم الاثنين حدث ارتفاع إلى الـ 70 دولار مرة أخرى، وكان ذلك بسبب بداية الأزمة، أما الآن فإن عودتها تمت إلى 65 دولار، وإن كانت الأسعار مازالت على ارتفاع، وذلك لأننا مازلنا في فصل الشتاء وهناك طلب كبير على النفط، وأيضا هناك اتجاه أوبك+ المستمر في خفض الإنتاج بنسبة 185% من الإنتاج.

والسعودية دعت إلى أن يكون هناك خفض أكثر من انتاجها بـ 176 ألف برميل يوميًا، أي أن هناك سحب من المخزون النفطي العالمي لمدى 5 سنوات، والذي كان دائمًا على ارتفاع على مدى سنوات، ولا ننسى أن هناك أيضا تقليل من النفط الصخري.

الأزمة والرحلات الجوية

* لا شك أن الطيران قد تأثر بما حدث، وكذلك أسعار الطيران وتغيير الرحلات في مسارات بديلة للمرور بدلًا من إيران والعراق، فهل سنشهد ارتفاعات في أسعار الطيران بسبب هذه التوترات؟

** إلى الآن وخلال الفترة الحالية؛ حدث ارتفاع بسبب إيقاف بعض الشركات لرحلاتها من الأجواء الإيرانية، وبسبب أن هناك زيادة في التأمينات للرحلات، وليس بسبب زيادة أسعار النفط.

فزيادة تكلفة التأمين هو ما يضغط لزيادة أسعار الرحلات بشكل كبير، لكن أنا أتوقع أن يكون خلال الفترة المقبلة هناك استقرار لأسعار النفط ولأسعار تذاكر الطيران.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى