الراديوطبيبك الخاص

الفحوص الجينية قبل الحمل وعلاج الأمراض الوراثية

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة وهامة تناولت خلالها الإعلامية “ليلى الحسينى” مع “د. فائق نيكولاس شما” موضوع الفحوص الجينية قبل الحمل، حيث دار الحوار حول أهم الأسئلة التي تدور في أذهان الأزواج حول موضوع الحلقة، ومن بينها: ما هي طبيعة الأمراض الوراثية وما هي أنواعها؟، وما هي أهمية إجراء الفحوصات الجينية قبل الزواج؟، وما هو اختبار ما قبل الحمل الوراثي؟

إلى جانب أسئلة أخرى حول: من المستفيد من إجراء الاختبارات الوراثية قبل الزرع؟، وهل يمكن لعملية التشخيص الجيني للأجنة تحسين فرص الحمل من خلال أطفال الأنابيب؟، وهل هناك مخاطر لإجراء الفحوصات والاختبارات الجينية؟، وكيف أستعد لإجراء اختبار أو فحص جيني؟، وما الذي أتوقعه بعد إجراء الاختبار، وما هي النتائج الإيجابية والسلبية؟

يُذكر أن “د. فائق نيكولاس شما”، حاصل على البورد الأمريكي في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، وهو من أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الاصطناعي (الأنابيب)، ليس فقط على مستوى ميشيجان، بل أيضًا على المستويين الوطني والعالمي.

وقد ساهمت شهرة “آي في أف ـ ميشيجان”، في توسيع قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف الدكتور “شمَّا”، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في الشرق الأوسط ايضًا.

الحمل وكورونا
* د. شما؛ جاءني سؤال من سيدات حوامل يستفسرن عن الحمل في زمن كورونا، ويقلن ما الذي يدعوهن للاطمئنان في ظل هذه الظروف؟

** منذ شهر تقريبًا، أجرينا حوارًا باللغة الإنجليزية مع الزميل “خليل هاشم” عن الحمل وكوفيد-19، وليس لدي مشكلة أن نعيد الحوار باللغة العربية، ليس نفس الحوار، وإنما نضيف التطورات الجديدة التي عرفناها، لأن الفيروس شئ جديد، وفي كل يوم هناك جديد بخصوصه.

وفيروس كوفيد-19 يؤثر على كل الناس، وليس الحوامل فقط، وأنا أعتقد أنه قبل نهاية العام سيكون هناك لقاح، وربما أكثر من لقاح لمعالجة هذا المرض.

مدخل إلى الأمراض الوراثية
* جميع الأزواج يريدون أن يُولد أبناؤهم بسلام وبدون أمراض وراثية، خاصةً الأزواج الذين كانوا يعانون من مشكلات مرتبطة بالعقم، دعنا نبدأ من التعريف ذاته.. ما هى الأمراض الوراثية؟، وما هى أنواعها؟

** كل الأزواج في العالم يكون لديهم ما نسبته 2% إلى 3% أن يكون الطفل لديه عيوب أو مشكلة خلقية، وليست بالضرورة جينية، والكثير من هذه المشكلات قد لا نستطيع أن نعرف ما هي أسبابها.

أما المشكلات الجينية فقد تحدث لدى 1% تقريبًا من الأطفال في العالم، وتؤثر هذه المشكلات على نمو الطفل وكيفية تصرفه في الحياة وغيرها، وهذه المشكلات الجينية بعضها يظهر مبكرًا، وبعضها يظهر في مراحل متأخرة.

والمشكلات الجينية يمكن تقسيمها إلى 3 أنواع؛ أولها تسمى Autosomal recessive disorders أو الاضطرابات الجسدية المتنحية، وهى تحدث عندما يكون هناك خلل جيني لدى الأب والأم، وهذا ما يتسبب في ولادة طفل لديه مشكلات جينية.

ثانيهما تسمى Autosomal dominant disorders، أو الاضطرابات الصبغية السائدة، وهى تحدث عندما يكون أحد الجينين الخاصين بالأب أو الأم، هو الذي به مشكلة، وهذا أيضا يتسبب في حدوث مشكلة جينية أو عيب خلقي للطفل. ثالثهما تسمى X-link، وهى مرتبطة بالـX chromosome ، حيث يكون هذا الكرموسوم به مشكلة.

لذا فإننا في مجالنا دائما ما ننصح كل من يأتون إلينا رغبةً في الحمل، بضرورة إجراء فحص جيني قبل الزواج والحمل، لأن هناك 283 مرضًا جينيًا يمكننا تخطيها إذا أجرينا الفحص الجيني قبل الحمل، ومن المؤسف أننا نجد في الشرق وبلادنا العربية هناك الكثير من المشكلات الجينية والخلقية لأسباب كثيرة.

مشكلات جينية
* ما هى الأسباب التي تؤدي إلى وجود مشكلات جينية كثيرة لدى أهلنا بالشرق والبلدان العربية؟

** هناك عدة أسباب، فتقريبًا هناك مليار شخص على الكرة الأرضية يتزوجون من أقارب لهم، وأكبر نسبة من هذا العدد موجودة في الشرق الأوسط وبلادنا العربية، وخاصة بلدان شبه الجزيرة العربية، فـ40% من الناس هناك يتزوجون من الأقارب.

فزواج الأقارب، كزواج أبناء العم أو أبناء الخالات، يكون فيه 12.5% من الجينات مشتركة، وتقريبا 6% من هذه الحالات يكون لديهم احتمالية في وجود مشكلات جينية إذا كانت إحدى هذه الجينات بها مشكلة أو خطأ، وهذه نسبة مرتفعة جدًا.

لذا من الضروري جدًا إجراء الفحص الجيني قبل الحمل، وإن كان من المؤسف أن 70% تقريبًا من الأزواج القادمين إلينا في المركز يقبلون بإجراء الفحص، فهناك 30% يرفضون إجراء الفحص، بعضهم يقول إننا سنقبل بما سيعطينا إياه الله، وبعضهم يقول إن الفحص للشخص الواحد 200 دولار تقريبًا، وهم لا يرغبون في دفع هذا المبلغ، بالرغم من المشكلات الكبيرة التي يمكن تجنبها في حالة القيام بإجراء هذا الفحص.

أمراض وراثية شائعة
* ما هى أهم الأمراض الوراثية التي يمكن أن نشاهدها ـ لا سمح الله ـ في الأطفال؟

** بداية لا توجد أمراض وراثية بسيطة وأخرى كبيرة، فكل الأمراض بشكل عام تؤثر على حياة الطفل، فعلى سبيل المثال من أكثر الامراض شيوعًا في الولايات المتحدة هو مرض Cystic fibrosis، وغالبًا ما يصيب الأشخاص البيض، حيث يكون واحد من بين كل 27 شخص لديهم جين خاطئ ومعرضين للإصابة بهذا المرض في الولايات المتحدة.

وعادة معظم هذه الأمراض تكون Autosomal recessive ، أيّ ان هناك خلل جيني لدى الأب والأم، ومن الأمراض الأخرى أيضًا هناك أمراض لها علاقة بالدم، وهو مرض الثلاسيميا، أيضًا هناك أمراض لها علاقة بالغدة وبعضها متعلق بالكلى وهذا الأمراض منتشرة جدًا في السعودية، تقريبًا 1 من كل 5 آلاف شخص يُولد لديه هذه المشكلة بالغدة.

ومن أمراض Autosomal dominant، نجد بعض الأمراض المتعلقة بالعضلات، ولكن هذه الأمراض لا تظهر على الطفل إلا بعدما يكبر في العمر، ويصبح بالغًا، لذلك فإنني أؤكد مجددًا على ضرورة إجراء الفحوص الجينية على الأب والأم قبل الحمل، لمنع حدوث الخلل، وبالتالي تجنب مثل هذه الأمراض.

موعد الفحص الجيني
* لدينا سؤال من إحدى المستمعات.
*** هل الفحص الجيني له عمر معين؟، أقصد هل قبل البلوغ أم بعد البلوغ أم متى؟

** لا أنصح أبدًا بعمل فحوصات جينية عند الأطفال إلا إذا كان عندهم عوارض، فهذا الفحص الجيني نعرضه على الأشخاص البالغين الذين يريدون الإنجاب.

* وردنا سؤال آخر من إحدى المستمعات، تقول إنها تريد أن تتزوج ولكن لديها أخوها في الأسرة لديه متلازمة داون، أو كما يقول البعض “منغولي”، فهل من الوارد أن تكون حاملة لنفس الجينات؟، وماذا يجب أن تفعل؟

** حسنًا، دعيني أوضح لك أننا عندما نجري الفحوصات الجينية على الأجنة، فإننا لا نجريها فقط لاكتشاف الجينات الخاطئة، وإنما نجريها أيضًا على كروموسوم 21 الذي يؤدي إلى هذه المتلازمة، حيث نتأكد من أن الجنين ليس لديه زيادة من هذا الكروموسوم، ونتأكد أيضًا من أنه ليس لديه كروموسوم 18 المتسبب في حدوث مشكلات أخرى.

لذا فإننا نقوم بإجراء Preimplantation genetic testing لكل الكروموسومات، لنتأكد من حالة كل الكروموسومات وعددها، ففي حالة متلازمة داون يكون هناك زيادة في عدد كروموسوم 21، وبالنسبة للسائلة؛ فإن الأمر مرتبط بما إذا كان لديها هذا الكروموسوم 21 مرتبط ومعلق على كروموسوم آخر.

وهذا عادة يكون موجود عند أكثر من شخص بالعائلة، ففي هذه الحالة سيكون 50% من الأطفال الذين ستنجبهم معرضين لمشكلة متلازمة داون، لذا أنصحها بإجراء الفحص الجيني أولًا لمعرفة الأمر بشكل دقيق.

العمر والمشكلات الجينية
* هل هناك علاقة تربط بين العمر وحدوث المشكلات الجينية لدى الأجنة في حالة الحمل؟

** كلما كبرت النساء في السنّ، كلما أصبحت نسبة البيوضات التي بها مشكلات جينية أكثر، فـ 70% من البويضات عند النساء في عمر الـ 40 سنة، تكون بها مشكلات جينية، و80% إلى 90 % من البويضات عند النساء بعمر 42 و43 سنة تكون بها مشكلات جينية.

لذا فإننا من خلال الفحوص الجينية لا نتأكد فقط من الأمراض الوراثية المنقولة من الأهل، ولكن أيضًا نتأكد من أن الجنين سيكون سليمًا ومعافًا، حتى نتفادى أن يحدث الإجهاض أو أن يُولد الطفل ولديه مشكلات خلقية.

تفادي كل الأمراض
* هل تعتبر أمراض السكري والقلب من الأمراض الوراثية التي يمكن تفاديها؟

** لدينا في الطب ما يُعرف بـethics of medicine، أو أخلاقيات المهنة، فمهما كانت الفحوصات أو الاختبارات، ليس بإمكاني أو بإمكان أي طبيب على ظهر الكرة الأرضية أن يقول أن الطفل عندما يصبح لديه 70 عامًا سيصاب بمرض السكري، وبالتالي علينا أن نمنع تكون هذا الجنين.

فإذا كان بإمكاننا أن نتفادى حدوث كافة الأمراض لدى المواليد، فإنه في هذه الحالة سنجد أن 70% من مواليد البشر سيتم حرمانهم من رؤية الحياة، وبشكل عام فإننا لا نتحدث عن الأمراض مثل السكري أو القلب وغيرها، وإنما نتحدث عن الأمراض الجينية التي تؤثر بشكل خطير على حياة الطفل، وتظهر له منذ صغره، مثل أمراض الدماغ التي قد تؤثر على سلوكه وحياته ونموه.

التلقيح الاصطناعي
* د. شما؛ في حالة إذا قام أحد الطرفين بعمل الفحوصات واكتشف أن لديه مشكلة جينية ستوثر على الطفل، ما الذي يمكن القيام به في هذه الحالة؟، وهل يجب القيام بالتلقيح الاصطناعي “IVF” لتفادي هذه المشكلة؟

** كما ذكرت من قبل هناك تقريبًا من 60% إلى 70% من الأشخاص هم من يجرون هذا الفحص، ونسبة 5% فقط منهم يكون لديهم مشكلة، ونحن في هذه الحالة نخبرهم بأن هناك مجال لمنع حدوث هذه المشكلات الجنينة وتفاديها من خلال أطفال الأنابيب.

وهنا أود أن أوضح أن معظمنا، أو جميعنا تقريبًا، يكون لدينا جين به خطأ، ولكن المشكلة الحقيقة تكمن عندما نرتبط بشخص آخر يكون لديه أيضًا جين خاطئ أو أكثر من جين به خطأ، ففي هذه الحالة يكون من المؤكد أن الأطفال سيكون لديهم مشكلات خلقية أو جينية.

نصيحة أخيرة
* ما هى نسبة النساء الحوامل اللاتي من الممكن أن يكون لديهن مشكلات جينية وقد يتعرضن للإجهاض؟

** مثلما ذكرت، تقريبًا من 4% إلى 5% من الأشخاص في الولايات المتحدة، تقريبًا واحد من 27 شخص لديهم جين خاطئ، ربع هؤلاء الأشخاص ينجبون أطفالًا لديهم مشكلات جينية ووراثية كان بالإمكان تفاديها.

ولا يجب أن ننسى أن 50% من الأطفال الذين يتم إنجابهم اليوم بالولايات المتحدة يكون إنجابهم غير مخطط له، لذلك ننصح دائمًا بإجراء هذه الفحوصات قبل الزواج، أو بعد الزواج، لكن بأي حال قبل التخطيط لإنجاب أطفال.

* نصيحة أخيرة؛ هل هناك أي مخاطر من إجراء الفحوصات الجينية؟، وهل هذه الفحوصات متوافرة بالعالم العربي؟

** لا، مطلقًا، لا توجد أي مخاطر من إجراء هذه الفحوصات، وبالنسبة للعالم العربي فهناك بعض الدول العربية موجود بها مثل دول الخليج، وأخرى لا.

ونصيحتي الأخيرة لكل فرد، هو أن يجري هذه الفحوصات قبل الإنجاب، وإذا كانت هناك مشكلات، يكون الحل في إجراء طفل الأنبوب لتجاوز هذه المشكلات.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى