الراديو

العودة إلى المدارس أم التعليم عن بعد.. أيهما أفضل للطفل؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

مثلما اجتاح وباء كورونا المستجد “كوفيد-19” حواجز الزمان والمكان، جاءت دعوات “التعلم عن بعد” التي صاحبت انتشار الفيروس، لتجتاح هي الأخرى حواجز المكان والزمان.

وأشار معظم المعلمين الذين مروا بخبرة التعليم عن بعد، أن وتيرته أبطأ، وقد تستغرق الدروس وقتًا أطول لإنجازها من جانب الطلاب، بالإضافة إلى عدم تجاوزه المستوى السطحي للتعليم أحيانًا لأسباب عديدة.

في هذه الفقرة المميزة استضافت الإعلامية “ليلى الحسينى”، السيدة “سوسن الأيوبي” مديرة مدارس دريمي لرياض الأطفال، في حوار هام حول العودة إلى المدارس والتعليم عن بعد، وأيهما أفضل للطفل؟

العودة إلى المدارس
* الكل يتحدث الآن عن العودة إلى المدارس أو التعلم عن بُعد، أيهما أفضل للطفل؟؛ لنبدأ أولًا بالسؤال: لماذا تعتبر العودة إلى المدارس أفضل؟

** العودة إلى المدارس أفضل، لأن الطفل منذ مدة طويلة وهو موجود بالبيت ضمن مجتمع ضيق مع أهله، والده ووالدته، وأخوه أو أخته، وأحيانا يكون وحيدًا بالأسرة، وهذا الأمر يكون سلبيًا أكثر من تأثيرات مرض كورونا عليه، فالعزلة بالمنزل مع الجهاز الذي يجلس أمامه خطيرة للغاية.

فقبل هذه الجائحة كنّا نعاني مع الأبناء من طول مدة بقائهم أمام الأجهزة الإلكترونية، وكان من الصعب أن نخرجهم من هذا الجو، وجعلهم يختلطون مع غيرهم، وهو ما يؤدي إلى تراجع اجتماعي كبير للأولاد.

إجراءات وقائية
* لو تحدثنا من خلال تجربتك الخاصة؛ فإن مدارس دريمي لرياض الأطفال لم تغلق أبوابها، وهى تستقبل الأطفال حتى عمر 12 سنة، فما هى الإجراءات الاحترازية التي اتبعتموها من أجل الحفاظ على صحة وسلامة الأطفال؟

** صحيح، لم نغلق أبوابنا نظرًا لوجود أفراد بالقطاع الطبي كانوا يعملون إبان الإغلاق والتوقف، وبالتالي كان المركز لدينا يرعى أطفالهم، والولاية لم تجبرنا على غلق أبوابنا، وقد اتخذنا كامل الاحتياطات اللازمة، وأضفنا إليها بعض الإجراءات لمزيد من الوقاية، مع العلم أننا بالأساس كان لدينا جهاز خاص بالتعقيم، للوقاية من الأمراض والفيروسات الأخرى التي تنتقل بين الأطفال الصغار، من قبل أزمة كورونا.

بالنسبة للـIslamic School وضعنا عازلًا على كل مكتب يجلس عليه الطفل، وألزمنا الجميع بارتداء الكمامة، وخصصنا مساحة خاصة لاستلام الأطفال من أهاليهم، مع قياس درجة حرارتهم، وحافظنا على التباعد بين الأولاد، وتنظيف الحمامات بين كل استخدام وآخر.

* هل شاهدتِ خلال الفترة الماضية وجود أيّ إصابات؟

** في الحقيقة لا، لا إصابات في المدارس أو في رياض الأطفال، فالطالب بمجرد أن يأتي إلى المدرسة، يتم قياس درجة حرارته عن بُعد، وعند ظهور أي إشارة لأعراض أو إعياء.. فإننا نقوم فورًا بالاتصال بالأهل ونرسله إلى المنزل، كما أن كل الفصول بها معقمات وكمامات، وهذا متبع في كل فروع مدارس دريمي، فلدينا أكثر من فرع في أماكن مختلفة، في ويست لاند، وديربورن هايتس، وتروي، وديربورن، والحمد لله لم تكن لدينا أيّ إصابات.

فوارق واضحة
* إذن مع توخي الحذر وإجراءات السلامة يمكننا أن نعيد أبناءنا إلى المدارس، لكن برايك كمربية ما هو الفارق الجازم بين التعليم عن بُعد وبين التعلم داخل المدارس، خصوصًا للأعمار الصغيرة؟

** بداية فإن المناهج لن تكون مختلفة، ولكن لن يتمكن المعلمون من تدريس كامل المنهج، كما أن التدريس يتم بشكل مكثف، كما أن التعليم عن بُعد قد يؤثر سلبًا على الأطفال الذين هم قليلو النشاط بالصف، حيث سيتحول حالهم من سئ إلى أسوأ، فالطالب قد يجلس كمجرد صورة أمام جهاز الكمبيوتر.

* هناك من وصف التعليم عن بُعد بأنه المستوى السطحي للتعليم، فهل تتفقين مع هذا الرأي؟، هل حقًا التعليم عن بُعد هو تعليم سطحي وليس به فائدة حقيقية للطفل؟، ومثل هذا الرأي قد سمعته أيضًا من طلاب بالجامعة.

** بدايةً لا يمكن المقارنة بين التعليم الجامعي والتعليم بالمدارس بشكل عام، فالدروس والواجبات كانت أسهل مما ينبغي، وتفتقر إلى القدر الكافي من الجدية والإلتزام، وهذا الشئ قد أثرّ على مستوى الطلاب، ولم نلمسه بعد حتى الآن، وإنما سنلمسه خلال السنوات القادمة نظرًا لتدني المستوى التعليمي لدى كل طفل.

فالسنة الماضية ضاع منها نصفها تقريبًا، والسنة الجديدة من غير المعروف حتى الآن مصيرها، ولم نحصل على قرار جازم بشأنها حتى الآن.

القرار بين الصواب والخطأ
* بالنسبة لنا هنا في ميشيجان؛ وما يتعلق بقرار الإبقاء على الطلاب في التعليم عن بُعد، هل هو قرار حاكمة ولاية ميشيجان، أم قرار مجلس التعليم، أم من؟

** في الواقع الأمر تجاوز كونه مجرد قرار للحاكمة أو للمجلس، فبعض المعلمين والمعلمات قد قرروا أن يظلوا بالمنزل، طالما أن لديهم راتب يأتيهم، وهذا قد أثرّ بشكل سلبي على المستوي التعليمي، وعلى مستوى العمل بشكل عام في الولاية، فلم يعدّ هناك من يريد أن يعمل، طالما أن الراتب يأتيه إلى المنزل وهو مرتاح.

نعود بحذر ووقاية
* من واقع تجربتك الخاصة، هل ترين أن مخاطر السلامة الآن بالنسبة للمعلمات والطلاب يمكن أن نتفاداها في حالة إعادة الطلاب إلى المدارس من خلال إتباع الإجراءات الاحترازية؟، خاصة وأن الإحصاءات تشير إلى أن الإصابات بين الأطفال أقل بكثير مقارنةً بالبالغين.

** في الحقيقة، فإن عددًا كبير من المعلمات، وخاصة في المدارس العامة، قد اتخذوا من أزمة كورونا حجة للبقاء بالمنزل، وأنهم يخافون على حياتهم وحياة أطفالهم الصغار بالمنزل، مع العلم أنه في حالة اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية فإن هذا يؤمّن الشخص بإذن الله.

ولكن للأسف فإن عددًا كبيرًا من كادر المدارس العامة لا يريدون العودة، وإذا كنا في المدارس الخاصة قد استطعنا أن نتغلب على هذا الجانب، فلا أعرف كيف يمكنهم السيطرة على هذه النقطة بالمدارس العامة.

* إذن إذا كان هناك فرق من الناحية التربوية والتعليمية وكذلك الصحة النفسية للأطفال، فلمصلحة من يأتي هذا القرار برأيك؟

** الأمر لا يتعلق بمصلحة أحد، فالدافع الأول لهذا القرار هو الخوف من تفشي الوباء، خاصةً وأننا مقبلون على موسم الإنفلونزا، لذا فالخوف الآن هو أن تنتشر كورونا والإنفلونزا معًا، لكن يجب علينا أن نتعامل مع الفيروس وأن نتعايش معه، وأن ندرب أبناءنا على التعامل مع الوضع وأن نرفع وعيهم.

وبالفعل قطاع كبير من الطلاب صاروا مهيئين لمثل هذه الإجراءات الوقائية، لأنهم بالفعل كانوا يقومون بمعظمها في منازلهم قبل أن يعودوا مجددًا إلى المدارس، ولكن كما ذكرت أن المشكلة تكمن في الكادر التعليمي، وأن معم أفراده لا يريدون العودة إلى العمل.

إعانات وشكاوى
* هناك شكاوي في معظم القطاعات من عدم وجود عمالة، بسبب أن العامل أو الموظف يتلقى مساعدات وإعانات فيدرالية، فهل ترين أن هذه الإعانات قد تم استخدامها بشكل خاطئ؟، وما هى الرسالة التي توجهينها إلى حاكمة ولاية ميشيجان في هذا الصدد؟

** في الواقع فإن أمريكا من الدول العظمى التي حاولت أن تحمي شعبها خلال هذه الجائحة من أن يحتاج إلى أيّ شئ، فالمساعدات يتم توزيعها على كل الشعب بدون استثناء، فالغني أو الفقير يستطيع أن يذهب إلى مركز ويحصل على وجبته اليومية، والمعونات المالية أيضًا يتم توزيعها، ولكن في الحقيقة فإن هناك بعض الأفراد يستعملونها بشكل خاطئ.

لذا يجب أن تكون شروط هذه الإعانات أكثر تدقيقًا، وإذا كان الشخص يعمل، فلماذا لا يعود إلى عمله؟!، وذلك حتى نكون عادلين، ونعطيها لمن يحتاج، ونمنعها عمن لا يحتاج إليها.

رسالة ونصيحة
* لو توجهين رسالة إلى الأهالي الذين يستمعون إلينا الآن، والذي يتفقون معك أن العودة إلى مدرسة أفضل من التعليم عن بُعد، من الناحية التعليمية ومن الناحية الصحية، ما هى تلك الرسالة؟

** في الواقع بمجرد صدور قرار بإعادة فتح المدارس، يجب على جميع الطلاب أن يعودوا إلى صفوف الدراسة، حيث يجب أن نتعايش مع الفيروس وأن نعمل على تقوية مناعتنا، وإلا ستظل حياتنا ناقصة، وسيظل التعليم ناقص، ونحن أيضا في هذا الصدد يهمنا الصحة النفسية للطفل، وأن يخرج من منزله وأن يلعب مع أقرانه، وأن يبتعد عن الشاشات.

مداخلات وآراء
* معنا مداخلة تلفونية من إحدى المستمعات.
*** بدايةً؛ أنا تمامًا مع العودة إلى المدارس بمجرد فتحها، وبخصوص الدعم الحكومي أقترح أن يكون للشخص الذي يعود للعمل، كمكافأة أو منحة لمن يعود إلى العمل.

* معنا مداخلة تلفونية أخرى من أحد المستمعين.
**** عندي نقطتين؛ النقطة الأولى.. هى أنني أتفهم حرص أصحاب المدارس الخاصة على عودة المدارس حتي يبدأون في جني الأموال والمكاسب، ولكن كيف يمكننا أن نأمن على صحة أولادنا في ظل عدم تطبيق التباعد الاجتماعي وزيادة كثافة الفصول، وهذا الأمر نعاني منه هنا في ميتشجان؟

النقطة الثانية.. يصعب ضبط سلوك الأطفال في الممرات وأثناء الغداء وغيرها، وبالتالي سيصعب السيطرة عليهم وستزيد حالات الإصابة، وهذا حادث في ميشيجان وفي كل الولايات تقريبًا.

ولي إضافة أخرى على مداخلة المستمعة التي سبقتني، وهى أن المواطن يجد نفسه ما بين إما الجلوس في البيت والحفاظ على صحته، أو النزول للعمل ويمرض!، وتلك الإعانات هى من أموال الضرائب، وليست منحة أو منّة من أحد، فكيف نطلب من الناس أن ينزلوا إلى العمل ونكافئهم، وفي نفس الوقت سيمرضون ويضطرون للذهاب إلى المستشفى وسيكلفون الدولة أضعاف ما كانت تعطيهم إياه كإعانات؟!

* شكرًا جزيلًا لكما، وسأجيب أنا عن النقطة الأولى نيابةً عن أستاذة سوسن، فمع الأسف ما تمّ ذكره هو ليس كلام أستاذة سوسن أو أصحاب المدارس الخاصة، فالأمر لا يتعلق بكسب المال، دعني أصحح لك معلومة مهمة، فقد ناقشت موضوع عودة الطلاب إلى المدارس مع أحد أمهر الأطباء وعلماء الأوبئة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أعلم إذا كنت قد تابعت حواري مع “د. زاهر سحلول” أم لا.

فقد قال “د. زاهر” بالحرف، أنه من الأفضل مليون مرة، أن يعود الطلاب إلى مقاعد الدراسة، والتعامل مع الجائحة، على أن يجلس الطفل في البيت وأن يكون معرضًا لأزمات نفسية وصحية أكبر بكثير من خطر إصابته بكورونا، وبأي حال سوف أفتح الحوار حول هذه النقطة مجددًا مع المختصين والأطباء، وسأفتح المجال للمستمعين للتواصل معهم حولها، وأترك الآن التعليق للأستاذة سوسن.

** كما قلت فإن العيوب والسلبيات للتعليم عن بُعد ظاهرة للجميع، وتأثيرها سلبي على العلاقة بين الأفراد والأسر وعلى المستوى الاجتماعي، وهذا شئ كافي يجعلنا نعود إلى المدارس، ومثلما ذكر كل الأطباء بأن التأثير السلبي على الأطفال والتعليم أكبر بكثير من تأثير كورونا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى