الراديورمضان

إلى النفوس الحائرة (3).. خذ العبرة مما مضى لتصنع حاضرًا ومستقبلًا أفضل

أعدها للنشر: أحمد الغـر

“إلى النفوس الحائرة”.. عنوان البرنامج الجديد الذي يقدمه لكم “راديو صوت العرب من أمريكا” خلال شهر رمضان المبارك، وهى عبارة عن حلقات فيديو مسلسلة يطل علينا فيها فضيلة الدكتور “موفق الغلاييني”، إمام المركز الإسلامي بمدينة Grand Blanc بولاية ميشيجان.

حيث يتناول فضيلته في كل حلقة موضوعًا مختلفًا من الموضوعات التي تهم المسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية، من أجل طمأنة النفوس، وتخفيف الضغط النفسي عليها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البشرية بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، التي تزامنت مع شهر الخير والبركات، شهر رمضان المعظم.

ويتمتع الدكتور “موفق الغلاييني” بسيرة ذاتية ثريّة كعالم جليل في الفقه الإسلامي، فهو حاصل على بكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من الجامعة ذاتها، وحاصل على ماجستير في الإعلام الإسلامي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما حصل على الدكتوراه في الفقه وأصوله من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، وهو عضو اللجنة الدائمة للإفتاء التابعة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

والبرنامج برعاية كريمة من مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية Life for Relief and Development .. وهي مؤسسة خيرية إنسانية غير ربحية ذات خبرة كبيرة في العمل الإغاثي والتنموي، تمتد لأكثر من 28 عامًا، فقد تأسست في عام 1992 من قبل المعنيين المهنيين العرب الأمريكيين، وتهدف لتوفير المساعدات الإنسانية للشعوب التي تعاني من ظروف صعبة بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين والخلفية الثقافية.

كل حالٍ يزول
كثيرٌ من الناس يعيشون في الماضي بأحزانه وآلامه ومعاناته، فيجدون أنفسهم كلما تذكروا أمرًا قصّروا فيه تتجدد أحزانهم، فإلى متى؟!

يقول المولى عز وجل: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وقال أيضًا في سورة الحديد: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ”.

فكل شئ يحدث هو بقضاء الله سبحانه وتعالى. فارضوا بهذا القضاء، ولا تعذبوا أنفسكم بما حدث معكم، يقول تعالى: “لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”.

هناك توازن عند المسلم، فهو لا يظل حزينًا يأسف على ما مضى، ولا يطير عقله بما هو عليه من نعمة، لأنه لا شئ يدوم على ما هو عليه إلا الحي القيوم (سبحانه وتعالى)، فكل حالٍ يزول، والإنسان في صعود وفي هبوط.

وقد يتساءل البعض لماذا قصّ الله علينا قصص الغابرين وما تحتويه من مآسي؟، فالقصص القرآني فيه عِبر وحِكم وعظات كثيرة، منها الاعتبار، “فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَار”، هكذا قال الله (سبحانه وتعالى)ِ.

فالله قصَّ علينا قصص الأمم السابقة لنتعظ بهم، فلا نفعل نفس فعلهم، خاصةً الأمم البائدة التي دمرها الله بسبب عصيانها، قال تعالى: “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ”.

أمة واحدة
في تاريخنا الإسلامي؛ حدثت بعض الأمور السلبية وخلافات، والسؤال الآن: هل نحن سوف نُسأل عنها يوم القيامة؟، أنت مع من؟، ومن تؤيد؟.

يوم القيامة لن نُسأل عن ذلك، فنحن ندرس التاريخ من أجل العِبرة وأخذ الدروس والحِكم، ونتعلم ونفهم ونمضي في حياتنا. وإذا وقفنا عند هذه الحوادث المؤسفة فسيحصل معنا أمر أودى ببعضهم إلى حياة سلبية، غير بناءة، تثير المشكلات مع الجمهور الأعظم من المسلمين.

ألم يقل الله تعالى “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ”، وفي آية أخرى “وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ”، فنحن أمة واحدة، الله ربنا، ومحمد رسولنا، والقرآن كتابنا، والحمد لله أن الله عز وجل قد حفظ لنا القرآن، كما حفظ لنا تبيان القرآن، وهى السنة النبوية.

فتحن ندرس الماضي كي نأخذ منه العِبرة، لننطلق في حياتنا بطريقة إيجابية بناءة، فيها وحدة وتقدم وتطور، انظروا للأمم الأخرى، كنا نقرأ أن القرن التاسع عشر هو عصر القوميات في أوروبا، فأين هذه القوميات؟.. صار هناك اتحاد أوروبي، فالناس يحاولون أن يتجمعوا، فلما نفرق أنفسنا إلى قوميات وإثنيات وطوائف؟، هذا من أعجب ما يكون.

هداية وعبرة وعظة
يوضح الله (سبحانه وتعالى) لنا الأهداف من القصص القرآني ورسالة الإسلام، وذلك في آخر آية بسورة يوسف: “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”.

فهذه هى أهداف القرآن والإسلام، تصديق أصل الرسالات السابقة، كاليهودية والنصرانية، وهداية للإنسان، ورحمة لقوم يؤمنون.

فتعريف القرآن الكريم كما ذكر علماؤنا، هو “كتاب هداية وإعجاز”، هداية للفرد وللأسرة وللمجتمع، هداية للعقل وللروح وللحواس، وإعجاز وتحدي، فالقرآن معجز في بيانه وإخباره بما مضى، وما سيحدث في المستقبل، وحقائق هذا الكون، قال تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”.

لنمضي إلى الأمام، ولا نتذكر المآسي، سواء الفردية على المستوى الشخصي، أو الجماعية على مستوى الأمة، فعلى الإنسان أن يرضى بما قسمه الله (سبحانه وتعالى) له، وأن يعيش في واقعه، مع أخذ العبرة من الماضي، ويمضي منشرح الصدر، إيجابيًا، بناءً لنفسه ولأسرته ولمجتمعه.

للإطلاع على تفاصيل أكثر حول أنشطة مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية وكيفية التواصل والتبرع اضغط هنا

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى