الراديو

في رحاب رمضان: كيف يؤثر الصيام في أخلاق المسلمين بأمريكا؟

 واشنطن- راديو صوت العرب من أميركا

أجرى اللقاء: د. شادي ظاظا

 أعده للنشر: مروة مقبول – تحرير: علي البلهاسي

ضيف الحلقة: الشيخ محمد الماردينى إمام المركز الإسلامي الأمريكي في ديربورن هايتس

رمضان منحة من الله سبحانه وتعالى لنا حتى نستزيد من الخير، ونتفاعل مع ما أنزل الله في كتابه، ونمارس ما أمرنا الله به فعليًا على الأرض. فنحن في بلاد مباركة، وأنا أقول إنها مباركة لأنها تسمح لنا بأن نمارس شعائرنا بكل معاييرها، ففي هذه البلاد نقوم بعمل الخير وإطعام الفقير وعلاج المريض ومساعدة المحتاج، لأن رمضان هو ثورة ضد الجوع والمرض والفقر.

ففي رمضان ينبغي علينا أن نكون كالريح المُرسلة في الخير والبر. لأن رمضان ليس مناسبة للتخلص من الدهون وسموم الأطعمة التي نأكلها، ولكن لتنقية النفوس، والتخلص من الآثام،  وبناء قلوب تعشق كلام الله، وتتقرب في هذا الشهر المبارك بالأعمال الفاضلة إلى الله سبحانه وتعالى، وتشكره على نعمه الكثيرة التي أنعم بها علينا.

يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَم ِن قَبْلِكُمْ)، فنحن في قبل رمضان نشهد صيام أهل الأديان الأخرى، وكيف يحتفلون بعد صيامهم، وما إلى ذلك. فنتمنى من إخواننا أن نطبق ما أمرنا به الرسول الكريم في هذا الشهر، وهو أن يعيش الإنسان آمنًا مُسالمًا، ينشر الخير ويحارب الفقر ويمنع الجوع حتى تعم البركة.

مسلمو أمريكا

* فضيلة الإمام.. في ظل وجود تغييرات جذرية تحدث مع الجالية الإسلامية يسأل أهل المشرق أحيانًا عن أحوال المسلمين في الغرب، وخصوصًا في أمريكا. وأعتقد أن شهر رمضان هو فرصة ليتقرب العبد من الله، ويكون نافذة من أجل هؤلاء الذين يريدون أن يتعلموا عن هذا الدين. فما هي الرسالة التي تود أن توجهها لأهل المشرق عن أحوال المسلمين وحريتهم الدينية التي يتمتعون بها هنا في الولايات المتحدة الأمريكية؟

** نحن في أحسن حال ولله الحمد، فالمسلمون هنا ليسوا فقط هؤلاء الذين هاجروا، فهناك الكثير من أبناء هذه البلاد اعتنقوا الإسلام وأصبحوا يفتخرون به، لأن هذا الدين يمنع مساوئ الأخلاق الاجتماعية وغيرها في كل المناحي. فالمسلم صادق مع نفسه وربه ومع الناس. كما أنه لا يغش ويتعاون على الخير والبر.

وفي هذا الشهر وفي هذه البلاد بالذات يأتينا الكثير من الناس ومن الجيران ليراقبوا ما نقوم به ويحضرون معنا على موائد الإفطار، ويسمعون الدعاء والابتهال. ويرون كيف نصلي ونصوم ونقوم في الليل، فيستغربون منا، ويسألون أسئلة كثيرة نجيبهم عليها لنوضح لهم ما يريدون معرفته عن الإسلام.

ففي ولاية ميشيغان وفي ديربورن تحديدًا يوجد ما لا يقل عن خمسين مسجدًا ومركزًا إسلاميًا، وعدد المسلمين هنا يتجاوز 550 ألف من جنسيات مختلفة، منهم من جاء حديثًاً ومنهم من ولد هنا في الولايات المتحدة الأمريكية. ولدينا الجيل الثالث والرابع من المهاجرين الذين ولدوا هنا وهم أمريكان ولكنهم مسلمون، وإذا جاء رمضان تجدهم يأتون بأهلهم وأطفالهم وعوائلهم حتى يحتفلوا معنا كل ليلة، فيصلون صلاة التراويح ويتآنسون ويجتمعون، وتراهم مبتهجين. وإذا كان لديهم سؤال، يدخلون إلى مكتب المركز الإسلامي ويسألون الإمام، وفي رمضان يتيسر الأمر بشكل كبير.

ظاهرة حضارية

نحن هنا في الولايات المتحدة لدينا إخواننا يدعوننا إلى موائد الإفطار وندعوهم. كما ندعو الكنائس ورؤسائها ليشاركونا الإفطار، فيأتون إلينا ونجلس ونتحاور. وهذا الاختلاف جعله الله مقدرًا في الخليقة، حيث خلق الناس في الشرق والغرب، وجعل الناس تجتمع من مختلف الخلفيات الدينية. وهذا الاختلاف له ظاهرة حضارية في رمضان، تكرس معاني الوحدة بين أبناء البشر على اختلاف أنسابهم وعقائدهم، وكأنها فرصة من أجل أن يرتقي الإنسان ونرى نوعًا من الرقي البشري الذي يحققه الإسلام في البشر جميعًا.

ولم أرى ذلك كثيرًا في بلاد المشرق، ولكن الشباب الذي ولد هنا والذي يتحدث العربية ولو بشكل طفيف، يحضر صلاة التراويح والتهجد، ويقف حاملا القرآن باللغة الانجليزية، ويستمع إلى تلاوة شيخ باللغة العربية ويستأنس. وترى منهم من تنزل دموعه تقربًا وخشوعا إلى الله. ومنهم من يحسن الدعاء لوالديه، ويقول أنا أتمنى أن أستمر في رمضان كل السنة.

أما بالنسبة لاندماج الجالية في نسيج المجتمع الموجود، فهم يشعرون أن رمضان يأتي بالخير، وأن الصدقات التي يتم توزيعها على المحتاجين منحة من الله عز و جل. ولكني أود أن أضيف أن في رمضان هنا في أمريكا يمارس المسلمون التقوى والخشوع ونسيان الذات، وتراهم عندما يتصدقون يقدمون ما عندهم لله سبحانه وتعالى. فهناك من يتصدق بماله ويأتي بزكاته للمحتاجين وهناك من يأتي ويقول “أنا أريد أن أنظف المسجد اليوم”، أو أن يقدم الطعام لأسرة فقيرة، ويساعد الكبار في السن ومن يوزع الأدوية على المرضى المحتاجين مجانًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– برنامج “في رحاب رمضان”، برعاية: منظمة رحمه للإغاثة، وهي منظمة غير ربحية، تأسست عام 2014، وهي تعمل بجد وتفاني بهدف خدمة الإنسانية خصوصًا في المناطق المنكوبة بسبب الأوضاع في سوريا، وتعمل أيضًا في دول الجوار التي تستقبل اللاجئين السوريين، وتقدم خدماتها الإنسانية للجميع دون أي تمييز من خلال عدة برامج مثل برنامج سلة الغذاء، الرعاية النفسية والطبية، الملابس، المشاريع التعليمية وإنشاء المدارس للاجئين، رعاية الأيتام، والاستجابة الأولى لحركات النزوح في الداخل السورين وتعمل على توسيع النشاط لإضافة مكاتب في بلدان جديدة مثل العراق واليمن والأردن ومكتب في إِفريقيا.

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى