الراديو

في رحاب رمضان- كيف يكون المسلم مؤهلاً لحمل رسالة السلام؟

الشيخ المارديني: ما يجري من عنف ليس من أجل الدين ولكن من أجل مصالح خاصة

نحن مأمورون بنقل نور الإسلام إلى الناس كافة، ولن تجد سماحة كسماحة المسلمين

واشنطن- راديو صوت العرب من أميركا

أجرى اللقاء: د. شادي ظاظا

أعده للنشر: هارون محمد – تحرير : علي البلهاسي

كيف يمكن للمسلم أن يكون حاملاً لرسالة السلام؟.. وما الذي يمكن أن يفعله لكي يتمتع بإرادة وعزيمة لتحقيق السلام؟.. وماذا يفعل إذا تعرض لمجابهة من غير المسلم أو من يجهلون هذا الدين؟، وكيف يتعامل معهم ويرد علي مزاعمهم؟.

هذه الأسئلة وأكثر أجاب عليها فضيلة الشيخ محمد المارديني، إمام المركز الإسلامي الأميركي في مدينة ديربورن هايتي، في برنامج “في رحاب رمضان”، الذي يعده ويقدمه الدكتور شادي ظاظا مؤسس مؤسسة رحمة الإغاثية، عبر أثير إذاعة “صوت العرب من أميركا”.

مسئولية المسلم

* لو علم الناس ما في رمضان من خير لتمنوا أن تكون السنة كلها رمضان، ففي رمضان تسود معاني الحب والمودة، وتترسخ قيم التسامح والسلام، لكن كيف يكون للمسلم دور في تحقيق السلام، خاصة ونحن نرى هذه المآسي والحروب الطاحنة في دول عربية وإسلامية وفي العالم أجمع.

فضيلة الإمام.. ما هي المسؤولية التي تقع على المسلم في هذا الإطار، خاصة ونحن في شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والإحسان؟

** دائمًا ما نردد حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقول “إذا كان يوم صوم أحدكم فلا‌ يرفث يومئذ ولا‌ يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: ﺇني امرؤ صائم”، وإذا كان هذا هو المطلوب من المسلم في مراحل التعامل اليومية، فكيف يصل به الأمر إلى سفك الدماء وإحداث الدمار؟، فكيف بأب يدخل على أبنائه فيقتلهم ويدمر منزله؟، وكيف لحاكم أن يسمح لنفسه ألا يدافع عن شعبه وهو الذي أقسم اليمين على حمايتهم؟، وكيف له أن ينام وهو يدمر شعبًا فيه أطفال ونساء وشيوخ؟، ألا نعرف لغة غير لغة القتل والدمار؟، أليس هناك أدوات للحياة والتعامل مع الآخرين غير المدفع والبندقية والصواريخ؟.

كيف نرد؟

* ماذا يفعل المسلم إذا تعرض لمجابهة من غير المسلم أو من يجهلون هذا الدين؟، وكيف يتعامل معهم ويرد علي مزاعمهم؟.

** الكثيرون ممن لا يعلمون شيئًا عن الإسلام قد يسيئون فهم ما يجري الآن في بعض الدول الإسلامية، ويقولون إن هذا ما تفعله شعوبكم التي تقول إنها تدعو إلى السلام. ونحن نقول لهؤلاء إن تحية الإسلام هي السلام، والله يأمر بالسلام، واسمه السلام، ونحن هنا عندما نشرح لهم هذه الأمور نوضح لهم أن ما يجري على الأرض لا يجري من أجل الدين، ولو كان من أجل الدين، لكان لكم حق أن تقولوا أن ديننا يدعوا إلى ذلك؟!، ولكن الذي يجري سببه صراع مصالح بين قوى بعيدة وغريبة عن الدين.

ولنعلم جميعًا أن ضحايا هذه الأحداث يُقتلون بلا ذنب، ولا يعلمون لمَ يُقتلون، أما المسئولون عن ذلك فهم أعلم بما يجري، وعليهم أن يتقوا الله في ضحاياهم، وأن يوقفوا هذا القتل وهذا الدمار، ويجب أن يعلموا أنهم سيقفون في يوم ما أمام عدالة الله، وسيُحاسبون على ما قالوا وما فعلوا وما دمروا.

وديننا العظيم أخبرنا أن نقطة الدماء لها قيمة عظيمة، وسفكها بلا بسبب يعتبر من الموبقات، فكيف بنا ونحن في شهر رمضان نشاهد ونشهد ما يجري؟!, وندعو الله سبحانه وتعالى أن يحق دماء الأبرياء في كل مكان، ولأنه سبحانه وتعالى هو الذي أمرنا بالدعاء، فنحن نعلم أنه سيُحدث بعد ذلك أمرًا، ونعلم أن الأبرياء لا دخل لهم في هذه الأمور التي تجري.

دور رجال الدين

* نحن كرجال دين في هذا البلد من مسؤوليتنا ألا نسمح أن يكون الدين مطية لمن يستغلونه، وتعلم فضيلتك كم من أفذاذ وعلماء سقطوا في هذا الفخ بأن كانوا مطية لمصالح قوى خارجية أو لمصالح سياسية.

**الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم “مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ”، فإذا سألت ما سبب الخلاف وما سبب الشقاء المدمر الذي نعيش فيه، ستجد الإجابة في آخر سورة طه، حيث يقول تعالى “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا”.

لذلك فإن حالنا لن يتغير إلا إذا غيرنا نحن من أنفسنا، أما إذا كنا مرتاحين لما يجرى فلن يتغير حالنا، “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”. ونسأل الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام المباركة وفيها ليلة القدر أن يرفع الهم والغم عن المسلمين، وأن يتوقف سفك الدماء.

*اللهم آمين، ولو نظرنا في سورة القدر سنرى أن الله تبارك وتعالى جعل فيها مدلول السلام، فقال “سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ”.

**هنا في الولايات المتحدة يقول علماء الفضاء إن حركة الكون كلها تقف في يوم واحد في السنة، وفي ساعة مباركة، فهذه هي ليلة القدر، فسبحان الله، يتجلى فيها النور، وهي إن شاء الله تكون ليلة مباركة لكل إخواننا ويُستجاب لهم فيها الدعاء، وعليهم أن يدعوا فيها بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علّمه لأم المؤمنين عائشة حين قال لها “قولي اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة”، وبعضهم اختصر الدعاء “اللهم إني أسألك العفو والعافية”.

* والعفو والعافية هو السلام، أي سلام النفس وسلام المجتمع والفرد.

** أسأل الله تعالى أن ينشر السلام على الأرض، وأن ينعم على البشرية جمعاء بوقف سفك الدماء، وينعم علينا بالأمن والأمان والرحمة والعطف، كما نسأل الله وهو أهل التقوى وأهل المغفرة أن يجعلنا من المتقين جميعًا، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا، وأن يثيبنا جميعا على ما قدمنا في أيامنا المباركة.

سماحة الإسلام

* وكأن الله تبارك وتعالى جعل عصمة الدماء شيء مقدس، فأي دم يُسال أو يُسفك فهو غير مقبول، سواء كان للمسلم أو غير المسلم، لكن هناك أفكار دخيلة على مجتمعاتنا تبرر هذه الحوادث، ونحن نريد أن نوجه رسالة من خلال منبر رمضان، فما رسالتك؟.

**هذه الرسالة سأوجهها لكم، نحن مطالبون بأن نتعامل ونتعاون ونقدم الخير لجميع الناس بصرف النظر عن من هم وما هي أديانهم وأشكالهم وألوانهم، ونحن مأمورون أن ننقل هذا النور إلى الناس كافة ليدخلوا في النور الذي أمر الله به، ولن تجد سماحة كسماحة الإسلام والمسلمين، فالله سبحانه وتعالى سمح للمسلمين أن يأكلوا من طعام أهل الكتاب والأديان الأخرى، وأن يتزاوروا معهم ويتزوجوا منهم، وهذا يعني أنهم سيتعاملون في الدنيا بكل كرم وبكل إخلاص، وأمر الله سبحانه وتعالى ألا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن.

*إذاً على المسلمين أن يتحرروا من القيود والأفكار التي اكتسبوها من العادات والتقاليد، فهي ليست من الدين.

** نعم هي ليست من الدين في شيء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

– برنامج “في رحاب رمضان”، برعاية: منظمة رحمه للإغاثة، وهي منظمة غير ربحية، تأسست عام 2014، وهي تعمل بجد وتفاني بهدف خدمة الإنسانية خصوصًا في المناطق المنكوبة بسبب الأوضاع في سوريا، وتعمل أيضًا في دول الجوار التي تستقبل اللاجئين السوريين، وتقدم خدماتها الإنسانية للجميع دون أي تمييز من خلال عدة برامج مثل برنامج سلة الغذاء، الرعاية النفسية والطبية، الملابس، المشاريع التعليمية وإنشاء المدارس للاجئين، رعاية الأيتام، والاستجابة الأولى لحركات النزوح في الداخل السورين وتعمل على توسيع النشاط لإضافة مكاتب في بلدان جديدة مثل العراق واليمن والأردن ومكتب في إِفريقيا.

ــــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة اللقاء عبر اليوتيوب :

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى